أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2016
1914
التاريخ: 9-3-2021
1618
التاريخ: 1-1-2017
1907
التاريخ: 19-11-2020
2136
|
في قانونه الثاني قدم نيوتن دليلا إرشاديا بسيطا وقويا في ذات الوقت، لحساب هذه القوة. والقانون الثاني هو القانون الشهير F = ma، الذي يعتبره البعض أهم معادلات الفيزياء قاطبةً وللتعبير عنه لغويا نقول إن محصلة القوى F لجسم ما تساوي كتلة الجسم m مضروبة في محصلة تسارعه a.
ولكي ترى بنفسك مثالا على مدى فائدة هذه المعادلة في حياتنا اليومية، انظر لأي جهاز أشعة سينية، فستجد أن تحديد مقدار الطاقة المطلوب إنتاجها من هذا الجهاز بالضبط أمر غاية في الأهمية. فيما يلي سأوضح كيف تتيح لنا معادلة نيوتن تحديد هذا المقدار.
من أهم النتائج التي تم التوصل إليها في مجال الفيزياء– أن أي جسيم مشحون (إلكترون كان أو بروتون أو أيون) إذا وضع في حقل كهربي فستؤثر عليه قوة. وإذا علمنا شحنة الجسيم وقوة الحقل الكهربي نستطيع حساب تلك القوة الكهربية التي تؤثر على ذلك الجسيم. لكن إذا استطعنا معرفة القوة فسنستطيع حينها، باستخدام قانون نيوتن الثاني، حساب تسارع الجسيم (1)
في أجهزة الأشعة السينية تتسارع الإلكترونات قبل أن تصطدم بهدفها داخل أنبوب الأشعة السينية. وسرعة اصطدام الإلكترونات بهدفها هي التي تحدد نطاق طاقة الأشعة السينية التي ستتولد بعد ذلك. وبإمكاننا أن نغير مدى تسارع الإلكترونات عن طريق تغيير قوة الحقل الكهربي ومن ثم نستطيع التحكم في السرعة التي تضرب بها الإلكترونات الهدف لاختيار نطاق الطاقة المطلوب من الأشعة السينية.
ولتسهيل هذه الحسابات يستخدم علماء الفيزياء وحدة قوة تسمى نيوتن، حيث 1 نيوتن تساوي القوة التي تُسرّع كتلة بمقدار كيلوجرام بسرعة متر واحد في الثانية لكل ثانية. لماذا نقول في الثانية لكل ثانية؟ لأنه مع التسارع تظل السرعة تتغير، وهكذا وبعبارة أخرى نقول إنها لا تتوقف بعد الثانية الأخرى ولو كان التسارع ثابتا فهذا يعني أن السرعة تتغير بذات القدر كل ثانية.
للتوضيح: تخيل كرة بولينج أسقطت من أعلى مبنى شاهق في مانهاتن – ولم لا يكون مبنى الإمباير ستيت؟ من المعلوم أن تسارع الأجسام الساقطة إلى الأرض يقدر بما يقارب 9.8 متر في الثانية لكل ثانية؛ وهو ما يسمى بعجلة الجاذبية، ويرمز له في الفيزياء بالرمز g (طلبًا للتبسيط سوف أتجاهل مقاومة الموائع الآن، لكنني سوف أستفيض فيها لاحقا). بعد الثانية الأولى تصير سرعة سقوط كرة البولينج 9.8 متر في الثانية. وبنهاية الثانية رقم اثنين تزيد سرعتها بمقدار 9.8 إضافية في المتر في الثانية ومن ثم ستتحرك بسرعة 19.6 متر في الثانية. وتستغرق 8 ثوان لتصطدم بالأرض، وحين تفعل تكون سرعتها 9.8 مضروبة في 8 أي نحو 78 مترا في الثانية (حوالي 175 ميل في الساعة).
ماذا عن ذلك المعتقد الشائع القائل بأنه عند إلقاء عملة معدنية من قمة مبنى الإمباير ستيت فمن المحتمل أن تقتل شخصا ما؟ مرة أخرى سوف أستبعد دور مقاومة الموائع، مع التأكيد على أنه ذو أهمية محورية في هذه الحالة. لكن حتى مع استبعاد ذلك الدور فإن تلك العملة المعدنية التي ستصطدم بسرعة تبلغ حوالي 175 ميلا في الساعة لن تقتلك على الأرجح.
وهذا السياق مثالي لتناول مسألة ستظل تبرز المرة تلو الأخرى في هذا الكتاب، ومرد ذلك في الأساس إلى أنها تبرز المرة تلو الأخرى في الفيزياء، ألا وهي الفرق بين الوزن والكتلة. لاحظ أن نيوتن استخدم الكتلة في معادلاته لا الوزن، ولهذا قد تظن أنهما ذات الشيء، في حين أنهما مختلفان في الجوهر. إننا عادة ما نستخدم الرطل والكيلوجرام (الوحدات التي سنستخدمها في هذا الكتاب) على أنها وحدات للوزن في حين أنها، في الواقع، وحدات للكتلة.
والفارق بينها في الواقع بسيط؛ إذ إن كتلتك لا تتغير أينما كان موقعك في الكون، نعم لن تتغير كتلتك سواء أكنتَ على القمر، أم في الفضاء الخارجي، أم على سطح كويكب ما. وزنك هو الذي يتغير؛ فما هو الوزن إذن؟ هنا تغدو الأمور أكثر تعقيدا. فالوزن هو نتاج للجاذبية الأرضية، الوزن قوة؛ حيث يساوي الكتلة مضروبة في تسارع الجاذبية (F = mg) من ثم فإن الوزن يتباين وفقًا لقوة الجاذبية المؤثرة عليه، وذلك هو السبب في تناقص أوزان رواد الفضاء على سطح القمر. تبلغ الجاذبية على سطح القمر سدس قوتها على الأرض، ومن ثم يبلغ وزن رائد الفضاء على القمر سدس وزنه على سطح الأرض.
أما بالنسبة للكتلة، فإن الجذب الثقالي للأرض لا يتغير أينما كنت على سطحها. وهكذا نستطيع أن نقول دونما خوف من انتقاد: إنها تزن مائة وعشرين رطلا (2) أو «إنه يزن ثمانين كيلوجراما»، حتى لو كنا بهذا نخلط بين هاتين الفئتين (الكتلة والوزن). لقد فكرتُ طويلا ومليا فيما إذا كنتُ سأستخدم الوحدة الفيزيائية التقنية للقوة (ومن ثم، الوزن) في هذا الكتاب بدلا من الأرطال والكيلوجرامات، لكنني أحجمتُ عن هذا لأنها قد تكون مربكة، فحتى الفيزيائي الذي تبلغ كتلته 80 كيلوجراما لن تجده يقول: «إن وزني سبعمائة وأربع وثمانين نيوتن» (80 × 9.8 = 784).
وكون عجلة الجاذبية واحدة فعليًّا في أي مكان على سطح الأرض هو السبب وراء لغز لعلك قد سمعت عنه، ألا وهو أن الأجسام ذات الكتل المتباينة تسقط بذات السرعة. هناك قصة شهيرة عن جاليليو ذُكرت في أحد الكتب القديمة، التي روت سيرته، تروي أنه أجرى تجربة بأن ألقى بقذيفة مدفع وكرة خشبية صغيرة من فوق قمة برج بيزا المائل في نفس الوقت. وقد شاع بين الناس أن نيته كانت دحض معتقد يُنسب إلى أرسطو مفاده أن الأجسام الأثقل تسقط بسرعة تزيد عن سرعة الأجسام الأقل ثقلا ظلت الشكوك تحوم لفترة طويلة حول هذه القصة، إلى أن تأكد في وقتنا الحالي أن جاليليو لم يجر هذه التجربة أبدا، لكنها ما زالت قصةً جميلة لدرجة أن ديفيد سكوت قائد بعثة أبوللو 15 إلى القمر أسقط مطرقة وريشة صقر على سطح القمر في نفس الوقت كي يرى إذا ما كانت الأجسام ذات الكتل المتباينة تسقط لأسفل بذات السرعة في الفراغ.
ما أدهشني هو مدى بطء سقوط الجسمين. فقد تتوقع دون تفكير أن يسقطا بسرعة، أو أن المطرقة على الأقل ستسقط بسرعة. لكنهما يسقطان ببطء وذلك لأن عجلة الجاذبية على القمر تساوي سدسها على الأرض فقط.
لماذا كان جاليليو محقا في اعتقاده بأن الجسمين ذوي الكتلتين المتباينتين سيبلغان الأرض في نفس اللحظة إذا سقطا؟ لأن عجلة الجاذبية واحدة لجميع الأجسام. فوفقا للمعادلة F = ma كلما زادت الكتلة زادت قوة الجاذبية، إلا أن عجلة الجاذبية تتساوى لكل الأجسام. ومن ثم فكل الأجسام تسقط نحو الأرض بذات السرعة. لكن طاقة الجسم الأثقل كتلة أكبر، ومن ثم فإن تأثير اصطدامه يكون أشد.
لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن الريشة والمطرقة لن يصلا إلى الأرض في ذات الوقت إذا ما أجريت هذه التجربة على ظهر كوكبنا. ذلك هو تأثير مقاومة الموائع الذي لم نحسب حسابه حتى الآن. ومقاومة الموائع هي قوة تعاكس حركة الأجسام المتحركة. كما أن تأثير الرياح على الريشة أكبر منه على المطرقة.
وهذا يأتي بنا إلى سمة بالغة الأهمية من سمات القانون الثاني. ففي تلك المعادلة المذكورة أعلاه نجد كلمة محصلة كلمة محورية؛ إذ إنها غالبًا ما يحدث في الطبيعة أن تؤثر أكثر من قوة على جسم واحد؛ ويجب أن يُحسب حساب كل واحدة منها. وهذا يعني أنه يتعين جمع هذه القوى جميعًا. لكن الأمر ليس بهذه البساطة لأن تلك القوى يطلق عليها المتجهات، بمعنى أن لها اتجاها كما أن لها مقدارًا، أي إنك لا تستطيع أن تجري عملية حسابية على غرار 2 + 3 = 5 لتحديد محصلة القوة. لنفترض أن قوتين أثرتا على كتلة قدرها 4 كيلوجرامات، واحدة من هاتين القوتين مقدارها 3 نيوتن وتتجه إلى الأعلى، والأخرى مقدارها 2 نيوتن وتتجه إلى الأسفل. فإن مجموع هاتين القوتين يساوي 1 نيوتن والاتجاه نحو الأعلى، ووفقًا لقانون نيوتن الثاني سيتسارع الجسم لأعلى ويبلغ تسارعه 0.25 متر في الثانية لكل ثانية.
بل إن مجموع القوتين قد يساوي صفرًا؛ ذلك لأنك إذا وضعت جسمًا كتلته m على طاولة، فوفقا لقانون نيوتن الثاني ستصير القوة المؤثرة على هذا الجسم حينها mg (الكتلة × عجلة الجاذبية) نيوتن متجهة إلى أسفل. وبما أن الجسم لا يتسارع فإن محصلة القوة تساوي صفرًا. وهو ما يعني أنه لا بد أن تكون هناك قوة mg نيوتن متجهة إلى أعلى. وهي القوة التي تدفع بها الطاولة الجسم لأعلى. وعند جمع قوة mg متجهة لأسفل بقوة mg متجهة لأعلى يكون الناتج صفرا.
______________________________________________________
هوامش
(1) لقد افترضت هنا أن القوة المؤثرة على الجسيم المشحون بفعل الجاذبية ضئيلة جدا لدرجة قد لا تُذكر.
(2) يساوي الكيلوجرام الواحد حوالي 2.2 رطلاً.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|