أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-14
495
التاريخ: 15-1-2017
2184
التاريخ: 6-11-2016
2341
التاريخ: 2024-01-16
923
|
تعالَ نركب طيارة تُحلق بنا في الجو، ونذهب بها إلى المحل الذي ينبع منه الفراتان: دجلة، والفرات، فإذا صعدنا مجرى كل منهما نرى ماءهما ينبط من محل في أرمينية من أسفل جبل كان يُعرف عند الأقدمين باسم «نغاطس»، وهو الذي يُسميه العرب في عهدنا هذا جبل نمرود، أو جبل ذي القرتين، وعند الترك «كلشن طاغ»، وهو أعلى الجبال التي تطرد بين البحر الأسود ونجد إيران، وفي بعض المواضع منه يبقى الثلج على مدار السنة. أما ماء الفرات فيتجمع من واديَي مراد وقرمصو، فإذا جمع بينهما هرب بمياههما إلى الشرق، ثم يفرُّ بها إلى الغرب دافعًا إيَّاها في مختنقات جبال وعرة وأودية ضيقة، فإذا جاوز ملطية قفز قفزة فُجائية كأنه يحاول الفرار إلى الجنوب الغربي، فيخدِّس لنفسه معبرًا في الطورس، طالبًا بحر الروم الذي يميل إليه كل الميل، ثم كمن يرعوي عن غيه يعود إلى الجنوب الشرقي في جهة خليج فارس. أما دجلة فإن مخرج رأسه من «جوار مراد»، لكنه يجري في الغرب إلى الشرق في جهة مخالفة لجهة شقيقه، فإذا خرج من الجبال يميل إلى الجنوب، ويحاول أن يدنو من أخيه الفرات رويدًا رويدًا، فإذا صار في جوار بغداد أخذ كل واحد منهما يحاول مصافحة أخيه كأن الواحد يقول لشقيقه: تعالَ نجتمع في هذه المدينة القديمة ونتعاهد على ألا نتفارق، فيكاد كل واحد منهما يتفق مع الآخر؛ إذ لا يفصل الواحد عن الآخر إلا مسافة بضع ساعات في سهلٍ مطمئن، وكأن عدوًّا سمع ما ينجم من اتفاقهما إذا ما اجتمعا في بغداد، جاء فوشى بالواحد بعد الآخر إلى صاحبه وفرَّق بينهما، فأخذ كل منهما يسير على موازاة شقيقه وهو ينظر إليه شزرًا مسافة 20 إلى 30 ميلًا، ثم يعودان فيفترقان ولا يتفقان إلا بعد أن ينحدرا نحو ثمانين ساعة؛ إذ يتحققان أن الفراق لا يُفضي إلا إلى هلاك كل منهما في الفلوات المحرقة، فيتصافحان عند القرنة، ومن هناك ينحدران مشتركي القوى ليصُبَّا في خليج فارس. والفرات يرحب من جهة يساره عند وسط مجراه بزائرين، وهما: البليخ، والخابور، ومنذ اتصل به الخابور إلى أن اجتمع بأخيه لا يزوره أحد، أما دجلة فإن زوَّاره أكثر من ذلك، فإن الزابين الأعلى والأسفل يأتيان فيرويانه بمياههما، ثم يجاريهما في هداياهما عظيم وديالي، وكل من الفراتين تجري فيهما السفن في أغلب قسم من منحدرهما، فالسفن تجري في الفرات من سميساط، وفي دجلة من الموصل، وعند ذوبان الثلوج — ويكون ذلك في أوائل نيسان أو أواسطه — يغتاظ الفراتان، فيرغوان ويزبدان ويحبلان غصبًا من الربيع؛ فيطفحان بمياههما ويطغيان على ما جاورهما من الأرضين، فاعلين ما يفعل النيل في ديار مصر، ولا يعودان إلى مألوف مجراهما إلا في أواخر أيَّار أو أوائل حزيران، عندما يبتدئ الحر بكسر شوكة هذين الشقيقين المستبدَّين.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|