أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-04
556
التاريخ: 2024-08-04
580
التاريخ: 2024-07-29
505
التاريخ: 2-02-2015
2121
|
القضاء الأوّل :
الهبوط والخروج من الجنّة والاستقرار على الأرض وحياة الشقاء فيها ، وهذا القضاء لازم حتّى لأكل الشجرة ، حيث بدت سوآتهما ، وظهور السوءة لا يناسب حياة الجنة ، بل الحياة الأرضيّة ، ومن هنا كان إخراجهما من الجنّة بعد العفو عنهما ، ولولا ذلك لكان مقتضى العفو هو بقاؤهما في الجنّة.
القضاء الثاني :
إكرام آدم بالتوبة حيث طيّب الله تعالى بها الحياة الأرضية التي هي شقاء وعناء ، وبها ترتّبت الهداية إلى العبودية الحقيقية ، فتآلفت الحياة من حياةٍ أرضيّة وحياةٍ سماويّة (1).
فنزول آدم إلى الأرض وإن كان فيه ظلمٌ للنفس وشقاء ، إلاّ أنّه هيّأ لنفسه بنزوله درجةً من السعادة ، ومنزلةً من الكمال ما كان ينالها لو لم ينزل ، وكذلك ما كان ينالها لو نزل من غير خطيئة.
التصوّر الثاني :
ما ذكره أُستاذنا الشهيد الصدر (قُدّس سرّه) :
أنّ الله سبحانه قدّر لآدم الذي يمثّل أصل الجنس البشري أن يمرّ بدور الحضانة التي يمرّ بها كلُّ طفلٍ ليتعلّم الحياة وتجاربها ، فكانت هذه الجنّة الأرضية التي وُجدت من أجل تربية الإحساس الخلقي لدى الإنسان والشعور بالمسؤولية وتعميقه من خلال امتحانه بما يوحيه إليه من تكاليف وأوامر.
وقد كان النهي عن تناول الشجرة هو أوّل تكليف يوجّه إلى هذا الخليفة ليتحكم في نزواته وشهواته ، فيتكامل بذلك ولا ينساق مع غريزة الحرص وشهوة حب الدنيا التي كانت الأساس لكل ما يشهده مسرح التاريخ الإنساني من ألوان الاستغلال والصراع.
وقد كانت المعصية التي ارتكبها آدم هي العامل الذي يولّد في نفسه الإحساس بالمسؤوليّة من خلال مشاعر الندم فتكامل وعيه بهذا الإحساس ، في الوقت الذي كانت قد نضجت لديه خبرات الحياة من خلال وجوده في الجنّة.
وكان الهدى الإلهي يتمثّل بخط الشهادة وهو الوحي الإلهي الذي يتحمّل مسؤوليّته الأنبياء لهداية البشرية.
وبذلك تتكامل المسيرة البشرية ويتطوّر الإنسان ويسمو على المخلوقات؛ من خلال التعليم الرباني والهدى الإلهي الذي يجسّده شهيدٌ ربّانيٌّ معصوم من الذنب يحمله إلى الناس من أجل تحصينهم من الضلال :
{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة : 38].
ويمكن أن نُشير في نهاية هذا العرض لهذين التصوّرين إلى عدّة ملاحظات :
الملاحظة الأولى :
إنه يمكن تكميل الصورة : بأنّ الإسكان في الجنّة في الوقت الذي يمثّل مرحلة الإعداد والتهيّؤ يُعبّر في نفس الوقت عن هدفٍ إلهيٍّ وهو : أنّ مقتضى الرحمة الإلهيّة بالإنسان هو أن يعيش حياة الاستقرار والسعادة بعيداً عن الشقاء ، وأنّ مسيرة الشقاء إنّما هي اختيار الإنسان؛ ولذا بدأ الله تعالى حياة الإنسان بالجنّة وشمله برحمته الواسعة من خلال التوبة والسداد الإلهي بالهدى الذي أنزله على الأنبياء.
كما أنّ الخطيئة هي التي فجّرت في الإنسان ـ إضافةّ إلى إحساسه بالمسؤولية ـ إدراكه للحسن والقبح والخير والشر ، ولعلّ هذا هو الذي أشار إليه القرآن الكريم بقوله تعالى :
{... فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ... } [طه : 121].
وكان هذا الإدراك ضروريّاً للإنسان من أجل أن يكون قادراً على مواجهة مشكلات الحياة وألوان الصراع فيها ، وتمييز الحق من الباطل ، والخير من الشر ، والمصلحة من المضرّة ، ويخلق فيه حالة التوازن الروحي والنفسي في مقابل ضغوط الشهوات والغرائز.
وقد كان من الممكن أن يحصل هذا الإدراك من خلال الحضانة الطويلة والتجربة الذاتية في حياته في الجنّة ، ولعلّ هذا هو الهدف من وضعه في الجنّة ليمرّ بهذه الحضانة الطويلة ، كما يحصل للإنسان في تجاربه في الطفولة ، حيث تنمو فيه هذه المعرفة تدريجاً ، ولكن كان هناك طريق أقصر محفوف بالمخاطر وبالخطيئة والذنب.
ولم يكن الله سبحانه وتعالى ليختار للإنسان طريق الخطيئة بالرغم من قِصَره؛ لأنّه طريقٌ خطير ، ولكن عندما اختار الإنسان ذلك وأصبح يدرك هذه الحقائق صار مؤهّلاً للبدء في الحياة الدنيا.
وقد فتح الله سبحانه وتعالى أمامه باب التوبة والرجوع إليه؛ ليتمكن الإنسان من مواصلة طريقه عندما يضعف ويقع في الخطيئة؛ وبذلك يتكامل عندما يكون قادراً على التغلّب على شهواته والسيطرة على رغباته.
الملاحظة الثانية :
إنّ العلاّمة الطباطبائي لم يوضّح دور الخطيئة في معرفة السوءات ، كما لم يوضّح عدم انسجام السوءات مع حياة الجنّة ، ولعلّه يريد من دور الخطيئة في معرفة السوءات ما أشرنا إليه من دورها في الإحساس الخلقي للإنسان في إدراكه للحسن والقبح؛ وكذلك لأنّ حياة الجنّة يراها حياةً طاهرةً ونظيفة لا تنسجم مع السوءات ، وهو معنىً عرفاني حيث لم يُشر القرآن الكريم إلى أنّ آدم (عليه السلام) لم تكن لديه سوءة قبل الخطيئة ، أو أنّها وُجدت بعد الخطيئة ، وإنّما أشار إلى أنّ إدراكه للسوءة إنّما كان بعد الخطيئة والذنب.
الملاحظة الثالثة :
إنّ الشهد الصدر (قُدّس سرّه) لم يذكر في تكوّن مسار الخلافة على الأرض دور التوبة في هذا المسار ، مع أنّ التوبة لها دور أساس يمكن من خلاله أن يستأنف الإنسان عمله وتجربته في هذه الحياة ، ويصعد بسببها في مدارج الكمال.
الملاحظة الرابعة :
إنّ الكمالات الإنسانية يمكن أن نتصوّرها بدون خطيئة ويتكامل فيها الإنسان من خلال الطاعة والإحساس بالعبودية لله سبحانه وتعالى ، إلاّ إذا كان مقصوده من الخطيئة ليس مجرّد المخالفة ، وإنّما إحساس الإنسان بالحاجة والتقصير في حق الله تعالى وشكره لنعمه ، الأمر الذي يدفعه إلى الاستزادة من الأعمال الصالحة والرجوع إلى الله تعالى والإنابة إليه.
الملاحظة الخامسة :
إنّ العلاّمة الطباطبائي (قُدّس سرّه) تصوّر أنّ الجنّة سماويّة ، والشهيد الصدر (قُدّس سرّه ( تصوّرها أرضيّة ، وهذا التصوّر الثاني في الوقت الذي ينسجم مع بعض الروايات ، يتوافق ـ أيضاً ـ مع فرضيّة خلق الإنسان للأرض ، والله سبحانه أعلم (2).
____________________
(1) تفسير الميزان 1 : 134 ، طبعة جماعة المدرّسين ـ قم.
(2) الإسلام يقود الحياة : 152 ـ 153.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|