المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



الوفاء من صفات السالكين  
  
1039   02:25 صباحاً   التاريخ: 2023-11-23
المؤلف : الشيخ توفيق بو خضر
الكتاب أو المصدر : شواهد أخلاقية
الجزء والصفحة : ص95ــ99
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

يعتبر الوفاء من الأمور التي أمر الله عباده أن يتحلوا به، ولهذا يعد من الصفات الحميدة والممدوحة، ويذم من يتصف بخلافها كالخيانة. ولذلك قال الله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40].

والوفاء لله أن تشكر الله ولمن أنعم عليك ومن أعظم النعم التي يجب أن يشكرها العبد هو شكره لوالديه قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14]. وهذا الشكر لا يخص فترة حياتها فقط بل حتى بعد مماتهما أيضاً فأنه يلزم الإبن أن يبذل عن والديه كل خير حتى يزيد الله في حسناته أو يرفع عن كاهله السيئات.

فقد جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام): «إن العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما ثم يموتان، فلا يقضي عنهما دينهما، ولا يستغفر لهما، فيكتبه الله عز وجل عاقاً لهما في حياتهما غير بار بهما، فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله عز وجل باراً)(1).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله) يقول في رواية: «من يضمن لي بر الوالدين وصلة الرحم أضمن له كثرة المال، وزيادة العمر، والمحبة في العشيرة»(2).

ولذلك يكون بر الوالدين من أعظم الموجبات لرضا الله سبحانه وتعالى، وأثر رضا الله سبحانه وتعالى عليه بأن تكون الدنيا في خدمته وطوعه، ومنها تفتح له أبواب الرزق. وكم من أشخاص يطرقون أبواب الرزق في أحرج الأمور، فلا يحصلون على ما يريدون وذلك لأن مانع الرزق موجود وهو عقوق الوالدين، أو عدم الالتفات إليهما بعد وفاتهما.

ومما يؤيد ذلك ما نقله المرحوم النهاوندي وهو من علمائنا في كتابه راحة الروح: أنه رأى بعض الموتى فرحين مستبشرين ورأى أمامهم شيخاً حزينا مهموماً، فسأله عن حاله:

ما بالك مع هؤلاء وأنت بهذا الحال، الجميع فرح ما عداك؟

قال هذا الشيخ الحزين: إن هؤلاء لهم أولاد يتصدقون عنهم ولهم.

فتصل إليهم المسرات، وتنعكس عليهم كأفراح (في تجليات برزخيه ونعيم برزخي) أما أنا فلا يتصدق عني!!

فقال له المرحوم النهاوندي: وهل لك ولد؟

قال: نعم عندي ولد، ويشتغل في غسل الأقمشة على الشاطئ.

يقول الشيخ النهاوندي: جلست من النوم وذهبت فعلا إلى شاطئ البحر أتحقق من صحة الرؤية أو أنها أضغاث أحلام، فوجدت ذلك الرجل في المكان الموصوف لي بالهيئة التي أخبرني عليها. فقد رأيته يشتغل بغسل الأقمشة.. فاقتربت منه وسألته عن حاله فأبدى لي الضيق في رزقه أنه بحالة يرثى لها.

وقلت له: تصدق لوالدك إن والدك توفى، وهو بحاجة إلى صدقتك.

فما أن سمع الكلام حتى تبرم منه فقال: وما عساي أن أتصدق لوالدي وأنا ليس لدي شيء؟

قلت له: ومع ذلك تصدق فإن الصدقة لها الأثر الطيب الذي سينعكس على حياتك.

فرد علي: هذه ثلاثة أكف من الماء آخذها من البحر وألقى بها على الشاطئ، قال هذا ما أستطيع أن أقدمه صدقة لوالدي. سمعت قوله فمشيت، وفي الليل رأيت نفس الرؤية ولكنني رأيته فرحا مستبشرا.

فقلت له: تبدلت أحوالك؟

قال: نعم إن ولدي تصدق عني:

قلت: وكيف تصدق عنك؟ لقد ذهبت إليه فلم أره تصدق عنك!!

فرد علي: نعم إن ولدي هذا تصدق عني فسألته وكيف تصدق عنك؟

قال: بثلاثة أكف من ماء البحر.

قلت: إن ماء البحر لا قيمة له، فكيف رجع عليك بهذا الخير؟ قال: كانت هناك سمكة صغيرة، قد خرجت من البحر فلم تستطع العودة إليه وقد أعياها التعب، وكادت أن تموت لولا الأكف الثلاثة من ماء البحر التي ساعدتها على المقاومة والرجوع إلى البحر، وتقبل الله بلطفه هذا الصدقة منه، والله تبارك وتعالى قبل تلك الصدقة. فتغير حالي عما كان عليه.

ويتابع المرحوم النهاوندي في كتابه بالقول: وبعد مدة رأيت ذاك الشخص الذي كان في حالة يرثى لها من الضيق والفقر بحالة من الثراء والغناء بعد أن كانت حياته ضنكا ومليئة بالمشاكل والصعاب.

وأنت أيها السالك إلى الله يجب أن تلتفت إلى قانونه في الكون من أن بر الوالدين من أعظم الواجبات، وأن عقوقهما من الكبائر التي حرمها الله وتوعد فاعلها بالخذلان والخزي في الدنيا والآخرة. ففي الدنيا حرمانه من الرزق، وفي الآخرة سوء العاقبة التي يختم بها في آخر ساعة من الدنيا وأول ساعة من الآخرة، فعن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): «والعمل البار ما شاء أن يعمل، فلن يدخل النا»(3). وهذا من الآثار العظيمة يعني أن خطيئته لا تحيط به ولا الآثام التي تصدر منه والتي تؤدي به إلى المقت بل أن بر الوالدين يؤدي به إلى أن يختم له بالحسنى وأن ينال مرتبة من الرضوان الإلهي وحينئذ يكون من الصالحين.

فعن النبي (صلى الله عليه وآله) في رواية أخرى: «سئل عن أحب الأعمال إلى الله عز وجل؟ قال: الصلاة لوقتها ثم أي شيء؟ قال: بر الوالدين، ثم أي شيء؟ قال: الجهاد في سبيل لله عز وجل»(4).

ويكفيك أن تعلم أن والديك جنتك ونارك، كما جاءت به الروايات. وهنا أنفض غبار التقصير عن كاهلك، وكن متصفا بالوفاء لهما فكم أسدا لك من معروف لم يرجيا منك جزاءً ولا شكوراً. فلا تقابل عطاءهما بالجحود والنكران، أو التقصير والخذلان.

نجانا الله وإياكم من هذا الخذلان بحق محمد وآله.

______________________________

(1) الكافي 2: 348.

(2) مستدرك الوسائل 15: 176.

(3) مستدرك الوسائل 15: 176.

(4) بحار الأنوار 97: 11. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.