أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-29
818
التاريخ: 2024-09-02
362
التاريخ: 25-11-2015
2392
التاريخ: 2024-09-10
349
|
لقد اعتاد المؤلفون في علوم القرآن ان يقدموا مقدمة حول وضع العرب قبل نزول القرآن تسلخهم من أي ملامح للحضارة المدنية ، وما أن يشع نور الإسلام على الجزيرة العربية حتى يتحول ذلك الفرد الى انسان متكامل مهذب حافظ للقرآن مؤثرا طاعة الله تعالى على جميع ميوله السابقة وهذا وصف غير دقيق أو استعجال من غير تحقيق، والقرآن الكريم شاهد على تصرفات بشرية متفاوته في ردود افعالهم ، اضافة الى عدم ثباتها في كل الاحوال وهي متغيرة من حال الى حال بحسب الفتنة والاهوال .
ولا اجد من يطمأن إليه في وصف الحال غير أولي الصدق في المقال والفعال، وشاهد على النوازل والاهوال وهو أمير المؤمنين عليه السلام فلنبدأ بسرد الشواهد لتتبين تلك الحقائق .
قال الإمام علي (عليه السلام) وهو يصف العرب قبل البعثة : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَرْسَلَ إِلَيْكُمُ الرَّسُولَ (صل الله عليه واله وسلم)، وَأَنْزَلَ إِلَيْهِ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ، وَأَنْتُمْ أُمِّيُّونَ عَنِ الْكِتَابِ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَعَنِ الرَّسُولِ وَمَنْ أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ وَطُولِ هَجْعَةٍ مِنَ الْأُمَمِ وَانْبِسَاطٍ مِنَ الْجَهْلِ وَاعْتِرَاضٍ مِنَ الْفِتْنَةِ وَانْتِقَاضٍ مِنَ الْمُبْرَمِ وَعَمًى عَنِ الْحَقِّ وَاعْتِسَافٍ مِنَ الْجَوْرِ وَامْتِحَاقٍ مِنَ الدِّينِ وَتَلَظٍّ مِنَ الْحُرُوبِ عَلَى حِينِ اصْفِرَارٍ مِنْ رِيَاضِ جَنَّاتِ الدُّنْيَا وَيُبْسٍ مِنْ أَغْصَانِهَا وَانْتِثَارٍ مِنْ وَرَقِهَا وَيَأْسٍ مِنْ ثَمَرِهَا وَاغْوِرَارٍ مِنْ مَائِهَا، قَدْ دَرَسَتْ أَعْلَامُ الْهُدَى فَظَهَرَتْ أَعْلَامُ الرَّدَى، فَالدُّنْيَا مُتَهَجِّمَةٌ فِي وُجُوهِ أَهْلِهَا مُكْفَهِرَّةٌ مُدْبِرَةٌ غَيْرُ مُقْبِلَةٍ ثَمَرَتُهَا الْفِتْنَةُ وَطَعَامُهَا الْجِيفَةُ وَشِعَارُهَا الْخَوْفُ وَدِثَارُهَا السَّيْفُ مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ وَقَدْ أَعْمَتْ عُيُونَ أَهْلِهَا وَأَظْلَمَتْ عَلَيْهَا أَيَّامُهَا قَدْ قَطَّعُوا أَرْحَامَهُمْ وَسَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَدَفَنُوا فِي التُّرَابِ الْمَوْءُودَةَ بَيْنَهُمْ مِنْ أَوْلَادِهِمْ يَجْتَازُ دُونَهُمْ طِيبُ الْعَيْشِ وَرَفَاهِيَةُ خُفُوضِ الدُّنْيَا لَا يَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ثَوَاباً وَلَا يَخَافُونَ وَاللَّهِ مِنْهُ عِقَاباً ، حَيُّهُمْ أَعْمَى نَجِسٌ وَمَيِّتُهُمْ فِي النَّارِ مُبْلِسٌ فَجَاءَهُمْ بِنُسْخَةِ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى وَتَصْدِيقِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلِ الْحَلَالِ مِنْ رَيْبِ الْحَرَامِ ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوهُ وَلَنْ يَنْطِقَ لَكُمْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا مَضَى وَعِلْمَ مَا يَأْتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَحُكْمَ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيَانَ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فَلَوْ سَأَلْتُمُونِي عَنْهُ لَعَلَّمْتُكُمْ .
وقال أمير الممؤمنين (عليه السلام) في خطبة أخرى : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّداً (صل الله عليه واله وسلم) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ وَأَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ عَلَى شَرِّ دِينٍ، وَفِي شَرِّ دَارٍ، مُنِيخُونَ بَيْنَ حِجَارَةٍ خُشْنٍ وَحَيَّاتٍ صُمٍّ، تَشْرَبُونَ الْكَدِرَ وَتَأْكُلُونَ الْجَشِبَ، وَتَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَتَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ، الْأَصْنَامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ، وَالْآثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ وَأَغْضَيْتُ عَلَى الْقَذَى وَشَرِبْتُ عَلَى الشَّجَا وَصَبَرْتُ عَلَى أَخْذِ الْكَظَمِ وَعَلَى أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ الْعَلْقَم .
وهنا يصف أمير المؤمنين حال العرب قبل البعثة بوصف واقعي كما بينه، ثم ينتقل الى وصف ثلة من الذين دخلوا الاسلام ولما يدخل الايمان في قلوبهم،حيث قال ( فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَوْتِ ) حيث تلخص هذه العبارة ان الخاصة من أهل بيته وقليل من أهل ولايتهم هم الثابتون فحافظ عليهم بالصبر بحيث بقى المنافقون على شكهم وعداءهم وهذا ما اكدته الزهراء (عليها السلام).
وهذه سيدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) تصف حال العرب قبل البعثة، ثم تصف حال المنافقين بعد البعثة بشكل دقيق موجز كظاهرة واقعية من الظاهر والباطن فأبلغت اذ أوجزت.
قالت سيدة النساء (عليها السلام) : أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنِّي فَاطِمَةُ وَأَبِي مُحَمَّدٌ (صل الله عليه واله وسلم) أَقُولُ عَوْداً وَبَدْواً وَلَا أَقُولُ مَا أَقُولُ غَلَطاً وَلَا أَفْعَلُ مَا أَفْعَلُ شَطَطاً {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ }[التوبة : 128 ] فَإِنْ تَعْزُوهُ وَتَعْرِفُوهُ تَجِدُوهُ أَبِي دُونَ نِسَائِكُمْ وَأَخَا ابْنِ عَمِّي دُونَ رِجَالِكُمْ وَلَنِعْمَ الْمَعْزِيُّ إِلَيْه فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ صَادِعاً بِالنِّذَارَةِ مَائِلًا عَنْ مَدْرَجَةِ الْمُشْرِكِينَ ضَارِباً ثَبَجَهُمْ آخِذاً بِأَكْظَامِهِمْ دَاعِياً إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ { بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } [النحل : 125] يجف يَجُذُّ الْأَصْنَامَ وَيَنْكُثُ الْهَامَ حَتَّى انْهَزَمَ الْجَمْعُ وَوَلَّوُا الدُّبُرَ حَتَّى تَفَرَّى اللَّيْلُ عَنْ صُبْحِهِ وَأَسْفَرَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ وَنَطَقَ زَعِيمُ الدِّينِ وخَرِسَتْ شَقَاشِقُ الشَّيَاطِينِ وَطَاحَ وَشِيظُ النِّفَاقِ وَانْحَلَّتْ عُقَدُ الْكُفْرِ وَالشِّقَاقِ وَفُهْتُمْ بِكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ فِي نَفَرٍ مِنَ الْبِيضِ الْخِمَاصِ
{وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ } [آل عمران : 103] مَذْقَةَ الشَّارِبِ وَنَهْزَةَ الطَّامِعِ وقَبْسَةَ الْعَجْلَانِ وَمَوْطِئَ الْأَقْدَامِ تَشْرَبُونَ الطَّرْقَ وَتَقْتَاتُونَ الْقِدَّ أَذِلَّةً خَاسِئِينَ { تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِكُمْ } [الأنفال : 26 ] فَأَنْقَذَكُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِمُحَمَّدٍ (صل الله عليه واله وسلم) بَعْدَ اللَّتَيَّا وَالَّتِي وَبَعْدَ أَنْ مُنِيَ بِبُهَمِ الرِّجَالِ وَذُؤْبَانِ الْعَرَبِ وَمَرَدَةِ أَهْلِ الْكِتَاب { كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّه } [المائدة : 64 ] أَوْ نَجَمَ قَرْنُ الشَّيْطَانِ أَوْ فَغَرَتْ فَاغِرَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَذَفَ أَخَاهُ فِي لَهَوَاتِهَا فَلَا يَنْكَفِئ حَتَّى يَطَأَ جَنَاحَهَا بِأَخْمَصِهِ وَيُخْمِدَ لَهَبَهَا بِسَيْفِهِ مَكْدُوداً فِي ذَاتِ اللَّهِ مُجْتَهِداً فِي أَمْرِ اللَّهِ قَرِيباً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ سَيِّداً فِي أَوْلِيَاءِ اللَّهِ مُشَمِّراً نَاصِحاً مُجِدّاً كَادِحاً لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ وَأَنْتُمْ فِي رَفَاهِيَةٍ مِنَ الْعَيْشِ وَادِعُونَ فَاكِهُونَ آمِنُونَ تَتَرَبَّصُونَ بِنَا الدَّوَائِرَ وَتَتَوَكَّفُونَ الْأَخْبَارَ وَتَنْكِصُونَ عِنْدَ النِّزَالِ وَتَفِرُّونَ مِنَ الْقِتَالِ فَلَمَّا اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ دَارَ أَنْبِيَائِهِ وَمَأْوَى أَصْفِيَائِهِ ظَهَرَ فِيكُمْ حَسَكَةُ النِّفَاقِ وَسَمَلَ جِلْبَابُ الدِّينِ وَنَطَقَ كَاظِمُ الْغَاوِينَ وَنَبَغَ خَامِلُ الْأَقَلِّينَ وَهَدَرَ فَنِيقُ الْمُبْطِلِينَ فَخَطَر فِي عَرَصَاتِكُمْ وَأَطْلَعَ الشَّيْطَانُ رَأْسَهُ مِنْ مَغْرَزِهِ هَاتِفاً بِكُمْ فَأَلْفَاكُمْ لِدَعْوَتِهِ مُسْتَجِيبِينَ وَلِلْعِزَّةِ فِيهِ مُلَاحِظِينَ ثُمَّ اسْتَنْهَضَكُمْ فَوَجَدَكُمْ خِفَافاً وَأَحْمَشَكُمْ فَأَلْفَاكُمْ غِضَاباً فَوَسَمْتُمْ غَيْرَ إِبِلِكُمْ وَوَرَدْتُمْ غَيْرَ مَشْرَبِكُمْ هَذَا وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ وَالْكَلْمُ رَحِيبٌ وَالْجُرْحُ لَمَّا يَنْدَمِلْ وَالرَّسُولُ لَمَّا يُقْبَرْ ابْتِدَاراً زَعَمْتُمْ خَوْفَ الْفِتْنَةِ { أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ } [التوبة : 49] فَهَيْهَاتَ مِنْكُمْ وَكَيْفَ بِكُمْ وَأَنَّى تُؤْفَكُونَ وَكِتَابُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟ أُمُورُهُ ظَاهِرَةٌ وَأَحْكَامُهُ زَاهِرَةٌ وَأَعْلَامُهُ بَاهِرَةٌ وَزَوَاجِرُهُ لَائِحَةٌ وَأَوَامِرُهُ وَاضِحَةٌ وَقَدْ خَلَّفْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ أرَغْبَةً عَنْهُ تُرِيدُونَ أَمْ بِغَيْرِهِ تَحْكُمُونَ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِين} [آل عمران : 85 ] وهذا عين ما وصفه أمير المؤمنين (عليه السلام) من بقاء طابور الكفر على حاله إذ تلبس بلباس الاسلام وبقي عليه وصف النفاق .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|