المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Hetero-oligomer Proteins
27-7-2018
Consonants Dropping of initial /w/
2024-02-23
وجوب قصد السجود عند الهوي
1-12-2015
الاخلاق الذميمة تحجب عن المعارف
19-3-2022
المخمرات الغازية الحلقية Airlift Loop Fermenters
23-4-2017
Phase Curve
2-10-2021


شيء من مواعظ ابن الجوزي  
  
1802   10:33 صباحاً   التاريخ: 2023-10-30
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة : مج5، ص:161-166
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-11 824
التاريخ: 2024-02-25 919
التاريخ: 11/12/2022 1174
التاريخ: 24/12/2022 1517

 

شيء من مواعظ ابن الجوزي

وقال الإمام الشهير أبو الفرج ابن الجوزي (1) :

يا ساكن الدنيا تأ ... هب وانت

ظر يوم الفراق

وأعد زاداً للرحي ... ل فسوف يحدى بالرفاق

وابك الذنوب بأدمع ... تنهل من سحب المآق

يا من أضاع زمانه ... أرضيت ما يفنى بباق

وكان ابن الجوزي المذكور آية الله في كثرة التأليف والكتابة والوعظ

 

161

والحفظ، وأقل من كان يحضر مجلسه عشرة آلاف، وربما حضر عنده مائة ألف، وقال في آخر عمره على المنبر: كتبت بإصبعي هاتين ألفي مجلدة، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألف يهودي ونصراني، وأسمع رحمه الله تعالى الناس أكثر من أربعين سنة، وحدث بمصنفاته مراراً.

وقال الحافظ الذهبي في حقه: الحافظ الكبير، الواعظ المفتن، صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة في العلوم المتعددة، وعظ من صغره، وفاق فيه الأقران ونظم الشعر المليح، وكتب بخطه ما لا يوصف، ورأى من القبول والاحترام ما لا يزيد عليه، وحزر مجلسه غير مرة بمائة ألف، وحضر مجلسه المستضيء مراراً من وراء الستر؛ انتهى.

ومن كلامه في بعض مجالسه: واله ما اجتمع لأحد أمله، إلا وسعى في تفريقه أجله، وعقارب المنايا تلسع الناس، وخدران جسم الأمل يمنع الإحساس، وقال في قوله صلى الله عليه وسلم " أعمار أمتي من الستين إلى السبعين " إنما طالت أعمار القدماء لطول البداية، فلما شارف الركب بلد الإقامة قيل: حثوا المطي.

وقال في الذين عبدوا العجل: لو أن الله خار لهم ما خار لهم.

وقال يوماً وقد طرب أهل المجلس: فهمتم فهمتم.

وقال في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، بعد أن ذكر أحاديث تدل على خلافته كقوله صلى الله عليه وسلم " مروا أبا بكر فليصل بالناس " وغيره، ما صورته: فهذه أحاديث تجري مجرى النص، فهمها الخصوص، غير أن الرافضة في إخفائها كاللصوص، فقال السائل: لما قال: " أقيلوني " ما سمعنا مثل جواب علي رضي الله عنه " والله لا أقلناك "، فقال: لما غاب علي عن البيعة في الأول، أخلف ما فات بالمدح في المستقبل، ليعلم السامع والرائي أن بيعة أبي بكر وإن كانت من ورائي، فهي رائي، ومثل ذلك الصدر لا يرائي.

وقال في قول فرعون {أليس لي ملك مصر} (الزحف: 51) يفتخر

 

162

بما أجراه، ما أجراه.

وتواجد رجل في مجلسه فقال: عجباً! كلنا في إنشاد الضالة سوا، فلم وجدت وحدك ألم الجوى وأنشد:

قد كتمت الحب حتى شفني ... وإذا ما كتم الداء قتل

بين عينيك علالات الكرى ... فدع النوم لربات الحجل

ونظر يوماً إلى أقوام يبكون في مجلسه ويتواجدون فأنشد (2) :

ولو لم يهجني الظاعنون لهاجني ... حمائم ورق في الديار وقوع

تداعين فاستبكين من كان ذا هوى ... نوائح لم تقطر لهن دموع

وكيف أطيق العاذلين وذكرهم ... يؤرقني والعاذلون هجوع

وقام رجل وتواجد فأنشد:

وما زال يشكو الشوق حتى كأنما ... تنفس من أحشائه وتكلما

ويبكي فأبكي رحمة لبكائه ... إذا ما بكى دمعاً بكيت له دما

وأعجبه يوماً كلامه فأنشد:

تزدحم الألفاظ والمعاني ... على فؤادي وعلى لساني

تجري لي الأفكار في ميدان ... أزاحم النجم على مكان

ووعظ المستضيء يوماً فقال: يا أمير المؤمنين، إن تكلمت خفت منك، وإن سكت خفت عليك، فأنا أقدم خوفي عليك، على خوفي منك، لمحبتي لدوام أيامك، إن قول القائل " اتق الله " خير من قول القائل: أنتم أهل بيت مغفور لكم، وقال الحسن البصري: لأن تصحب أقواماً يخوفونك حتى تبلغ المأمن

163

خير لك من أن تصحب أقواماً يؤمنونك حتى تبلغ المخاوف. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إذا بلغني عن عامل ظالم أنه قد ظلم الرعية ولم أغيره فأنا الظالم. يا أمير المؤمنين، كان يوسف عليه السلام لا يشبع في زمان القحط، لئلا ينسى الجياع، وكان عمر رضي الله عنه يصر بطنه عام الرمادة فيقول: قرقري إن شئت ولا تقرقري، فو الله لا شبعت والمسلمون جياع. فتصدق الخليفة المستضيء بصدقات كثيرة، وأطلق من في السجن.

وقال رحمه الله تعالى لبعض الولاة: اذكر عدل الله فيك، وعند العقوبة قدرة الله عليك، وإياك أن تشفي غيظك بسقم دينك.

وقال: الطاعة تبسط اللسان، والمعاصي تذل الإنسان.

وقال له قائل: ما نمت البارحة من شوقي إلى المجلس، فقال: نعم، لأنك تريد أن تتفرج، وإنما لا ينبغي أن لا تنام الليل لأجل ما سمعت فيه.

وقيل له: إن فلاناً أوصى عند الموت، فقال: طين سطوحه في كانون.

وقال له قائل: أسبح أم أستغفر فقال: الثياب الوسخة أحوج إلى الصابون من البخور.

وسأله سائل: ما الذي وقر في قلب أبي بكر رضي الله عنه فقال: قوله ليلة المعراج " إن كان قال فلقد صدق " فله السبق.

ولما قال له بعضهم " سيف علي نزل من السماء فسعفة أبي بكر أين " أجابه بقوله: إن سعفة هزت يوم الردة فأثمرت سبياً جاء منه مثل ابن الحنفية لأمضى من سيوف الهند، ثم قال: يا عجباً للروافض، إذا مات لهم ميت تركوا معه سعفة، من أين ذا المصطلح؟

وسئل عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم " من أراد أن ينظر إلى ميت يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى أبي بكر " فقال: الميت يقسم ماله ويكفن، وأبو بكر أخرج ماله كله وتخلل بالعباء.

وقال في قوله تعالى {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً} (الأعراف: 43) .

 

164

قال علي: إني والله لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم، ثم قال أبو الفرج: إذا اصطلح أهل الحرب فما بال النظارة؟

وقال: قال جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: سلم على عائشة، ولم يوجهها بالخطاب احتراماً لزوجها، وواجه مريم لأنها لم يكن لها زوج، فمن يحترمها جبريل كيف يجوز في حقها الأباطيل؟

قال أبو شامة: وكان ابن الجوزي رحمه الله تعالى مبتلى بالكلام في مثل هذه الأشياء، لكثرة الروافض ببغداد وتعنتهم بالسؤالات فيها، فكان بصيراً بالخروج منها لحسن إشارته.

وانقطع القراء يوماً عن مجلسه فأنشد:

وما الحلي إلا زينة لنقيصة ... يتمم من حسن إذا الحسن قصرا

وأما إذا كان الجمال موفراً ... كحسنك لم يحتج إلى أن يزوروا

وقيل له: لم تعلل موسى عليه السلام بسوف تراني فأنشد:

إن لم يكن وصل لديك لنا ... يشفي الصبابة فليكن وعد

ولما ذكر بلالاً - رضي الله عنه - لما منع الطواف بالبيت كان يقف من بعيد وينظر إليه ويبكي أنشد:

أمر على منازلهم وإني ... بمن أضحى بها صب مشوق

وأومي بالتحية من بعيد ... كما يومي بإصبعه الغريق

ومن شعر أبي الفرج رحمه الله تعالى:

لعبت ومثلك لا يلعب ... وقد ذهب الأطيب الأطيب

قد كنت في ظلمات الشباب ... فلما أضاء انجلى الغيهب

ألا أين أقرانك الراحلون ... لقد لاح إذ ذهبوا المذهب

 

165

ولنقتصر على هذا المقدار، ونرجع إلى أحوال لسان الدين رحمه الله تعالى وارتحاله، والاعتبار بحاله، فنقول:

ومما يناسب أن نذكره في هذا المحل ونثبته فيه ما حكاه العالم العلامة بلدينا سيدي أبو الفضل ابن الإمام التلمساني رحمه الله تعالى عن جدي الإمام قاضي القضاة سيدي أبي عبد الله المقري التلمساني رحمه الله تعالى، وهو أحد أشياخ لسان الدين كما يأتي إن شاء الله ذلك في محله، قال: كنت مع ذي الوزارتين أبي عبد الله ابن الخطيب في جامع إلبيرة من الأندلس إذ مر بنا الاعتبار، في تلك الآثار، فأنشد ابن الخطيب ارتجالاً (3) :

أقمنا برهة ثم ارتحلنا ... كذلك الدهر حال بعد حال

وكل بداية فإلى انتهاء ... وكل إقامة فإلى ارتحال

ومن سام الزمان دوام حال ... فقد وقف الرجاء على المحال

انتهى.

وحكى لسان الدين في الإحاطة عن نفسه أنه خطط هذه الأبيات في مرحلة نزلها رحمه الله تعالى حسبما يأتي ذلك في شعره.

وما أحسن قوله رحمه الله تعالى:

لبسنا فلم نبل الزمان وأبلانا ... يتابع أخرانا على الغي أولانا

ونغتر بالآمال والعمر ينقضي ... فما كان بالرجعى إلى الله أولانا

وماذا عسى أن ينظر الدهر من عسا ... فما انقاد للزجر الحثيث ولا لانا

جزينا صنيع الله شر جزائه ... فلم نرع ما من سابق الفضل أولانا

فيا رب عاملنا بما أنت أهله ... من العفو واجبر صدعنا أنت مولانا

 

166

وقد حكى غير واحد أنه رحمه الله تعالى ريء بعد موته في المنام، فقال له الرائي: ما فعل الله بك فقال: غفر لي ببيتين قلتهما، وهما (4) :

يا مصطفى من قبل نشأة آدم ... والكون لم تفتح له أغلاق

أيروم مخلوق ثناءك بعدما ... أثنى على أخلاقك الخلاق

وقد كرر رحمه الله تعالى هذا المعنى في قصيدة في حقه صلى الله عليه وسلم، وشرف وكرم، ومجد وعظم، وبارك وأنعم، وهو قوله:

مدحتك آيات الكتاب فما عسى ... يثني على علياك نظم مديحي

وإذا كتاب الله أثنى مفصحاً ... كان القصور قصار كل فصيح

وستأتي هذه القصيدة في نظمه إن شاء الله تعالى.

وقد رأيت بالغرب تخميساً للبيتين الأولين منسوباً للأديب الشهير الذكر بالمغرب أبي عبد الله مجمد بن جابر الغساني المكناسي رحمه الله تعالى، ولا بأس أن نورده هنا، وهو قوله رحمه الله تعالى:

يا سائلاً لضريح خير العالم ... ينهي إليه مقام صب هائم

بالله نادي وقل مقالة عالم ... يا مصطفى من قبل نشأة آدم

والكون لم تفتح له أغلاق ...

بثناك قد شهدت ملائكة السما ... والله قد صلى عليك وسلما

يا مجتبى ومعظماً ومكرماً ... أيروم مخلوق ثناءك بعدما

أثنى على أخلاقك الخلاق

 

167

وما أحسن قول لسان الدين - رحمه الله تعالى - بعدما عرف بنفسه وسلفه: وكأني بالحي ممن ذكر قد التحق بالميت، وبالقبر قد استبدل من البيت.

وقال رحمه الله تعالى بعد إيراد جملة من نظمه ما صورته: وقلت والبقاء لله وحده، وبه يختم الهذر (5):

عد عن كيت وكيت ... ما عليها غير ميت

كيف ترج حالة البق ... يا لمصباح وزيت

وسيأتي ذلك، ولقد صدق رحمه الله تعالى، ورقى درجته في الجنة.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ترجمة ابن الجوزي في وفيات الأعيان 2: 321 وذيل أبي شامة: 21 وهذه النتف التي أوردها المقري مأخوذة من الثاني.

(2) الأبيات لذي الرمة، ديوانه: 352.

(3) انظر أزهار الرياض 1: 271.

(4) أزهار الرياض 1: 319 وفيه التخميس التالي أيضا.

(5) أزهار الرياض 1: 313.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.