المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
دين الله ولاية المهدي
2024-11-02
الميثاق على الانبياء الايمان والنصرة
2024-11-02
ما ادعى نبي قط الربوبية
2024-11-02
وقت العشاء
2024-11-02
نوافل شهر رمضان
2024-11-02
مواقيت الصلاة
2024-11-02

افلام المساحيق النقطية
2023-10-04
نهج الخلافة العباسية مع الامام العسكري عليه السلام
21-6-2017
أهمية دراسة أسطح المواد
2023-11-29
Curdlan
26-12-2017
dynamic (adj.)
2023-08-18
قاعدة « إقرار العقلاء »
16-9-2016


التربية الدينية للأطفال  
  
1794   01:59 صباحاً   التاريخ: 2023-10-25
المؤلف : مركز نون للتأليف والترجمة
الكتاب أو المصدر : التربية الأسرية
الجزء والصفحة : ص147ــ161
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-01 866
التاريخ: 2023-04-29 1424
التاريخ: 8-5-2018 2023
التاريخ: 2023-04-26 1660

يولد البشر على فطرة الدين والتوحيد، وقد أودِعت معرفة الله في أعماق وجودهم(1). وعلى هذا الأساس، كل الأطفال الذين تلدهم أمهاتهم تختزن فطرتهم أصول الدين الكلية والأخلاق. وتساهم عملية التربية في تنمية الاستعدادات الفطرية والطبيعية لديهم.

ووفقا للتعاليم الدينية، فإن مرحلة الطفولة هي الزمان الأفضل لتربية الأبناء؛ لأن قلب الطفل كالأرض الخصبة مستعدٌ لقبول اي نوع من التربية.

فعن الإمام علي (عليه السلام) في وصيته للحسن (عليه السلام) قال: (إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل إن يقسو قلبك، ويشتغل لبك...)(2).

وتشمل مرحلة الطفولة عادة مرحلة الولادة وحتى عمر 12—13، وترتبط التربية الدينية للأطفال بنوعين من الرعاية:

الرعاية في مرحلة مأ قبل الولادة

يوجد مجموعة من العوامل التي تؤثر في بناء شخصية الإنسان قبل الولادة؛ من قبيل التغذية، وحليب الأم، وروحية الوالدين، وأوضاع فترة الحمل، وانعقاد النطفة، وأمثالها.

وأهل المعرفة وأصحاب القِيَم يراعون هذه المسائل ودقائق الأفعال؛ من أجل إنجاب نسل صالح.

ونحن نطالع في السيرة الذاتية للعديد من عظماء الدين او شهداء الإسلام، ونسمع ان امهاتهم في فترتي الحمل والرضاعة، كن دوما مراعيات لحالاتهن الروحية؛ فكن

يرضعنهم وهن على وضوء؛ ويتناولن الغذاء الحلال؛ ولا يشاركن في اي مجلس...

فما تسمعه الأم في فترة الحمل او أثناء الرضاعة (سواء اكان غناء ام قرآن)، او ما

تشاهده من افلام او صور، وطبيعة الجلسات التي تشارك فيها او الاشخاص الذين تعاشرهم؛ لها تأثير مهم في تكوين الشخصية المعنوية للولد. وفي ما يلي نذكر بعض الأمور المهمة التي ينبغي مراعاتها والعمل عليها في المرحلة التي تسبق الحمل وعملية الولادة، منها:

1- اختيار الزوجة والزوج:

راعى الإسلام في تعليماته مسألة اختيار الزوجة من الجانبين الوراثي الذي انحدرت منه المرأة، والاجتماعي الذي عاشته ومدى انعكاسه على سلوكها وسيرتها. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (اختاروا لنطفكم؛ فان الخال أحد الضجيعين)(3).

فالرسول (صلى الله عليه وآله) يؤكد على اختيار الزوجة من الأسَر التي تحمل الصفات النبيلة؛ لتأثير الوراثة على تكوين المرأة، وعلى تكوين الطفل الذي تلده، وكانت سيرته (صلى الله عليه وآله) وسيرة أهل بيته (عليهم السلام) قائمة على هذا الأساس كما لا يخفى. فحذر من الزواج من الحسناء المترعرعة في منبت السوء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إياكم وخضراء الدمن. قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء)(4).

وأكدت الروايات على ان يكون التدين مقياسا لاختيار الزوجة، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يشجع على ذلك، ويقدم التدين على الجمال والمال، عن الإمام ابي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من تزوج امرأة لا يتوجها إلا لجمالها؛ لم ير فيها ما يحب، ومن تزوجها لمالها لا يتزوجها إلا له وكله الله إليه؛ فعليكم بذات الدين)(5).

وللآب الدور الأكبر في تنشئة الأطفال وإعدادهم نفسا وروحيا، ولذا أكد الإسلام في أول المراحل على اختياره؛ طبقا للموازين الإسلامية التي يُراعى فيها الوراثة والمحيط الذي ترعرع فيه، وما يتصف به من صفات نبيلة وصالحة؛ لأنه القدوة الذي يقتدي به الأطفال، وتنعكس صفاته وأخلاقه عليهم، إضافة الى اكتساب الزوجة (الأم) بعض صفاته وأخلاقه من خلال المعايشة المستمرة والمعاشرة. وقد أكد الإمام الصادق (عليه السلام) على اختيار الزوج الكفء، وعرفه بقوله (عليه السلام): (الكفء أن يكون عفيفا، وعنده يسار)(6).

والكفء هو الذي ينحدر من سلالة صالحة وذو دين، وخُلق سام.

وحذر الإمام الصادق (عليه السلام) من تزويج الرجل المريض نفسيا، فقال: (تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم؛ لأن المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه)(7).

بل جعل الإسلام التدين مقياسا في اختيار الزوج، فعن الإمام علي (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا جاءكم من ترضعون خلقه ودينه فزوجوه. قلت: يا رسول الله، وان كان دنيًّا في نسبه؟ قال: اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)(8).

2- الدعاء والتضرع:

في أول خطوات العلاقة والاتصال بين الزوج والزوجة؛ وهي ليلة الزفاف، أمر الإسلام بالتقيّد بالقيم الربانية؛ لكي لا تكون العلاقة علاقة بهيمية جسدية فقط، وأول هـذه القيم هي استحباب الصلاة ركعتين لكل منهما، وحمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على رسول الله وآله، ثم الدعاء بإدامة الحب والود: (اللهم ارزقني إلفها وودها ورضاها بي، وارضني بها، واجمع بيننا بأحسن اجتماع وايسر ائتلاف، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام)(9).

والالتزام بذلك يخلق جوا من الاطمئنان والاستقرار والهدوء في أول خطوات اللقاء،

ولا يبقى لقلق الزوجة واضطرابها مجالا؛ فتكون ليلة الزفاف ليلة أنس وحب وود.

ويستمر الدعاء عند الخطوة الثانية؛ وهي مرحلة المباشرة، فيستحب ان يضع يده على ناصيتها مستقبل القبلة، ويقول: (اللهم على كتابك تزوجتها، وفي امانتك اخذتها، وبكلماتك استحللت فرجها، فان قضيت في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا، ولا تجعله شعرك شيطان)(10)، وأفضل الذكر في أول المباشرة: (بسم اهلل الرحمن الرحيم)(11).

ومن المسائل الأخرى المهمة جدا ـ والتي لها تأثير كبيرٌ في تربية الأطفال دينيا في مرحلة ما قبل الولادة ـ الدعاء، والتضرع، وطلب الولد الصالح من الله. روي عن الإمام علي (عليه السلام): (ما سألت ربي أولاداً نُضُر الوجه، ولا سألته ولداً حسنَ القامة، ولكن سألت ربي أولاداً مطيعين لله، وَجِلين منه، حتى إذا نظرتُ اليه وهو مطيع لله قُرت عيني)(12).

وعن الإمام السجاد (عليه السلام) - أيضا - في دعائه لولده، يطلب من الله أولاداً مؤمنين صالحين ومن أهل المعنويات، فيقول: (واجعلهم أبراراً أتقياء بُصَراء سامعين مطيعين لك ولأوليائك، محبين مناصحين، ولجميع أعدائك معاندين ومُبغضين)(13).

3- مراعاة الضوابط والمستحبات الشرعية للحمل:

من أجل ضمان سلامة الجنين الجسدية والنفسية وضع الإسلام برنامجا سهلا يسيراً لا كلفة فيه ولا عسر ولا شدة. فقد أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمنع الزوجة في اسبوعها الأول من (الألبان والخل والكزبرة والتفاح الحامض)؛ لتأثير هذه المواد على تأخر الإنجاب، واضطرابه، وعسر الولادة، والإصابة ببعض الأمراض التي تؤثر سلبا على الحمل وعلى الوليد(14).

وقد أوصى أهل البيت (عليهم السلام) بآداب للخلوة بالمرآة مطلقاً، وهي بين مستحب ومكروه. قال السيد الخميني قدس سره: يكره الجماع في ليلة خسوف القمر، ويوم كسوف الشمس، ويوم هبوب الريح السوداء والصفراء والزلزلة، وعند غروب الشمس حتى الشفق، وبعد طلوع الفجر الى طلوع الشمس، وفي المحاق، وفي أول ليلة من كل شهر ما عدا شهر رمضان، وفي ليلة النصف من كل شهر، وليلة الاربعاء، وفي ليلتي الأضحى والفطر، ويستحب ليلة الاثنين والثلاثاء والخميس والجمعة ويوم الخميس عند الزوال، ويوم الجمعة بعد العصر، ويكره الجماع في السفر اذا لم يكن معه ماء يغتسل به، والجماع وهو عريان، وعقيب الاحتلام قبل الغسل. نعم لا بأس بان يجامع مرات من غير تخلل الغسل بينها ويكون غسله أخيراً، لكن يستحب غسل الفرج والوضوء عند كل مرة، وان يجامع وعنده من ينظر اليه حتى الصبي والصبية، والجماع مستقبل القبلة ومستدبرها، وفي السفينة، والكلام عند الجماع بغير ذكر الله، والجماع وهو مختضب او هي مختضبة، وعلى الامتلاء من الطعام، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (ثلاث يهدمن البدن وربما قتلن، دخول الحمام على البطنة، والغشيان على الامتلاء، ونكاح

العجائز). ويكره الجماع قائما، وتحت السماء، وتحت الشجرة المثمرة، ويكره ان تكون خرقة الرجل والمرأة واحدة، بل يكون له خرقة ولها خرقة، ولا يمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة، ففي الخبر: (إن ذلك يعقب بينهما العداوة)(15).

4- الاهتمام بغذاء المرأة الحامل:

من الحقائق الثابتة ان صحة الجنين الجسدية تتناسب طرديا مع صحة الام، ومن العوامل المؤثرة في صحة الأم؛ الغذاء. فالضعف الجسدي والأمراض الجسدية والتشوهات في الخلقة يرجع قسم كبير منها إلى سوء التغذية، والعكس صحيح أيضاً.

لذا أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) بالاهتمام بغذاء الحامل، وخصوصا الغذاء الذي له تأثير على الصفات النفسية والروحية للجنين. كالسفرجل - مثالاً -، حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشأنه: (كلوا السفرجل؛ فإنه يجلو البصر، وينبت المودة في القلب، واطعموه حبالاكم فإنه يحسن أولادكم)(16). واللبان - ايضا - الذي ورد بشأنه الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (اطعموا نساءكم الحوامل اللبان، فإنه يزيد في عقل الصبي)(17).

وقال الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام): (أطعموا حبالاكم اللبان، فإن يكن في بطنهن غلام خرج ذكي القلب عالما شجاعا، وان يكن جارية حسن خلقها وخلقها، وعظمت عجيزتها، وحظيت عند زوجها)(18). والتمر - أيضا -، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (اطعموا المرأة في شهرها الذي تلد فيه التمر، فإن ولدها يكون حليما نقيا)(19) وغيرها...

وقد وضع اهل البيت (عليهم السلام) جدولا متكاملاً في أنواع الأغذية المفيدة في صحة الجسم، كما ورد في كتاب الأطعمة والأشربة من الكافي ومكارم الأخلاق؛ كالرمان، والتين، والعنب، والزبيب، والبقول، والسلق، والفواكه الأخرى، وكذلك اللحم، والهريسة، والخضروات.

إضافة الى منعهم من الغذاء المضر على الصحة الجسدية والنفسية، كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، والخمر، وكل ما ورد في القران الكريم والسنة النبوية من الأطعمة والأشربة المحرمة.

5- حسن التعامل مع المرأة الحامل:

حسن التعامل مع المرأة، وخصوصاً الحامل، يجعلها تعيش حياة سعيدة مليئة بالارتياح والاطمئنان والاستقرار النفسي والروحي، فلا يبقى للقلق والاضطراب النفسي موضعا في قلبها وروحها .

قال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (واما حق رعيتك بملك النكاح، فان تعلم أن الله جعلها سكناً ومستراحاً وأنساً وواقية، وكذلك كل واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه، ويعلم ان ذلك نعمة منه عليه، ووجب ان يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها، فإن لها حق الرحمة والمؤانسة، وموضع السكون اليها قضاء اللذة)(20).

وحسن التعامل يكون بالسيرة الحسنة معها، والرفق بها، وإسماعها الكلمات الجميلة، واكرامها، ووضعها بالموضع اللائق بها، واعتبارها شريكة الحياة، وإشباع حاجاتها المادية والروحية، والتعامل معها بوصفها انسانة أكرمها الإسلام، وإشاعة جو المنزل بالسرور والبشاشة والمودة والرحمة، وادخال الفرحة على قلبها، والحفاظ على أسرارها، الى غير ذلك من التعاليم التي أكد عليها الإسلام. ومنها - أيضا - مساعدتها في بعضن شؤون البيت التي لا تستطيع إنجازها لوحدها، والصبر على بعض أخطائها ومساوئها التي لا تؤثر على نهجها الإسلامي، والتفاهم في حل المشكلات اليومية بأسلوب لا يثير غضبها، وتجنب كل ما يؤدي إلى الإضرار بصحتها النفسية؛ كالغيرة في غير مواضعها، والعبوس في وجهها أو ضربها، أو هجرها ، أو التقصير في حقوقها. فاذا حسنت المعاملة معها حَسُنَت حالتها النفسية والروحية، وانعكس ذلك على الجنين بطبيعة الحال. 

الرعاية في مرحلة ما بعد الولادة

وهي المرحلة التي تلي مرحلة الحمل مباشرة، وتشكل اول محيط اجتماعي يحيط بالطفل؛ لأنها الأساس في البناء الجسدي والعقلي والاجتماعي للطفل، ولها تأثيرها الحاسم في تكوين التوازن الانفعالي والنضوج العاطفي، ولذلك ركز المنهج الإسلامي على إبداء عناية خاصة بالطفل في هذه المرحلة، متمثلة بالقيام بالأعمال التالية:

1- رعاية الآداب والسنن الإسلامية:

فقد ورد في الإسلام آداب وسنن لمرحلة ما بعد الولادة، والتي بمراعاتها يحصل الأثر الجيد في تربية الطفل؛ دينيا وأخلاقيا، أهمها:

ـ فرك فم المولود بماء الفرات والتربة الكربلائية: كما ورد في روايات أهل البيت (عليهم السلام) حيث روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال: (ما من احد يشرب من ماء الفرات ويحنّك به إذا ولد إلا احبنا لأن الفرات نهر مؤمن)(21).

ـ وعنه (عليه السلام) أيضا انه قال: (حنكوا أولادكم بتربة الحسين فإنها أمان)(22).

ـ الأذان والإقامة في أذن المولود: جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): (من ولد له مولود فليؤذن في اذنه اليمنى باذان الصلاة، وليقم في اذنه اليسرى، فإنها عصمة من الشيطان الرجيم)(23).

ـ انتخاب اسم حسن للمولود: فالاسم الحسن له تأثير معتبر على شخصية الطفل.

وقد اعتُبر في الروايات الإسلامية ان تسمية الولد باسم حسن من جملة حقوقه على والديه. قيل للإمام الصادق (عليه السلام): (جعلت فداك إنا نسمي بأسمائكم وأسماء آبائكم فينفعنا ذلك؟ فقال أي والله وهل الدين الا الحب)(24).

ـ الختان: يجب ختان الذكور، ويستحب ان يختن الذكر في اليوم السابع. قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): (اختنوا أولادكم لسبعة ايام؛ فانه أطهر وأسرع لنبات اللحم، وان الأرض لتكره بول الأغلف)(25).

ـ العقيقة وحلق الرأس: من مراسيم الولادة العقيقة وهي ذبح شاة في المناسبة، وحلق رأس الطفل، كما جاء في قول الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): (عق عنه، واحلق راسه يوم السابع، وتصدق بوزن شعره فضة، واقطع العقيقة جذاوى، واطبخها، وادع عليها رهطا من المسلمين)(26). فالعقيقة مصداق للصدقة تمنع من البلاء، وتقي الطفل من المخاطر، ولعل فيها آثارا نفسية حسنة للطفل حينما يترعرع ويفهم ان والديه قد اعتنوا به في ولادته، وهي ذكرى حسنة عند من وصلته تلك العقيقة او بعضها.

ـ اختيار مرضعة صالحة لإرضاع المولود: حليب الأم أفضل غذاء للطفل من الناحية العلمية، اضافة الى ان عملية الرضاعة يشعر الطفل من خلالها بالأمان والطمأنينة والرعاية. قال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام): (ما من لبن يرضع به الصبي اعظم بركة عليه من لبن أمه)(27). وفي الحالات الاستثنائية التي تعيق عملية الرضاعة: بسبب قلة حليب الأم، او مرضها، او فقدانها؛ بطلاق او موت، أكد اهل البيت (عليهم السلام) على اختيار المرضعة المناسبة والملائمة ضمن مواصفات معينة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (انظروا من ترضع اولادكم، فان الولد يشب عليه)(28). فالحليب ونوعية المرضعة يؤثر على الطفل؛ من ناحية نموه الجسدي والنفسي. وقد اثبتت التجارب صحة تعاليم اهل البيت (عليهم السلام) في هذا المجال. وهنالك مواصفات عند المرضعة حبّذها اهل البيت (عليهم السلام) في الاختيار.

قال الإمام محمد الباقر (عليه السلام): (استرضع لولدك بلبن الحسان، وإياك والقباح، فإن اللبن قد يعدي)(29).

2- تحقيق الانس والاعتياد قبل سن التكليف:

على الأهل ان يحققوا حالة من الأمن لدى الأطفال؛ بالعبادات، والسلوكيات الدينية. فمشاهدة الآداب الدينية والعبادات، وخاصة الصلاة التي يؤديها الوالدان والإخوة الأكبر سنا بنحو جدي ومنتظم يوميا في الليل والنهار، تنتقش في ذهن الطفل وروحه، وتُظهر لديه نوعا من الأمن الروحي بهذه الأعمال والآداب.

لذلك، عادة ما نرى أن الطفل من عمر السنة الثانية يقلد حركات أمه وابيه في حال الصلاة، ويردد بعض الكلمات والأذكار بنحو متقطع. وإذا ترافقت حركات الطفل هذه مع ملاطفة الوالدين وترغيبهم؛ تزداد رغبته، وتنتقش ذكرى جميلة عنها في ذهنه وروحه. ان هذا التأثر الروحي والخواطر الجميلة لها تأثيرها الكبير على مستقبل الولد وتوجهاته اللاحقة. فهذه الفرص فرص ثمينة لناحية ايجاد الاستعداد الروحي في كيان الطفل بهدف تفتّح الإيمان، ولذا يجب اغتنامها. والوالدان اللذان يُقرّان بأهمية التربية الدينية لأبنائهم، لا ينبغي لهما ابدا ان يُضيّعا هذه الفرصة.

3- التعرف تدريجيا على المسائل الدينية:

ينبغي للأطفال ان يتعرفوا على المسائل الدينية تدريجيا وبهدوء. يقول الإمام الصادق (عليه السلام) في هذا المجال: (إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له سَبعَ مرات قل لا إله الا الله، ثم يترك حتى يتم له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوما، فيقال له: قلن محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبع مرات، ويترك حتى يتم له أربع سنين، ثم يقال له سبع مرات: قل صلى الله على محمد وآل محمد، ثم يترك حتى يتم له خمس سنين ثم يقال له: أيهما يمينك وأيهما شمالك؛ فاذا عرف ذلك حول وجهه الى القبلة ويقال له اسجد، ثم يترك حتى يتم له ست سنين، فإذا تم له ست سنين صلى، وعُلّم الركوع والسجود، حتى يتم له سبع سنين، فإذا تم له سبع سنين قيل له اغسل وجهك وكفيك، فإذا غسلهما قيل له: صل ثم يترك حتى يتم له تسع، فإذا تمت له؛ عُلّم الوضوء وضُرب عليه، وعلم الصلاة وضُرب عليها، فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله لوالديه)(30).

من الواضح ان هذه التوصيات العملية خاصة بالفتيان، والا فالفتيات اللواتي يصلن الى سن التكليف قبل ذلك، ينبغي ان يتعلمن الصلاة قبل بلوغهن تسع سنوات؛ حتى يكون بمقدورهن المداومة عليها. فعندما يبلغن سن التكليف، لا يكون اداء فريضة الصلاة صعبا عليهن.

ان سَوق الأولاد للقيام بهذه التكاليف ينبغي ان يرافقه لطفٌ ومحبة وترغيب، وان لا يطلب منهم تكاليف شاقة وصعبة، لكن في المقابل، لا بد ان يتعاطى الوالدان بجدية؛ حتى لا يظن الولد ان التكاليف الدينية ليست أموراً جدية او ضرورية. فالمطلوب هو ان يجمعا بين هاتين الجنبتين اللتين هما في الظاهر متضادتان، اي يكونا في الوقت ذاته جديين وعطوفين ومحبين حتى يتمكنا من دفع الطفل للقيام بالفرائض الدينية.

وبالنسبة لفريضة الصيام – أيضا - يُتَّبع الخطوات نفسها، حيث من الأفضل ان يتعرف الولد قبل بلوغه سن التكليف تدرجيا على فريضة الصوم، فيهيئ نفسه للالتزام بها بعد سن التكليف. ومن المفيد اتباع بعض الاجراءات لترغيب الاولاد بالصيام؛ من قبيل ايقاظهم لأجل تناول طعام السحور ومنحهم الجوائز. ولقد اثبتت التجربة ان الأولاد عادة - يستمتعون بهذه البرامج، ويُقبلون عليها برغبة.

4- الاهتمام بالمشاعر الدينية وتنميتها:

إضافة إلى ضرورة تعريف الأبناء على المسائل الدينية وتعلم الأحكام الإسلامية، ينبغي للوالدين أن يُخططوا أيضا لتنمية مشاعر أبنائهم الدينية؛ من خلال إيجاد جو معنوي وديني في محيط الأسرة. فالمنزل إذا كان مفعما بالقيم المعنوية، وبالتزام الأب والأم بالقيم الإلهية والتكاليف الدينية وبتنويرهما فضاء البيت بتلاوة القرآن والذكر والمناجاة؛ فإن الأطفال سيتأثرون تلقائيا عند مشاهدة هذه الأجواء المعنوية، وتنمو الميول الدينية لديهم بنحو طبيعي.

كما إن تشجيع الأطفال وحضهم على المشاركة في المجالس والمراسم الدينية تعد من المسائل المفيدة جدا؛ لتنمية مشاعرهم الدينية، لكن مع مراعاة ان لا يفوق هذا النوع من البرامج طاقة الأبناء وقدرة تحملهم، وان لا يجهدهم.

المفاهيم الرئيسة

1- تشمل مرحلة الطفولة – عادة - المرحلة الممتدة من الولادة وحتى عمر 12ــ13، وترتبط التربية الدينية للأطفال بنوعين من الرعاية: الرعاية في مرحلة ما قبل الولادة، والرعاية في مرحلة ما بعد الولادة.

2- دعا الإسلام في تعليماته إلى الاهتمام باختيار الزوجة ومراعاة الجانب الوراثي الذي انحدرت منه المرأة، والجانب الاجتماعي الذي عاشت فيه؛ لما لهما من انعكاس وتأثير على سلوكها وفكرها.

3- دعا الإسلام الى التقيّد بمجموعة من الآداب والسنن الثرعية، من أجل تمهيد الأرضية الصالحة لنشأة الجنين، من قبيل الدعاء، والصلاة، بالإضافة الى مجموعة من المستحبات الشرعية؛ لما لها من تأثير على سلامة الجنين وصحته النفسية والجسدية.

4- في مرحلة الحمل ينبغي الاهتمام بغذاء الأم وصحتها الجسدية والنفسية، من خلال حسن المعاملة، والرفق بها، واكرامها، وتقديم يد العون لها، فاذا حسنت المعاملة معها؛ حسنت حالتها النفسية والروحية، وانعكست بالتالي على الجنين بطبيعة الحال.

5- يوجد مجموعة من الآداب والسنن الشرعية التي ينبغي مراعاتها؛ بعد الولادة كالإقامة والاذان في اذني المولود، وحسن تسميته، وختانه ان كان ذكرا، والعقيقة عنه وغيرها من المستحبات...

6- من المسائل المهمة في التربية: السعي لتحقيق الأنس لدى الأبناء؛ بالعبادات والوظائف الشرعية، عبر مشاهدة الأبناء لوالديهم وهم يؤدون هذه الوظائف، وحث، الأبناء وتشجيعهم وتعويدهم على هذه الواجبات منذ الصغر.

الأم أفضل مدرسة

نحن مكَّفون بالحفاظ على دين الله، بالمحافظة على الأهداف الإلهية، وإنكن ايتها المؤمنات.. ايتها المخدرات من بيوت العلماء والفضلاء: أولى من غيركن بهذا، أنتن من بيت النبوة، وجدير بكن المحافظة على أهداف الإسلام، لقد مدن الله تبارك وتعالى علينا بهذا اللطف، بأن نحافظ مع الله عز وجل على الدين الإسلامي: {حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 64].

ايتها النساء المكرمات: إنكن مسؤولات.. نحن مسؤولون جميعا.. انكن مسؤولات عن تربية الأبناء أنكن مسؤولات عن تربية ابناء متقين في احضانكن ورفد المجتمع بهم.

نحن جميعا مسؤولون عن تربية الأبناء، إلا أن الأبناء يتربون في احضانكن أفضل،

وأحضان الأمهات أفضل مدرسة لتربية الأبناء. أنكن مسؤولات تجاه ابنائكن، كما انكن مسؤولات تجاه بلدكن، وبمقدوركن أن تربين أفرادا يعمرون البلاد.. بإمكانكن تربية أطفال يحفظون ميراث الأنبياء، ويحققون أهدافهم. أنتن أيضا ينبغي أن تحافظن على ميراث الأنبياء وأن تربين محافظين عليه، والمحافظون والحراس هم أبناؤكن، فربوا مثل هؤلاء الأفراد.

ينبغي أن تكون بيوتكن مدارس يتربى فيها الأبناء.. منازلكن منازل العلماء.. مهد التربية العلمية والدينية والتهذيب الأخلاقي. إن الاهتمام بمصير هؤلاء الأطفال يقع على عاتق الآباء والأمهات، ومسؤوليات الأمهات أكثر وأكبر شرفا.. إن شرف الأمومة أكبر من شرف الأبوة، والأم تؤثر في روحية الطفل أكثر من تأثير الأب.

إنكن مسؤولات.. نحن جميعا مسؤولون.. الله تبارك وتعالى حمّلنا المسؤولية جميعا،

اذ قال عز من قائل: {حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فالله تبارك وتعالى جعل المؤمنين بالإسلام والتابعين لرسوله كافين لرسول الله (صلى الله عليه وآله).

انه تكليف عظيم ملقى على عاتق الجميع.. على عاتق ابناء هذه الامة التي تتبع الرسول. يجب ان تكون هذه العلامة: {حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ظاهرة على جباههم ايضا: بأن يذودوا عن دين الله، ويحافظوا على الإسلام وعلى القرآن الكريم.

أحد أعمالكن تربية أبناء صالحين، يجب ان يتربى في أحضان الأمهات إنسان، وهذا يعني أن أولى مراحل التربية تبدأ من أحضان الأم، لأن ارتباط الطفل بأمه أكثر من ارتباطه بأي شيء آخر، وليس هناك رابطة أسمى من رابطة الأمومة والبنوة. الأطفال يتعلمون من الأم بنحو أفضل من غيرها، يتأثرون بالأم لدرجة لا يتأثرون مثلها لا بالأب ولا بالمعلم ولا بالأستاذ، لهذا ينبغي أن تربين أطفالكن تربية إسلامية إنسانية.

____________________________

(1) انظر، بحار الأنوار، ج3، ص281.

(2) م.ن، ج1، ص223.

(3) الكافي، ج5، ص332.

(4) وسائل الشيعة، ج20، ص35.

(5) وسائل الشيعة، ج20، ص50.

(6) الكافي، ج5، ص347.

(7) م.ن، ص348.

(8) وسائل الشيعة، ج20، ص78.

(9) وسائل الشيعة، ج20، ص116.

(10) م.ن، ص113.

(11) من لا يحضره الفقيه، ج3، ص405.

(12) بحار الأنوار، ج101، ص98.

(13) الصحيفة السجادية، الدعاء25.

(14) راجع مكارم الأخلاق، ص209.

(15) تحرير الوسيلة، ج2، ص240.

(16) مكارم الأخلاق، ص172.

(17) بحار الأنوار، ج59، ص294.

(18) م.ن، ج63، ص444.

(19) م.ن، ص141.

(20) بحار الأنوار، ج71، ص14.

(21) بحار الأنوار، ج97، ص230.

(22) م.ن، ج98 ص136. التحنيك بترية الحسين، أو بماء الفرات: إدخال ذلك الى حنكه وهو أعلى الفم.

(23) وسائل الشيعة، ج21، ص406.

(24) بحار الأنوار، ج101، ص130.

(25) الكافي، ج6، ص،34.

(26) م.ن، ص34.

(27) م.ن، ص40.

(28) م.ن، ص44.

(29) وسائل الشيعة، ج15، ص185.

(30) وسائل الشيعة، ج21، ص474. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.