أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-1-2016
1820
التاريخ: 1-2-2023
1106
التاريخ: 3-6-2020
1880
التاريخ: 16-1-2018
1761
|
«ينبغي على الآباء والأمهات أن يدركوا ما يتوجب عليهم من مسؤوليات تجاه أبنائهم ويتعلموها بكل شوق ولهفة ورحابة صدر، كما ينبغي على الأبناء أن يستقبلوا توجيهات ذويهم ونصائحهم المفيدة برحابة صدر، لأنها حصيلة تجارب طويلة».
«وإذا ما سعى الآباء والأمهات والأبناء إلى تقييم ومعرفة أفكار وأحاسيس ورغبات بعضهم البعض الآخر، لترسخت الثقة في نفوسهم جميعا تجاه بعضهم البعض الآخر، وفي مثل هذه الحالة لن يلجأ الآباء والأمهات إلى مضايقة أبنائهم دون سبب وانتقادهم على أبسط الأمور، ولن يتوقعوا من مخلوق لم يكتمل نموه بعد وما زال يعيش في كنفهم أكثر من طاقته ، والأبناء بدورهم سيتقبلون بعض القيود، ويعملون بنصائح وتوجيهات والديهم»(1).
معارضة دون وعي:
من المؤسف أن بعض الآباء والأمهات غير المثقفين يعمدون دون وعي إلى معارضة حقوق أبنائهم الطبيعية في تحقيق الاستقلال الذاتي والتحرر ، ويعتبرون أن هذه الرغبة الفطرية الكامنة في أعماق أبنائهم ، هي وليدة غرورهم ووقاحتهم وأنانيتهم ، ونتيجة لذلك تظهر بوادر الخصام والتحدي في محيط أسرهم ، لتبدد حرارة الود والحنان والألفة التي كانوا ينعمون بها ، وربما دفعت بالفتيان إلى التمرد والعصيان وبالتالي إلى الإثم والرذيلة.
«بعض الآباء والأمهات ممن يمتلكون نوايا حسنة لكنهم لا يستطيعون إدراك نفسيات أبنائهم وحاجاتهم ، غالباً ما يقعون في نفس الأخطاء التربوية التي ارتكبها آباؤهم وأمهاتهم تجاههم.
فهم قد نسوا المشاكل والصعاب التي اعترضتهم في فترة شبابهم ، ولا يعلمون أن أسلوبهم الخاطئ في التفكير وما يعانونه من نقص معنوي وأخلاقي ، إنما هو ناجم عن تربية آبائهم وأمهاتهم لهم ، إذ قد يكونون من أصحاب النوايا الحسنة ، لكنهم مارسوا عن جهالة قساوة دون مبرر بحق أبنائهم . مثل هؤلاء الآباء والأمهات قد يسألون أنفسهم ، لماذا يفر ابناؤنا منا وينفرون ؟ ، ولماذا لا يستشيروننا في اي عمل يُقدمون عليه؟ »(2) .
(خلال فترة البلوغ ، يتغير مركز الإحساس بالمحبة ، ولا يشكل الإحساس بالمحبة تجاه الأسرة إلا جزءاً يسيراً من احاسيس الفتى . وأحياناً تولد ازمات في العلاقة بين الأب والابن تؤدي إلى نوع من الفتور والنفور ، وخاصة عند أصحاب الطبائع المتمردة من الفتيان في مواجهة آباء وأمهات مستبدين او ضعفاء. وأحياناً أخرى يسيطر نوع آخر من الأحاسيس، ألا وهو حس العداء والخصومة الذي قد يطيح بالعلاقات الأسروية، حيث يبدأ الفتى بالتمرد والعصيان ثم بالفرار من بيت الأبوة والأمومة بعد ان يستخدم رذائل الكلام لينتهي إلى الهجران الأبدي)(3).
وينشأ الجدال بين الأبوين وآبنهما أحياناً نتيجة غرور الأخير واستبداده برأيه . ومن هنا يأتي استعداد الأبوين لمنح آبنهما حريته واستقلاله ضمن حدود المصلحة الأسروية ، ولكن الفتى الجاهل والمتطرف هو من لا يقنع بهذه الحدود ، ولا يأبه لمصلحته ، فيهين أبويه ويستهين بنصائحهما ، وهكذا فتى يكون مصيره الشقاء والتعاسة ، لأنه سيعود على نفسه وأسرته بمشاكل عضال بسبب طيشه ورعونته .
هنا عزيزي القارئ سنعود ثانية إلى جانب آخر من التعاليم الإسلامية السامية وجزء يسير من التحقيقات العلمية التي سجلها بعض من كبار العلماء والمفكرين ، مساهمة منا في مساعدة الآباء والأمهات على كيفية تقييم الوضع النفسي لأبنائهم، ومعرفة ما يترتب عليهم من واجبات في ضوء التعاليم الدينية والطرق العلمية ، وحثهم على تجنب ممارسة القساوة دون مبرر بحق أبنائهم ، وإرضاء الرغبة في التحرر والاستقلال لديهم وفق المعايير الصحيحة ، وكذلك لتعريف الفتى على حدود مصلحته ، وتحذيره من استغلال قوة شبابه وفتوته في الطرق غير المشروعة.
الحقيقة الساطعة :
إن الحقيقة الاولى التي ينبغي على الآباء والأمهات ان يتقبلوها وهي حقيقة ساطعة لا غبار عليها، هي أن الحالة الجسمية والنفسية الطبيعية للطفل، تتأثر بتفاعلات البلوغ واضطراباته، فالبلوغ الذي يعتبر الحد الفاصل بين مرحلتي الطفولة والشباب، يمنح الفتى شخصية جديدة. وعلى الأبوين أن يعلما أن فتى اليوم ليس طفل الأمس، لذا يتوجب عليهما أن لا ينظرا إلى ابنهما البالغ نظرة الأمس ولا يتصرفا معه تصرف العهد الذي ولى مع عهد الطفولة.
لقد أوجز الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) الحالة النفسية للإنسان الطفل والفتى والشاب في جملة واحدة لكنها معبرة بمفاهيمها ومعانيها ، فهي توضح قيمة شخصية الفتى ومسؤولية الآباء والأمهات تجاه أبنائهم .
قال النبي (صلى الله عليه وآله) : الولد سيد سبع بنين وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين(4).
مرحلة ما قبل البلوغ :
يستأثر الطفل في السنين السبع الأوائل من عمره بعطف وحنان أبويه ورأفتهما به وذلك بسبب صغر سنه وضعف حاله وقصر فكره، فيكون فيها سيداً عليهما، يحققان له رغباته ويستجيبان لمطاليبه ويسعيان قدر الإمكان لئلا يجرحا شعوره ، ومن هنا جاء وصف الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) للسبع الأوائل من عمر الطفل بأنها فترة السيادة .
وفي السنين السبع الثانية لم يعد الطفل الذي يشتد عوده وتزداد قوته إلى حد ما يستأثر بعطف أبويه ورأفتهما به كما في السابق. فهو بات يميز نسبيا بين الحسن والسيء ، لذا فهو يحاسب على سلوكه وتصرفاته ، ولكن بما أن عقله لم يكمل نضوجه بعد ، ولم يستطع تحديد مصلحته بشكل جيد ، فسيفرض أبواه الواجبات عليه ويلزمانه بتنفيذها مع عم السماح له بإبداء رأيه في شؤون الحياة ، وهنا يرى الطفل نفسه ملزماً بتنفيذ الأوامر وإطاعة أبويه دون أدنى اعتراض ، وهذا ما دفع بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إلى وصف السبع الثانية من عمر الطفل بأنها فترة الطاعة.
أما السنوات السبع الثالثة التي تبدأ من سن الـ15 ، فهي تشتمل على مرحلة البلوغ والشباب. ففي هذه المرحلة تطرأ تحولات سريعة على جسم الفتى وعقله وسرعان ما يحصل تغيير جذري على تركيبته الجسمانية والنفسية. وقد أوضح الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) القيمة المعنوية لشخصية الفتى الجديدة عندما وصف السنوات السبع الثالثة من عمر الإنسان بأنها فترة الوزارة .
تقبل المسؤولية:
إن كلمة وزير تحمل معاني متعددة، وهي تطلق على من يتحمل أعباء ثقيلة ويتقبل مسؤولية مهمة في إدارة البلاد، والطفل لا يتحمل وهو يعيش في كنف أبويه قبل فترة البلوغ أية مسؤولية ، لكنه عندما يبلغ ويعرف معنى المسؤولية يحاسب على كل صغيرة وكبيرة تصدر منه.
وكلمة وزارة تعني لغة العون والمساعدة ، وتعني أيضاً المساهمة الفكرية والتعاون في تدبير الأمور وتسيير المصلحة. ومن هنا يتوجب على الفتى أن يكون مساعداً لأبويه في محيط الأسرة ، ومعيناً لهما في شؤون الحياة عن طريق تبادل الآراء والأفكار معهما.
ويبدو أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أراد بعبارته القصيرة المجملة أن يصور لامته البيت وكأنه بلاد صغيرة يديرها مجلس حكومي يضم في عضويته الأب والأم ، فلا يحق للأبناء المشاركة في القرارات الأساسية ما داموا صغاراً لم يكتمل نموهم العقلي بعد ، ومسؤوليتهم الوحيدة هي إطاعة أوامر الآباء والأمهات ، ولكنهم عندما يبلغون يتوجب عليهم تحمل جانب من مسؤولية إدارة هذه البلاد ، وعليهم أن يلتحقوا بصفة وزير بالمجلس الحكومي الأعلى لهذه البلاد، ويشاركوا في الاجتماعات وتبادل الآراء والأفكار، لكي ينالوا ثقة المجلس الحاكم .
كما خص الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) الفتى بكلمة وزير ليظهر أهمية تقديره واحترام شخصيته. وهنا يأتي دور الأبوين ، فإذا ما وافقا على عضوية ابنهما الفتى في مجلس إدارة الأسرة ، وفسحا المجال أمامه للمشاركة في الاستشارات والاجتماعات وتبادل الآراء ، فإنهما يكونان قد احترما شخصيته المعنوية ، وأشبعا رغبته في الحصول على تقدير واحترام الآخرين له .
____________________________
(1) النمو والحياة، ص 163 .
(2) نفس المصدر، ص12.
(3) ماذا اعرف ؟ ، البلوغ ص 81 .
(4) مكارم الأخلاق ، ص 15.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|