إن الارتياب على ما يبدو سمة أساسية متأصلة في أعماق العالم الصغير، وليس نتيجة لقصورنا في ملاحظة حركية وطبيعة الجسيمات الذرية، إن الأمر ليس مجرد أننا لا نستطيع أن نعرف ما ينوي الإلكترون فعله، بل وببساطة، أن الإلكترون لا يمتلك موضعاً وحركة محددين تماماً في آن واحد، إنه كيان لاحتمي بالفطرة ⁹⁶، فالنظريات الفيزيائية المعاصرة أفرزت عدداً من الأفكار العجيبة والعشوائية بحيث تصبح الذرات والجسيمات معلقة في حالة من اللاحقيقة والحيرة حتى إن بعض الباحثين يقول: (فالذرات حائرة بين العديد من العوالم، لا تدري إلى أيها تنضم)، ⁹⁷ (إن خاصية الارتياب المتأصلة في الطبيعة ليست مقتصرة على المادة فقط، بل تتعداها لتحكم أيضاً بنية الزمان والمكان، وعلى غرار البنية الصغرية للمادة، الحركة العشوائية للزمان والمكان في سلم الصغريات المجهرية يمكن أن تمزقهما لتحيلهما إلى ما يشبه الزبد والرغوة المليئين بالثقوب والجسور) ⁹⁸.

فنحن نلاحظ عمق التناقض والغموض في هذه الأقوال والمفاهيم، فما هي عشوائية الزمن؟ وكيف يتمزق ويتحول إلى زبد ورغوة مليئة بالثقوب والجسور؟

_____________________________________________

هوامش

96– العوالم الأخرى، صورة الكون والوجود والعقل والمادة والزمن في الفيزياء الحديثة، بول ديفيس، م.ن (مصدر نفسه) الفوضى في العالم دون الذري، ص 73.

97– العوالم الأخرى، صورة الكون والوجود والعقل والمادة والزمن في الفيزياء الحديثة، بول ديفيس، م.ن، ص 19.

98– العوالم الأخرى، صورة الكون والوجود والعقل والمادة والزمن في الفيزياء الحديثة، بول ديفيس، م.ن، ص 21.