تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
ميكانيكا الكم والميكانيكا الموجية
المؤلف: ب . جوردان
المصدر: فيزياء القرن العشرين
الجزء والصفحة: ص 107
17-5-2016
4969
ميكانيكا الكم والميكانيكا الموجية
نظراً للإخفاق في التسلح بالوسائل الرياضية القوية مررنا مرور الكرام على مجالات البحث الفيزيائي دون تكوين صور للحوادث لمتابعة المشاكل الاستراتيجية والفنية متابعة جدية ، وكذلك بالنسبة لمجالات المعرفة المتنوعة جميلة المحتوى . كما ان غض الطرف عن انتصارات البنيات الفكرية على مفارقات وصعوبات التجارب الفيزيائية للكم أمر يتطلب قراراً أقوى . وفي هذا المقام لن نشرح الدليل العملي لمحتوى نظرية الكم الحديثة بقوانينها الرياضية بل نكتفي بتلميح بوضح الطبيعة الفلسفية المنطقية لهذه النظرية ، ومع ذلك فإن لدى المؤلف الحريص على تيسير الأمور للقارئ تحفظاً خاصاً .
ولندرس باختصار التطور التاريخي لنظرية الكم الحديثة . لقد تمخضت الدراسات في مجال الأطياف الذرية atomic spectra (ومناسب الطاقة) عن أبحاث فيزيائية زاخرة بمختلف المشاكل من خلال توضيحات تدريجية ساعدت الفيزيائيين على تكوين صورة لاطرادات فيزياء الكم . ولعل الرائد في هذا المجال هو نيلز بور الذي بدأ هذا التطور عام 1913 .
ودون الدخول في تفصيلات سوف ندرس (مبدأ التناظر correspondence principle) الذي قدمه بور وهو مبدأ يختلف تماماً في طبيعته عن مبادئ الطاقة والنسبية دون تعارض معها باعتبارها من القوانين الطبيعية الكاملة واضحة المحتوى قليلة الكلمات ، ولكنه يحمل في طياته صعوبات غريبة إذ لا يمكن التعبير عن مضمونه إلا تلميحاً أو من خلال أمثلة فريدة . كما أنه ليس قانون طبيعة كاملاً واضحاً بقدر ما يشير الى الاتجاه الذي من خلاله يتم البحث عن حل لمشكلة الكم في اطار فكر بور برغبته في توجيه دفة التفكير لدى الباحثين في مجال الكم . بات واضحاً من خلال دراستنا لتاريخ نظرية الكم أن الاكتشافات العظيمة ليست فقط حاسمة لتطور معارفنا ، بل الأهم من ذلك أنها تغير موقفنا المعنوي تجاه المشاكل في ظل ظروف محدودة إذ لا يتطور الفكر الفيزيائي فقط من خلال ربط النتائج المتراكمة للمشاهدات المستقلة ومعالجتها منطقياً تماماً ، ولكن أيضاً من خلال تكوين فكر جديد جرئ يعتمد أساساً على خيال خلاق أساسه فروض معنوية ضرورية الى جانب موقفنا الحدسي حيال هذه الامور . ولا يمكن اسهام بور التاريخي فقط في اكتشافاته الرائدة الفريدة التي اثري من خلالها نظرية الكم بل ويمكن أيضاً في الجهد الخارق الذي بذله من أجل توفير (جو – مناخ atmosphere) معنوي جديد – بدأ من خلال التدرج في توضيح المشاكل والتمييز بين الأساسي منها وغير الأساسي الى جانب إمكانية توفير الضوابط الفعالة لحلها . وليس معنى مبدأ التناظر تاريخياً محضاً ، بل هو اليوم أمر ضروري يعلمنا النظرة الصحيحة لمعارف نظرية الكم الحديثة .
إن الفرق بين نظرية الكم والفيزياء الكلاسيكية عميق الجذور لدرجة جعلت كثيراً من الفيزيائيين يميلون الى اعتبار الفيزياء الكلاسيكية عديمة الجدوى تماماً لمفهوم الفيزياء الذرية ، في محاولة لتقديم أفكار جديدة ولكنها غير مألوفة . أما بور – وهذا ما يتضمنه مبدأ التناظر – فقد بين بقوة ان في جميع المشاكل المستقلة تشابهاً كبيراً بين النظرية الكلاسيكية ونظرية الكم رغم ما بينهما من فرق جوهري . وفيما يلي مثال تقريبي : تتنبأ الفيزياء الكلاسيكية بأن الذرات المكونة من جسيمات مشحونة بالكهرباء لابد وأن تبث الضوء من خلال حركات داخلية . وهذا التنبؤ صحيح ، فالعمليات الأولية لانبعاث الضوء تحدث بصورة مختلفة تماماً في حالة الهوائيات الماكروسكوبية ولكن الحقيقة هي أن التوقع الجوهري قد تحقق . ويعد هذا مثالاً للعلاقة الوثيقة بين الفيزياء الكلاسيكية ونظرية الكم رغم ما بينهما من فرق جوهري . وفيما يلي مثال تقريبي : تتنبأ الفيزياء الكلاسيكية بأن الذرات المكونة من جسيمات مشحونة بالكهرباء لابد وأن تبث الضوء من خلال حركات داخلية . وهذا التنبؤ صحيح ، فالعمليات الأولية لانبعاث الضوء تحدث بصورة مختلفة تماماً في حالة الهوائيات الماكروسكوبية ولكن الحقيقة هي أن التوقع الجوهري قد تحقق . ويعد هذا مثالاً للعلاقة الوثيقة بين الفيزياء الكلاسيكية ونظرية الكم رغم اتساع الهوة بينهما .
وهناك أمثلة اخرى اكثر دقة لهذه العلاقة . لقد علمنا بور التدريج أن ننظر الى العلاقات ذات الأصل الواحد بحيث يمكن الكشف عنها في كل مشكلة على حدة بتحليل أكثر دقة .
ورغم ذلك ، ففي ظل تأكيد بور على أوجه الشبه بين النظرية الكلاسيكية ونظرية الكم هناك ما يوضح بصورة قاطعة استقلال الثانية عن الأولى . ولأننا تعلمنا أن (نفهم) مختلف المشاكل الفيزيائية الكمية بصورة مستقلة على نحو أفضل بكشف النقاب عن العلاقات ذات الاصل الواحد (وفي اطار التناظر) فسوف نحصل تدريجياً على أحد تصورات فيزياء الكم والمطبقة في النظرية الكلاسيكية ولكن بصورة مستقلة لما يوجد بينهما من فروق جوهرية . ويعد هذا الكشف تحدياً جذرياً للمحاولات المتقطعة والمتكررة عبر التطور التاريخي من أجل (تفسير) ظواهر الكم المميزة وتحويلها الى أفكار خاضعة أكثر للفيزياء الكلاسيكية .
ومع تقدم هذا التطور بات واضحاً أي المشاكل عامة ينبغي حلها في إطار نظرية الكم بصورة منطقية فعالة . وفي هذا المقام ينبغي أن نذكر بنظرة الوضعي positivist بصورة جادة . إن الهدف من وراء المفهوم العقلي للظواهر الكمية يجب أن يشمل وصفاً للحقائق التجريبية نفسها والمتضمنة هنا على هذا النحو : أي ذرة محددة ذات عدد ذري لها من واقع التجربة مناسيب طاقة معينة . واول مشكلة تظهر هي كيف يتسنى لمواضع جميع مناسيب الطاقة هذه ( لأي ذرة وكذلك للجزيئات ) ان تتحدد ويتم حسابها وفق المبادئ النظرية العامة ؟ واكثر من ذلك نجد " احتمالات الانتقال transition probabilities " لهذه الذرات ، فعندما تتواجد ذرة ما في حالة غنية بالطاقة فإنها بعد فترة زمنية تتعرض الى انتقال كمي يجعلها تهبط الى منسوب طاقة اقل بينما تنطلق الطاقة المتولدة في صورة كم ضوئي.
لكل ذرة مدى مختلف هذه الاحتمالات طالما لها مناسيب طاقة اقل . وكما في حالة ذرة الراديوم التي سبق وصفها لا يمكن التنبؤ بحالة فردية تقفز عندها الذرة من منسوب طاقة الى اخر ، ولكن التجربة تشير الى وجود احتمالات محددة تماما لمختلف العمليات .فاذا اكتسبت الذرة طاقة ضوئية عندئذ يوجد احتمال محدد لانتقال كمي يصاحبه امتصاص كم ضوء . واذا صدم الكترون سريع ( بحد كاف ) ذرة ما فأنها كما تعلمنا من قبل تحث الى انتقال كمي . واذا اصطدمت هذه الذرة بذرة اخرى ( مماثلة او مختلفة ) يحدث تغير في الطاقة في صورة انتقال كمي آني متبادل .
وبالنسبة لجميع هذه العمليات تسود احتمالات محددة بناء على الخبرة من خلال ظروف التجربة محل الدراسة تقع باختصار تحت مسمى " احتمالات انتقال transition probabilities " وحينئذ تصبح المشكلة " الى جانب التحديد النظري لمناسيب الطاقة " هي قيام نظرية كم متكاملة بإيجاد حل شامل للتحديد النظري لاحتمالات الانتقال .
وفي اطار هذا الاتجاه اخذ هيزنبرج Heisenberg على عاتقه وضع " ميكانيكا الكم quantum mechanics " اعتمادا على ما حققه من نجاح في اطار مبدأ التناظر عند بور . وحقيقة ، قدم التقويم النسقي ( المنطقي ) Systematic (هيزنبرج ) ، بورن Born ، دايراك Dirac ، جوردان Jordan ) حلا للمشكلة صيغ في اطار مبدأ التناظر وكان حلا كاملاً من حيث المبدأ . وبطبيعة الحال يختلف النص الرياضي لهذا الحل الى حد بعيد عن الطرق الرياضية الدقيقة لتصوراتنا الفيزيائية الكلاسيكية . بيد ان هذه الصورة الرياضية لميكانيكا الكم الجديدة كانت مناسبة لمشكلة تحديد احتمالات الانتقال ( على حد صياغتنا لها ) .والى جانب ذلك اضحت ميكانيكا الكم الجديدة هذه تعبر ببراعة عن العلاقة ثنائية الجانب بين نظرية الكم والنظرية الكلاسيكية ، بمعنى وجود اختلاف جوهري بينهما من ناحية ، ووجود علاقة وثيقة بينهما من جهة اخرى.
ويطلق على المناخ الرياضي للتمثيل المستخدم اسم نظرية المصفوفات matrix theory – وهو فرع من الرياضيات يطبقه الرياضيون منذ امد بعيد تطبيقا مجرداً دون وعي لما ينطوي عليه من اهمية بالنسبة الى الفيزياء الذرية atomic physics.
وصلت هذه الدراسات لمرحلة تمهيدية عندما حقق شرودنجر Schrödinger نفس الهدف ولكن بطريقة مختلفة تماما بدأها بأبحاث دي بروي التي فسرت من جديد الحركة المنتظمة في خط مستقيم للجسيم في اطار النظرية الموجية مما أثار تعجبه عن الكيفية التي قدم بها آراء دي بروي للحركات تحت تأثير قوي خارجية . ومن اجل ذلك درس شرودنجر حركة الالكترون تحت تأثير قوة جذب النواة الثقيلة له ، وتوصل بذلك الى الوصف الكمي لسحابة شحنة الالكترون في ذرة الهيدروجين .
ومن خلال حل المشكلة الرياضية الذي صاغه شرودنجر استطاع ان يقدم في نفس الوقت حل مشكلة رياضية اخرى مختلفة تماما كما كانت تبدو ، ومعبراً عنها في اطار ميكانيكا الكم في صورة نظرية المصفوفات .وبذلك عند حل مسألة رياضية بواسطة الميكانيكا الموجية لشرودنجر فان "تحويلاً رياضياً mathematical conversion " يقدم حلا في اطار " ميكانيكا الكم " لنفس هذه المسألة . وهذه الرابطة الرياضية بين النظريتين اللتين تؤديان لنفس النتيجة رغم اختلافهما تماما مما يبدو من اول وهلة أمرا غريبا جداً ، هذه الرابطة قدمت . القاعدة الراسخة للتفسير الفيزيائي المجرد لموجات شرودنجر . وقد يبدو من النظرة الاولى ان اكتشاف الميكانيكا الموجية قد خفف من حدة التناقص بين نظرية الكم والنظرية الكلاسيكية اذ نتعامل مع موجات متفقة نوعا ما مع الافكار الكلاسيكية بدلا من تصورات غير كلاسيكية لاحتمالات الانتقال الخ . ومع ذلك يعد ما تعلمناه بشأن الضوء امراً حقيقيا ، فالنظرية الموجية الكلاسيكية ليست نهاية المطاف ، ولا تعني الميكانيكا الموجية بأي حال زوال او تخفيف تأثير الخصائص الجوهرية غير الكلاسيكية لفيزياء الكم . وايضا بالنسبة للذرات التي لا تشمل اكثر من الكترون واحد ( اي بالنسبة لجميع الذرات ماعدا ذرة الهيدروجين ) فإن الميكانيكا الموجية لدى شرودنجر تتخذ صورة مجردة الى حد بعيد فلا تكون عندئذ موجات شرودنجر موجات في فضاء معتاد ذي ثلاثة ابعاد وانما هي ببساطة بناء رياضي يستطيع علماء الرياضيات " شرحه " لأنفسهم كموجات في فضاء له اكثر من ثلاثة ابعاد .
هذا الفضاء الغريب متعدد الابعاد multidimensional يمكن تجنبه بمنهج تمثيلي آخر ( مكافئ رياضياً ) كان بناؤه هواية لدى المؤلف ، وفيه (" التكمية الثانية Second quantization " ) وثيقة الصلة على وجه الخصوص بالثنائية الاساسية للموجات – جسيمات وفيها تنتشر الموجات المعنية في الفضاء المعتاد ثلاثي الابعاد ولكن لا يمكن وصفها الا في اطار افكار ميكانيكا الكم.
لم تظل الطبيعة المجردة لهذه النظريات خافية على القارئ حتى بهذا الشرح السريع وقد يسرت عدداً من التطبيقات الخاصة المتعلقة بمشاكل الفيزياء الذرية . وتثبت تماما صحة النظرية الجديدة التي ايدتها بلا استثناء النتائج العملية في شتى المجالات ، ويبدو انه لا نهاية لمزيد من التعقيد للمشاكل الخاصة في ضوء هذه المبادئ . ويمكن صياغة النتيجة الاساسية على النحو التالي : يمكننا حاليا فهم جميع الظواهر التي تحدث في القشرات الالكترونية electron shells أو بالقرب منها ، ولذا فان جميع العمليات الاولية التي تعد اساس عمليات الطيف او العمليات الكيميائية يمكن تحديدها بوضوح شأنها في ذلك شأن حركات نظم الكواكب منذ عصر نيوتن ، أما فيزياء الحوادث الداخلية في نوى الذرات فستبقى حاليا المجال الاوحد للاستكشاف الجزئي .
المهم لدينا فهم ما تنطوي عليه فلسفة هذه الافكار الجديدة . وندين بالشكر خاصة لكل من بور وهايزنبرج لما قدماه من شرح فلسفي معرفي لمقاصد النظريات الجديدة بفضل الفهم الشامل المبكر لقوانين الكم في ظل ما يسمى " نظرية التحول الاحصائي statistical transformation theory " ( دايراك وجوردان ).