أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-03
![]()
التاريخ: 2023-10-22
![]()
التاريخ: 2024-09-21
![]()
التاريخ: 2024-08-03
![]() |
ولم ينتظر الآفار والصقالبة نهايةَ الحرب الفارسية ليقوموا بغاراتهم في البلقان، ولكن خلفاء يوستنيانوس آثروا قبل التصدِّي لهم أن يفرغوا من المشكلة الفارسية؛ وذلك لأسبابٍ أَهَمُّها أن المناطق موضوع النزاع بينهم وبين فارس كانت آهلةً بشعوب قوية شديدة، يمكن الاعتماد عليها لتغذية الجيش بالرجال، ثم إن التغلُّب على فارس كان ضروريًّا لإضعاف معنويات من قال بالطبيعة الواحدة مِنْ سُكَّان أرمينية وسورية، ولإرجاعهم إلى أحضان الكنيسة الأم وتوحيد الكلمة في داخل الإمبراطورية. وهكذا نرى يوستينوس الثاني يبتاع سكوت الآفار في السنة 571، ونرى طيباريوس — طلبًا للغاية نفسها — يدفع في السنة 574 ــ 575 قدرًا كبيرًا من المال — ثمانين ألف صلدة ذهبية — وفي السنة 580 هبَّ عددٌ كبيرٌ من الصقالبة قدَّره مينانذر من مؤرخي ذلك العصر بمائة ألف رجل، فعبروا الدانوب وغمروا البلقان غمرًا مخرِّبين محرقين ناهبين (1)، ويرى أهل الاختصاص أن هذه الموجة الكبرى كانت أشد أثرًا من أي موجة أخرى في تطور تاريخ الروم؛ لأنها أبقت في البلقان عددًا كبيرًا من الصقالبة فصقلبته منذ ذلك الحين (2). وحُلت المشكلة الفارسية في السنة 591 حلًّا نهائيًّا، وعاد جيش الروم منتصرًا قويًّا، فتغير الموقف في البلقان تغييرًا أساسيًّا، وشن موريقيوس على الآفار والصقالبة حربًا متواصلةً عنيفةً، ورغب في أن يتسلم القيادة بنفسه، وكاد يفعل، لولا تَدَخُّل الحاشية، فعهد بالأمر إلى بريسقوس القائد، وكتب النجاح لبريسقوس فأبعد البرابرة حتى ضفة الدانوب، ثم عبره وحاربهم في ذاقية، وعاد خاقان الآفار فدفع بمائة ألفٍ أُخرى من الصقالبة عبر الدانوب، فتدفقوا جنوبًا حتى ثيسالونيكية والقسطنطينية، ولم تنجُ الأولى منها إلَّا بأعجوبة (3)، وهرع موريقيوس للدفاع عن العاصمة بنفسه، فجمع المتطوعة من سكانها وألحق بهم الحرس الإمبراطوري، ودفع بهم جميعًا إلى السور الطويل. وقُدِّر لبريسقوس أن ينتصر في بلغراد في السنة 598 وفي طولي في السنة 599، فتهادن الطرفان سنة 600 جاعلين الدانوب حدًّا فاصلًا بينهما (4)، ثم نشبت الحرب مجددًا في السنة 601 ورجحت كفة بريسقوس فعبر الدانوب غازيًا، وما برح حتى وصل إلى نهر الثيس. وعوَّل الإمبراطور على إبقاء جنوده وراء الدانوب طوال فصل الشتاء، ولكنه فوجئ بِأَنْ تمرَّد بعضهم عليه في السنة 602.
ثورة السنة 602:
تَمَرَّدَ الجندُ في خريف هذه السنة، وعبروا الدانوب بإمرة فوقاس أحد ضباطهم، واتجهوا نحو القسطنطينية، وكانت العاصمة خالية من الجند، فحشد موريقيوس متطوعة من سكان العاصمة ودفع بهم إلى سور ثيودوسيوس، وليته لم يفعل؛ لأن قسمًا كبيرًا من السكان كان قد سئم كبرياء الإمبراطور وأساليبه الأرستقراطية، وشعر موريقيوس بهذا وخشي ممالأة ابنه ثيودوسيوس ونسيبه جرمانوس للجند، فأمر بإلقاء القبض على جرمانوس، ولكن جرمانوس التجأ إلى كنيسة الحكمة الإلهية، فاضطر الإمبراطور أن ينتهك حرمة هذا المعبد ليقبض فيه على خصمه، وأيد الشعب جرمانوس وأخلى المتطوعةُ مراكزهم على السور وانحازوا إلى الجماهير المتظاهرة، فَفَرَّ الإمبراطورُ بعائلته عبر البوسفور إلى نيقوميذية، وفي الثالث والعشرين من تشرين الثاني سنة 602 نادى الشيوخ والشعب بفوقاس إمبراطورًا، ودخل فوقاس في اليوم التالي «ممطرًا الذهب على الشعب إمطارًا.» ثم وجه إلى نيقوميذية بمن ذبح موريقيوس وعائلته ذبحًا (5). ويرى لفتشنكو الأستاذ في جامعة لنينغراد (6) أن ثورة السنة 602 كانت — في حد ذاتها — نزاعًا طبقيًّا بين الفلاحين والصناع والجند من جهة، وبين الذين عَزَّزَتْهم حكومة موريقيوس — من أصحاب الأملاك الكبيرة والأموال الوافرة — من جهة أخرى. ويرى الأستاذ نفسه في هذه الثورة التي عمَّت آسية الصغرى وسورية ولبنان ومصر ثورةً اجتماعيةً دينية بين النصارى واليهود، وبين من كان من النصارى يقول بالطبيعة الواحدة، ومن كان يستمسك بقرارات المجامع المسكونية وبين الخُضر والزرق، وهو يرى أيضًا أن فوقاس لم يتبنَّ مطالبَ هذه الطبقات الوضيعة وإنما سَعَى لتوطيد عرشه فقط.
.........................................
1- Menandre, 404–406
2- Vasiliev, A. A., Les Slaves en Grèce, Viz. Vrem., V, 1898
3- Acta S. Dimitrii, 107–121
4- Theophylactus, VII, 289–298
5- Theophylactus, VIII, 7–15; Kraitschex, Der Sturz des Kaiser Mauricius, 1896
6- Levtchenko, M. V., Byzance, 116–121
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
بمناسبة مرور 40 يومًا على رحيله الهيأة العليا لإحياء التراث تعقد ندوة ثقافية لاستذكار العلامة المحقق السيد محمد رضا الجلالي
|
|
|