أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-19
204
التاريخ: 2023-09-29
886
التاريخ: 2023-10-29
887
التاريخ: 2024-08-10
491
|
وأدى تقهقر رومة الداخلي إلى نزعات جديدة في الفكر، فدفعت الفوضى والحروب والأوبئة
وما تبعها؛ بعض رجال الفكر إلى الابتعاد عن هذا العالم الفاني والتأمل في عالم أزلي ملؤُهُ الخير والجمال، فعكف عدد من رجال الفلسفة على فيثاغورس زاهدين ورعين مستوحين قائلين بالسحر والعرافة، جاعلين من بعض حلقاتهم انتداءات سحرية، فظهرت فيثاغورية جديدة قال بها فلاسفة في الشرق والغرب معا. ودعا آخرون إلى أفلاطون ووجدوا في كتابه الطيماوس Timaeus قوتًا قامت به أنفسهم فانتعشت فأكدوا قوله بالواحد الأوحد، وقالوا بالثنائية الأفلاطونية، ففرقوا بين النفس والجسد، وجعلوا مِنْ خيال أفلاطون في الحياة بعد الموت عقيدة، وتَقَبَّلُوا نظريته في الوسطاء بين الله والبشر Daimones، وأكدوا أن رائد الإنسان إنما هو أَنْ يَصير مشابهًا الله، فظهرت أفلاطونية جديدة كان لها شأن كبير في عالم الفكر حتى أواخر القرن الخامس (1). وأول من اشتهر بالأفلاطونية الجديدة نومانيوس فيلسوف أبامية بين حماة والمعرة ولا نعلم الشيء الكثير من أخباره، ويجوز القول إنه علم في النصف الثاني من القرن الثاني، وأن أفلوطين اعتمد عليه – فيما يظهر. وكتب نومانيوس في «مذاهب أفلاطون السرية» فشرح ما جاء عن النفس في فيدروس وفي الجمهورية، واطلع على حكمة اليهود وتعاليم المسيخ فأولها، ورأى في أفلاطون موسى فدعاه موسى اليوناني، واعتبره نبيًّا. ورأى أن الوجود منقسم إلى مملكتين مملكة العناية ومملكة المادة، وأن المادة أصل الشرور والمفاسد، وأنه ليس يليق أن نعزو صنع العالم إلى الإله الأعلى، وأن الابن هو الصانع الذي نَظَّمَ الكتلة المادية يتأمل النموذج تارة ويتحول عنه طورًا ليحرك الفلك، فيصير حينئذ النفس الكلية (2). وأشهر المؤسسين في هذا الحقل أفلوطين Plotinus، ولد في مصر في ليقوبوليس في السنة 204 بعد الميلاد، وبدأ دروسه الفلسفية في سن متقدمة في الثامنة والعشرين في مدينة الإسكندرية، ولكن ما لقيه في هذه الدروس خَيَّبَ أمله واعترف بذلك إلى أحد أصدقائه، فقَدَّمَه هذا فورًا إلى أمونيوس سكاس، فعادت رغبته إليه، وبعد أن قضى إحدى عشرة سنة في معية هذا المعلم علم أن الإمبراطور غورديانوس فتح أبواب هيكل یانوس في رومة ليعلن الحرب على ساسان، فصمم الفيلسوف الطالب على الالتحاق بهذه الحملة العسكرية ليسمع عن فلسفة الفرس والهنود، والتحق بجيش غورديانوس ووصل معه إلى الفُرات، ثم تمرد الجند واغتالوا الإمبراطور عند دورة فعاد أفلوطين إلى أنطاكية (3) وزار أبامية ليطلع عن كثب على فلسفة نومانيوس، ثم قام من أنطاكية إلى رومة وبدأ يعلم فيها، وتميز بسمو أخلاقه ونفاذ بصيرته فصادف نجاحًا، وأقبل على الأخذ عنه عدد من أفراد الأسر الممتازة(4). وكان قد قام في الإسكندرية في القرن الأول بعد الميلاد فيلون اليهودي وجمع بين الحكمة اليونانية والديانة الإسرائيلية، فاستند إلى نظرية أفلاطون في الكلمة فجعلها متوسطة بين الإله، والعالم وقال إن الإله هو سبب الكلمة وإن الكلمة علة الروح، وإن الروح تُحرك العالم بأسره وتشيع فيه حكمة الخالق، وكان أفلاطون قد فرق بين الخير الأعلى والعقل والنفس، وكان أرسطو قد جعل الإله عقلا محضًا، وكان الرواقيون قد قالوا إن الله هو روح العالم. فأخذ فيلون من هؤلاء جميعًا وقال إن الواحد هو مبدأ كل شيء وإنه الأقنوم الأول، وإن العقل هو الأقنوم الثاني ولكنه دون الواحد في الكمال، وإن الأقنوم الثالث هو النفس. وقال: إن الواحد هو الخير الذي يفيض عنه الوجود من غير أن ينقصه هذا الفيض شيئًا، والوجود يفيض عنه لجوده كما تفيض الحرارة عن النار والنور عن الشمس، وقال: كما أن كل شيء يصدر عن الواحد فكذلك كل شيء يعود إليه، والنفس أيضًا تعود إلى خالقها عن طريق الرياضة والتأمل والاستغراق والغيبة عن الوجود (5). وأظهر تلاميذ أفلوطين بورفيريوس السوري (305-233)، ولد في البثينة من أعمال حوران وتعلم في صور، ثم درس الفلسفة على لونجينوس الحمصي في أثينة، فأعجب لونجينوس بشغفه بالعلم ومواهبه النادرة، وكان يُدعى مالكًا فأطلق عليه لونجينوس اسم «الأرجواني» بورفيريوس، وفي السنة 263 قام إلى رومة فلزم أفلوطين فيها واتبع طريقته، وأعجب به أفلوطين، وكان المعلم يمقت البيان ويستثقل العناية بالجُمَل والألفاظ، وأدرك الحاجة إلى إعادة النظر فيما كتب، فوكل ذلك إلى تلميذه بورفيريوس، فقبل التلميذُ المهمة ولكنه لم ينفذ شيئًا منها إلا بعد وفاة معلمه وإلحاح طلاب الفلسفة، فدون أستاذه وجمع محاضراته في مجلدات ستة عرفت بـ «الأقسام» Ennead التاسوعات وشرحها(6)، ووضع «المدخل إلى المعقولات» آخذًا عن التاسوعات، و«المدخل إلى مقولات أرسطو»؛ أي كتاب الإيساغوجي ، واشتهر بكتابه ضد النصرانية وجعله خمس عشرة رسالة، فانتقد نسب السيد كما جاء في متَّى، وادعى أن الأناجيل الأربعة متناقضة وأن بطرس وبولس غير متفقين في رسائلهما، وهاله عبث المسيحيين بالتراث الثقافي الديني اليوناني(7). وقام في النصف الثاني من القرن الثالث في خلقيس «مجدل عنجر لبنان» يمبليخوس العيطوري يدعو إلى الأفلاطونية الجديدة ويُدافع عنها، وهو تلميذ بورفيريوس أخذ عنه في رومة ودرس الرياضيات على أناتوليوس، وعاد إلى بلاده يعلم في أبامية وفي مجدل عنجر، فقال بصدور الموجودات بعضها عن بعض، ورأى أن أفلوطين حين سمى الواحد الأوحد خيرًا بالذات فقد حبسه بصفة فوضع فوقه واحدًا غير معين ووضع بعده العالم المعقول، فأصبح لديه حدود ثلاثة، وجعل العالم المعقول ثلاثة حدود أيضًا: العقل، والصانع، وبينهما القدرة الإلهية، وجعل للعالم الاستدلالي ثلاثة حدود أخرى: الاب والقوة والفهم (8).
................................................
1- Gothicus Maximus
2- Nock, A. D., Paganism in the Roman Empire, Cam. Anc. Hist. XII, 438ff
3- الفلسفة اليونانية ليوسف كرم، ص 285-286.
. Leemans, E. A., Numenius (Collection of Fragments) Brussels, 1937
4- Bibez, J., Lit. and Philosophy in the Eastern Half of the Empire, Cam. Anc. Hist. XII, 621FF.
5- من أفلاطون إلى ابن سينا، للدكتور جميل صليبا، ص 34-35.
6- Henri, P., Enseignement de Plotin, Bull. Acad. Belge. Lettres. 1937, 310ff W
7- Bidez, J., Vie de Porphyre, Ghent, 1918
8- Bidez, J., Jamblique et son Ecole, Rev. Etudes Grecques, 1919, 31ff
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|