أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-11
721
التاريخ: 2023-11-06
888
التاريخ: 1-6-2016
2979
التاريخ: 1-6-2016
2068
|
برغم ما ذكره جيه دي نورث، فإن كون كوبرنيكوس ليس كونًا لا محدودًا على الإطلاق. وفي هذا الصدد يظل هو كون بطليموس؛ لأنه يمتلك شكلًا محددًا (هو الشكل الكروي)، فهو موجود في إطار حد معين؛ وهو يصل إلى نهاية ما.
وحتى الآن يرى البحارة والملاحون أنه من الملائم لهم التحدث عن «الكرة السماوية» التي تدور من فوق رؤوسنا كل أربع وعشرين ساعة. ويتقدم أحد علماء حساب المثلثات في أواسط القرن العشرين بتلك النصيحة: «تلك الكرة، التي لها نصف قطر غير محدود ولكن مركزها يقع عند مركز الأرض، مفيدة في حل مشكلات معينة في الفلك والملاحة.» أما حسب رأي كوبرنيكوس ومن سبقوه، فإن تلك الكرة، التي نصف قطرها لم يكن غير محدود على الإطلاق، وإنما ببساطة لم يتحدد بعد إلى يومنا هذا، تتكون من كرات فرعية مستقلة بذاتها، واحدة للقمر، أما الأخريات فللكواكب المختلفة. ثمة فارق جوهري بين المنظومتين الكوبرنيكية والبطلمية؛ وهو أنه في الأولى يوجد للأرض أيضًا كرة، وهي تساهم في تلك الدورات المركزية حول نقطة قريبة جدًّا من الشمس، بينما في الأخرى توجد الشمس داخل نطاق كرة تسهم في الدوران الكوني حول أرض لا تتحرك. وفي كلٌّ من الحالتين، تقع كرة النجوم الثابتة من وراء الكرات الكوكبية، حيث تقبع جميع الأبراج الفلكية. في كون بطليموس تدور جميعها في تناغم معًا، لتصنع دائرة واحدة تتجه غربا كل أربع وعشرين ساعة في الوقت الذي تتأرجح فيه في آن واحد باتجاه الشرق بمعدل أكثر تمهلا مقداره درجة واحدة كل قرن من الزمان. أما بالنسبة لكوبرنيكوس، فقد قال: «من بين مبادئنا وفروضنا الجدلية افترضنا من قبل أن «كرة النجوم الثابتة»، التي تنتسب إليها جميع الكواكب السيارة على قدم المساواة ثابتة تمامًا.» في كلتا الحالين، تُعَدُّ كرة النجوم الثابتة حدًّا نهائيًا يضم داخله جميع المخلوقات.
شكل 1: موقعنا: منظر بطلمي (لا يزال مستخدمًا إلى الآن).
تبدو النجوم وهي تدور باتجاه الغرب حول الأقطاب السماوية. الميل الزاوي = إسقاط دائرة العرض الأرضي، بالدرجات (º). الصعود القائم = إسقاط خط الطول الأرضي، بالساعات.
لماذا لا يمكن أن يكون هناك فضاء خاو واقع فيما وراء الكون؟ يصرُّ أرسطو على
أنه لما كانت الطبيعة «تمقت الفراغ مقتًا شديدًا» فإنها لا يمكن أبدًا أن «تكون» فراغا؛ وقد خلا عصره من جهاز ميكانيكي يمكنه صنع فراغ. ولما كانت الفراغات أمورًا مستحيلة، فإن من وراء كرة النجوم الثابتة ليس هناك فضاء خاو، وإنما ببساطة «العدم». من الممكن بطبيعة الحال أن نكتشف فيما بعد حركات سماوية أخرى تتطلب منا افتراض وجود المزيد من الكرات ومثالا لذلك، يطرح العديد من المؤيدين المخلصين للفكر البطلمي إضافة كرة بطيئة الدوران تبرر الحركة المسماة فلكيا «المبادرة»، التي سوف نذكرها في موضع لاحق، ولكن أيا كانت الطريقة التي سننظم بها كوننا، فإن واحدةً من تلك الكرات يجب أن تشكل الإطار الخارجي المحيط بالكون، أما الآن فدعونا نغادر هذا الطرح متجهين نحو «كرة النجوم الثابتة».
يا من تؤمنون بكون عتيق مثالي، أطرح عليكم هذا السؤال: هل كرة النجوم الثابتة كيان واقعي أم أنها مجرد مواءمة نظرية؟ في أيام أرسطو قدمت الكرات (أو لعلي أقول الأصداف؛ إذ إنه لكي يدفع بعضها بعضًا وتمحو أي فراغات فيما بينها كان من اللازم أن تكون ذات سمك غليظ كافٍ لاحتواء الكواكب والفضاءات الواقعة فيما بينها) بالفعل توقعات لواقعها المادي الخاص بها؛ في حين أنه بعد مرور خمسة قرون من زمنه، في عصر بطليموس، جاءت لتكون بمنزلة نماذج من أجل تسجيل وتتبع المواقع السماوية دائبة التغير. على أي الأحوال، يحثنا بطليموس على صنع نموذج «لكرة النجوم الثابتة»، ملونا بدرجة لونية «تميل إلى القتامة بحيث لا يمكن اعتبارها جو النهار، وإنما هو جو الليل الذي تظهر فيه النجوم» وقد قُسّمت إلى دائرة «الكسوف» المقسمة إلى 360°، ثم وضعت عليها مجموعات النقاط النجمية «باللون الأصفر أو بأي لون مميز آخر»، وأيا كان نصف قطر تلك الكرة، والزيادات التي سيضيفها إليه الفلكيون المتعاقبون، فإن الحقيقة هي أن أي كرة تحتاج أن يكون كل نجم واقع على نفس المسافة منا. وهذه القبة ذات اللون الأزرق الداكن بلون الليل من الأجرام السماوية، أبعد شيء يمكن أن نراه، عبارة عن بناء من التناغم والانتظام والهندسة القائمة على الأمنيات. فيما يختص بالحجم المطلق للكون يتحاشى كوبرنيكوس إلزام نفسه بشيء، ولكنه في مسألة حجمه بالنسبة لحجم كوكب الأرض، فإنه يجمع خلاصة لموقف سابقيه:
على أي حال آمن كثيرون أن باستطاعتهم أن يبينوا عن طريق المنطق الهندسي أن الأرض تقع في مركز الكون؛ وأن لديها تناسبا يشبه تناسب النقطة وسطالسماوات الهائلة، وأنها تحتل موقعا مركزيًا، ولهذا السبب هي ثابتة؛ لأنه عندما يتحرك الكون، يظل المركز دون حراك، والأشياء الأقرب للمركز تكون الأبطأ في الحركة.
في كتاب «عن دورات الأجرام السماوية» لن يؤمن كوبرنيكوس إلا بعقيدة واحدة فقط من هاتين، لكنها عقيدة شديد الأهمية؛ وهي بالتحديد أن الأرض تمتلك بالنسبة والتناسب خصائص النقطة.
في القرن التاسع عشر، كتب السير جون هيرشل عن ضرورة «توسيع آفاق» أفكار المرء «حتى تستوعب عظمة» واتساع الكون الشاسع، وبعدها عندما يصبح من الضروري على المرء أن «ينكمش عائدًا من جديد إلى كرته الأصلية، فإنه يجدها بالمقارنة، مجرد نقطة؛ ضائعة – حتى بالمقارنة بالمنظومة الدقيقة الحجم التي تنتمي إليها – بحيث تكاد تكون غير مرئية ولا يرتاب فيها بعض من أفرادها الأساسيين أو الأنأى.» كثيرًا ما ألقي اللوم على دورات كوبرنيكوس باعتبارها المسؤولة عن هذا التغيير المحقر للشأن في إدراكنا لذواتنا، لكن من الواضح أنه علينا أن نلقي ببعض من اللوم على بطليموس ورفاقه أيضًا. عندما جاء زمن كوبرنيكوس كان هذا الإدراك قد رسخ في الأذهان منذ ردح طويل من الزمان، واستوعبه علم اللاهوت المسيحي؛ إذ يكتب القديس أوجستين قائلًا بعد ظهور كتاب «المجسطي» لبطليموس بقرنين من الزمان وهكذا أنت خلقت السماوات والأرض من العدم؛ أمر جلل وأمر وضيع الشأن.»
ما الفارق الذي قد يكون موجودًا بين حجم كون أوجستين وكون هيرشل؟ ببساطة شديدة، مهما كانت أبعاد الأول موحية بالجمال، فإنه يصبح في حد ذاته مجرد نقطة بالنسبة للآخر، الذي لا حدود له على الإطلاق، أو يكاد يكون كذلك، حتى إن فكرة اعتبارنا محورًا له تعد مثارًا للسخرية.
في أي ساعة بالتحديد يجب أن يوضع حجر أساس بناء كنيسة جديدة؟ سَلْ المنجم جيدو بوناتي ولسوف ينبئك بما تقوله النجوم، حتى وإن كان دانتي قد أورده منزلته في «الجحيم». طيلة قرون العصور الوسطى، ظل كثير من اليهود يؤمنون بأن كل إنسان منا ولد خاضعًا لسيطرة نجم معين، هو – دائما حسب الصلاة والصدقات وغير ذلك – ما يحدد مصائرنا في كون هيرشل، يدفعنا صغرنا المتناهي وعدم تشككنا نحو التفكير في أن معظم النجوم، تلك التي لم نَرَها مطلقًا، ليست لها أي علاقة بنا.
وفي هذا الصدد، يقف كوبرنيكوس في موضع أقرب إلى أوجستين عنه إلى هيرشل، حسبما تدل على ذلك العبارة الآتية الواردة في كتاب «عن دورات الأجرام السماوية»: «لا أعلم شخصًا واحدًا يرتاب في أن سماوات النجوم الثابتة هي أعلى وأرقى جميع الموجودات المرئية.» أو مرة أخرى: «نفترض أن «أ ب» هي أعظم دائرة في الكون على المستوى الكسوفي.» إن التنبؤ بأن العظمة متواصلة في جميع الاتجاهات، إلى ما وراء أعظم دائرة وأعلى من أعلى شيء يمكننا تخيله، ومن الممكن جدًّا أن تستمر للأبد، أمر خارج نطاق تفكير الكوبرنيكية فعلًا.
ومع ذلك، يعتنق كوبرنيكوس مبدأ اللاأهمية الكونية لنا قبل ظهورنا. وإليك تذكيرًا نمطيًّا من كتابه «عن دورات الأجرام السماوية»: «يبدو أكثر دقةً أن نقول إن خط استواء» كوكبنا «يميل منحرفًا على دائرة مسير الشمس من أن نقول إن دائرة مسير الشمس، وهي دائرة أوسع تميل على دائرة خط الاستواء، وهي الأصغر.»
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|