أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-9-2020
1588
التاريخ: 26-2-2022
1591
التاريخ: 28-8-2020
1818
التاريخ: 1-8-2020
1803
|
إن وجود نقطة تفرد في بداية الكون يثير مسألة طبيعة المكان نفسها، وطبيعة الزمن تحديدًا، عند لحظة الخلق. وسيكون من اللطيف أن نورد في هذه النقطة تعريفا واضحًا بماهية الزمن الفعلية. فكل شخص يعرف ما يفعله الزمن، والكيفية التي تميل بها الأحداث إلى أن تترتب في تسلسل. ونحن معتادون على وصف الأحداث التي تتبع على الدوام أحداثًا أخرى بأنها سلسلة من الأسباب والنتائج بَيْدَ أننا لا نستطيع المضي لما هو أكثر من هذه الأفكار البسيطة. ففي النهاية أفضل ما قيل عن الزمن هو أن الزمن هو ذلك الشيء – أيا ما كان – الذي تقيسه ساعات الحائط.
دمرت نظريتا النسبية لأينشتاين المفاهيم النيوتنية للمكان المطلق والزمن المطلق تدميرًا فعليًّا. فبدلا من أن يكون لدينا ثلاثة أبعاد مكانية وبعد زمني واحد تكون كلها مطلقة وغير متغيرة بغض النظر عن حركات الجسيمات أو القائمين على التجارب، تدمج الفيزياء النسبية هذه الأمور معًا في كيان رباعي الأبعاد يسمى الزمكان. ولأغراض عدة، يمكن معاملة الزمن والمكان على أنهما متكافئان رياضيًا في هاتين النظريتين؛ فالراصدون المختلفون عادةً ما يقيسون فترات زمنية مختلفة بين الحدثين نفسيهما، أما الفترات الزمكانية الرباعية الأبعاد فتظل واحدة على الدوام.
ومن ذلك، فإن النجاحات النظرية لأينشتاين تميل إلى أن تخفي الحقيقة التي نعرفها جميعًا من واقع خبرات حياتنا اليومية؛ وهي أن الزمن والمكان مختلفان على نحو جوهري. فبمقدورنا السفر شمالًا أو جنوبًا، شرقًا أو غربا، لكن لا يمكننا المضي في الزمن إلا قُدما نحو المستقبل، لا إلى الوراء في الماضي. ونحن نتقبل بكل رضًا حقيقة أن لندن ونيويورك توجدان في أي زمن بعينه في موضعين مكانيين مختلفين. لكن لا أحد سيقول إن العام 5001 موجود بالفعل بالطريقة عينها التي نظن أن الحاضر موجود بها. كما أننا لا نمانع في القول إننا في الوقت الحاضر نتسبب في حدوث الأشياء في المستقبل، لكننا لا نعتبر أن الحدثين اللذين يقعان في الوقت ذاته في موضعين مكانيين مختلفين يسبب أحدهما الآخر. فالمكان والزمن مختلفان للغاية بالفعل.
وعلى نطاق كوني، من المؤكد أن الانفجار العظيم يبدو أن له اتجاها مفضلًا. بَيْدَ أن المعادلات التي تصفه تتسم بالتناظر الزمني. فكوننا يتصادف أنه آخذ في التمدد لا الانكماش، لكن من الممكن له أن يكون آخذا في الانهيار على نفسه، ومع ذلك تصفه القوانين عينها. أم هل من الممكن أن يكون التمدد الواسع النطاق للكون هو ما يبرز الاتجاه الزمني الذي نلحظه ؟ اقترح هوكينج وآخرون أننا إذا كنا نعيش في كون مغلق توقف في النهاية عن التمدد وبدأ في الانكماش، فإن الزمن سيسير لا محالة في الاتجاه المعاكس خلال مرحلة الانكماش. وفي الواقع، إذا حدث هذا فلن نكون قادرين على أن نلحظ الفارق بين الكون الآخذ في الانكماش الذي يسير فيه الزمن على نحو معكوس وبين الكون الآخذ في التمدد الذي يسير فيه الزمن إلى الأمام. وقد كان هوكينج مقتنعًا لوقت طويل بأن الحال لا بد أن يكون كذلك، بَيْدَ أنه غير رأيه هذا لاحقًا.
تنبع مشكلة أخرى أكثر تجريدًا من حقيقة أن نظرية أينشتاين رباعية الأبعاد بالكامل؛ وهي أن الخط العالمي الكامل لأي جسيم، والذي يصف التاريخ الكامل لحركة الجسيم في الزمن، من الممكن حسابه من واقع النظرية. فالجسيم الموجود في زمنين مختلفين موجود بالطريقة عينها التي يُوجد بها جسيمان في موضعين مختلفين في الوقت عينه. وهذا يتناقض على نحو صارخ مع فكرتنا عن الإرادة الحرة. فهل مستقبلنا موجود بالفعل؟ وهل الأمور محددة سلفًا حقًا بهذه الطريقة؟
هذه الأسئلة لا تنطبق فقط على نظرية النسبية وعلم الكونيات. فالعديد من النظريات الفيزيائية تتسم بالتناظر بين الماضي والمستقبل بالطريقة عينها التي تتسم بها بالتناظر بين المواضع المكانية المختلفة. وتعد قضية التوفيق بين عدم التناظر المدرك للزمن وبين هذه النظريات لغزًا فلسفيًّا عميقًا. وهناك ما لا يقل عن فرعين مختلفين آخرين من الفيزياء النظرية تثار فيهما تلك المسألة التي تسمى أحيانًا مسألة «سهم الزمن».
تنبع هذه المسألة على نحو مباشر من مبدأ فيزيائي شامل النفوذ يسمى «القانون الثاني للديناميكا الحرارية» الذي ينص على أن «إنتروبيا» أيّ نظام مغلق لا تقل مطلقًا. والإنتروبيا هي مقياس الفوضى وانعدام النظام داخل أي منظومة، ومن ثم يعني هذا القانون أن درجة انعدام النظام داخل أي منظومة تميل عادةً إلى الزيادة. وقد تحققت من هذا تجريبيا مرات عدة من خلال المشاهدات الدورية لمكتبي. والقانون الثاني هو تقرير بشأن العالم العياني؛ أي إنه يتعامل مع الأشياء الكبيرة على غرار المحركات البخارية، بَيْدَ أنه ينشأ من التوصيف المجهري للذرات وحالات الطاقة التي تقدمها لنا النظريات الفيزيائية التفصيلية والقوانين التي تحكم هذه الحالات المجهرية كلها قابلة للانعكاس بالكامل من المنظور الزمني. فكيف إذن ظهر سهم الزمن؟
أيضًا وضعت قوانين مشابهة لقوانين الديناميكا الحرارية الكلاسيكية؛ بهدف وصف خصائص الثقوب السوداء ومجالات الجاذبية عمومًا. ورغم أنه من الصعب وضع تعريف للإنتروبيا المرتبطة بمجالات الجاذبية، فإن هذه القوانين يبدو أنها تشير إلى أن سهم الزمن موجود حتى في الكون الآخذ في الانهيار على ذاته وهذا هو السبب الذي دفع هوكينج إلى التخلي عن فكرة انعكاس الزمن.
تظهر مشكلة أخرى من مشاكل سهم الزمن من ميكانيكا الكم، التي هي الأخرى متناظرة زمنيا، لكن يقع فيها ظواهر عجيبة على غرار انهيار الدالة الموجية عند إجراء أي تجربة ويبدو أن الدالة الموجية تنهار على هذا النحو في اتجاه زمني واحد فقط، وليس الآخر، لكن كما أشرتُ مسبقًا فإن هذا قد لا يكون أكثر من محض صعوبة مفاهيمية تنشأ عن تفسير ميكانيكا الكم نفسه.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|