أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-06
![]()
التاريخ: 2023-08-17
![]()
التاريخ: 11-9-2016
![]()
التاريخ: 2024-10-25
![]() |
وليت شعري ألا تشفع تلك الحسنات التي تمت بأيدي العرب في العالم بما بدا في المسلمين والعرب اليوم من هنات، وضعف، خصوصًا إذا أنصف متعصبة الشعوبية وقابلوا بين حال المسلمين اليوم وحالهم منذ مائة سنة، مثلا، فالشرق الإسلامي أخذ في عهده الأخير ينهض من سباته الذي دام قرونًا: «وهو الآن في طريقه (1) إلى المسامحة والفهم والنور والارتقاء والإخاء، يأخذ أيضًا بأساليب الإنسانية العظمى. وأمة هذه حالتها الحاضرة ومكانتها الغابرة، تستحق أن تنتصف ويُعرف لها حقها في الحياة، نعم، أصبح كثير من أهل الإسلام يتمثلون مدنية الغرب الحديثة من غير حرج ولا نكير، ويأخذون من حضارته ما طاب لهم وقضت به بيئتهم، وهل هم إلا بقايا أمة أتت بمدنية باهرة، مهما قال خصومها فيها، لا يسعهم أن ينكروا أنها كانت الصلة بين مدنية الرومان القديمة وأهل المدنية الحديثة. وفي الشرق اليوم حركة علمية طيبة وهبة نحو العلى، ولا ينقصه إلا التنظيم والوحدة، وهذا ما ذهب إليه موريس برنو (2) قال وقد طاف معظم أقطار الشرق الإسلامي: «ظهر لي أن معظم الضعف في الشرق منبعث عن تخلفه في مضمار تنظيم نفسه وتوحيد كلمته، فقد لقيت في كل صقع نزلته إلا قليلا إلى جانب صفات طيبة من الذكاء وحسن الخلق، نقصًا في الأساليب وضعفًا في التوازن يقرب من الفوضى.» وهو كلام سديد ووصف مجيد، فقد رأينا العبر أهابت بأبناء هذه المدنية الممجدة، فأدركوا نقصهم وحاولوا اللحاق بمن تقدموهم، لا جرم أن العهد لا يطول حتى يكون المسلمون كالأوروبيين، فإن خمسين سنة تكفي لأمة منحطة حتى تأخذ ما عند أمة راقية، وما تعبت به أمم كثيرة قرونًا يمكن استصفاء زبدته في سنين قليلة، ونهضة اليابان شاهدة على ذلك، أما المظاهر الأخرى فتحتاج إلى زمن طويل، فقد حدث مرات أن بعض أبناء الهنود أخذوا العلم عن الغرب فثبت أن بين أفكارهم وأفكار الغربيين ومنطقهم ومنطقهم وعواطفهم وعواطفهم فروقًا بعيدة المدى، وليس معنى ذلك أنه يستحيل على الشرقي أن يصبح كالأوربي حذو القذة بالقذة، كلا، بل يكون الشرقي كالغربي بعد تعاقب الدهور والعصور، كما وقع لأجداد الغربيين أن ظلوا نحو ألف سنة يتخبطون في حالة تذبذب وتوحش حتى تأصل فيهم حب المدنية القديمة والأخذ منها. هذا رأي لبون في المسلمين، وقد وقف حياته الطويلة على درس تاريخهم ومجتمعهم، وقال في كتابه نشوء العالم الحديث: (3) (إن المسلمين عامة وأهل تركيا خاصة. هم أسرع إلى الترقي من الروس ومن معظم الشعوب البلقانية، وما برح بعض المؤلفين يرونهم على جانب من الجهل في السياسة والتاريخ، شأن الشعوب نصف المتوحشة التي عريت نفوسها من الثقافة. وهذا الرأي في المسلمين قد أوجزه القائلون به ببيان لهم أصدروه باسم بحث إفرنسي يوناني جاء فيه: «مهما قال القائلون فإن الإسلام كان ولا يزال أبدًا مخربا عظيمًا؛ وذلك لأنه لا يقبل علمًا غير الذي تضمنه القرآن، فالإسلام وحشي متعصب وهو من أعظم البلايا التي ابتلي بها العالم».» قال لبون: «لا جرم أن كاتب مثل هذه المطاعن لم ير قط المصانع الإسلامية البديعة في إسبانيا ومصر والهند، وهو يجهل العمل العظيم الذي تم على أيدي الجامعات الإسلامية في بعث المدنية الأوربية، ومع هذا نرى الكتب التي هي أدلة رجال السياسة المحدثين تكتب بمثل هذه الجهالات، وربما لم يكن رئيس الحكومة البريطانية يحسن غيرها يوم تخيل طرد المسلمين من أوروبا.» وقال أوجين يونغ: (4) العرب على ما يظهر جد محقوقين أن كانوا كلهم مسلمين فاضطهدوا بهذا السبب ظاهرًا وباطنا، على حين كان لهم ماض يحق لهم يعجبوا به ماض حربي ثم ماضٍ في العلم العالي والصنائع والرفاهية، مما اتخذته أوروبا في القرون الوسطى أيام كانت نصف متوحشة دعامة لقيام النهضة الحديثة، ولعله يُقال: إن الأوروبيين لا يقدرون أن يغفروا لأساتذتنا ما لقنوهم من المعارف، وقال: ليت شعري هل القوة الاجتماعية في الإسلام هي التي تقلق أوروبا أو دولها العظمى؟ ربما كان ذلك؛ لأن تعاليم الإسلام حرة فهو لا يقول بالطبقات ولا بالامتيازات ولا يدعو إلى التسلط على نحو ما تدعو الكنائس النصرانية، وليس في مطاويه شيء من الرياء السياسي الذي تنقاد إليه بعض الحكومات، إن شعار المسلمين الجميل هو تقريب القلوب والأرواح وهذه خطوة انتقال إلى السلام العام، وهذا ما يراد، ولا شك، القضاء عليه، وما مصير من يعمل ذلك إلا الخيبة.
........................................
1- أين يذهب الإسلام لروبر شوفولو Robert chauvelot: Ou VA L,isiam
2- في آسيا الإسلامية لموريس برنو Maurice pernot: En Asia musulmane
3- أسم هذا الكتاب بالفرنسية Gustave Le Bon: L’évolution actuelle du monde-illusions et réalités
4- يقظة الإسلام والعرب لأوجين جونج Eugène Yung: Le réveil de l’Islam et des Arabes
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|