أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-02
1029
التاريخ: 25-11-2014
2023
التاريخ: 25-10-2014
2603
التاريخ: 18-11-2014
3537
|
لقد مر في البحث التفسيري أن لتقبل الإنسان للموعظة طريقين على نحو مانعة الخلو: فطريق من الداخل وهو امتلاك القلب الحي والواعي: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] وآخر من الخارج وهو التمتع بأذن صاغية: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37]؛ بالضبط كما أنه للانتفاع من الماء والتخلص من الجفاف إما أن يكون كالعين، يفور الماء داخلها أو كالحوض المتصل بالعين، يرتبط بمنبع الماء عبر نهر أو ساقية.
فإنه ينبغي للإنسان إما أن يمتلك قلباً واعياً يقظاً يفور التنبه والموعظة من داخله، أو أذناً صاغية تتلقى المواعظ من الخارج فيتنبه ويتيقظ.
المقصود من القلب في الآية الشريفة: (لمن كان له قلب) هو ـ كما اختاره العلامة الطباطبائي * أيضاً [1] ذاك العقل الباعث على الشعور والإدراك والعلم والفهم [2]، وإن جملة: (ألقى السمع) هي كناية عن كمال الدقة حين الاستماع والمراد من (وهو شهيد) هو حضور القلب في مجلس التعليم والتزكية. والمحصلة هي أن هناك فريقين باستطاعتهما استلهام المواعظ من الآيات الإلهية والتذكر بها: فالفريق الأول هم من وصلوا إلى الاكتفاء الذاتي والذين بمقدورهم، بما أوتوا من عقل وفهم، أن يدرسوا ويحللوا الأحداث بأنفسهم ويعتبروا من الآيات الإلهية، والفريق الثاني هم من لا يتمتعون بالذكاء والعلم الكافيين إلا أنهم مستمعون ممتازون للعقلاء والعلماء وهم يصغون إلى كلامهم ومواعظهم بدقة متناهية وحضور قلب كاف؛ وقد بينت عاقبة هذين الفريقين بتعبير آخر ورد على لسان أصحاب النار على هذا النحو: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10]؛ أي لو كانت لنا آذان صاغية أو عقل وإدراك كافيان لما كنا في عداد أهل النار إطلاقاً.
من الجدير بالذكر أن بعض الناس ينتمون إلى كلا الفريقين وبعضهم الآخر ينتمون إلى واحد منهما. فهؤلاء هم من أهل التذكر والموعظة وبالنتيجة من أهل النجاة. أما الجماعة الثالثة من الناس فهم الذين لا ينتمون إلى أي من الفريقين والذين قد ختم على قلوبهم بسبب الذنوب إلى درجة أنهم لا يتقبلون المواعظ الإلهية لا من الداخل ولا من الخارج. إن مصير هذه الطائفة يصل إلى حد تحريف آيات الله عن علم بعد إدراكها، بل إنهم باستمرار في حالة تأمر وتحايل ورسم المخططات الشيطانية: ولا تزال تطلع على خائنة منهم ولا ريب أنه لا يرتجى الإيمان من مثل هؤلاء الأشخاص.
إن الذين أشير إليهم في الآية مدار البحث هم من الفريق الثالث؛ فجراء نقضهم المتكرر للعهود والمواثيق قست قلوبهم فعمدوا إلى تحریف آيات الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 13] وهو التحريف الذي فوت عليهم الحقائق الدينية الأصيلة والخالصة؛ تلك الحقائق والأصول التي تدور سعادة الناس واطمئنانهم حول محورها: {وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 13] فحلت محلها مسائل من قبيل القول بتشبيه الله سبحانه وتعالى، وخاتمية نبوة موسى (عليه السلام)، ودوام شريعة التوراة، وبطلان النسخ والبداء وهي التي كانت عاملاً لشقائهم وتعاستهم [3] . وعلاوة على تحريف كلمات الله فإنهم يلجأون دوماً إلى المكر والخيانة ويخططون لضرب مصالح طلاب الحق: (ولا تزال تطلع على خائنة منهم) كما كان دأبهم على طول التاريخ وفي زمان الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) اذ يروي صاحب الجواهر عن مؤرخ مشهور قوله إن يهود خیبر طولبوا بالجزية على عهد أحد الخلفاء. فأخرجوا في إثر ذلك كتاباً بإمضاء معاذ بن جبل ومعاوية يذكر فيه أن رسول اللہ (صلى الله عليه واله وسلم) قد أعفاهم من دفع الجزية. وعند التحقيق في الأمر ظهر أن تاريخ الكتاب يرجع إلى زمان كان فيه معاوية يقطن مكة ولم يكن قد اعتنق الإسلام نفاقاً بفتح مكة بعد وإن حادثة فتح خيبر كانت قبل فتح مكة. كما اتضح أيضاً أن معاذ كان قد مات قبل فتح خيبر بعام فعلم من ذلك أن الكتاب كان أساساً ـ قد زور بأيدي اليهود باسم الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) وبإمضاء معاوية ومعاذ؛ فلدى افتضاح الأمر عمد الخليفة إلى أخذ الجزية منهم [4].
[1] راجع الميزان، ج18، ص359
[2] فسر الراغب في مفرداته القلب في الآية المذكورة بمعنى العلم والفهم (المفردات في غريب القرآن، ص 681 ـ 682، «قلب»)، كما ويقول صاحب لسان العرب في نفس هذه المادة أن القلب يأتي أحياناً بمعنى العقل (لسان العرب، ج 1، ص 687، «قلب»).
[3] راجع الميزان، ج5، ص241.
[4] راجع جواهر الكلام، ج21، ص235.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|