المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



شعراء اليهود  
  
1675   12:00 صباحاً   التاريخ: 2023-07-22
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج3، ص:522-529
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-5-2022 2119
التاريخ: 8-3-2022 2409
التاريخ: 2024-08-31 274
التاريخ: 2023-02-12 1028

شعراء اليهود

1- وقال نسيم الإسرائيلي :

يا ليتني كنت طيراً                              أطير حتى أراكا

بمن تبدلت غيري                              أو لم تحل عن هواكا

وهو شاعر وشاح من أهل إشبيلية ، وذكره الحجاري في المسهب.

2- وقال إبراهيم بن سهل الإسرائيلي في أصفر ارتجالا(1):

كان محياك له بهجة                              حتى إذا جاءك ماحي الجمال

522

أصبحت كالشمعة لما خبا                             منها الضياء اسود فيها الذبال

وهو شاعر إشبيلية ووشاحها ، وقرأ على أبي علي الشلوبين وابن الدباج وغيرهما ، وقال العز في حقه ، وكان أظهر الإسلام ، ما صورته : كان يتظاهر بالإسلام ، ولا يخلو مع ذلك من قدح واتهام ، انتهى . وسئل بعض المغاربة عن السبب في رقة نظم ابن سهل ، فقال : لأنه اجتمع فيه ذلان: ذل العشق ، وذل اليهودية . ولما غرق قال فيه بعض الأكابر : عاد الدر إلى وطنه . ومن نظم ابن سهل المذكور قوله :

وألمي بقلبي منه جمر مؤجج                           تراه على خديه يندى ويبرد

يسائلني من أي دين مداعبا                         وشمل اعتقادي في هواه مبدد

فؤادي حنيفي، ولكن مقلتي                         مجوسية من خده النار تعبد

وذكر الحافظ أبو عبد الله محمد بن عمر بن رشيد الفهري في رحلته الكبيرة القدر والحرم المسماة بـ " ملء العتيبة فيما جمع بطول الغيبة في الوجهة الوجيهة إلى الحرمين مكة وطيبة " خلافاً في إسلام ابن سهل باطناً ، وكتب على هامش هذا الكلام الخطيب العلامة سيدي أبو عبد الله ابن مرزوق ما نصه : صحح لنا من أدركناه من أشياخنا أنه مات على دين الإسلام ، انتهى.

ورأيت في بعض كتب الأدب بالمغرب أنه اجتمع جماعة مع ابن سهل في مجلس أنس ، فسألوه لما أخذت منه الراح عن إسلامه : هل هو في الظاهر والباطن أم لا ؟ فأجابهم بقوله : للناس ما ظهر ، والله ما استتر ، انتهى .

523

واستدل بعضهم على صحة إسلامه بقوله :

تسليت عن موسى بحب محمد                     هديت ولولا الله ما كنت أهتدي

وما عن قلى قد كان ذاك ، وإنما                      شريعة موسى عطلت بمحمد

وله ديوان كبير مشهور بالمغرب حاز به نصب السبق في النظم والتوشيح .

وما أحسن قوله من قصيدة :

تأمل لظى شوقي وموسى يشبها                   " تجد خير نار عندها خير موقد "

وأنشد بعضهم له قوله:

لقد كنت أرجو أن تكون مواصلي                           فأسقيتني بالبعـد فاتحـة الرعد

فبالله برد ما بقلبي من الجوى                        بفاتحة الأعراف من ريقك الشهد

وقال الراعي رحمه الله تعالى سمعت شيخنا أبا الحسن علي بن سمعة الأندلسي رحمه الله تعالى يقول : شيئان لا يصحان : إسلام إبراهيم بن سهل ، وتوبة الزمخشري من الاعتزال ، ثم قال الراعي : قلت : وهما في مروياتي ، أما إسلام إبراهيم بن سهل فيغلب على ظني صحته لعلمي بروايته وأما الثاني - وهو توبة الزمخشري – فقد ذكر بعضهم أنه رأى رسما بالبلاد المشرقية محكوما فيه يتضمن توبة الزمخشري من الاعتزال فقوي جانب الرواية ، انتهى باختصار .

وقال الراعي أيضاً ما نصه : وقد نكت الأديب البارع إبراهيم بن سهل الإسرائيلي الأندلسي على الشيخ أبي القاسم في تغزله حيث قال:

أموسى أيا بعضي وكلي حقيقة             وليس مجازاً قولي الكل والبعضا

حفضت مكاني إذ جزمت وسائلي                 فكيف جمعت الحزم عندي والخفضا

 524

وفي هذا دليل على أن يهود الأندلس كانوا يشتغلون بعلم العربية ، فإن إبراهيم قال هذين البيتين قبل إسلامه ، والله تعالى أعلم . وقد روينا أنه مات مسلماً غريقا في البحر ، فإن كان حقا فالله تعالى رزقه الإسلام في آخر عمره والشهادة ، انتهى .

ومن نظم ابن سهل في التوجيه باصطلاح النحاة قوله:

رفعت(2) عوامله وأحسب رتبتي                بنيت على خفض فلن تتغيرا

ومنه:

تنأى وتدنو والتفاتك واحد                          كالفعل يعمل ظاهراً ومقدرا

وقوله:

إذا كان نصر الله وقفا عليكم                         فإن العدا التنوين يحذفه الوقف

وقوله :

ليتني نلت منه وصلا وأجلى                         ذلك الوصل عن صباح المنون

وقرأنا باب المضاف عناقاً                             وحذفنا الرقيب كالتنوين

وقوله :

بنيت بناء الحرف خامر طبعه               فصار لتأثير العوامل مانعا(3)

وقوله :

لك الثناء فإن يذكر سواك به                         يوما فكالرابع المعهود في البدل

225

يعني الغلط وقوله:

إذا اليأس ناجي النفس منك بلن ولا            أجابت ظنوني ربما وعساني(4)

وقوله:

وقلت عساه إن أقمت يرق لي             وقد نسخت لا عنده ما اقتضت عسى

وقوله :

ينفي لي الحال ولكنه                                     يدخل لا في كل مستقبل

وقوله :

خفضت مقامي إذ جزمت وسائلي                فكيف جمعت الحزم عندي والخفضا

وقوله في غلام شاعر :

كيف خلاص القلب من شاعر           رفت معانيه عن النقد

يصغر نثر الدر عن نثره                       ونظمه جل عن العقد

وشعره الطائل في حسنه                      طال على النابغة الجعدي

وحدث أبو حيان عن قاضي القضاة أبي بكر محمد بن أبي نصر الفتح بن علي الأنصاري الإشبيلي بغرناطة أن إبراهيم بن سهل الشاعر الإشبيلي كان يهوديا ثم أسلم . ، ومدح رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصيدة طويلة بارعة ، قال أبو حيان : وقفت عليها وهي من أبدع ما نظم في معناها ، وكان سن ابن سهل حين غرق نحو الأربعين سنة ، وذلك سنة تسع وأربعين وستمائة ، وقيل : إنه جاوز الأربعين ، وكان يقرأ مع المسلمين ويخالطهم ، وما أحسن قوله:

526

مضى الوصل إلا منية تبعث الأسى                        أداري بها همي إذا الليل عسعسا

أتاني حديث الوصل زوراً على النوى            أعد ذلك الزور اللذيذ المؤنسا

ويا أيها الشوق الذي جاء زائراً                     أصبت الأماني خذ قلوبا وأنفسا

كساني موسى من سقام جفونه                     رداء وسقاني من الحب أكوسا

ومن أشهر موشحاته قوله(5):

ليل الهوى يقظان                                          والحب تيرب السهر

والصبر لي خوان                                          والنوم عن عيني بري

وقد عارضه غير واحد فما شقرا له غبارا.

3- وأما إبراهيم بن الفخار اليهودي(6) فكان قد تمكن عند الأذفونش ملك طليطلة النصراني ، وصيره سفيراً بينه وبين ملوك المغرب ، وكان عارفاً بالمنطق والشعر ، قال ابن سعيد أنشدني لنفسه يخاطب أديباً مسلماً كان يعرفه قبل أن تعلو رتبته ويسفر بين الملوك ، ولم يزده على ما كان يعامله به من الإذلال ، فضاق ذرع ابن الفخار وكتب إليه:

أيا جاعلا أمرين شبهين ما له                        من العقل إحساس به يتفقد

جعلت الغني والفقر والذل والعلا                         سواء فما تنفك تشقى وتجهد

وهل يستوي في الأرض نجد وتلعة                        فتطلب تسهيلا وسيرك مصعد

وما كنت ذا ميز لمن كنت طالبا                      بما كنت في حال الفراغ تعود

وقد حال ما بيني وبينك شاغل                     فلا تطلبني بالذي كنت تعهد

فإن كنت تأبى غير إقدام جاهل                    فإنك لا تنفك تلحى وتطرد

527

ألا فأت في أبوابه كل مسلك                         ولا تلك محلا حيثما قمت تقعد

قال ابن سعيد : وأنشدني لنفسه:

ولما دجا ليل العذار بخده                             تيقنت أن الليل أخفى وأستر

وأصبح عذ الي يقولون صاحب                    فأخلو به جهراً ولا أتستر

وقال يمدح الأذفونش لعنهما الله تعالى:

حضرة الأذفنش لا برحت                            غضة(7) أيامهـا عرس

فاخلع النعلين تكرمة                                   في ثراها إنها قدس

قال: وأدخلوني إلى بستان الخليفة المستنصر ، فوجدته في غاية الحسن كأنه الجنة ، ورأيت على بابه بوابا في غاية القبح ، فلما سألني الوزير عن حال فرجي قلت : رأيت الجثة إلا أنتي . سمعت أن الجنة يكون على بابها رضوان ، وهذه على بابها مالك فضحك وأخبر الخليفة بما جرى ، فقال له : قل له إنا قصدنا ذلك ، فلو كان رضوان عليها بوابا لخشينا أن يرده عنها ، ويقول له : ليس هذا موضعك ، ولما كان هناك مالك أدخله فيها ، وهو لا يدري ما وراءه، ويخيل أنها جهنم، قال: فلما أعلمني الوزير بذلك قلت له : { الله أعلم حيث يجعل رسالته } ( الأنعام : 124) .

4- وكان في زمـان الياس بن المدور(8) اليهودي الطبيب الرندي طبيب آخر كان يجري بينهما المحاسدة ما يجري بين مشتركين في صنعة ، فأصلح الناس بينهما مراراً ، وظهر لإلياس من ذلك الرجل الطبيب ما ينفر الناس منه فكتب إليه:

528

لا تخدعن فما تكون مودة                     ما بين مشتركين أمراً واحدا

انظر إلى القمرين حين تشاركا             بسناهما كان التلاقي واحدا

يعني أنهما معاً لما اشتركا في الضياء وجب التحاسد بينهما والتفرقة: هذا يطلع ليلا وهذه تطلع نهاراً ، واعتراضهما يوجب الكسوف.

5- وكتب أيوب بن سليمان المرواني(9) إلى بسام بن شمعون اليهودي الوشقي في يوم مطير: لما كنت -وصل الله تعالى إخاءك وحفظك– مطمح نفسي، ومنزع اختياري من أبناء جنسي ، على جوانبك أميل ، وأرتع في رياض خلقك الجميل هزتني خواطر الطرب والارتياح، في هذا اليوم المطير ، الداعي بكاؤه إلى ابتسام الأقداح واستنطاق البم والزير ، فلم أر معينا على ذلك ، ومبلغاً إلى ما هنالك ، إلا حسن نظرك ، وتجشمك من المكارم ما جرت به عادتك ، وهذا يوم حرم الطرف فيه الحركة وجعل في تركها الخير والبركة ، فهل توصل مكرمتك أخاك إلى التخلي معك في زاوية ، متكئاً على دن مستنداً إلى خابية ، ونحن خلال ذلك نتجاذب أهداب الحديث الذي لم يبق من اللذات إلا هو ، ونجيل الألحاظ فيما تعودت عندك من المحاسن والأسماع في أصناف الملاهي ، وأنت على ذلك قدير ، وكرمك بتكلفه جدير:

ولا يعين المرء يوما على                           راحته إلا كريم الطباع

وها أنا والسمع مني إلى الـ                      باب وذو الشوق حليف استماع

فإن أتى داع بنيل المنى                         ودع أشجاني ونعم الوداع

وهذا المرواني من ذرية عبد العزيز أخي عبد الملك بن مروان ، وهو من أهل المائة السادسة.

529

6- وكانت بالأندلس شاعرة من اليهود يقال لها قسمونة بنت إسماعيل اليهودي ، وكان أبوها شاعراً ، واعتنى بتأديبها ، وربما صنع من الموشحة قسماً فأتمنها هي بقسم آخر ، وقال لها أبوها يوما أجيزي :

لي صاحب ذو مهجة قد قابلت           نعمى بظلم(10) واستحلت جرمها

ففكرت غير كثير وقالت:

كالشمس منها البدر يقبس نوره                   أبداً ويكسف بعد ذلك جرمها

فقام كالمختبل ، وضمها إليه وجعل يقبل رأسها ، ويقول : أنت والعشر كلمات أشعر مني.

و نظرت في المرآة فرأت جمالها وقد بلغت أوان التزويج ولم تتزوج ، فقالت:

أرى روضة قد حان منها قطافها                   ولست أرى جان يمد لها يدا

فوا اسفا يمضي الشباب مضيعاً           ويبقى الذي ما إن أسميه مفردا

فسمعها أبوها ، فنظر في تزويجها.

وقالت في ظبية عندها:

يا ظبية ترعى بروض دائما                   إني حكيتك في التوحش والحور

أمسى كلانا مفرداً عن صاحب           فلنصطبر أبدا على حكم القدر

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- انظر دراسة عنه في مقدمة ديوانه (ط ، دار صادر 1967) وفيها إلمام بمصادر ترجمته . وهذه الأبيات الواردة هنا مثبتة في ديوانه.

2- في الأصول: وقت.

3- هذا البيت مضطرب في الأصول وقافيته " جازما " وقد صوبناه من الديوان .

4- في الأصول : وعالي ، وهو من قصيدة أولية ( ص : 214).

5- ديوانه : 296 .

6- ترجم له في المغرب 2: 23 وأورد بيتيه في مدح الأذفونش .

7- في الأصول: غادة.

(8) - ترجمة الياس في المغرب 1 : 336 وهو من شعراء المالة السادسة.

9- ترجمة أيوب المرواني في المغرب 1: 10.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.