المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

ما هي علائم معرفة الحق والباطل ؟
26-10-2014
آلهة الفجر والظلام والهواء.
2023-11-22
حرب البصرة
13-11-2019
 الفلافونويدات Flavonoids
18-5-2016
حدود سلطات الضبط الإداري في الظروف الإستثنائية
1-4-2016
الأحكام الفقهية لاسم الله
2023-04-18


انتهاك الدستور  
  
1380   02:15 صباحاً   التاريخ: 2023-07-21
المؤلف : علي يوسف الشكري
الكتاب أو المصدر : انتهاء ولاية الرئيس
الجزء والصفحة : ص 170-185
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدستوري و النظم السياسية /

نصت ثلاثة دساتير عربية فقط على مسؤولية رئيس الدولة عن انتهاك  الدستور، هي الدستور اللبناني لسنة 1926 (1) واليمني لسنة  1991  (2) والعراقي لسنة  2005 (3).

ونرى أن النص في الدساتير الثلاثة  (اللبناني – اليمني – العراقي) على مسؤولية رئيس الدولة عن انتهاك الدستور، أمر يتفق والتزامه الدستوري بكفالة احترام الدستور، فقد نص الدستور اللبنـانـي علـى أنـه (رئـيـس الجمهورية، هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور...... ) (4).

ونص الدستور اليمني على أنه (يعمل رئيس الجمهورية على تجسيد إرادة الشعب واحترام الدستور .........)(5).

أما الدستور العراقي فقد نص في المادة (67) منه على أنه (رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يمثل سيادة البلاد، ويسهر عل ضمان الالتزام بالدستور .........لكن الملفت للنظر أن ذات الالتزام ألقي على رئيس الدولة في العديد من الدساتير العربية، دون ترتيب المسؤولية على مخالفته، فقد نص الدستور البحرينـي علـى أنـه (يحمي الملك شرعية الحكم وسيادة الدستور والقانون....) (6) ونص الدستور الجزائري على أنه يجسد رئيس الجمهورية، رئيس الدولة وحدة الأمة وهو حامي الدستور) (7) ونص الدستور المغربي على أنه الملك) أمير المؤمنين والمثل الأسمى للأمة... والساهر على احترام الدستور ....) (8)ونص الدستور التونسي على أنه (رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال الوطن وسلامة ترابه واحترام الدستور ....) (9) ونص الدستور الجيبوتي على أنه (رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة.... وهو الضامن للأمن الوطني... واحترام الدستور ....) (10) ونص الدستور السوري على أنه (يسهر رئيس الجمهورية على احترام الدستور...) (11)  ونص الدستور المصري على ( أنه رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية، ويسهر على تأكيد سيادة الشعب وعلى احترام الدستور ........ ) (12)ونص الدستور الموريتاني على أنه (رئيس الجمهورية هو حامي الدستور......) (13). بل أن غالبية الدساتير العربية البحريني(14) الجزائري  (15)  الأردني (16)  الإماراتي (17)  جزر القمر (18)  الصومالي (19) الكويتي (20) التونسي (21)  السوري  (22)  القطري (23)  اللبناني (24)  المصري (25)  نصت في اليمين الدستورية التي يؤديها الرئيس على احترام الدستور(26).

والملاحظ أن الدساتير العربية الثلاثة التي نصت على مسائلة الرئيس على انتهاك الدستور، لم يبين أي منها مضمون انتهاك الدستور أو الحالات التي يتحقق بها الانتهاك. وهو أمر يتفق وإيراد الدستور المبادئ العامة دون الخوض في التفاصيل.

وبالرجوع إلى قانون إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا 6 لسنة 1995 اليمني نجد أنه نص في المادة (2/ز) منه على أنه خرق الدستور، مخالفة نص من نصوص الدستور أو تعليقه أو تعديله دون إتباع الإجراءات المحددة فيه )(27).

ويمكن القول أن نص المادة (2/ز) من قانون السلطة التنفيذية العليا رقم 6 لسنة 1995 استوعب كل حالات خرق الدستور، إضافة لحالة أخرى هي لم يرد النص عليها، وربما وجد المشرع اليمني أنها مفهومة ضمناً، مخالفة الفلسفة التي قام عليها الدستور، والتي تعبر عن توجهات المجتمع وتطلعاته، أو توجهات وفلسفة واضعوا الدستور أو القابضين على السلطة (في الدساتير المؤقتة أو الدساتير ذات الأنظمة الخاصة).

وسنبحث في الحالات التي تشكل انتهاكاً أو خرقاً لأحكام الدستور تباعاً :-

أولاً – مخالفة نص من نصوص الدستور من المتفق عليه أن القواعد الدستورية قواعد قانونية بالمعنى الدقيق غاية الأمر أنها تتسم بالأعلوية على باقي القواعد القانونية الأخرى بحكم التدرج الهرمي لسلم النظام القانوني، فضلاً لطغيان الطابع السياسي عليها بحكـم تنظيمها للنظـام السياسي للدولة، والسلطات العامة فيها، والعلاقة بينهـا، مع احتفاظهـا بالطابع الاجتماعي في حدود تنظيمها للركن الاجتماعي في الدولة وتحديد علاقة السلطات العامة بالأفراد، وتنظيم الحقوق والحريات العامة.

ومخالفة رئيس الدولة لنصوص الدستور قد تكون على صعيد الاختصاص أو الإشكال والإجراءات التي يحددها الدستور لممارسة الرئيس اختصاصاته. فما من دستور إلا ويحدد اختصاصات السلطات العامة في ظله وينظم حدود العلاقة بينها، وبالتالي يشكل عدم التزام الرئيس لحدود اختصاصاته أو تجاوزه على صلاحيات السلطات الأخرى انتهاكاً للدستور. ومثل هذا الانتهاك يتحقق لو مارس الرئيس صلاحياته الدستورية بعيداً عن الإشكال والإجراءات التي حددها الدستور إذ لا تقل قواعد الشكل أهمية عن القواعد الموضوعية، فالمشرع الدستوري لم يفرض هذه القواعد أو ينص عليها صراحة إلا حماية لقواعد الاختصاص الموضوعي وتحصيناً لحقوق الأفراد وحرياتهم في مواجهة كافة سلطات الدولة والقول بغير ذلك يعني الفوضى الدستورية، وتنازع الاختصاص الايجابي والسلبي، وهدر حقوق الأفراد وحرياتهم ويصبح الأمر سيان بين وجود القواعد الدستورية وعدمها ، بل أن عدمها قد يكون أكثر جدوى من وجودها بفعل الاتجاه للبحث عن قواعد أو مصادر أخرى (العرف مثلاً) لتنظيم اختصاصات السلطات العامة في الدولة. والملاحظ أن احتمالات انتهاك الرئيس للنصوص الدستورية، تتزايد في البلدان حديثة النشأة أو حديثة العهد بالاستقلال، أو البلدان التي ليس لها أرث دستوري عريق، أو في تلك التي يهيمن فيها الرئيس على مقدرات الحكم والسلطة ولا يقيم وزناً للقواعد الدستورية أو في البلدان التي لا تنص دساتيرها على مؤسسات رقابية (محكمة عليا - محكمة دستورية – مجلس دستوري). أو تنص عليها لكنها تبقى أسيرة الاعتبارات السياسية. من هنا نلحظ أن الحديث نادراً ما يدور عن خرق الرئيس للقواعد الدستورية أو النصوص المنظمة للاختصاص في البلدان الديمقراطية أو تلك التي تملك أرثا دستورياً عريقاً أو التي تستقل فيها المؤسسات الرقابية. وأيا كانت المخالفة التي يرتكبها الرئيس لأحكام الدستور، فإنها تكفي من الناحية النظرية لمساءلته أمام السلطات المختصة، حيث جاء النص مطلقاً في كل من الدستور العراقي (1- مسائلة رئيس الجمهورية....... 2- انتهاك الدستور) (28) واليمني يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى أو خرق الدستور ............ ) (29) واللبناني (لا تبعة على رئيس الجمهورية حال قيامـــه بوظيفتــــه إلا عند خرق الدستور أو فـــــي حالـــــة الخيانـــــة العظمى......) (30) . على مسؤولية رئيس الدولة عن جريمة انتهاك الدستور.

ومع عمومية النص القاضي بمسؤولية رئيس الدولة عن انتهاك الدستور، إلا أننا نرى أن الرئيس لا يخضع للمسائلة عن انتهاك الدستور إلا إذا أصر على مخالفته الدستورية بعد القضاء بعدم دستورية قراره أو تجاوزه حدود الاختصاص، فقد نصت م (92/ ثالثاً) من الدستور العراقي على أنه (تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي ......... الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات، والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية ...........)

ونصت المادة (153) من الدستور اليمني على أنه (المحكمة العليا أعلى هيئة قضائية، ويحدد القانون كيفية تشكيلها ويبين بالجمهورية هي اختصاصاتها والإجراءات التي تتبع أمامها وتمارس على وجه الخصوص ما يلي: أ- الفصل في الدعوى والدفوع المتعلقة بعدم دستورية القوانين واللوائح والأنظمة والقرارات ) .

على ذلك أن المرحلة الأولى للتصدي لمخالفـة الـرئيس لقواعد الاختصاص أو الشكل والإجراءات هي القضاء بعدم دستورية القرار أو الإجراء الصادر عنه أما لمخالفته لقواعد الاختصاص أو القواعد الشكلية والإجرائية. وبالتالي فإن عدم امتثال الرئيس لحكم المحكمة أو إصراره على المخالفة قد ينتهي إلى مساءلته عن جريمة انتهاك أو خرق الدستور.

ثانياً - تعليق الدستور: ينصرف معنى تعليق الدستور، إلى وقف العمل ببعض نصوصه ولمدة مؤقتة أو بصفة دائمة (31) . فقد يشكل الدستور عقبة قانونية سياسية أمام رئيس الدولة لتحقيق أغراضه الشخصية أو الخاصة، ولا سبيل لتجاوز هذه العقبة إلا بتعليق العمل به متذرعاً بحجج مختلفة ربما كان من أبرزها الظروف الاستثنائية التي تمر بها الدولة، كالحرب والعصيان المسلح والخطر الداهم الذي يهدد استقلال الدولة وسلامة أراضيها  (32).

والتعليق الفعلي أو الواقعي (غير الرسمي) هو الذي يثير مسؤولية رئيس الدولة ويعرضه للعقاب في الدساتير التي تجرم هذا الفعل صراحة، كونه (التعليق غير الرسمي) لا يستند للدستور ولا يسعى واقعاً لتحقيق مصلحة عامة وطنية، لكنه يستند لإرادة الرئيس وأغراضه الخاصة.

والجدير بالذكر أن الدساتير العربية انقسمت في موقفها من منح الرئيس صلاحية التعليق بين ثلاثة اتجاهات :

الاتجاه الأول: يخول الرئيس صراحة صلاحية تعليق الدستور في ظل الظروف الاستثنائية، وبهذا الاتجاه ذهب الدستور الإماراتي (لا يجوز بأي حال تعطيل أي حكم من أحكام هذا الدستور، إلا أثناء قيام الأحكام العرفية وفي الحدود التي يبينها القانون المنظم لتلك الأحكام ......... ) (33) والدستور البحريني (لا يجوز تعطيل أي حكم من أحكام هذا الدستور، إلا أثناء إعلان الأحكام العرفية وذلك في الحدود التي يبينها القانون....)(34)  والجزائري (يوقف العمل بالدستور مدة حالة الحرب ويتولى رئيس الجمهورية جميع السلطات.

 وإذا انتهت المدة الرئاسية لرئيس الجمهورية تمدد وجوباً إلى غاية نهاية الحرب....... ) (35) والسعودي (مع عدم الإخلال بما ورد في المادة السابعة من هذا النظام لا يجوز بأي حال من الأحوال تعطيل حكم من أحكام هذا النظام إلا أن يكون ذلك مؤقتاً في زمن الحرب أو في أثناء إعلان حالة الطوارئ وعلى الوجه المبين في النظام )(36).

الاتجاه الثاني: لا يخول هذا الاتجاه من الدساتير، الرئيس صراحة صلاحية التعليق، لكن هذه الصلاحية على رأي بعض الفقه مفهومة ضمناً من عمومية النص والعبارات المستخدمة فيه (37) والتي تخول الرئيس اتخاذ كافة الإجراءات السريعة العاجلة) (جميع الإجراءات) (جميع التدابير) (الإجراءات السريعة (الإجراءات السريعة اللازمة . وبهذا الاتجاه ذهب الدستور المصري (الرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري، أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بياناً إلى الشعب ويجري الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوماً من اتخاذها) (38). ونص الدستور المغربي على أنه إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من الأحداث ما من شأنه أن يمس بسير المؤسسات الدستورية، يمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير شريف بعد استشارة رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المجلس الدستوري وتوجيه خطاب إلى الأمة، ويخول بذلك، على الرغم من جميع النصوص المخالفة صلاحية اتخاذ جميع الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن حوزة الوطن ويقتضيها رجوع جميع المؤسسات الدستورية إلى سيرها العادي أو يتطلبها تسيير شؤون الدولة ........ لا يترتب على حالة الاستثناء حل البرلمان.....) (39) كما نص الدستور التونسي على أنه (الرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد كيان الجمهورية وأمن البلاد واستقلالها بحيث يتعذر السير العادي لدواليب الدولة اتخاذ ما تحتمله الظروف من تدابير استثنائية بعد استشارة الوزير الأول ورئيس مجلس النواب. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.......) (40) ونص الدستور الجيبوتي على أنه (إذا تعرضت مؤسسات الجمهورية أو إذا تعرض استقلال الدولة أو سلامة أراضيها أو تنفيذ تعهداتها الدولية لتهديد خطر وحال وتوقف العمل المنتظم للسلطات العامة يجوز لرئيس الجمهورية بعد إخطار رئيس المجلس الوطني ورئيس المجلس الدستوري وبعد توجيه بيان للشعب لإبلاغه بذلك أن يتخذ جميع التدابير الرامية إلى إعادة سير العمل المنتظم للسلطات العامة والحفاظ على الأمة ماعدا إجراء تعديل دستوري. يجتمع المجلس الوطني بقوة القانون.....) (41) ونص الدستور السوري على أنه (الرئيس الجمهورية إذا قام خطر جسيم وحال يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة واستقلال ارض الوطن أن يعوق مؤسسات الدولة عن مباشرة مهامها الدستورية أن يتخذ الإجراءات السريعة التي تقتضيها هذه الظروف لمواجهة الخطر ) (42) كما نص الدستور القطري على أنه (للأمير أن يعلن بمرسوم الأحكام العرفية في البلاد، وذلك في الأحوال الاستثنائية التي يحددها القانون وله عند ذلك اتخاذ كل الإجراءات السريعة اللازمة لمواجهة أي خطر يهدد سلامة الدولة أو وحدة إقليمها أو أمن شعبها ومصالحة أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء مهامها، على أن يتضمن المرسوم طبيعة الحالة الاستثنائية التي أعلنت الأحكام العرفية من أجلها وبيان الإجراءات المتخذة لمواجهتها ........) (43).

فعمومية التعابير المستخدمة في الدساتير العربية (المصري – المغربي – التونسي – الجيبوتي – السوري - القطري) (الإجراءات السريعة) (جميع الإجراءات) (التدابير الاستثنائية) (جميع التدابير) (الإجراءات السريعة) (الإجراءات السريعة اللازمة، يمكن تفسيرها على نحو يخول معها رئيس الدولة جميع الصلاحيات (بما فيها تعليق العمل ببعض نصوص الدستور لفترة مؤقتة) (44). إلا ما استثنيه منها بصورة صريحة، كحل البرلمان (45).أو إقالة الحكومة أو تقديم لائحة لوم ضدها (46). أو إجراء تعديل دستوري (47).

الاتجاه الثالث: يحظر هذا الاتجاه من الدساتير العربية على الرئيس ضمناً صلاحية تعليق العمل بالدستور أو بعض نصوصه، حيث يُخول رئيس مجلس الوزراء دون رئيس الدولة الصلاحيات الاستثنائية في . الحرب أو عند إعلان حالة الطوارئ من قبل مجلس النواب بما لا يتعارض مع الدستور. وبهذا الاتجاه ذهب الدستور العراقي.

وحيث أن الرئيس لا يتمتع بأي صلاحية استثنائية دستورية في ظل الظروف الطارئة فمن باب أولى أن ليس له تعليق العمل بالدستور أو بعض نصوصه . بل أن مثل هذا الإجراء ليس لرئيس مجلس الوزراء اتخاذه، باعتبار أن صلاحياته الاستثنائية تحدد من قبل مجلس النواب، وحيث أنه لا يوجد في الدستور ما يخول مجلس النواب تعطيل الدستور أو بعض نصوصه ولو لمدة مؤقتة، فأنه ليس للأخير تخويل رئيس مجلس الوزراء هذه الصلاحية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تفسير العبارة الواردة في المادة (61 تاسعاً / ج) من الدستور العراقي على أنه (يختص مجلس النـواب بـمـا يـأتي:...... أ- الموافقة علـى إعلان الحرب وحالة الطوارئ بأغلبية الثلثين، بناءً على طلب مشترك من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء ..... يخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من إدارة شؤون البلاد خلال مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ وتنظم هذه الصلاحيات بقانون، بما لا يتعارض مع الدستور .........).

ثالثاً - تعديل الدستور : ما من دستور وضعي مدون أو غير مدون إلا ويكون قابل للتعديل سداً للنقص الذي قد يكشف عنه التطبيق أو مسايرة للتطور الطارئ على الفكرة القانونية السائدة لدى أفراد المجتمع السياسي. ومثلما يجري النص في القوانين المختصة، على السلطة والإجراءات المتبعة في : تعديل القانون العادي، يجري النص في صلب الدستور على السلطة المختصة باقتراح تعديله والإجراءات المتبعة في ذلك والحظر الذي قد يرد على تعديل بعض نصوصه أو الظروف التي قد يحظر في ظلها التعديل. ومن المؤكد أن أي تعديل يخالف القواعد التنظيمية التي نص عليها الدستور، أمر من شأنه إبطال التعديل، بل وتجريم ومسائلة السلطة التي أقدمت على هذا التعديل في بعض الدساتير عن جريمة خرق أو انتهاك الدستور.

ويمكن تصور خرق ومخالفة قواعد وإجراءات تعديل الدستور في عدة حالات :-

الحالة الأولى : تفرد رئيس الدولة بمبادرة طلب تعديل الدستور، بالرغم من إشراك سلطة أخرى معه في هذه الصلاحية، أو إرغامه لها على التقدم بهذا الطلب دون مسوغ فعلي أو دستوري يدعو للتعديل، من ذلك مثلا أن الدستور العراقي يخول رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعاً صلاحية التقدم باقتراح تعديل الدستور(48). كما يخول دستور جزر القمر، رئيس الاتحاد وثلث أعضاء مجلس الاتحاد على الأقل معاً مبادرة التقدم بطلب تعديل الدستور (49).فإذا ما تفرد رئيس الدولة بهذه الصلاحية دون العودة للسلطة التي تشترك معه فيها فإن ذلك من شأنه إبطال إجراءات التعديل ومسائلة الرئيس في العراق عن جريمة خرق أو انتهاك الدستور.

الحالة الثانية: الانحراف في الغاية من طلب تعديل الدستور، تتباين الدساتير في تنظيمها وصياغتها لطبيعة نظام الحكم في الدولة، وحسب حاجة الدولة والفكرة القانونية والسياسية السائدة في المجتمع والعقيدة التي تنطلق منها السلطة التأسيسية الأصلية وهي تصوغ مبادئ وقواعد النص الدستوري. وعلى حد سواء مع أي نص تشريعي آخر، فإن بناء النص الدستوري لابد أن يأخذ بنظر الاعتبار، بل أنه يقوم على جملة من العوامل والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعقائدية والإيديولوجية. وبالتالي فإن النص الدستوري الذي يلاءم مجتمع معين، قد لا يلاءم آخر في ظل ظروف مختلفة.

ولكل نظام دستوري مبادئه وأسسه الخاصة الذي يتميز بها عن باقي الأنظمة الدستورية، فيقوم النظام الرئاسي على تركيز الصلاحيات التنفيذية بيد رئيس الدولة، على خلاف النظام البرلماني الذي يركز الصلاحيات التنفيذية بيد مجلس الوزراء ورئيسه في الوقت الذي يتقاسم فيه رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء هذه الصلاحية في النظام المختلط. وينطبق ذات الأمر على باقي الصلاحيات الدستورية.

ويرسم الدستور في ظل النظام الخاص للدولة طريقاً خاصاً في الحكم دون أن يتقيد بالمبادئ الرئيسية التي تقوم عليها الأنظمة الدستورية التقليدية. وقد تلجأ السلطة الدستورية المختصة أو رئيس الدولة إلى التقدم بطلب تعديل نص دستوري أو أكثر، ليس مراعاة لملائمة هذا النص أو ذلك للظروف والمستجدات ، ولكن طلباً للمزيد من الصلاحيات الدستورية تحقيقاً لمصالح وغايات خاصة، أو تقييداً لصلاحيات باقي السلطات الدستورية أو كبتاً للحقوق والحريات الفردية بذريعة تحقيق المصلحة العامة، أو ضماناً للمحافظة على سكينة الدولة واستقرارها.

ومن المؤكد أن طلباً للتعديل يسعى لتحقيق غايات خاصـة علـى حساب المصلحة الوطنية العامة يكون مشوباً بعيب الانحراف في الغاية، ويعد انتهاكاً وخرقاً للدستور.

الحالة الثالثة : انتهاك الحظر الزمني ، تنص بعض الدساتير على حظر تعديل أحكامها بصفة مطلقة أو نسبية خلال مدة معينة من تاريخ صدورها. أو في ظل ظروف استثنائية تمر بها الدولة، كالاحتلال أو الاضطرابات الداخلية. والحكمة من وراء النص على هذا الحظر، محاولة إكساب الدستور المزيد من القدسية والاحترام من خلال ضمان استقرار نصوصه والنأي بها عن التعديل لفترة معينة قد تمتد أحيانا إلى عقد من الزمان أو أكثر. وبهذا النوع من الحظر أخذ الدستور العراقي لسنة 2005 فقد نصت المادة (126/ثانياً) على أنه لا يجوز تعديل المبادئ الأساسية الواردة في الباب الأول، والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين وبناءً على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب بالاستفتاء العام ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام). فإذا ما أقدم الرئيس على تعديل الدستور متجاهلاً هذا الحظر، فإنه يعد وفق بعض الدساتير ( التي تنص على الحظر الزمني وتجرم انتهاك الدستور) ومن بينها الدستور العراقي مرتكباً لجريمة انتهاك الدستور.

الحالة الرابعة: انتهاك الحظر الموضوعي ، تحظر بعض الدساتير تعديل نصوص معينة منها بصفة مطلقة الحظر الموضوعي النسبي المطلق) أو في ظل ظروف معينة (الحظر الموضوعي النسبي المؤقت)، وغالباً ما تكون تلك النصوص متعلقة بطبيعة نظام الحكم في الدولة، أودين الدولة أو حدودها، أو حقوق الملك خلال فترة الوصاية على العرش. فإذا لم يراع الرئيس هذا الحظر ، وأقدم على تعديل النص الخاضع للحظر الموضوعي يعد على وفق بعض الدساتير (التي تنص على الحظر الموضوعي وتجرم خرق ) الدستور مرتكباً لجريمة انتهاك الدستور، الأمر الذي قد ينتهي إلى عزله عن سدة الرئاسة رابعاً - مخالفة الفلسفة التي يقوم عليها الدستور ، ما من دستور إلا ويقوم على فلسفة معينة يرسمها واضعوا الدستور أو يؤمن بها القابضون على السلطة من العسكر الذين يتولون السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية. وفي ضوء هذه الفلسفة يتم رسم الأسس السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للدولة وفي ضوئها يتم تحديد معالم نظام الحكم. ومن المؤكد أن هذه الفلسفة تتأثر بجملة من العوامل، ربما كان من أبرزها الإرث الدستوري وعراقة التجربة الديمقراطية، وأسلوب بناء الدولة، والخلفية الدينية والعرقية والقومية التي تبتني عليها الدولة والظروف التي أحاطت بنشئتها وتطورها، وقد تأتي هذه الفلسفة متأثرة بالظروف والمتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية.

وأيا كانت الفلسفة التي يقوم عليها الدستور، فإن على رئيس الدولة كما باقي السلطات الالتزام بهذه الفلسفة وهو يمارس صلاحياته الدستورية وإلا كان نشاطه مشوباً بعيب عدم الشرعية الأمر الذي يبرر مساءلته عن جريمة خرق أو انتهاك الدستور.

إلا أن ما يميز هذه المخالفة أنها ذات طابع مستتر، أو على الأقل يتطلب التحقق منها الرجوع إلى الفلسفة والأسس التي يقوم عليها الدستور، وهو أمر غاية في الصعوبة أو ليس من اليسير إثباته، كما المخالفة في الصريحة لنصوص الدستور أو للاختصاصات التي يتمتع بها الرئيس  دستورياً.

____________

1- انظر م (60) من الدستور اللبناني.

2- انظر م (128) من الدستور اليمني.

3- م (61 / سادساً / ب / 2) من الدستور العراقي.

4- م (49) من الدستور اللبناني.

5 - م ( 110) من الدستور اليمني.

6-  م (33/ب) من الدستور البحريني.

7-  م (70) من الدستور الجزائري.

8-  م (19) من الدستور المغربي.

9-  م (41) من الدستور التونسي.

10- م (22) من الدستور الجيبوتي.

11-  م (1/93) من الدستور السوري.

12- م (73) من الدستور المصري.

13- م (24) من الدستور الموريتاني.

14- م (32/ل) من الدستور البحريني.

15 -م (76) من الدستور الجزائري.

16- م (29) من الدستور الأردني.

17-  م (52) من الدستور الإماراتي.

18-  م (13) من دستور جزر القمر.

19-  م (3/70) من الدستور الصومالي.

20- م (60) من الدستور الكويتي.

21-  م (42) من الدستور التونسي.

22- م (7-96) من الدستور السوري.

23 - م (74) من الدستور القطري.

24- م (50) من الدستور اللبناني.

25 - م (79) من الدستور المصري.

26- لم ينص الدستور المغربي والجيبوتي والموريتاني على التزام الرئيس بأداء اليمين عند تسنمه مهام عمله في حين نص الدستور اليمني على التزام الرئيس بأداء اليمين دون إيراد صيغته .

27- للمزيد من التفاصيل راجع جميل عبد الله القائفي - سلطات رئيس الجمهورية في الظروف الاستثنائية وفقاً لأحكام الدستور اليمني والرقابة القضائية عليها – دراسة مقارنة - دار الجامعة الجديدة للنشر - الإسكندرية - 2006 - ص78-81

28-  انظر م (61 / سادساً / أ / 2) من الدستور العراقي.

29- م (128) من الدستور اليمني.

30- م (60) من الدستور السوري.

31-  د. ماجد راغب الحلو - القانون الدستوري - دار المطبوعات الجامعية – الإسكندرية 1997 – ص 257.

32- د. صالح جواد كاظمو د. علي غالب العاني - الأنظمة السياسية – دار الحكمة- بغداد – 1991 - ص192.

33-  م (145) من الدستور الإماراتي.

34- م (123) منم الدستور البحريني.

35- م (96) من الدستور الجزائري.

36 - م (82) من النظام الأساسي السعودي.

37- انظر د. احمد فتحي سرور - الحماية الدستورية للحقوق والحريات – دار الشروق - القاهرة – ط 2 - 2000 – ص 809. كذلك د. يحيى الجمل - نظرية الضرورة في القانون الدستوري وبعض تطبيقاتها المعاصرة دار النهضة العربية – القاهرة – 1988 - ص 204. كذلك د. حسين عثمان محمد عثمان - القانون الدستوري -دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية – 2002 – ص 398.

38-  م ( 74) من الدستور المصري.

39- م (35) من الدستور المغربي.

40- م (46) من الدستور التونسي.

41-  م (40) من الدستور الجيبوتي.

42- م (113) من الدستور السوري.

43-  م (69) من الدستور القطري.

44-  د. محمد حلمي فهمي – مرجع سابق – ص 406 .

45- انظر م(35) من الدستور المغربي . كذلك م (46) من الدستور التونسي.

46- انظر م (46) من الدستور التونسي.

47- انظر م (40) من الدستور الجيبوتي.

48-  انظر م ( 126 أولاً) من الدستور العراقي.

49-  انظر م (37) من دستور جزر القمر.

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .