أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-12-2019
1535
التاريخ: 29-11-2019
1486
التاريخ: 15-12-2019
1147
التاريخ: 26-12-2019
1567
|
فن القصة القصيرة
إن الذي لا ريب فيه أن القصة القصيرة أدنى إلى الادب الواقعي بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة، ومن هنا جاءت ملاءمتها للصحف، وأصبحت من المواد اللازمة لها منذ ظهور الصحافة، والصحافة في ذاتها أدب واقعي قبل كل شيء، لأنها تعني بالمجتمع وبما يقع فيه من أحداث.
ولقد كان الكاتب الفرنسي الشهير "جي دي مو باسان" من كتاب النصف الثاني من القرن التاسع عشر أول كاتب رسم للقصة القصيرة طريقاً جديداً بالمعنى الصحيح.
ذهب هذا الكاتب إلى أن القصة القصيرة ليس من الضروري أن تدور حول الاحداث الخطيرة، بل يغلب عليها أن تدور حول الامور العادية التي تحدث للناس كل يوم، وفي ذلك ما قد يكشف عن أشياء كثيرة في النفس البشرية التي يهم القارئ أن يعرف عنها الشيء الكثير.
ومن هنا كانت الاحداث في القصة القصيرة عند هذا الكاتب أحداثاً عادية. وكان الاشخاص في القصة أشخاصاً عاديين، وكانت مواقف القصة مواقف عادية، وبهذه المواقف العادية استطاع الكاتب أن يفسر الحياة تفسيراً سليماً، وأن يكشف فيها عن زوايا خفية، وأن يشرح النفس الإنسانية شرحاً دقيقاً.
وبينما كان "جي دي مو باسان" هذا يكتب القصة القصيرة بأسلوب سهل يدنو كثيراً من أسلوب الصحافة، إذا بالكاتب الروسي "تشيكوف" يعمد في كتابة القصص إلى أسلوب بعيد كل البعد عن أسلوب الصحافة، وبذلك عمل على أن تستعيد القصة القصيرة مكانتها من حيث البلاغة والاناقة وسمو التراكيب.
وأما خطة هذا الكاتب الروسي في كتابة القصص القصيرة فتقوم على هذه القاعدة: "عرف الناس بالناس ولا تعرفهم بنفسك" .
وهذا مثال من قصص "تشيكوف" يفصح فيه عن طريقته، ويكشف عن ميله الشديد إلى الإيجاز الذي عرف به.
في هذه القصة، وعنوانها "موت موظف حكومة" نرى موظفاً حكومياً، هو واحد من آلاف الموظفين الذي عرفتهم الاداة الحكومية في روسيا القديمة يعطس يوماً فوق صلعة قائد كبير جلس أمامه في المسرح، فيرتاع الموظف الصغير من فعلته هذه، ويستبد به الخوف إلى درجة مزعجة تملك عليه كل مشاعره، ويقول لنفسه: أما عليّ أن أقوم بواجب الاعتذار وأؤكد للقائد العظيم أن العطسة كانت بغير قصد مني؟ إن غضب القائد قد يجر علي وأنا الموظف الصغير أوخم العواقب، واستجمع الموظف الصغير كل شجاعته، وذهب إلى القائد واعتذر له مراراً وتكراراً، حتى اضطر القائد نفسه في النهاية أن يأمر بطرده من مجلسه فطرد المسكين، وإذ ذاك بلغ من الخوف والهلع مبلغاً أفضى به إلى الموت في داره فور وصوله أليها!.
هذه قصة مبكية مضحكة في وقت معاً، وهي في الوقت نفسه موجزة كل الإيجاز، محبوكة كل الحبك، ولكن دون أن تنقصها كلمة واحدة يكمل بها التأثير الكلي في القارئ أو في السامع.
ومن ثم اشترطت في القصة القصيرة شروط ثلاثة، هي:
أولاً- أن تكون لها بداية ووسط ونهاية.
ثانيا- أن تكون تصويراً لحدث متكامل له وحدته التي تتمثل في البداية، والوسط، والنهابة.
ثالثاً- أن تحدث في القارئ أثراً كلياً، أو تؤدي إلى معنى كلي.
ومعنى هذا أن القصة القصيرة لا يمكن أن تكون مجموعة أخبار يربط الكاتب بينها بطريقة مصطنعة ليوهم القارئ أنها قصة وليست كذلك.
إن القصة القصيرة عبارة عن موقف قصصي، أو موقف من مواقف الحياة يأخذ في النمو شيئاً فشيئاً إلى أن يصل إلى نقطة معينة يسميها النقاد "لحظة التنوير" كما سنشرح ذلك فيما بعد.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|