أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-02
797
التاريخ: 2023-09-04
1165
التاريخ: 2023-06-25
1177
التاريخ: 2024-09-29
338
|
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) (1).
تخصيص الخطاب بالمؤمنين لنحو ما تقدّم ، وقد يتوهّم دلالة الآية على عدم خروج المؤمن بشرب الخمر عن الايمان ، فيكون الفاسق مؤمنا ، وفيه نظر من وجوه لا يخفى (2) ثمّ المراد إمّا النهى عن فعل الصلاة والقيام إليها في حال السكر من خمر ونحوه أو من النوم أو أعمّ كما هو ظاهر القاضي (3) فإنّ الصلاة مع زوال العقل لا يصحّ ، فيجب القضاء إذا فاتته ، والمخاطب بذلك المكلّف به المؤمنون العاقلون إلى أن يذهب عقلهم ، فيجب ما يأمنون معه من فعل الصلاة حال السكر.
(وَلا جُنُباً) يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنّث ، وهو عطف على (وَأَنْتُمْ سُكارى) لأنّ محل الجملة مع الواو النصب على الحال (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) استثناء من عامّة أحوال المخاطبين وانتصابه على الحال ، أو صفة لقوله (جُنُباً) أي لا تقربوا الصلاة جنبا إلّا مسافرين أي معذورين أو غير مسافرين أي غير معذورين (حَتَّى تَغْتَسِلُوا).
وعلى التقديرين يدلّ على أنّ التيمم لا يرفع الحدث ، والتعبير عن مطلق المعذورين بعابري سبيل حينئذ كأنه لتحقق الأعذار غالبا في السفر ، وأما النهي عن مواضع الصلاة ، أي المساجد حال السكر من خمر ونحوه وجنبا إلّا مجتازين بأن تدخلوا من باب وتخرجوا من آخر ، وفي مجمع البيان وهو المرويّ عن ابى جعفر (عليه السلام) (4).
فان صحّت الرواية وإلّا فينبغي النظر إلى ما في كلّ من التكلف والترجيح فالأوّل إنما يحتاج إلى حمل (عابِرِي سَبِيلٍ) على المعذورين بقرينة ما يأتي في التيمّم ، فان حمله على المسافرين منهم فقط مع الحصر غير مناسب ، وهذا إلى حمل القرب من الصلاة على حضور مواضعها من المسجد ، أو تقدير مواضع مضافا بقرينة عابري سبيل محمولا على ظاهره ، أما ما يرجح به هذا من احتياج الأوّل إلى قيده بالتيمم ولزوم التكرار ففيهما نظر.
نعم يؤيده أن ذكر الصلاة بالتيمم في المائدة يوجب على الأول دون الثاني ، أما ذكر كون الصلاة بالتيمم بعده كما يقتضيه قوله (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) فيؤيد الأوّل لأنّ المحدث يجوز له دخول المسجد ، فلا يراد بالاية منعه إجماعا فهو بالأول أنسب ، ولو أريد على الثاني المنع من الصلاة أيضا.
وذكر ذلك [أي (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ) إلخ] إشارة إلى كون السكر ناقضا للوضوء ، فمع كونه بعيدا ، كذلك (5) كما لا يخفى ، وقد يقال يؤيده أيضا أنّ القول بتحريم دخول السكران المسجد غير معروف ، ولا معلوم إلّا باعتبار الصلاة فيرجع إلى تحريمها ، وفيه تأمل.
وقد يؤيّده أيضا ظاهرا عدم جواز اجتياز الجنب في المسجدين ، فإنه يقتضي ظاهرا تقييد الاستثناء أو الصفة على الثاني فيؤيّد الأول لكن لا يبعد أن يكون نزول الآية قبل حرمة الاجتياز فيهما كما قيل على أنّ الدلالة على جواز الاجتياز بالمفهوم على تقدير الصفة ولا نسلم عمومه هنا ، فربّما يقال نحو ذلك على الاستثناء أيضا.
وقال شيخنا المحقّق دام ظله بعد تضعيف الثاني : فالظاهر أنّ المراد بصدر الاية الدخول في الصلاة وإن أمكن جعل (وَلا جُنُباً) باعتبار المساجد بارتكاب تقدير ويحتمل أن يكون المنهيّ القرب إلى الصلاة مطلقا ومجملا : بالنسبة إلى السكران فعلها ، وبالنسبة إلى الجنب الدخول إلى مواضعها ويكون معلوما بالبيان ، ولا يخلو عن بعد والأول أبعد انتهى.
وعن الشهيد الثاني : قال أهل البديع (6) إنّ الله سبحانه استخدم في هذه الآية لفظ الصلاة في معناها الحقيقي ، وفي موضع الصلاة ، فإنّ قرينة (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) دلت على الصلاة ، وقرينة (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) على المسجد انتهى.
والظاهر أن ارتكاب الاستخدام في قربها أقرب والأظهر أن القرب أعم من التلبّس بفعلها والتعرض له كالعزم والقيام إليها والحضور في مواضعها المعدّة لفعلها بلا استخدام ، فان هذا هو الظاهر من القرب منها كما لا يخفى.
وبالجملة ففي الآية دلالة على وجوب ما يؤمن به من التلبس بالصلاة أو حضور المسجد حال السكر من ترك ما يستلزمه وفعل ما يستلزم عدمه حتّى قبل شرب المسكر ، فلو كان الشرب مستلزما لحرم لهذا ، فلا يكون التكليف مخصوصا بمن شرب أو بالثمل الذي لم يزل عقله بعد كما توهّم ، وكذا من شرب ولم يذهب عقله قبل الخروج ، فلو كان فيها أو في المسجد فخاف ذهاب العقل قبل الخروج وجب المسارعة إلى الخروج ونحو ذلك الجنابة.
ثم لا يخفى أنّ في تعيين التيمم للمعذور بدلا من الغسل بعد قوله (حَتَّى تَغْتَسِلُوا) دلالة على كونه كافيا للمعذور في دخول المسجد الحرام ، والصلاة فيه والطواف ، لا يشترط فيه أكثر ممّا يشترط فيها ، فلا وجه لمنع فخر المحقّقين من جواز الطواف بالبيت للجنب المتيمم ، لأنه جنب ولا يجوز دخوله المسجد إلّا عابرا لهذه الآية ، وأيضا فإنّه ينافي الأخبار العامّة المستفيضة ، وربما استلزم الحرج ، على أنّ حمل الآية على النهي عن قرب المسجد محل تأمل كما عرفت.
ثمّ لا يخفى أن ترك «منه» هنا يؤيد عدم اشتراط إيصال شيء من الصعيد إلى محل المسح ، وأما باقي الأحكام فكما تقدّم في الاولى.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) أي كثير الصفح والتجاوز كثير المغفرة والستر على ذنوب عباده.
سورة البيّنة : {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] المأمورون أما أهل الكتاب ، أو يعمّ المشركين ويحتمل مطلق المكلفين أي ما أمروا في التورية والإنجيل كما روى عن ابن عباس ، وذهب إليه كثير ، أو في القرآن.
(إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي العبادة أو ما يوجب الدين ، أي الجزاء والأجر ، فهي العبادة أيضا ، بأن لا يعبدوا إلّا الله ولا يشركوا في عبادته شيئا ، وفيه إشارة إلى أنّ الرياء نوع شرك.
فان قلنا إنّ اللام في (ليعبدوا) زائدة أي (7) «إلّا أن يعبدوا» دل على أن كل مأمور به عبادة ، وأنه يجب إيقاعها مخلصا فمثل قضاء الدين ودفع الظلم والنوم عند الضرورة إليه إذا لم يقع على وجه الإخلاص لم يحصل به الامتثال ، وكان المكلّف به آثما بتركه ، وإن حصل براءة الذمة من حق الناس وبعض المصالح المتعلّقة بالمأمور فيسقط التكليف لعدم بقاء المحل لا لوقوع الامتثال فلا يكون الإخلاص في مثله شرطا لحصول الثواب فقط ، بل لعدم العقاب أيضا فتأمل.
وإن قلنا اللام للتعليل كما في الكشاف (8) والبيضاوي : احتمل ذلك أيضا أي ما أمروا بما أمروا إلّا لأجل أن يعبدوا الله بذلك حال كونهم مخلصين له تلك العبادة ولا يبعد أن لا يعتبر كون تعبّدهم بذلك المأمور به ، أى ما أمروا بما أمروا إلّا لأجل أن يعبدوا الله مخلصين له العبادة ، فالأمر حينئذ إمّا بالعبادة مخلصين ، أو بما يؤدّى العمل به إليها.
ويحتمل على الوجوه كلّها أن يكون الحصر إضافيّا كما لا يخفى ، فلا يأتي بعض ما قلنا. نعم لا ريب في كون العبادة على وجه الإخلاص مأمورا بها على الوجوه كلّها.
(حُنَفاءَ) حال آخر ، أى مستقيمين على طريق الحق والصواب أو مائلين إليه عن الاعتقادات الزائفة والطرق الباطلة ، فهو تأكيد لحصر العبادة في الله ، المفهوم من قوله بعد تأكيده بالإخلاص ، وعطف «يقيموا ويؤتوا» يدلّ على زيادة الاهتمام بالصلاة والزكاة (وَذلِكَ) أي عبادة الله على الوجه المذكور ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة دين الملّة القيّمة ، أي عبادة الملّة المستقيمة الحقّة ، وهي شريعة نبينا (صلى الله عليه واله وسلم) الآن.
أو المراد بالدين الملّة كما في قراءة : «وذلك الدين القيمة» (9) فتكون من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة ، وتأنيث القيّمة إما للردّ إلى الملّة أو الهاء للمبالغة (10) وهذه الإضافة قد جوّزها الكوفيّون (11) ومن لم يجوّز فإنّما لم يجوّز مع إفادة الصفة لا مطلقا ، وهو مصرّح ، ولهذا يجوز الإضافة البيانيّة بالاتفاق ، أو صفة للكتب الّتي جرى ذكرها كذلك أى ذلك ملّة الكتب القيّمة أو ملّة أصحابها كما قيل.
وعلى الوجهين يمكن أن يراد به العبادة كما لا يخفى ، بل في القراءة أيضا.
[وقد يتأمّل في دلالة الآية على اعتبار الإخلاص في العبادة لاحتمال أن يراد بإخلاص الدين له اختيار دين الإسلام مثلا خالصا لله ، وفيه أنه خلاف أقوال العلماء لم ينقل من أحدهم ذلك ، وأيضا الأظهر في إخلاص الدين لله أن يوقع الأعمال الدينية خالصا لله ، ولم سلّم فحنفاء ، فيه ما يكفي في هذا المعنى كما قدّمنا].
وبالجملة لا ريب في دلالة الآية على اعتبار الإخلاص في العبادة ، وأشراطه فيها ، ولو من قوله (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) ولعلّ إخلاصها هو أن توقعها لله وحده ، فلا ترجو بها إلّا من عنده ، وإن كان الكمال التام أن يكون معرفتك بجلال ربّك وكرمه واعتقادك بفيّاض فيض جوده وفضله ، فوق أن ترجو ما عنده بامتثاله ، ورسوخك في محبّته وطريق مودّته وشوقك إلى متابعة مراده وتحصيل مرضاته أكثر من أن يكون شيء من ذلك ملحوظا لك في عبادته ، كما هو المفهوم من قول مقتداك وهاديك ، وباب علم نبيّك (صلى الله عليه واله وسلم) : «ما عبدتك خوفا من نارك ، ولا طمعا في جنّتك ، بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك (12)».
ولا يخفى أنّ الفعل لا تقع هكذا إلّا باعتبار قصده كذلك ، وهو النيّة الّتي يستدلّ الأصحاب بالآية عليها ، والإخلاص هو المراد بالقربة الّتي يذكرونها في النيّات لتلازمهما في العبادة الصحيحة ، وترتّبها عليه ، ولاعتبار صفة القربة في الآيات والروايات كثيرا.
إذا تقرّر ذلك ، فلا تصحّ مع قصد الرياء أو التبرّد أو إزالة الكسل أو الوسخ أو نحوها ، لكونه منافيا للإخلاص فيكون مفسدا لها ، وتصحّ مع رجاء الفوز بالجنّة ، والخلود فيها ، والخلاص من النار والأمن منها بالامتثال بها ، فان هذا غير مناف بل مؤيّد ومؤكّد إلّا لنادر ، ولذلك تضمّن بعض الآيات والأخبار الأمر به ، والمدح عليه.
ثم لا يخفى أنّ قوله (حُنَفاءَ) ظاهره على ما تقدّم عدم صحّة عبادة الفاسق سيّما مع إصراره على الكبائر لأنّه غير مستقيم على طرق الحقّ والصواب ، وغير مائل إليه عن الاعتقادات الزائفة والطرق الباطلة ، اللهم إلّا أن يراد بهم المائلون إلى الإسلام عن الأديان كلّها ، كما في اللباب (13) أو المتّبعون لملّة إبراهيم (عليه السلام) ، وقيل حنفاء أي حجّاجا وإنما قدّمه على الصلاة والزكاة لأنّ فيه صلاة ، وإنفاق مال ، وهو غير مناسب كما لا يخفى.
وكظاهر هذه الآية قوله تعالى في نبأ ابني آدم (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) فان ظاهر إطلاقه كما قاله القاضي أنّ الطاعة لا تقبل إلّا من مؤمن متّق ، وفيه : إلّا على قول من يقول بأن فاعل الكبيرة غير مؤمن ، على أنّ فيه ما فيه من الإشكال فإنّ الفقهاء لم يذكروا ذلك ، بل ظاهرهم أنّ الفسق لا يمنع من صحة العبادة إذا فعلها على وجهها.
فلعلّ المراد أنّ الله لا يقبل القربان بإرسال نار تأكلها إلّا من المتّقين أو أنه لا يقبل عبادة إلّا من المتّقين فيها ، بأن يأتي بها على وجه لا يكون عصيانا ، مثل أن يقصد بها الرياء أو غير ذلك من المبطلات ، أو المراد تقوى عن ذنب ينافي تلك العبادة ، فتكون إشارة إلى أنّ الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضدّه ، فهو موجب للفساد ، فلا يلزم الاشتراط عدم كونها معصية ، أو عدم استلزامها للمعصية ، والله أعلم.
ثمّ اعلم أنه إذا كان المراد بدين القيّمة الملّة المستقيمة أي شريعة الإسلام كما تقدّم ، يجب أن يكون ذلك إشارة إمّا إلى الدين الكائن أوامره ، أو عبادته على الوجه المخصوص المفهوم التزاما وإمّا إلى الأوامر المخصوصة ، أو العبادة المخصوصة أو إلى كون الأوامر على الوجه المخصوص أو العبادة كذلك ، ومعلوم أنّ شيئا من ذلك ليس عين شريعة الإسلام فإن شريعة الإسلام أوامر ونواه وغيرهما ، وكذلك عبادة وغيرها ، فلا بدّ من ارتكاب مجاز في الإسناد ، أو في ظرف أو تقدير مضاف ونحوها.
وحينئذ فلا يرد ما قيل من أنّ ظاهره دخول الأعمال خصوصا إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في الإسلام ، وهو مذهب الخوارج ، فان من أخلّ بالعمل فاسق عند الكلّ ، وكافر عند الخوارج ، وخارج عن الايمان غير داخل في الكفر عند المعتزلة ، لاعتبارهم الأعمال في الايمان فبعض كلّا ، وبعض الفرائض ، وبعض مجرّد الكبائر.
فمنهم من استدلّ بذلك كالخوارج بأنّ الايمان إن كان هو الإسلام ، فظاهر وإلّا فكلّ ما يعتبر في الإسلام يعتبر في الايمان ، ولا يرد حينئذ هذا أيضا مع ما فيه كما لا يخفى.
الواقعة (إِنَّهُ) أي المتلوّ (لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) صفة قرآن ، أي حسن مرضىّ أو عزيز مكرّم ، أو كثير النفع (فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) مصون عن الباطل ، أو مستور عن الخلق في لوحه المحفوظ ، ومتعلّق الجارّ إما صفة بعد اخرى لقرآن أو خبر بعد خبر ، وكذلك (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) لأنّه لو كان صفة لكتاب كان كالتأكيد والبيان لمكنون ، والتأسيس التام أتمّ وأولى ، ولأنّ السياق لإظهار شرف القرآن وفضله ، وينبّه عليه قوله (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) أى القرآن أو المتلوّ ، لا الكتاب الذي هو اللوح المحفوظ ، ولا الذي فيه.
في الكشاف (تَنْزِيلٌ) صفة رابعة للقرآن أي منزّل (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) أو وصف بالمصدر ، لأنه نزل نجوما بين كتب الله تعالى فكأنه في نفسه تنزيل ، ولذلك جرى مجرى بعض أسمائه ، فقيل جاء في التنزيل كذا ونطق به التنزيل ، أو هو تنزيل على حذف المبتدء ، وقرئ «تنزيلا» على «نزل تنزيلا» انتهى ، وأيضا اطّلاع الملائكة على ما في اللوح المحفوظ ومسّهم إيّاه غير واضح ، فان مفاد بعض الاخبار وكلام بعض الأخيار خلافه ، وكذلك قيل في تفسير (مَكْنُونٍ) : مستور عن الخلق [ولم يقل مستور عن الناس ونحو ذلك] كما تقدّم.
وفي التبيان ومجمع البيان وعندنا أنّ الضمير يعود إلى القرآن ، فلا يجوز لغير الطاهر مسّه حملا للنفي على معنى النهي ونحوه ، ويؤيّد ذلك ما روى (14) عن الصادقين (عليهم السلام) أنّ المراد المطهّرون من الأحداث والجنابات ، وأن أخبارهم (عليهم السلام) متفقة في المنع لغير الطاهر من المسّ ، وفي بعضها الذي ينبغي أن يعدّ من الصحاح نسب ذلك إلى الآية الشريفة ، فيحرم مسّ كلّ ما صدق عليه أنه قرآن ، سواء في مصحف أو لوح أو جدار أو جلد أو ورق ولو مسودة أو غير ذلك كما هو المشهور عندنا.
نعم قد يتأمل في التشديد والاعراب ونحوه ، وربّما فرق بينهما ، وفيه نظر لا يخفى.
ثمّ لو كان صفة لـ (كِتابٍ) للقرب مع بعده فالأظهر إرادة الخطّ والكتابة القرآني مطلقا ، كلا كان أو بعضا ومصحّح الظرفيّة حينئذ استفادة القرآن منه ، ودلالته عليه وهو في المآل كالأوّل أولا مطلقا بل كلا ، وحينئذ فيدلّ على تحريم مسّ كتابة القرآن في المصحف ونحوه ، ولا أعرف منّا قائلاً بهذا الخصوص لكن ربما أمكن أن يقال لا فرق بين ذلك وبين غيره ، إذ الظاهر أنّ المقتضى لذلك كونه خطّ القرآن وكتابته فتأمل.
أما أن يراد به المصحف ، أعنى مجموع الأوراق أو الألواح المكتوبة فيها القرآن جميعا ، أو والجلد إذا كان ، أو والكيس ونحوه ، كما ذهب إليه الشافعيّة فبعيد جدا لكن ربّما كان اعتمادهم في ذلك على إطلاق منع مسّ المصحف في الخبر فليتأمل فيه.
وقد أورد في المقام أنّ استفادة التحريم من الآية على ما ذكر يتوقّف على كون النفي بمعنى النهى بتقدير مقول فيه ، وهو تكلّف ، وكونه صفة لـ (كِتابٍ) أي اللوح والمطهّرون الملائكة المقربون المطهّرون عن الذنوب وغيرها محتمل واضح خال عن التكلّف ، فلا يجوز العدول عنه ، وإن ثبت الحكم بالأخبار أو الإجماع إلّا أن يدلّ دليل على أنه مراد منها.
ويمكن أن يجاب بأنّ هذا الاحتمال مدفوع بما قدّمنا ، ومعه ارتكاب نحو هذا التكلّف سهل وأولى ، لكن قد ذهب جماعة من الأصحاب إلى كراهة مسّ خطّ القرآن للمحدث.
وفي الكشاف : «وإن جعلته صفة للقرآن فالمعنى لا ينبغي أن يمسّه إلّا من هو على الطهارة من الناس» ولا يخفى أن «لا ينبغي» ظاهره الاخبار والكراهة دون التحريم ، وأنه قريب ، وأن المحذور الذي هو لزوم الكذب يندفع بهذا المقدار فلا يلزم ارتكاب ما يلزم منه التحريم ، بل لا يجوز إلّا بما يقتضيه بخصوصه.
وتبيّن أيضا انه لا يتوقّف استفادة الحكم على كون النفي بمعنى النهي خصوصا على التقدير المذكور ، فيجوز التقدير إخبارا على التحريم أيضا كلا يجوز ونحوه ، وأيضا لم سلّم وجوب كون النفي هنا بمعنى النهي في الجملة ، فلا يلزم كونه للتحريم بل جاز كونه بمعنى نهي التنزيه.
لا يقال النهى ظاهره التحريم وإن احتمل التنزيه ، لأنّا نقول ذلك في صيغة النهي لا مطلق طلب الترك ، فإن للنفي في هذا المقام معنيين مجازيين : أحدهما معنى نهى التحريم ، والآخر نهى التنزيه ، بل ثالث هو طلب الترك مجملا ، فاذا تعذر الحقيقة وجب الحمل على المجاز ، لكن لا يجوز التخصيص إلّا بمخصّص خصوصا في التحريم ، لمزيد مخالفته للأصل ، على أنه لو تساوى الجميع فلا ريب أن الكراهة تثبت على كل من المعنيين الأخيرين ، فيكون أقوى وأرجح.
وقد يقال التحريم وإن كان خلاف الأصل ، إلّا أنه أقرب المجازات إلى النفي لدلالته على الانتفاء شرعا حتما ، وفيه نوع تأمّل فليتدبّر.
وفي الكشاف (15) : «ومن الناس من حمله على القراءة أيضا ، ولا يخفى بعده ، ولهذا لم يذهب إليه أحد من الفقهاء ، وفي بعض التفاسير عن محمّد بن الفضل : لا يقرء القرآن إلّا موحّد ، وعن حسين بن الفضل لا يعلم تفسيره وتأويله إلّا المطهّرون من الكفر والنفاق ، وعن أبي العباس بن عطا لا يعرف حقائق القرآن إلّا المطهّرون بأنوار العصمة عن أقذار المعصية ، وعن جنيد المطهّرون أسرارهم عمّا سوى الله ، وقيل المراد المطهّرون من الحدث الأكبر نحو الجنابة والحيض والاستحاضة والنفاس ، وأما المس فقيل اختص بالملاقاة بباطن الكف وقيل بل هو اسم للملاقاة مطلقا ، وهو الأقرب من حيث اللّغة.
التوبة : (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) المرويّ عندنا عن الباقر والصادق (عليهما السلام) (16) وهو الأشهر عند العامة (17) أيضا انها نزلت في أهل قباء ، فروي لجمعهم في الاستنجاء من الغائط بين الأحجار والماء ، وروي لاستنجائهم بالماء ، والجمع ممكن ، وفيها دلالة على استحباب الجمع في الاستنجاء من الغائط وأولوية الماء من مجرد الأحجار ، فإنه أتمّ ، وربما دل على استحباب المبالغة في الاجتناب من النجاسات ، ولا يبعد فهم استحباب النورة وأمثالها ، واستحباب الكون على الطهارة.
وتأييد لدلائل الأغسال المستحبّة ، واستحباب المبالغة في الاجتناب عن المحرمات والمكروهات ، والاجتناب عن محالّ الشبهات ، وكلّ ما فيه نوع خسّة ودناءة ، والحرص على الطاعات والحسنات ، فإنهنّ يذهبن السيئات ، فإنّ الطهارة إن كانت لها شرعا حقيقة فهي رافع الحدث ، أو المبيح للصلاة ، وهنا ليست مستعملة فيه اتّفاقا فلم يبق إلّا معناها اللغوي العرفيّ أي النزاهة والنظافة ، وهو يعمّ الكل ، كما لا يخفى.
ويؤيّد هذا العموم قوله تعالى (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) قال القاضي أي المتنزهين عن الفواحش والأقذار والإتيان في غير المأتي ، وحينئذ يكون لكلّ من الأقوال الباقية وجه.
قال في الكشاف (18) وقيل : هو عامّ في التطهّر من النجاسات كلّها ، وقيل كانوا لا ينامون اللّيل على الجنابة ، ويتبعون الماء على أثر البول ، وعن الحسن هو التطهر من الذنوب بالتوبة ، وقيل يحبّون أن يتطهّروا بالحمّى المكفّرة لذنوبهم ، فحمّوا عن آخرهم ، ومحبّتهم للتطهّر حرصهم عليه حرص المحبّ للشيء المشتهى له ، ومحبة الله إيّاهم أنّه يرضى عنهم ويحسن إليهم كما يقول المحبّ لمحبوبه هذا.
[وقيل : يفهم من الآية أن من فعل حسنا مع عدم أخذه بدليل شرعي كان ممدوحا مثابا حيث وقع هذا الثناء العظيم من الله سبحانه لهم ، مع عدم علمهم كما يفهم من شأن النزول ، وفيه منع ظاهر ، على أن كفاية الماء وحده والأحجار كذلك على بعض الوجوه كما هو المقرر ، كاف في افادة أولوية الجمع ، والماء عند العقل ، لظهوره أن المقصود هو النظافة كما لا يخفى].
الفرقان (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) قيل أى مطهّرا ؛ عنه (19) (عليه السلام) طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبعا إحداهن بالتراب أى مطهره وعنه (20) (عليه السلام) جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وعنه (عليه السلام) أيضا وترابها طهورا ، ولو أراد الطاهر لم يكن فيه مزيّة ، وعنه (عليه السلام) (21) وقد سئل عن الوضوء بماء البحر: هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته ولو لم يرد مطهرا لم يصلح جوابا.
وقال اليزيدي (22) الطهور بالفتح من الأسماء المتعدية ، وهو المطهر غيره ، وأيضا يقال ماء طهور ولا يقال ثوب طهور ولا شيء يختص به الماء يقتضي ذلك الّا التطهير ، وأيضا فعولا للمبالغة ، ولا يتحقق إلّا مع إفادة التطهير.
وفي الكشّاف (23) طهورا بليغا في طهارته. وعن أحمد بن يحيى (24): هو ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره ، فان كان ما قاله شرحا لبلاغته في الطهارة ، كان سديدا ويعضده قوله تعالى (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) وإلّا فليس فعول من التفعيل في شيء.
والطهور في العربيّة على وجهين صفة واسم غير صفة، فالصفة ماء طهور كقولك طاهر ، والاسم كقولك لما يتطهّر به طهور ، كالوضوء والوقود لما يتوضأ به وتوقد به النار ، وقولهم تطهّرت طهورا حسنا كقولك وضوء حسنا ذكره سيبويه ومنه قوله (صلى الله عليه وآله) : لا صلاة إلّا بطهور ، أي بطهارة انتهى.
واعترضه النيشابوريّ بأنه حيث سلم أنّ الطهور في العربيّة على الوجهين اندفع النزاع ، لأنّ كون الماء ممّا يتطهر به هو كونه مطهرا لغيره، فكأنه سبحانه قال وأنزلنا من السماء ما هو آلة للطهارة، ويلزم أن يكون طاهرا في نفسه ، قال ومما يؤيد هذا التفسير أنه تعالى ذكره في معرض الانعام ، فوجب حمله على الوصف الأكمل ، وظاهر أنّ المطهر أكمل من الطاهر ، ونظيره قوله (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) انتهى ، ولا يخفى ان تسليمه ذلك على وجه لا يصح كون ذلك مرادا هنا إذ قد صرّح بكونه حينئذ اسما غير صفة أي لا يوصف به، وذلك لأنّ أسماء الآلة كأسماء الزمان والمكان لا يوصف بها من المشتقّات كما هو المصرّح به في النحو ، فكيف يستلزم ذلك التسليم اندفاع النزاع، على أنّ نزاعه هو في كون التطهير من مفهومه الموضوع له كما هو صريح قوله «فان كان ما قاله شرحا لبلاغته في الطهارة كان سديدا» وحينئذ لو صحّ التوصيف به وكان هو مرادا كان النزاع باقيا لتغاير مفهومي المطهّر وآلة الطهارة ، وإن تلازما هنا ، ولذلك لم يلزم مثل هذا التلازم في في نظيرهما كليا ، ولا صحّت نسبة الفعل إلى الآلة كذلك حقيقة ، بل ولا مجازا تدبر.
وأيضا إذ قد تبين أنّ المطهريّة لازم على التقديرين ، من غير أن يكون من المفهوم الموضوع له ، فلا يلزم كون الوصف بالآليّة أكمل ، بل الظاهر حينئذ أنّ البالغ في شدّة الطهارة إلى هذا الحدّ أبلغ من آلة الطهارة ، كيف لا؟ وطهارته في نفسه حينئذ من مفهومه الموضوع له ، بخلافه على ذلك ، بل قد ينظر في استلزامه عقلا أو شرعا ، وهذا أيضا أنسب ببقيّة الآية خصوصا على إرادة ماء المطر : كما هو الظاهر ، وصرّح به عامة المفسّرين فليتدبّر.
وفي معالم البغويّ : وذهب بعضهم إلى أنّ الطهور ما يتكرر منه التطهير ، كالصبور لمن يتكرّر منه الصبر ، والشكور لمن يتكرّر منه الشكر ، وهو قول مالك حتّى جوّزوا الوضوء بما توضّي به مرة ، وذهب أصحاب الرأي إلى أنّ الطهور هو الطاهر حتّى جوّزوا إزالة النجاسة بالمائعات الطاهرة ، مثل الخلّ وماء الورد والمرق.
وقال النيشابوري : هذا القول علم بين الفقهاء في الاستدلال على طهارة الماء في نفسه ، وعلى مطهريّته لغيره ، ولا يخفى أنّ الاستدلال بهذا على طهوريّة الماء مطلقا مشكل لما عرفت من ظهوره في ماء المطر ، وهو أنظف المياه وأطهره ، فوصفه بذلك خصوصا للفائدة المذكورة في بقيّة الآية لا يستلزم اتصاف غيره من المياه بذلك ، إلّا باعتبار الإجماع على طهوريّة مطلق الماء من غير فرق أو النصّ كقوله (عليه السلام) «خلق الماء طهورا (25)» والدليل حينئذ ذلك لا ما في الآية.
نعم يمكن أن يستدلّ به على مزيّة قوّة التطهير لماء المطر أما الاستدلال بها على اختصاص الطهوريّة بالماء كما هو ظاهر جماعة من الشافعيّة ، فلا ، إلّا أن يقال : حيث ثبت في الشريعة أن الماء مطلقا طهور ، علم أنّ المراد هنا وصفه بالطهوريّة بحسب حقيقته ونوعه ، فينتفى عن غيره بالمفهوم.
ثمّ هذا عامّ يأتي على المعاني المعتبرة كلّها ، سواء البليغ في الطهارة ، والطاهر في نفسه المطهّر لغيره ، وغيره ، فلا ينفع في الفرار عن ذلك الحمل على البليغ في الطهارة كما ذهب إليه الحنفيّة ، وكأنّهم غفلوا عن مقتضى المبالغة فحملوه على الطاهر في الجملة [مع أنّ الماء يصحّ به إزالة النجاسة لوصفه بالطهورية قطعا] فلا يأتي حينئذ الاختصاص بالمفهوم ، للإجماع على طهارة غير الماء أيضا.
ثمّ لا يخفى مع ذلك أنّ الطهارة حكم شرعي لا بد فيه من دليل شرعي ليحكم بها بعد ثبوت النجاسة شرعا ، وذلك واضح ، مع استعمال الماء على وجهه للإجماع وغيره أما في غير الماء فلا ، وما يستدلّ به من الأمر المطلق بالغسل والتطهير المطلق من غير تقييد بالماء ففيه أنّ الظاهر من التطهير والغسل عرفا وشرعا إنّما هو بالماء فينصرف إليه.
على أنّه قد ورد التقييد في بعض الأخبار بالماء ، فينبغي حمل المطلق على المقيّد وإن لم يثبت عرف في ذلك ، فيعلم الشرع به ، على أنّ ذلك خلاف الاحتياط وكاد أن يكون خلاف الإجماع في ذلك الزمان على ما قيل.
ثم الأظهر أنّ المفسّرين لمّا وجدوا المقام مناسبا للبحث عن معنى الطهور وكون الماء طهورا بحثوا عنه ، وأوردوا مذاهب الفقهاء على حسب ما ناسب ذلك من غير أن يكون مدار مذهب كلّ في هذه المسائل على المراد بما في الآية ، هذا ، ولا يخفى أنّ الظاهر على الأقوال كلّها أنّه يصحّ استعماله للطهارة ، وأنه يفيدها ، فهو طاهر مطهّر يصح الطهارة به عن الحدث الأصغر والأكبر ، وإزالة الخبث به عن كلّ شيء إلّا ما أخرجه الدليل ، وأنّ الظاهر بقاء الطهارة والطهورية مع بقاء الاسم ، وإن استعمل أو تغيّر من نفسه ، أو بالامتزاج ، أو المجاورة ، حتّى يثبت المزيل ، والله أعلم.
الأنفال (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ)(26).
كأنّ المراد بتطهير الله إيّاهم توفيقهم للطهارة ، وقيل : الحكم به بعد استعمال الماء على الوجه المعتبر ، و (لِيُطَهِّرَكُمْ) إما إشارة إلى إزالة الخبث (وَيُذْهِبَ) إمّا إلى إزالة الحدث ، أو إلى نوع منه ، أو منهما ، والأوّل إلى الكلّ ، غير ذلك أو مع ذلك فيكون الثاني تصريحا بما علم ضمنا أو الأمر على عكس الأوّل (27) أو الأوّل إشارة إلى الكلّ كملا ، والثاني إلى رفع الوسوسة ، وعلى كلّ حال دلالتها على أنّ الماء طاهر مطهّر يتطهّر به من الأحداث والأخباث ظاهرة.
أما الاستدلال على نفى إفادة غير الماء الطهارة لا من الحدث ولا من الخبث بدلالتها على الامتنان بإنزال الماء لتطهيرهم ، فلا يكون غير الماء مفيدا ذلك ، وإلا لكان ذكر الأعمّ أولى.
ففيه أن ذكر الماء ربّما كان تنصيصا للواقع ، مع كون الماء أقوى في هذا المعنى وأظهروا عمّ نفعا وأكثر. بل لم يكن يستجمع تلك الفوائد المقصودة المهمة إلّا الماء ، بل إنّما كان مطلوبهم خصوص الماء كما لا يخفى. وأيضا لو سلّم المفهوم حينئذ فغاية ما يلزم منه أن لا يكون غير الماء مطهرا مطلقا فتدبر].
وفي الكشّاف : رجز الشيطان وسوسته إليهم (28) وتخويفه إيّاهم من العطش ، وقيل الجنابة لأنّها من تخييله ، وقرئ «رجس الشيطان» وذلك أنّ إبليس تمثّل لهم ، وكان المشركون قد سبقوهم إلى الماء ، ونزل المؤمنون في كثيب أعفر تسوخ فيه الاقدام على غير ماء ، وناموا ، فاحتلم أكثرهم ، فقال أنتم يا أصحاب محمّد تزعمون أنكم على الحق وإنّكم تصلّون على غير وضوء وعلى الجنابة ، وقد عطشتم ، ولو كنتم على الحقّ ما غلبكم هؤلاء على الماء وما ينتظرون بكم إلّا أن يجهدكم العطش ، فاذا قطع العطش أعناقكم مشوا إليكم فقتلوا من أحبّوا وساقوا بقيّتكم إلى مكّة ، فحزنوا حزنا شديدا ، وأشفقوا.
فأنزل الله المطر فمطروا ليلا حتّى جرى الوادي ، واتخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه الحياض على عدوة الوادي وسقوا الركاب واغتسلوا وتوضّؤا ، وتلبّد الرمل الذي كان بينهم وبين العدوّ حتّى ثبتت عليه الاقدام ، وزالت وسوسة الشيطان ، وطابت النفوس.
وعلى القيل وقد ذهب إليه كثير فمع دلالته على رفع حدث الجنابة بخصوصه يدلّ أيضا على كون الاحتلام من الشيطان ويحتمل أن يراد به المنيّ لأنّ الظاهر من الرجز النجاسة العينيّة ويؤيّده قراءة رجس الشيطان.
__________________
(1) سورة النساء الآية 43.
(2) منها الفرق بين المؤمنين وبين الذين آمنوا ، لاختصاص الأول بهذه الخصوصية ومنها منع ما يستلزم ثبوت هذا الإطلاق أو صدق اسمه حال السكر ، فإنه مثل أن يقال لا تفسقوا ولا تكفروا ، ومنها أن السكور بما يحصل بالشرب على الوجه الخطاء أو الإكراه ، فلا يستلزم الفسق ، ومنها على أن السكر سكر النوم فلا فسق أيضا فليتدبر ، منه قدس سره.
(3) البيضاوي ج 2 ص 88 ط مصطفى محمد.
(4) المجمع ج 2 ص 52 ومثله في كنز العرفان ج 1 ص 29.
(5) اى بالأول أنسب.
(6) انظر شرح الإرشاد ص 50 وخلاصة الكلام في هذا المبحث أن لأهل الأدب في معنى الاستخدام اصطلاحين الأول ما استعمله الزركشي في البرهان وابن أبي الإصبع في بديع القرآن وبعض آخر وهو ان يأتي بلفظ له معنيان (حقيقيان أو مجازيان أو مختلفان) ثم يوتى بلفظين يخدم أحدهما أحد معنيي اللفظ الأول والثاني المعنى الآخر منه سواء تقدم اللفظ الأول على قرينتيه أو تأخر أو توسط.
وقد مثلوا له في كلام الله المجيد بقوله تعالى (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) فان لفظ الكتاب قد يراد به الأمد المحتوم وقد يراد به المكتوب يخدم لفظ الأجل أحد مفهوميه وهو الأمد ويخدم يمحو المفهوم الآخر وهو المكتوب.
ومثلوا له أيضا هذه الآية (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) فان الصلاة تحتمل ارادة نفس الصلاة وتحتمل ارادة موضعها ، فقوله «حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ» يخدم المعنى الأول ، وقوله «إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ» يخدم المعنى الثاني.
وقال أبو العلاء في القصيدة الثالثة والأربعين يرثي فقيها حنفيا.
وفقيها أفكاره شدن للنعمان |
|
ما لم يشده شعر زياد |
فان النعمان يراد به أبو حنيفة وهو النعمان بن ثابت ، ويراد به النعمان بن المنذر ملك الحيرة فقوله فقيها يخدم المعنى الأول وقوله شعر زياد يخدم المعنى الثاني لأن زيادا هو النابغة الذبياني وكان معروفا بمدح النعمان بن المنذر.
وفي القصيدة النباتية.
حويت ريقا نباتيا حلا فغدا |
|
ينظم الدر عقدا من ثناياك |
فلفظ النباتي يراد به السكر يعمل منه كالبلور شديد البياض والصقالة ويراد به ابن نباتة الشاعر المعروف ، فذكر الريق والحلاوة يخدم المعنى الأول ، وذكر النظم والدر والعقد يخدم المعنى الثاني.
وقال الهلالي:
أخت الغزالة إشراقا وملتفتا |
|
لها لدى السمع لذات ونشأت |
فالاشراق يخدم أحد معنيي الغزالة وهو الشمس والملتفت يخدم معناه الآخر وهو الظباء.
ومثله قول الشاعر :
حكى الغزال طلعة ولفتة |
|
من ذا رآه مقبلا ولا افتتن |
أعذب خلق الله ريقا وفما |
|
ان لم يكن أحق بالحسن فمن؟ |
والفرق بين الاستخدام بهذا الاصطلاح والتورية أن اللفظ ان استعمل في مفهومين معا فهو الاستخدام وان أريد أحدهما مع لمح الآخر باطنا فهو التورية قال الشاعر :
في الجانب الأيمن من خدها |
|
نقطة مسك اشتهى شمها |
حسبته لما بدا خالها |
|
وجدته من حسنه عمها |
ففي الاستخدام بهذا الاصطلاح استعمال اللفظ في معنييها وأكثر المتأخرين من الأصوليين على استحالة استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد وأجازه أستادنا العلامة أية الله الحائري مؤسس الحوزة العلمية الكبرى بقم نور الله مضجعه الشريف ، انظر كتاب درر الفوائد ج 1 ص 25 قال قدس سره بل لعله يعد في بعض الأوقات من محسنات الكلام ، واختار الجواز سماحة الآية العلامة الخوئي مد ظله انظر ذيل ص 51 ج 1 من كتاب أجود التقريرات وكذا ص 205 الى ص 214 ج 1 من تقرير درسه الشريف لمحمد إسحاق الفياض والمختار عندي أيضا الجواز ولا أريد إطالة الكلام بشرح ما ذكروه في المسئلة من النقض والإبرام فان محله الأصول.
بل أقول هنا ان أدل الدليل على إمكان كل شيء وقوعه وقد وقع في التنزيل الآية المبحوث عنها.
هذه الأئمة من أهل البيت الذين هم أدرى بما في البيت قد استندوا بالاية لاستفادة حرمة دخول الجنب المساجد الا اجتيازا.
انظر جامع أحاديث الشيعة ج 1 ص 164 والحدائق ج 3 ص 50.
هذه الصحابة مثل ابن عباس حبر الأمة وابن مسعود كنيف ملئ علما يستندون للحكم بالاية انظر تفسير الطبري ج 5 ص 98 الى ص 100 وسنن البيهقي ج 2 ص 442 و 443 وبعيد من أمثال هذه الصحابة أن يقولوا في القرآن بشيء غير مطمئنين بكونه المقصود وغير متلقين من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقد استدل بالاية على الحكم غير واحد من التابعين والفقهاء والعلماء لا نطيل الكلام بسردهم انظر التفاسير تفسير هذه الآية.
وغير خفي على من له ادنى ذوق وفهم ـ انه لا يستقيم استفادة هذا الحكم من الآية الا من طريق الاستخدام بهذا المعنى المستلزم لاستعمال اللفظ في أكثر من معنى ، واما الوجوه الأخر التي ذكرها المفسرون فمما لا يتقبله الطبع السليم والذوق المستقيم لا نطيل الكلام بذكرها ، وعليك بمراجعتها والتأمل التام ثم القضاء بالحق حسب ما يقتضيه الوجدان والسلام على من اتبع الهدى.
الاصطلاح الثاني للاستخدام ما استعمله السكاكي في المفتاح والقزويني في التلخيص وعدة أخر وهو أن يوتى بلفظ له معنيان (حقيقيين أو مجازيين أو مختلفين) أو أكثر. ثم يوتى بضميره أو ضمائر له ويراد المعنى الآخر أو المعاني الآخر أو بأحد الضميرين معنى وبالآخر الأخر : وكذا لو أتى مكان الضمير ما يشير اليه مثل قول ابن الوردي :
ورب غزالة طلعت |
|
بقلبي وهو مرعاها |
نصبت لها شباكا من |
|
لجين ثم صدناها |
فقالت لي وقد صرنا |
|
الى عين قصدناه |
بذلت العين فاكحلها |
|
بطلعتها ومجريها |
واسم الإشارة مثل :
راى العقيق فأجرى ذاك ناظرة |
|
متيم لج في الاشواق خاطره |
أراد بالعقيق أولا المكان ثم أعاد اسم الإشارة عليه بمعنى الدم ، وعد الشهاب الخفاجي منه الاستخدام بالاستثناء في قول زهير :
«ابدا حديثي ليس بالمنسوخ إلا في الدفاتر» حيث أراد بالنسخ الأول الإزالة ، وأراد به في الاستثناء النقل أي إلا في الدفاتر فإنه ينسخ وينقل وعندي أن هذا من الاستخدام بالاصطلاح الأول ومثله «بذلت العين جارية ومكحلة وطالعة» وسرده الخفاجي في هذا القسم باعتبار الضمير المستتر.
قال في الإتقان قيل لم يقع في القرآن على طريقة السكاكي ، قلت وقد استخرجت بفكرى آيات على طريقته منها قوله تعالى (أَتى أَمْرُ اللهِ) فأمر الله يراد به قيام الساعة والعذاب وبعثة النبي (صلى الله عليه وآله) وقد أريد بلفظه المعنى الأخير كما اخرج ابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى (أَتى أَمْرُ اللهِ) قال محمد ، وأعيد الضمير في فلا تستعجلوه مرادا به قيام الساعة والعذاب.
ومنها وهي أظهرها قوله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) فان المراد به آدم ثم أعاد عليه الضمير مرادا به ولده ثم قال (فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ) ومنها قوله تعالى (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) ثم قال (قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) اى أشياء أخر لأن الأولين لم يسألوا عن الأشياء التي سأل عنها الصحابة فنهوا عن سؤالها ، انتهى ما في الإتقان.
قلت وعد منه (وَالْمُطَلَّقاتُ) الى قوله (وَبُعُولَتُهُنَّ) فان الضمير في بعولتهن للرجعيات وان استشكل عليه العلامة النائيني في فوائد الأصول ، وعد منه أيضا (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ).
ثم المنقول في هذا اللفظ الاستخذام بمعجمتين يعنى الاستخذام والاستجذام ، وبمهملة ومعجمة يعنى الاستحذام ومعجمة ومهملة يعنى الاستخدام من الخدمة انظر تفصيل الاستخدام في ج 4 ص 327 شروح التلخيص وجواهر البلاغة ص 364 وأنوار الربيع ج 1 من ص 307 الى ص 320 وخزانة الأدب للحموي ص 53 ونهاية الأدب ج 7 ص 143 وبديع القرآن لابن ابى الإصبع ص 104 وشرح النهج للخوئى ط الإسلامية ج 1 ص 158 والتعريفات للجرجانى ص 16 والبرهان للزركشى ج 3 ص 446 والإتقان ج 2 ص 84 النوع الثامن والخمسون وريحانة الألباء ج 1 ص 33 والتفاسير عند تفسير هذه الآية أو تفسير (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ).
(7) قد عرفت صحة زيادة اللام لإفادة التأكيد بعد فعل الأمر وفعل الإرادة فراجع تعاليقنا على هذا الكتاب ص 33 يؤيد هذا الوجه قراءة ابن مسعود على ما نقله في الكشاف ج 4 ص 782 الا ان يعبدوا.
(8) الكشاف ج 4 ص 782.
(9) الكشاف ج 4 ص 782.
(10) وفي المجمع ج 5 ص 523 قال النضر بن شميل سالت الخليل عن هذا فقال القيمة جمع القيم والقيم والقائم واحد فالمراد وذلك دين القائمين لله بالتوحيد.
(11) وهو الحق انظر تعاليقنا على مسالك الافهام ج 1 ص 81.
(12) انظر تعاليقنا على مسالك الافهام ج 1 ص 235.
(13) تفسير الخازن ج 4 ص 399 سورة الواقعة ويؤيد ذلك ما روى عن الصادقين.
(14) انظر الباب 12 من أبواب الوضوء من الوسائل وص 43 ج 1 مستدرك الوسائل وص 84 ج 1 من جامع أحاديث الشيعة وراجع أيضا في المسئلة مسالك الافهام ج 1 من ص 82 الى ص 85 وتعاليقنا فان فيها ما قل ان يوجد في الكتب الأخرى.
(15) الكشاف ج 4 ص 469.
(16) انظر البرهان ج 2 ص 161 وص 162 ونور الثقلين ج 2 ص 267 و 268.
(17) انظر الدر المنثور ج 3 ص 278 وص 279 والطبري ج 11 من ص 26 الى ص 31 وابن كثير ج 2 ص 389 و 390.
(18) الكشاف ج 2 ص 311.
(19) الجامع الصغير بالرقم 5380 ج 4 ص 272 فيض القدير عن أبي هريرة وفي بعض الروايات أولاهن مكان إحديهن وفي الفيض وقيل طهور بالضم بمعنى الفعل والمشهور بفتح الطاء بمعنى المطهر.
(20) مر مصادر الحديث ص 32 من هذا الجلد.
(21) روي في المنتقى ج 1 ص 24 نيل الأوطار وفيه رواه الخمسة (أي أحمد وأصحاب السنن) وفي النيل أخرجه أيضا ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما وابن الجارود في المنتقى والحاكم في المستدرك والدارقطني والبيهقي في سننهما وابن أبي شيبة وحكى الترمذي عن البخاري تصحيحه وفي النيل أيضا انه صححه ابن المنذر وابن مندة والبغوي وقال هذا الحديث متفق على صحته.
وقال ابن الأثير في شرح المسند هذا حديث صحيح مشهور أخرجه الأئمة في كتبهم واحتجوا به ورجاله ثقات وقال ابن الملقن في البدر المنير هذا الحديث صحيح جليل مروي من طرق الذي حضرنا منها تسع ثم ذكرها جميعا وأطال الكلام عليها انتهى ما أردنا نقله من النيل.
وروى الحديث في المعتبر ص 7 ونقله عنه في الوسائل الباب 2 من أبواب الماء المطلق ورواه في كنز العرفان ج 1 ص 38 ورواه في المستدرك ج 1 ص 25 عن دعائم الإسلام وغوالي اللئالى وروى حديثي المعتبر ودعائم الإسلام في جامع أحاديث الشيعة ج 1 ص 3 وروى حديث المعتبر في الوسائل الباب 2 من أبواب الماء المطلق ج 1 ص 102 المسلسل 335 ط الإسلامية.
(22) المشهور في كتب اللغة والتفاسير نسبة كون الطهور بمعنى الطاهر في نفسه المطهر لغيره انما هو الى ثعلب كما سينقله المصنف نفسه أيضا عن الكشاف عن أحمد بن يحيى وهو ثعلب ثم ينقلون عن الأزهري وكان بعد ثعلب توفي 370 وقيل تتلمذ على ثعلب وعلى اى فالمنقول منه انه قال الطهور في اللغة هو الطاهر المطهر. قال فعول في كلام العرب لمعان منها فعول لما يفعل به مثل الطهور لما يتطهر به والوضوء لما يتوضأ به والفطور لما يفطر عليه والغسول لما يغتسل به ويغسل به الشيء واما كون الطهور بالفتح من الأسماء المتعدية وهو المطهر لغيره فقد نقله المصنف هنا عن اليزيدي وسبقه في ذلك الفاضل المقداد في كنز العرفان ج 1 ص 37 ط المرتضوي وادعاه شيخ الطائفة وبراعته في اللغة والأدب مما لا ينكره أحد من الفريقين.
قال في التهذيب ج 1 ص 214 : وليس لأحد ان يقول ان الطهور لا يفيد في لغة العرب كونه مطهرا لان هذا خلاف على أهل اللغة لأنهم لا يفرقون بين قول القائل هذا ماء طهور وهذا ماء مطهر انتهى.
ثم اليزيدي عند أهل الأدب انما يطلق على يحيى بن المبارك المتوفى 202 المعروف نفسه وبنوه الخمسة بالأدب والنحو ترى ترجمته مع مصادر الترجمة في الإعلام ج 9 ص 205.
وفي حاشية نسختنا «كأنه محمد بن يزيد المبرد منه مد ظله» وأظنه سهوا منه (قدس سره) لكون ابى المبرد يزيد فتوهم انه اليزيدي عند أهل الأدب والا فهو معروف بلقبه المعروف المبرد بكسر الراء لقب به لما سأله شيخه أبو عثمان المازني عن عويصة فأجابه بأحسن جواب برد به غليله فقال قم فأنت المبرد فحرّفه الكوفيون ففتحوا الراء تهكما به وعلى اى فانظر البحث في الطهور وما قيل فيه في اللسان والتاج والمصباح المنير والتفاسير تفسير الآية 48 من سورة الفرقان والحدائق ج 1 ص 174 الى 177.
(23) الكشاف ج 3 ص 284.
(24) هو أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار الشيباني مولاهم امام الكوفيين في عصره لغة ونحوا وثعلب لقب له وقد ظن انه تغلب بالتاء القوقانية والغين المعجمة وهو اشتباه ولد ثعلب سنة مائتين وتوفي سنة احدى وتسعين ومائتين وكان راى أحد عشر خليفة أولهم المأمون وأخرهم المكتفى بن المعتضد له كتب كثيرة وقالوا في رثائه.
مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب |
|
ومات أحمد انحى العجم والعرب |
فان تولى أبو العباس مفتقدا |
|
فلم يمت ذكره في الناس والكتب |
انظر ترجمة الرجل في الإعلام ج 1 ص 252 وبغية الوعاة ج 1 ص 396 الرقم 787 وتاريخ بغداد ج 5 ص 204 وأنبأه الرواة ج 1 ص 138 الرقم 86 ونزهة الألباء ص 173 ط بغداد وتاريخ ابن كثير ج 11 ص 98 ووفيات الأعيان ج 1 ص 30 ومعجم الأدباء ج 5 من ص 102 الى ص 146 وتذكرة الحفاظ ج 2 ص 214 وطبقات القراء ج 1 ص 148 الرقم 692 والفهرست ص 116 وآداب اللغة ج 2 ص 181 وتهذيب الأسماء واللغات للنووي ج 2 ص 275 الرقم 457 والنجوم الزاهرة ج 3 ص 133 وريحانة الأدب ج 1 ص 239 الرقم 594 ورغبة الأمل ج 1 ص 4 وروضات الجنات ص 56.
(25) الحديث رواه في المعتبر عن الجمهور بلفظ خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه ورواه في السرائر بعنوان المتفق على روايته وفي المدارك ص 5 كونه من الاخبار المستفيضة ورواه في الوسائل بلفظ خلق الله الماء طهورا ، إلخ، عن المعتبر وابن إدريس ورواه في المستدرك وغوالي اللئالي عن الفاضل المقداد بلفظ خلق الله الماء إلخ ولفظ الفاضل في كنز العرفان ج 1 ص 39 الماء طهور لا ينجسه الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه ورواه بدون الاستثناء بلفظ خلق مع رمز خ على كلمة الله.
ولم أظفر في الجوامع الحديثية لأهل السنة على الحديث بهذا اللفظ نعم أرسلوه في كتبهم في الفقه والتفسير وغيرهما كالرازي ج 24 ص 95 والمناوى في فيض القدير ص 312 ج 1 شرح الرقم 512 وجواهر الاخبار ذيل البحر الزخار ج 1 ص 28 ومختصر المزني واحياء العلوم للغزالي ج 1 ص 115.
واما أخبارهم المسندة فليس فيها لفظ خلق أو خلق الله الا ان فيها الماء طهور ان الماء طهور وأمثاله وكفى هذه الألفاظ أيضا فيما أراد المصنف إثباته من عدم اختصاص الحكم بالمياه المنزلة من السماء بالإجماع والاخبار لا بالاية فلا حاجة لنا بشرح اختلاف ألفاظ الأحاديث في ذلك الباب.
(26) الأنفال: 11.
(27) يعنى أن يذهب إشارة إلى إزالة الخبث وليطهر إشارة إلى إزالة الحدث.
(28) انظر الكشاف ج 2 ص 203 وفي فقه اللسان لكرامت حسين من ص 285 الى ص 291 ج 1 ما حاصله ان الوجس مصدر يحكى الصوت الخفي مثل الرجس والرجس القذر من ذلك الصوت الخفي الحادث للمستقذر وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح والعذاب واللعنة والكفر والنجس مصدر فرعى مشتق من رجس صار أصلا في النجاسة بعد كونه حاكيا لصوت يسمع عند الاستقذار والرجز مصدر فرعى من رجس بمعنى الصوت الخفي من المستقذر ثم أطلق على القبيح شركا كان أو عبادة الأوثان ورجز الشيطان وساوسه.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|