أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-07
1256
التاريخ: 2023-05-07
1381
التاريخ: 2023-05-11
1740
التاريخ: 2023-04-24
1016
|
آلت الخلافة العباسية منذ عام 640هـ إلى أبي أحمد عبد الله الملقب بالمستعصم بالله الذي كان الخليفة السابع والثلاثين والأخير من أسرة بني العباس. وقد كان رجلاً متديناً هادئ الطبع عف اللسان حسن الأخلاق ولكنه كان ضعيفاً ولا دراية له بشؤون السياسة والحكم؛ ولم يكن يطلع على حقائق الأمور ولم يكن يهابه أحد؛ وكان يقضي معظم وقته في مجالس السماع والنساء والمهرجين أو في مكتبته الشخصية دون تحقيق استفادة حقيقية. ومع أن المغول كانوا على أبواب بغداد وبدلاً من أن يتدبر أمرهم أخذ يرسل الرسائل إلى سلاطين الدول المحيطة يطلب منهم موافاته بالمغنين والملحنين. وكان يولي أدنياء الناس كبار الأعمال في البلاط والديوان والحكومة. فكان رجال بلاطه جميعاً عدا وزيره مؤيد الدين محمد بن العلقمي من أراذل الناس ممن سيطروا على شخصه تماماً ووجهوه أنا شاؤوا كانت عادة الخلفاء العباسيين حتى نهاية عهد المستنصر أن يسجنوا أبناءهم من باب الاحتياط. إلا أن المستعصم لم يرع هذا العرف وترك أبناءه الثلاثة طلقاء. وقد استغل الابن الأكبر ضعف أبيه فانطلق يمارس أعمال التخريب والبطش مما ساعد أيضاً على سقوط الأسرة العباسية. مرت ست عشرة سنة منذ بدء خلافة المستعصم حتى وصول هولاكو إلى أطراف بغداد. ومع أن نبأ اقتراب جند المغول كان ينتشر كل يوم لم يتحرك الخليفة الغافل اللاهي للبحث عن مخرج من المأزق ولو بإرسال الهدايا لهولاكو وعرض الاستسلام على المغول. وكلما كانوا يبلغونه باقتراب التتار إلى العراق كان يقول «تكفيني بغداد ولا حاجة بي للبلاد الأخرى). وقد طرق المغول أبواب العراق عدة مرات في عهد خلافة المستعصم، إلا أنهم لم يفلحوا في الاستيلاء عليها إلا في سنة 656هـ. وكانت أول مرة يزحفون فيها إلى أطراف بغداد في عصر هذا الخليفة في سنة 643هـ. وكان لسليمان بن پرچم زعيم تركمان الإيوائي نفوذ كبير في بغداد في ذلك الوقت. وكان أحد زعماء هذه الطائفة نفسها يدعى خليل بن بدر قد شق عصا الطاعة على الخليفة وخرج إلى الجبال وأسرع سليمان شاه لإخماد حركته وقتل خليل. وتعاونت جماعة من الأكراد مع المغول ورافقتهم في زحفهم على بغداد. فأمر الخليفة جنود بغداد أن يستعدوا خارج دار الخلافة لصد المتمردين إذا فكروا في دخول المدينة. فظن المغول أن هذا العدد القليل من جند الخليفة هم كل جيشه، فأسرعوا بالزحف نحو بغداد؛ فأرسل إليهم الخليفة أحد قادة جيشه وهو شرف الدين إقبال شرابي. وصل المغول إلى أطراف بغداد في ربيع الآخر من سنة 643هـ، وخرج جيش الخليفـة بـقـيـادة شرف الدين إقبال شرابي وبعون من مؤيد الدين محمد بن أحمد العلقمي وزير المستعصم للجهاد ضد المغول. ولما لم يجد التتار في أنفسهم قدرة على المقاومة فروا ليلاً وأمنت بغداد شرهم في هذه المرة. كان زمام الحكم والجيش في الدولة العباسية في ذلك الوقت في يد المجموعة التالية: المؤيد بن العلقمي وزيراً؛ شرف الدين إقبال شرابي من قادة الجيش؛ سليمان شاه التركماني زعيم. تركمان الإيوائي؛ مجاهد الدين أيبك الكاتب الثاني؛ علاء الدين آلتون برس الكاتب الأول. وكان جند الخليفة في ذلك الوقت لا يزيد عددهم عن ستين ألفاً معظمهم تحت إمرة سليمان شاه، وكانت شؤون الخلافة في يد علاء الدين الكاتب الأول ومجاهد الدين أيبك الكاتب الثاني وإقبال شرابي وابن العلقمي الوزير إلا أن هؤلاء الأمراء والوزراء لم يكونوا مخلصين للخليفة تماماً، وكان كل منهم يفكر في وسيلة للإطاحة به. بالإضافة إلى أن كلاً منهـم كـان يـضـمـر الـعـداء للآخرين. وكان موضع ثقة الخليفة الساذج بين أفراد هذه الطغمة هو مجاهد الدين الكاتب الثاني. وقد جمع مجاهد الدين فئة من الأوباش حوله وقرر خلع الخليفة المستعصم وتعيين خليفة آخر من أسرة بني العباس. فأسر ابن العلقمي للخليفة بالمؤامرة؛ إلا أن الخليفة بدلاً من أن يبطش بـعـدوه استدعاه ونصحه ثم عفا عنه. فكاد الكاتب الثاني لابن العلقمي عند الخليفة بأن اتهمه بالتواطؤ مع هولاكو. واستفحل أمر مجاهد الدين وازداد عدد من تجمعوا حوله يوماً بعد يوم. وعندما فكر الخليفة في ردعه نشبت الفتنة في بغداد. كان أهالي بغداد خليط من السنّة والشيعة والمسيحيين، وكانت بينهم . خلافات حول المعتقدات الدينية وكانوا يختلفون أيضاً في توجهاتهم السياسية. واستفحل هذا التصدع الداخلي بين أهالي بغداد وزاده العداء المتبادل بين الحكام والمسؤولين وإضطرمت نار الفتنة في البلاد. وكانت سذاجة الخليفة وضعفه تصور له أن كل من يخطو خطوة من وزرائه وعماله كانت تنبع من حبه للخير وللبلاد. وبعد تمرد الكاتب الثاني على الخليفة، تمكن المستعصم من إخماد نار الفتنة بعون من صاحب ديوانه. وكتب رسالة بخط يده إلى الكاتب الثاني يعطيه فيها الأمان ويقول إن ما بلغه عنه كان محض افتراء، واستدعاه لمقابلته وخلع عليه واسترضاه. كان هناك سابق عداء بين الكاتب الثاني والوزير مؤيد الدين بن العلقمي كما سبقت الإشارة، وكان كل منهما يكيد للآخر عند الخليفة. وفي أواخر عهد المستعصم أي في سنة 650هـ، نشبت فتنة بين الشيعة والسنة في بغداد وكلف الخليفة ابنه الأكبر أبا بكر بإخمادها. فأغار أبو بكر على تجمعات الشيعة بحي الكرخ وضريح الإمام موسى بن جعفر، واقترف كثيراً من الفظائع وقتل الكثيرين مما أدى إلى بغض الشيعة عامة للخليفة وبني العباس. كما تألم الوزير مؤيد الدين بن العلقمي الذي كان من الشيعة. في الوقت الذي كان حال بغداد على ذلك النحو، جاء هولاكو من العراق بجيش جرار إلى همدان. ورافقه في رحلته هذه بدر الدين لؤلؤ (616هـ 657هـ) صاحب الموصل وأبو بكر بن سعد أتابك فارس وخواجة نصير الدين الطوسي وعطا ملك الجويني وابنا رئيس الدولة الطبيب الهمداني. وظل خان المغول في همدان وعلى أطراف کرمانشاه قرابة عشرة الأشهر. وفي بداية إقامته كان قد استدعى بايجو وأرسله مرة أخرى إلى بلاد الروم ثم انشغل طوال مدة إقامته بإعداد الجيش. وفي أثناء إقامته في همدان ظل السفراء يترددون بينه وبين الخليفة عدة مرات. ولم يكن العداء القديم بين الوزير ابن العلقمي ومجاهد الدين وحمق الخليفة يسمحان بإرسال الهدايا لخان المغول وقبول طاعته لسد طريق وصول المغول إلى العراق وإنقاذ آخر معاقل العلم والأدب في المشرق الإسلامي من براثن هؤلاء البرابرة. وفي العاشر من رمضان 655هـ، أرسل هولاكو مبعوثيه إلى الخليفة يطلب منه الاستسلام والمثول بين يديه، وإن لم يتيسر ذلك أن يوفد سليمان شاه وابن العلقمي والكاتب الثاني بالرد إليه. فأوفد الخليفة مبعوثين أحدهما شرف الدين عبد الله بن الجوزي (1) إلى همدان لتحذير هولاكو من بطشه ويأمره بالعودة إلى خراسان. فغضب هولاكو من رد الخليفة وكان أهالي بغداد قد أساؤوا معاملة مبعوثيه. فأعاد سفراء الخليفة ونصحه مرة أخرى بقبول طاعة المغول. بعد عودة سفراء الخليفة، وجد ابن العلقمي أن الأصلح هو أن يتم إرسال الهدايا من بغداد إلى هولاكو وذكر اسمه في الخطبة وضرب المسكوكات باسمه عله ينصرف عن اجتياح البلاد. وقد وافق الخليفة على اقتراح وزيره وأمر بإعداد الهدايا، إلا أن مجاهد الدين الكاتب والقادة التابعين له عارضوا الفكرة وقالوا للخليفة إن ابن العلقمي يقدم على ذلك لكي تكون له الحظوة عند هولاكو وهدفه الإبقاء على الجيش في محنته. ونتيجة لوشايتهم أحجم الخليفة عن إرسال الهدايا وشرع في تعبئة الجيش بإصرار من سليمان شاه، ولكن نظراً لامتناعه عن إمدادهم بالمال فإن مسألة تعبئة الجيش لم تتم كما ينبغي. واضطر الخليفة في النهاية إلى إرسال الهدايا إلى هولاكو ومعها رسالة يرهبه فيها من سوء عاقبة من يخرجون على طاعة بني العباس ويلفته إلى ما آل إليه أمر يعقوب بن ليث الصفاري وأخيه عمرو والسلطان محمد السلجوقي والسلطان محمد خوارزمشاه ظناً منه أن مثل هذه التهديدات الجوفاء ستخيف هولاكو وترده على عقبيه من منتصف الطريق تاركاً الخليفة للهوه ومجونه ومجالس سماعه، في حين أن هذه الرسائل التافهة لم تؤد إلا إلى إثارة حنق هولاكو وغضبه وزادت من عزمه على التوجه نحو بغداد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- وهو ابن محي الدين ابي محمد يوسف(580 ــ 656)وحفيد أبي الفرج جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي(510هــ ــ 597هــ)العالم الواعظ المعروف. وكان أبوه محي الدين المدرس بالمدرسة المستنصرية ببغداد ورئيس ديوان المستعصم قد قتل في أثناء اجتياح بغداد.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|