أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-25
1212
التاريخ: 21/11/2022
1080
التاريخ: 2-1-2023
2551
التاريخ: 1/11/2022
984
|
تحرير الخبر الخارجي
عرفنا فيما سبق أن أهم ما يميز الخبر الخارجي:
اولاً- أنه يأتي من الخارج غالباً.
ثانياً- أنه يأتي مكتوباً بلغة أجنبية غير اللغة التي تصدر بها الصحيفة العربية.
ثالثاً- أن موضوعات الخبر الخارجي بعيدة عن القارئ العادي، بعيدة كذلك عن محرر الخبر الخارجي نفسه، إلى أن يكتب عنها بقلمه.
رابعاً- أن الخبر الواحد تتعدد مصادره، وتختلف وجهات النظر فيه اختلافاً بيناً، فأزمة وزاوية في فرنسا تعتبر خبراً يحمله البرق ويطير به من وكالة أنباء إلى وكالة أخرى، وينقله المراسلون الاجانب من بلد لآخر، وتنشره الصحف الاجنبية، كل بطريقتها الخاصة، وبما يتفق وسياستها التي تسير عليها في إصدار هذه الصحف.
خامساً- هكذا يجد محرر الخبر الخارجي نفسه أمام سيل من البرقيات الخارجية، كلها تتحدث عن موضوع واحد، وكلها تحاول أن تفسر هذا الموضوع الواحد، ويكون على المحرر وقتئذ أن يفاضل بين هذه الطرق والتفسيرات والاتجاهات المختلفة، ويستخلص منها الخبر الذي يريد أن ينشره في الصفحة الخارجية نشراً يتفق والصحيفة التي يعمل فيها.
الترجمة
على محرر القسم الخارجي بعد ما تقدم أن يقوم بدور "الترجمة" ولعله منذ تعطيل وكالة الانباء الفرنسية أصبحت اللغة الإنجليزية هي اللغة الوحيدة التي ترد بها البرقيات من وكالات الانباء. والمحرر الخارجي يرى نفسه ملزماً بقراءة هذه المواد التي تمده بها وكالات الانباء، وترجمتها على النحو المتقدم، ومن هنا لم يزل القسم الخارجي في الصحف المصرية يسمى "قسم الترجمة"، ومن هنا أيضاً جاءت أهمية هذه المادة بين مواد الدراسة في أقسام الصحافة بالجمهورية العربية إلى اليوم.
فالترجمة إذن عنصر من عناصر تحرير الخبر الخارجي، وربما اقتصر عمل المحرر الخارجي أحياناً على مجرد الترجمة. على أن النجاح في هذا الفن من فنون الصحافة العربية وهو الترجمة يقتضي في الواقع مهارة وتفوقاً في اللغة المترجم منها، واللغة المترجم إليها في وقت معاً، والمحرر الضعيف في إحدى اللغتين لا ينتظر له نجاح في هذا العمل.
وهذان المطلبان يستوي فيهما المترجم الصحفي والمحرر الصحفي، ولكن الترجمة الصحفية في الاقسام الخارجية تتطلب من المحرر أموراً أخرى أهمها ما يلي:
اولاً- أن يكون دقيقاً في ترجمته أبعد ما تكون الدقة، وخاصة حين يتعرض لترجمة التصريحات الهامة، والبيانات الرسمية، والمعاهدات أو الاتفاقات في ترجمة هذه الموضوعات، قد تترتب عليه أمور جسام، وحوادث كبيرة، ونتائج على جانب من الخطورة في العلاقات بين الدول، فقد يؤدي الخطأ في الترجمة إلى سوء فهم بين دولتين من هذه الدول، ويؤدي سوء الفهم إلى قيام حرب، أو على الاقل يفضي بأحد الطرفين إلى سلوك معين، ويرد عليه الطرف الآخر بسلوك مماثل، وبذلك تسوء العلاقات، وتسوء العواقب.
وقد تتطلب البرقية من المحرر أن يقوم بترجمة النص الذي أمامه ترجمة حرفية، وهذا الاسلوب من أساليب الترجمة لا غنى عنه في ترجمة المعاهدات والمواثيق الدولية، وقرارات الهيئات، والمؤتمرات، والتصريحات الرسمية التي تصدر عن المسؤولين، وبخاصة في الاوقات التي تشتد فيها الازمات السياسية.
ولكن ليس معنى ذلك أن تجور الدقة في الترجمة على سلامة الاسلوب العربي، وتفقده رونقه وصحته وروعته، فلابد إذن من المحافظة على خصائص الاسلوب العربي نحواً وتركيباً وصياغة وترتيباً، وإلا أضحت الترجمة نفسها غير مفهومة ولا مستساغة.
ثانياً- أن يكون المحرر عارفاً بالمصطلحات السياسية، أو التعبيرات الدبلوماسية، والعسكرية، والاقتصادية، والادبية، والفنية، والعلمية ونحوها مما يرد في البرقيات على اختلافها، وعلى المحرر ألا يخلط بين هذه المصطلحات بشكل أو بآخر، فاللفظ الواحد قد يكون له قصد ما في موضوع من الموضوعات العسكرية، ويكون له قصد ثان في موضوع آخر، ولا سبيل إلى الدقة إلا بالمران والممارسة، وليس على المحرر ضرر ما في هذه الحالة في أن يستعين بالمعاجم الخاصة التي ربما أفادته في فهم المصطلح الذي يرد ذكره في برقية من البرقيات، وخاصة إذا كانت البرقية، مما يعالج موضوعاً فنياً خالصاً، أو علمياً خالصاً، أو نحو ذلك، ولا بأس على المحرر أيضاً من الاتصال في هذه الحالات بالمختصين في كل مادة من المواد، يستوضحهم بعض هذه المصطلحات، ويعرف منهم ما يقابلها في اللغة العربية، فلابد أن هؤلاء المختصين قد اهتدوا قبله إلى مثل ذلك لحاجتهم الماسة إليه، وذلك بطبيعة الحال أسلم للمترجم في قسم الاخبار الخارجية من التخبط في ترجمة ربما لا تكون دقيقة ولا أمينة، على حين أنه قد تكون لهذا المصطلح أو ذاك ترجمة دقيقة عند المتخصصين قد جرت بها ألسنتهم، وكتبوها واستخدموها في كتبهم ومؤلفاتهم.
ثالثاً- ينبغي للمحرر أن يتعرف قدر المستطاع على أساليب وكالات الانباء، وأن يميز بين أسلوب كل وكالة منها وبين بقية الوكالات الاخرى. وقد دلت التجربة على أن لكل واحدة من هذه الوكالات طريقتها الخاصة في عرض الانباء، وأن لكل منها طريقتها الخاصة كذلك في الحكم على هذه الانباء، ولا شك أن معرفة المحرر لهذه الأساليب تعينه في الحكم على مدى الدقة التي تتوخاها كل وكالة منها في نقل الخبر، كما تعينه على كشف التحريف أو التهويش الذي تعمد إليه الوكالة في بعض الاحيان لغرض من الاغراض.
ويتصل بهذه الناحية كذلك أن يجتهد المحرر في معرفة الاساليب التي يمتاز بها كبار المسؤولين العالميين ممن ترد أسماؤهم بكثرة في ثنايا الاخبار، وبذلك يستطيع المحرر أن ينقل هذه التصريحات نقلاً صحيحاً إلى القارئ العربي.
والمعلوم أن لكبار الساسة لغة ليست كاللغة المعتادة، وكثيراً ما تصدر عنهم تصريحات لها ظاهر ولها باطن، وأحاديث وبيانات تحتمل عدة معان في وقت واحد، وإذن فمعرفة اللغة التي يتكلم بها هؤلاء الساسة تعين المحرر على فهم تصريحاتهم وبياناتهم وخطبهم وأحاديثهم، وتكشف عما وراءها من الحقائق والاغراض.
هذا كله من ناحية الترجمة، أما من ناحية التصفية أو الغربلة فنقول: ليس عمل المحرر الخارجي كله ترجمة، ونحن نعرف كذلك أن المحرر الخارجي قلما يترجم البرقية بحذافيرها، اللهم إلا إذا كانت هذه البرقية تشتمل على تصريح أو بيان رسمي، أو تحتوي على نصوص اتفاق أو معاهدة، أو نحو ذلك.
إن الذي يحدث عادة هو أن المحرر يجد أمامه كومة من البرقيات عن حادث معين، ويأتي رئيس القسم الخارجي فيطلب إليه أن يخرج من هذه البرقية أو تلك خبراً معيناً على عمود، بمعنى أنه لا يكاد يزيد عن عشرة دقائق وأمام المحرر أكوام كثيرة من هذا النوع تنبئ عن أحداث أكثر أهمية من الحدث الاول، ورئيس القسم الخارجي يلح كذلك على المحرر في أن يستخلص من هذه الاكوام موضوعاً خبرياً على عمودين أو ثلاثة أو أربعة على الاكثر، وإذا عمد المحرر إلى ترجمة جميع البرقيات التي أمامه ضاق وقته ووقت صحيفته عن ذلك، فماذا يصنع المحرر الخارجي في هذه الحالة؟
الواقع أن تحرير الاخبار الخارجية عمل شاق في طبيعته، ونحن إذا حللنا هذا العمل وجدناه يتألف من الخطوات التالية:
أولاً- تصفية البرقيات الواردة إلى الصحيفة، واختيار أكثرها أهمية، والمفاضلة بين برقيات الوكالة المختلفة في الحادث الواحد، وهذه التصفية والاختيار والمفاضلة إنما تقوم على أساس من أهمية الموضوع من جهة ومن تجربة المحرر نفسه مع هذه الوكالة أو تلك من جهة ثانية.
ثانياً- تصفية البرقية الواحدة، فإنها غالباً ما تتألف من أجزاء متفرقة، منها المهم، ومنها غير المهم، وفيها الحشو، وفيها غير ذلك. وعمل المحرر الخارجي هنا هو استبعاد ما لا حاجة له به. والإبقاء على ما يحتاج إليه.
ثالثاً- عدم التقيد بترتيب عناصر الخبر، كما أوردته الوكالة تماماً؛ حيث تبدأ الوكالة بناحية لا تعد مهمة في نظر الصحيفة، ولا في نظر القارئ العربي، وقد تعمد هذه الوكالة إلى وضع جزء من الخبر في نهاية البرقية يوحي بعدم أهميته. وعمل المحرر في هذه الحالة هو أن يقرأ برقيات الوكالة قراءة فاحصة، ويلم بكل العناصر والنواحي الهامة في الخبر على عجل، ثم يتصرف في هذه العناصر بما يتفق وسياسة الصحيفة من جانب، واهتمام القراء من جانب آخر.
رابعاً- على المحرر الخارجي دائماً ألا يعتمد على وكالة واحدة ، حتى يطلع على غيرها من الوكالات الاخرى في نفس الموضوع الذي يقدمه القراء صحيفته.
خامساً- بعد الفراغ من تجميع العناصر المختلفة، والموازنة كذلك بين الوكالات المختلفة تبدأ صياغة الخبر الخارجي، أو تبدأ المهمة الحقيقية للمحرر؛ إذ أن جميع الخطوات السابقة ليست إلا ممهدة لهذه الخطوة الهامة.
على أن هذه الصياغة تختلف باختلاف حجم الخبر عادة، فإذا كان الخبر قصيرا وعلى عمود واحد فالمحرر يرى نفسه مضطراً إلى الاكتفاء بنقطة واحدة، أو ناحية واحدة، لان الخبر القصير لا يحتمل أكثر من ذلك. وهنا تظهر مقدرة المحرر الخارجي في اختيار أهم النقط التي يشتمل عليها الخبر، أو الزوايا التي يتألف منها. وكثيراً ما يحدث أن المحررين يكتفون بأن يترجموا مقدمة البرقية أو صدرها لاشتمال هذا الصدر عادة على خلاصة الخبر.
أما إذا كان الخبر الخارجي كبيراً، كأن يكون موضوعاً من الموضوعات كما هو مصطلح على تسميته بهذا الاسم في الاقسام الخارجية للصحف فإن الصياغة تتطلب من المحرر في هذه الحالة أن يصيغ مقدمة أو صدراً للموضوع الإخباري، ولابد أن يخضع هذا الصدر في صياغته لجميع الشروط التي يخضع لها الصدر عند كتابة الاخبار المحلية، وقد سبق أن ذكرنا طرفاً من ذلك في فصول أخرى، وبعد كتابة المقدمة أو الصدر تأتي الاجزاء الاخرى أو الصلب، فيكتبه المحرر في فقرات أو جمل تقصر وتطول حسب الجزء الذي تعبر عنه هذه الجمل من أجزاء الخبر. ومن المحررين من يفضل الفصل بين هذه الفقرات بعنوان صغير، ومنهم من لا يفعل ذلك، وإذا كان الموضوع كبيراً، أو كان يتألف من فقرات كثيرة وجب أن يراعي المحرر التوازن بين أجزائه، بحيث لا يطغى جزء على آخر، ولا يتوسع المحرر في جزء على حساب آخر، ولكن يجب أن يراعي المحرر التناسب بين هذه الاجزاء قدر المستطاع.
وبعد الانتهاء من صياغة الموضوع الإخباري تأتي مهمة "وضع العنوان المناسب"، وفي بعض الصحف يتولى رئيس القسم الخارجي وضع العنوان، وفي بعضها الآخر يترك للمحرر الذي تولى تحرير هذا الخبر مهمة وضع العنوان. والاتجاه السائد بين الصحف الآن هو ترك هذا الامر للمحرر؛ وإن كان من حق رئيس القسم دائماً أن يحدث ما يشاء من التغيير في صيغة العنوان بعد ذلك.
وكتابة العنوان ليست بالعمل السهل، وبعض المحررين يظهرون نبوغاً في ذلك، وبعضهم يتعثرون كثيراً ويجدون عسراً شديداً في كتابة العنوان الناجح لموضوع الخبر، وإن كان لممارسة والتجربة دخل كبير في هذه الناحية.
وثم ملاحظة هامة؛ وهي أننا كثيراً ما نرى أن عنوان الخبر الخارجي في صحيفة من الصحف يحمل في طياته رأي محرره في مضمونه عادة، بل يعد تعليقاً عليه، وتوجيها منه للقراء في فهم هذا المضمون على نحو خاص، من أجل ذلك وجب على المحرر الخارجي أن يجئ بعنوان معبر عن فحوى الخبر تعبيراً دقيقاً بقدر المستطاع من غير زيادة ولا نقصان، وأن يكون هذا العنوان متفقاً تمام الاتفاق مع سياسة الصحيفة التي تنشر هذه الاخبار.
تلك هي طريقة تحرير الخبر الخارجي في صحفنا المصرية أو العربية، وهي طريقة تتطلب من المحرر إلى جانب القدرة على الترجمة من اللغات الاجنبية إلى اللغة العربية محافظة تامة على فحوى الخبر، وبراعة فائقة في جمع أجزائه، وسرعة وصبراً على فحص هذه الاجزاء، والموازنة بينها في جميع الوكالات التي تعرضت لها، وموازنة سريعة وسليمة بين هذه الاجزاء لتقديم الاهم منها على المهم دائماً، وأمانة تامة في القيام بكل هذه المهام على أحسن وجه مستطاع.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|