أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-1-2021
1942
التاريخ: 10-5-2017
9349
التاريخ: 17-5-2017
2581
التاريخ: 9-5-2017
7814
|
ان العنصر الشخصي لليقين القضائي ما هو الا معنى يُستنبط من خلال استخدام المنطق العقلي المستمد من الحادثة فالمقصود بالعنصر الشخصي لليقين هو ان يكون يقين القاضي او المحكمة مبنياً على ادلة مستساغة عقلاً (1).
ويقدر القاضي او المحكمة الادلة التي تقدم لها بوافر الحرية والسلطة التي يتمتع بها ذلك القاضي ثم يقرر بحسب ما يمليه عليه اقتناعه و ضميره اما البراءة او الادانة او الافراج من دون ان يلتزم بتبرير او تسبيب هذا الاقتناع (2)
وقد حرص المشرع الاجرائي على اقرار هذا المبدأ في المادة ( 213 ) الاصولية المذكورة انفاً، فللقاضي الجزائي الحرية الكاملة في ان يستمد ويستنبط اقتناعه من اي دليل صحيح يطمئن اليه من بين تلك الادلة التي تقدم وتعرض في الدعوى دون ان يتقيد في بناء تكوين اقتناعه بأحد الادلة (3).
وغني عن البيان ان المحكمة الجزائية وان كانت لها الحرية في اختيار وتقدير الادلة التي تطمئن اليها ، الا ان ذلك كله مشروط بأن يكون استنباط المحكمة لحقيقة الامر والواقعة وما نتج عنها من ادلة لا تخرج عن اطر ومقتضيات المنطق والعقل (4) ، وان يكون ذلك الاستنتاج بعيداً عن التعسف (5).
واذا كان الاثبات هو ارادة المشرع من عبارة الحادثة الذي له وحده ( اي القاضي ) تحديدها و لا توجد رقابة عليه من محكمة اخرى ، فهو بالحقيقة امر ذاتي نفسي يتباين فيه قاض عن غيره كما يتباين في مثله اغلب البشر، بل قد يتفاوتون لدرجة التضاد وقد يستحيل ان يقال ان تقدير في هذا المجال الحق دون تقدير محكمة اخرى ؛ ولذلك فقد حرص المشرع على رأي محكمة الموضوع ، ومعنى ذلك ان اساس العنصر الشخصي هو حرية المحكمة في تقدير الدليل بما يطمئن اليه وجدانها ويستقر في ضميرها طالما ان الامور الذاتية النفسية بطبيعتها يتنازعها التباين في التقدير (6).
فالعنصر الشخصي هو ما تطمئن اليه وجدان المحكمة ، وللمحكمة الحرية الكاملة في انتقاء الدليل وفقاً لمشاعر القاضي واحاسيسه من دون الحاجة الى ذكر اسباب ، اذ ان هذا العنصر مأخوذ من نظام المحلفين البريطاني والذي ينشأ من خلال اختيار محلفين من بين الطبقة المتوسطة ، فعند صدور حكم او قرار من اولئك المحلفين فان ذلك يقطع السبيل على محكمة الطعن الفرنسية فليس لها اجراء الرقابة على الحكم او القرار ، لان المحلفين يفصلون في شأن المتهم اما بالإدانة او البراءة وهم حين ذاك يعبرون عن ما يسمى فكرة الاله او ما يسمى الوحي الالهي (7).
و للقاضي ان يرجح بعضاً من الادلة على غيرها تبعاً لمبدأ حرية القاضي في بناء قناعته ، ا ، الا انه متى كان الدليل يؤدي عقلاً الى ما ادركته محكمة الموضوع فليس لها مناقشته امام محكمة التمييز(8) ، وعندئذ تراقب المحكمة صحة ما انتهى اليه ذلك الاقتناع ( اي انها تسأل وتراقب بماذا اقتنع القاضي وليس لماذا اقتنع )(9).
فليس من مهام محكمة التمييز مراقبة الاستدلال في الاحكام ، لان تدخل محكمة التمييز في تصوير الحادثة بحسب الاساس يدخل من اختصاص محكمة الموضوع الا اذا خرج عن الطبيعي الى غير المألوف الذي يتجافى مع العقل المنطق (10).
اما الاقتناع الشخصي او الذاتي للقاضي فأنه يعوّل في حكمه على ما تواجدت لديه شخصياً من قناعة استنتجها من خالص وقائع الدعوى التي ادركها بنفسه ، فلا يجوز له ان يبني حكمه على قناعة غيره ، فالواجب ان تطرح جميع الادلة للمناقشة امام انظار القاضي ليستنبط منها قناعته ، فلا يجوز له ان يؤسس قناعته بناءً على اقتناع غيره للحكم في الدعوى حتى لو كان ذلك الغير جهة قضائية ، ولكن وبطبيعة الحال هذا لا يمنع من ان تسترشد المحكمة او القاضي برأي محكمة اخرى او قاض غيره متى اقتنع بذلك الرأي ، وعندئذ سينسب ذلك الاقتناع الى المحكمة او القاضي نفسه ، فلا : يصح ابدأ للقاضي ان يؤسس حكماً مستنداً على حكم سابق في دعوى اخرى معتمداً على قناعة تلك المحكمة ، واذا ما اسست المحكمة حكمها بناء الى رأي خبير او جهة فنية معينة فلا يجوز للمحكمة ان يستند على ذلك الرأي بمقولة ان اهل الاختصاص رأوا ذلك ، بل عليه ان يحكم بما انتهى به الخبير على سند من قناعة المحكمة بصفة ما انتهى اليه وعلى قناعة سليمة تأخذ بها المحكمة وتكون مكملة لأسبابها .
وعلى المحكمة ان تكون قادرة على الاستنتاج والاستنباط السليم، ويكون ذلك من خلال ملاحظة ما يصدر عن امور او تصرفات غير طبيعية للمتهم او من احد غيره من الماثلين بين يدي المحكمة ويأخذ بالحسبان التلعثم او الانفعالات او السكوت (12). وتأييدا لذلك قررت محكمة التمييز الاتحادية انه ( اذا لم يظهر من تصرفات المتهم اثناء التحقيق او المحاكمة ما يستدل منها على اصابته بمرض عقلي او وجود تقارير طبية تؤيد اصابته بمرض عصبي فلمحكمة الموضوع الحق في الامتناع عن ارساله الى لجنة طبية للتثبت من ذلك ) (13).
لذلك يقتضي أن يكون القاضي الجزائي امام هذه التصرفات او الانفعالات غير الطبيعية في غاية الهدوء ورباطة الجأش وضبط النفس ، ومن مقدمات هدوء القاضي ومقتضياتها وعدم التعجل والتحلي بالصبر في اي اجراء يكون لازماً للفصل في القضية ، مادام يبغي سبيل الحقيقة ويهتدي اليه ، محافظاً على حياده من خلال الابتعاد عن ما يؤثر في حيدته من عوامل التأثير النفسية كالميل باتجاه طرف معين ، ولاسيما ان تسبيب القرارات والاحكام تتضمن المبررات التي دفعت القاضي لاقتناعه، فإذا سيطرت على ضمير القاضي حالة من الميل الذاتي النفسي فانه يتجه بضميره اتجاهاً معيناً استجابة الى مصلحة نفسية ذاتية فإذا كان يميل الى براءة او ادانة المتهم في ظل غياب الحياد في دعوى معينة (14).
_____________
1- د عبد الرسول الجصاني ، المنطق القضائي ، بغداد ، 1989 ، ص 24
2- د رمزي رياض عوض ، سلطة القاضي الجنائي في تقدير الادلة دراسة مقارنة ، دار النهضة العربية ، 2004 ، ص 28
3- د فوزية عبد الستار ، شرح قانون الاجراءات الجنائية، دار النهضة العربية ، الطبعة الثانية، 2010، ص528
4- د مأمون محمد سلامة ، الاجراءات الجنائية في التشريع المصري، الجزء الثاني، دار الفكر العربي ، 1983 ، ص174
5- د فوزية عبد الستار ، شرح قانون الاجراءات الجنائية ، مرجع سابق ، ص 529
6- د رمزي رياض عوض ، سلطة القاضي الجنائي في تقدير الادلة ، مرجع سابق ، ص 28
7- نورس رشيد طه ، المسؤولية الجنائية الناشئة عن التصوير الخفي ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية الحقوق، جامعة النهرين 2014 ، ص 102
8- د محمود محمود مصطفى، شرح قانون الاجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية عشر ، 1988، ص 423
9- د فوزية عبد الستار ، شرح قانون الاجراءات الجنائية ، مرجع سابق ، ص 529 .
10- رؤوف عبيد ، ضوابط تسبيب الاحكام الجنائية و اوامر التصرف في التحقيق ، مطبعة الاستقلال الكبرى ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، 1977 ، ص 533
11- د عبد الحكم فوده ، ادلة الاثبات والنفي في الدعوى الجنائية ، منشأة المعارف بالإسكندرية ، 2016، ص180
12- اشارت الى ذلك المادة ( (230) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي اذ جاء فيها : اذا تبين اثناء التحقيق أو المحاكمة أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه لا صابته بعاهة في عقله او اقتضى الامر فحص حالته العقلية لتحديد مسؤوليته الجزائية فيتوقف التحقيق أو المحاكمة بقرار من قاضي التحقيق او المحكمة ويوضع تحت الحراسة في احدى المؤسسات الصحية الخ . تقابلها المادة (338) من قانون الاجراءات المصري) كما اشارت الى ذلك المادة (65) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي اذ جاء فيها : على القاضي او المحقق أن يثبت في محضر التحقيق ما يلاحظ على الشاهد مما يؤثر على اهليته لأداء الشهادة او تحملها بسبب سنه او حالته الجسمية أو العقلية أو النفسية.
13- محكمة التمييز الاتحادية ، رقم الحكم (155/ لجنة طبية /2007) في (2007/1/24) ، غير منشور .
14- مي منصور الحاج طاهر ، القناعة الوجدانية للقاضي الجزائي ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية الدراسات العليا ، جامعة النجاح الوطنية ، نابلس ، فلسطين ، 2017، ص 32 ، ص39
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|