أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-9-2019
5302
التاريخ: 8-10-2015
36612
التاريخ: 5-7-2019
7035
التاريخ: 8-4-2021
2831
|
ولكنها رأت "الجوائب" تعني بهذا النوع فقلدتها، وأخذت تنشر أقصوصات رمزية، أو ذات مغزى جاء معظمها مسجوعًا مترجمًا.
ومن الألوان الأدبية التي زوجتها الوقائع، واحتفت بها تلك المقالات والخطب التي كانت تلقى في الحفلات المدرسية والحفلات العامة، ويدبلجها من عرفوا بالأدب في ذاك الوقت، وقد كانت كلها على أسلوب المقامة وطريقها.
أما المقالات العلمية الخالصة، فقد اهتمت بها اهتمامًا زائدًا من مثل "حجر الفتيلة" لرفاعه، "والهيضة" للطبيب محمد الشافعي، وله مقال آخر عن "التبغ ومضاره"، وكانت هذه المقالات تختلف في أسلوبها قوة، وضعفًا تبعًا لتمكن الكاتب من اللغة، ولكن الظاهرة الغالبة عليها هي محاولتها التخلص من السجع والزخرف لغلبة الحقائق العلمية، واهتمام الكاتب بإيراد المعنى كاملًا.
ومما كان له أثر في ترويج الثقافة، وتوسيع الأفكار وإثرائها مما نضج على الأقلام والألسنة فيما بعد، وأمدها بكثير من المعلومات القيّمة، نشر الكتب المفيدة مسلسلة سواء كانت أدبية أو علمية، ولا يخفى ما كان لهذا العمل من خدمة للغة، ونشرت الوقائع كذلك أخبار الرحلات والكشوف، والسياحات فوصلت المثقفين بالعالم الخارجي، وأثرت معلوماتهم، وأطلعتهم على ألوان من الحياة لا عهد لهم بها.
ولقد كان لكل هذا أثره المباشر، أو غير المباشر في تغير نظرة الأدباء إلى الحياة، فتغير أسلوب تفكيرهم، وتغيرت تبعًا لذلك طريقة كتابتهم، فتحررت الصحافة اليومية من ذلك الأسلوب المكبل بتلك القيود الثقيلة التي كانت ترزح تحتها الكتابة سواء كانت صحفية، أو غير صحفية.
ولقد كان لصدور "الجوائب" لأحمد فارس الشدياق في سنة 1861 أثر في هذا الانطلاق والتحرر؛ لأن الجوائب اصطنعت الأسلوب المرسل في الأخبار الصحفية، والمقالات، واتسعت آفاق النثر اتساعًا كبيرًا نظرًا لثقافة الشدياق العميقة التي أفادها من قراءاته الكثيرة بلغات مختلفة، ولتمكنه من اللغة العربية وحذفه لأصولها، ونظرًا لكثرة تجاربه ولكثرة أسفاره، واختلاطه بمجتمعات متباينة من شرقية وغربية، وكان يغشى هذه المجتمعات، ويدرسها دراسة واعية، ناقدًا مساوئها مشيدًا بمحاسنها، وقد كتب كذلك عن هذه الأسفار عدة كتب منها: "الساق على الساق فيما هو الفارياق"، الذي قص فيه تاريخ حياته من مشاهداته، وكانت تحلو له الموازنة بين خصائص الشعوب، ومنها "كشف المخبا عن أحوال أوروبا"، "والواسطة في أخبار مالطة"، وكان الشدياق شغوفًا بتدوين هذه المشاهدات، وقد أورثته ثقافته وتجاربه تحررًا في الفكر، وسعة في الأفق، فدرجت "الجوائب" على كتابة الأخبار بالأسلوب الخالي من السجع، مع عناية باللغة، واجتهاد في وضع الكلمات العربية المقابلة للكلمات الأجنبية، ومن تلك الكلمات التي وضعتها الجوائب، ولا زلنا نستخدمها حتى اليوم المؤتمر والبريد، والباخرة، والحافلة، والأزمة المالية، والمنطاد، والسلك البرقي "تلجراف"، وعشرات غيرها.
ولنضرب مثلًا على ذلك الأسلوب الصحفي الذي سارت عليه الصحافة منذ ذلك الحين وصار لها قدرة: "إن رفض الباب العالي لإرادة أوروبا قد جعل المسألة الشرقية في صورة جديدة، وإن الديوان الإمبراطوري قد اتخذ من هذه المسألة من أول الأمر مسألة أوربية لا يمكن حلها إلا باتفاق عام مع الدول الكبار، فكل اعتبار شخصي أو منفرد وقع لدى الدول موقع الإنكار، فآلت الصعوبة إلى الدولة التركية بأن تحكم على رعية السلطان بالعدل، والإنسانية كيلًا تعرض أوروبا لمشاكل دائمة ... إلخ".
وقد اهتم الشدياق بالمقال الذي كان يكتبه في صدر الجوائب منذ السنة التاسعة من حياتها، وكان هذا المقال كذلك متحررا من السجع، والزخارف والخيالات إذا تعرض لأمور سياسية أو اجتماعية، أما إذا تعرض لأمور أدبية أو عاطفية، فإن الشدياق كان ينهج نهجًا آخر، فيحتفى بأسلوبه احتفاء بالغًا، ويأتي أحيانًا مسجوعًا، مثال ذلك قوله من مقال بعنوان الوطني المزيف: "من الناس من يبالغ في مدح وطنه، ويحن إليه حنينه، فيصف مروجه ورياضه، ومروجه وحياضه ووهاده وجباله، وتلاعه وتلاله، وربوعه ودياره، ونباته وأشجاره، وبقوله وثماره، ودوحه وأطياره، وطيب هوائه ولذة، ويزعم أنه فصوله كالربيع حسنًا، وأن جميع أفكاره تتدفق بركة ويمنًا، وأن شهرًا فيه خيرًا من ألف عام في غيره.
هي البلاد التي تغزلت بها الشعراء فقال فيها فلان أبياتًا، وقال فيها فلان قصيدة غرام، وأسمع ما قيل في جداولها ونواعيرها، وبلابلها وعصافيرها، وخمائلها وأزاهيرها، وصروحها وقصورها، ومصانعها ودورها وظبائها ومراتعها.
فإن قلت: كيف جارك الأدنى؟ لعله كان عونًا وخدنا؟ قال: ويلي! إنه شر جار، وهو على البلاد عار وشنار، فكيف جاره الذي يليه؟ عسى أنه ممن تواليه وتصافه؟، وقال: ويلي إنه شر من أخيه، فكيف أهل الحارة طرًا؟ قال: ويلي إنهم كانوا كلهم علي شرًا، ولم أجد منهم إلا ضرًا فكيف أهل البلد أجمعين؟ قال: ويلي، ما منهم أمين معين، فما كأنهم خلقوا من ماء وطين، فإن قلت له: ولكن كيف اشتملت بلادكم على تلك المحاسن، وأهلها على هذه المساوئ الشوائن؟ قال: إن أهلها الأولين كانوا من الخيرين فحرثوها، وزرعوها وعمروها وأمرعوها، ثم فسد الزمان فجاءت خلفاؤهم فاسدة، لكن بقيت هذه المحاسن فيها فائدة.
ولكن ما معنى فسد الزمان، وهو لم يكن صالحًا قط منذ خلق الإنسان؟
ولو كنت من الصالحين لما رأيت في غيرك خلقًا يشين، فإنما ينظر في عيوب الناس من كان أسوأ منهم حالًا.
ومن يك ذا فم مر مريض ... يجد مرا به الماء الزلالا
كذلك قال الشاعر الحكيم، فما أنت في طعنك على بني جنسك إلا مليم، وإن امرءًا يحسب جميع أهل بلاده دونه لجدير بأن يشيعوا مفتونه، ويذيعوا جنونه، ويجتنبوا محضره، ويتنكبوا منظره فيا للعجب ممن يمدح وطنه ليرجع المدح إلى نفسه مع ذم قومه، وجنسه". ومع اصطناع الشدياق السجع في مثل هذه المقالة الأدبية، إلا أنه أكسبها قوة وتشويقًا بحسن عرضه، وطريف سخريته، ومتانة حجته، وهكذا نجد الكتاب منذ عهد رفاعة والشدياق قد أخذوا يفرقون بين الأسلوب الصحفي الذي يكتب للعامة ولجمهور القراء، وبين الأسلوب الأدبي الذي يكتب للخاصة، وقد وفينا الشدياق حقه من البحث في "الأدب الحديث"، وكانت الجوائب مسرحًا لحملات صحفية جادة على التمسك بالأسلوب المسجوع في الصحافة خبرها، ومقالتها من ذلك ما نشره سليم نوفل في عدد 23 من أغسطس سنة 1871 منتصرًا لأسلوب الشدياق المرسل، وناعيًا على هؤلاء الذين لا يزالون يتمسكون بأهداب القديم، ويتمسحون بأعتاب المقامات: "قد تقرر عند بعض الفصحاء من نصارى الشام، أن القافية هي ركن الفصاحة، ومحورها وغايتها حتى ذهب أحدهم إلى أن الكلام إذا كان من الفراغ، والسفسطة بحيث يستقبح النطق به لغير طفل لم يغره أكثر من أن تعلق على أطرافه، ولو تلصيقًا بالغراء أذناب متماثلة حتى ينقلب في الحال إلى ضرب من المعجزة، مثال ذلك أن يتفلسف طفل، أو مريض بالحمى فيقول في وصف كلام من تلفيقه له وزن وقافية: "وقد بزغت شمس وجه كلامي على ميزان ثرياه بين عذارى بنات الأفكار، وطلعت بدور جواهر أبياته المرصعة بمذهب غريب بناتها ... "، وما شابه ذلك من الكلام المعطل، فإذا أراد أن يطبخه فصيحًا لم يزد على أن ينفض عليه ذرة من بديع السجع، فينقلب للحال من جوامع الكلم بإذن القافية وقوتها".
وإذا كان الشدياق ومن تابعه قد حاولوا تخليص المقال الصحفي من السجع والتكلف، والجري وراء القافية والزخارف، وحرروا الكتابة الصحفية من هذه القيود، فليس معنى هذا أن هذا الأسلوب قد اختفى، بل إننا نرى الشدياق نفسه في غير المقالات الأدبية التي كان يعتني بأسلوبها، ويرتفع قلمه فيها قد كتب بعض المقامات، ونشرها في الجوائب.
ولكن مما لا ريب فيه أن أسلوبه الصحفي كان قدوة، وهو الأسلوب الذي سارت عليه الصحافة اليومية عشرات السنين إلى أن اختفت المقالة الصحفية، وحل محلها الخبر في السنوات الأخيرة.
لقد كانت الجوائب منتشرة في العالم العربي الإسلامي، ولذلك كان تأثيرها قويًا، بيد أننا نرى نوعًا من الصحافة سمي بالصحافة الأدبية، ولا شأن له بالسياسة، وكان من أول هذه الصحف الأدبية ظهورًا "روضة المدارس" التي ظهرت بمصر سنة 1870 بوحي من علي مبارك، وبإشراف رفاعة الطهطاوي، وقد أثرت في مقالاتها، ومقاماتها -وكثيرًا ما تخلط بينهما- ذلك الأسلوب المسجوع الموشي بالمحسنات وألوان الخيال، وروجت الشعر والقصص الموضوعة والمترجمة، وكان يحرر بها عدد من نابهي الكتاب في ذلك الحين، وتوزع على طلبة المدارس بالمجان، وقد نشرت بها كتب كثيرة مترجمة في سلاسل متتابعة، بعضها في العلوم وقليل منها في الآداب، والذي يعنينا أن الأسلوب المسجوع، وجد فيها موئلًا وملاذًا.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|