المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

السلاجقة
10-6-2018
الحؤول دون وقوع الخلافات مع المراهقين وإدارتها
21-9-2020
رفض منطق الحتمية في القرآن
22-12-2014
الحركات التكتونية التالية لعصرالجليد
2024-10-10
بقية واقعة احد
23-5-2017
أحمد بن محمد بن علي المرعشي
19-7-2016


الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) والإعداد لعصر الغيبة  
  
1387   03:33 مساءً   التاريخ: 2023-05-16
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 13، ص158-162
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي العسكري / قضايا عامة /

انتهينا في البحث السابق عن معرفة كيفية طرح الإمام لقضية ولادة الإمام المهدي ( عليه السّلام ) وإمامته وأنه الخلف الصالح الذي وعد اللّه به الأمم أن يجمع به الكلم في أصعب الظروف التي كانت تكتنف ولادة الإمام ( عليه السّلام ) ، وقد لاحظنا مدى انسجام تلك الاجراءات التي اتّخذها الإمام العسكري ( عليه السّلام ) في هذا الصدد مع الظروف المحيطة بهما .

غير أن النقطة الأخرى التي تتلوها في الأهمية هي مهمة اعداد الأمة المؤمنة بالإمام المهدي ( عليه السّلام ) لتقبّل هذه الغيبة التي تتضمّن انفصال الأمة عن الإمام بحسب الظاهر وعدم امكان ارتباطها به وإحساسها بالضياع والحرمان من أهم عنصر كانت تعتمد عليه وترجع إليه في قضاياها ومشكلاتها الفردية والاجتماعية ، فقد كان الإمام حصنا منيعا يذود عن أصحابه ويقوم بتلبية حاجاتهم الفكرية والروحية والمادية في كثير من الأحيان .

فهنا صدمة نفسية وايمانية بالرغم من أن الإيمان بالغيب يشكّل عنصرا من عناصر الإيمان المصطلح ، لأنّ المؤمنين كانوا قد اعتادوا على الارتباط المباشر بالإمام ( عليه السّلام ) ولو في السجن أو من وراء حجاب وكانوا يشعرون بحضوره وتواجده بين ظهرانيهم ويحسّون بتفاعله معهم ، والآن يراد لهم أن يبقى هذا الإيمان بالإمام حيّا وفاعلا وقويّا بينما لا يجدون الإمام في متناول أيديهم وقريبا منهم بحيث يستطيعون الارتباط به متى شاءوا .

إنّ هذه لصدمة يحتاج رأبها إلى بذل جهد مضاعف لتخفيف آثارها وتذليل عقباتها . وقد مارس الإمام العسكري تبعا للإمام الهادي ( عليهما السّلام ) نوعين من الإعداد لتذليل هذه العقبة ولكن بجهد مضاعف وفي وقت قصير جدّا .

الأوّل : الإعداد الفكري والذهني .

الثاني : الإعداد النفسي والروحي .

أما الإعداد الفكري فقد قام الإمام تبعا لآبائه ( عليهم السّلام ) باستعراض فكرة الغيبة على مدى التاريخ وطبّقها على ولده الإمام المهدي ( عليه السّلام ) وطالبهم بالثبات على الايمان باعتباره يتضمن عنصر الايمان بالغيب وشجّع شيعته على الثبات والصبر وانتظار الفرج وبيّن لهم طبيعة هذه المرحلة ومستلزماتها وما سوف يتحقق فيها من امتحانات عسيرة يتمخّض عنها تبلور الايمان والصبر والتقوى التي هي قوام الإنسان المؤمن برّبه وبدينه وبإمامه الذي يريد أن يحمل معه السلاح ليجاهد بين يديه .

فقد حدّث أبو علي بن همّام قائلا : سمعت محمد بن عثمان العمري قدس اللّه روحه يقول : سمعت أبي يقول : سئل أبو محمد الحسن بن علي ( عليهما السّلام ) وأنا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه ( عليهم السّلام ) : إنّ الأرض لا تخلو من حجة اللّه على خلقه إلى يوم القيامة وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية فقال ( عليه السّلام ) : « إنّ هذا حقّ كما أنّ النهار حق » ، فقيل له : يا ابن رسول اللّه فمن الحجة والإمام بعدك ؟

فقال : ابني محمّد هو الإمام والحجة بعدي . من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية ، أما إنّ له غيبة يحار فيها الجاهلون ، ويهلك فيها المبطلون ويكذب فيها الوقّاتون ، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة »[1].

وحدّث موسى بن جعفر بن وهب البغدادي فقال : سمعت أبا محمد الحسن ( عليه السّلام ) يقول : « كأني بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي ، أما إن المقرّ بالأئمة بعد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) المنكر لولدي كمن أقرّ بجميع أنبياء اللّه ورسله ثم أنكر نبوّة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، والمنكر لرسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) كمن أنكر جميع الأنبياء ، لأن طاعة آخرنا كطاعة أوّلنا والمنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا ، أما إنّ لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلّا من عصمه اللّه عزّ وجل »[2].

وحدّث الحسن بن محمد بن صالح البزّاز قائلا : سمعت الحسن بن علي العسكري ( عليهما السّلام ) يقول : « إنّ ابني هو القائم من بعدي وهو الذي يجري فيه سنن الأنبياء بالتعمير والغيبة حتى تقسو القلوب لطول الأمد فلا يثبت على القول به إلّا من كتب اللّه عزّ وجلّ في قلبه الإيمان وأيّده بروح منه »[3].

إلى غيرها من الأحاديث والأدعية التي تضمّنت بيان فكرة الغيبة وضرورة تحققها وضرورة الإيمان بها والصبر فيها والثبات على الطريق الحق مهما كانت الظروف صعبة وعسيرة .

وأما الإعداد النفسي والروحي فقد مارسه الإمام ( عليه السّلام ) منذ زمن أبيه الهادي ( عليه السّلام ) فقد مارس الإمام الهادي ( عليه السّلام ) سياسة الاحتجاب وتقليل الارتباط بشيعته إعدادا للوضع المستقبلي الذي كانوا يستشرفونه وكان يهيئهم له ، كما انّه قد مارس عملية حجب الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) عن شيعته فلم يعرفه كثير من الناس وحتى شيعته إلّا بعد وفاة أخيه محمد حيث أخذ يهتمّ باتمام الحجة على شيعته بالنسبة لإمامة الحسن من بعده واستمر الإمام الحسن ( عليه السّلام ) في سياسة الاحتجاب وتقليل الارتباط لضرورة تعويد الشيعة على عدم الارتباط المباشر بالإمام ليألفوا الوضع الجديد ولا يشكّل صدمة نفسية لهم ، فضلا عن أن الظروف الخاصة بالإمام العسكري ( عليه السّلام ) كانت تفرض عليه تقليل الارتباط حفظا له ولشيعته من الانكشاف أمام أعين الرقباء الذين زرعتهم السلطة هنا وهناك ليراقبوا نشاط الإمام وارتباطاته مع شيعته .

وقد عوّض الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) الاضرار الحاصلة من تقليل الارتباط المباشر بأمرين :

أحدهما : بإصدار البيانات والتوقيعات بشكل مكتوب إلى حدّ يغطي الحاجات والمراجعات التي كانت تصل إلى الإمام ( عليه السّلام ) بشكل مكتوب . وأكثر الروايات عن الإمام العسكري ( عليه السّلام ) هي مكاتباته مع الرواة والشيعة الذين كانوا يرتبطون به من خلال هذه المكاتبات .

ثانيهما : بالأمر بالارتباط بالإمام ( عليه السّلام ) من خلال وكلائه الذين كان قد عيّنهم لشيعته في مختلف مناطق تواجد شيعته . فكانوا حلقة وصل قوية ومناسبة ويشكّلون عاملا نفسيّا ليشعر اتباع أهل البيت باستمرار الارتباط بالإمام وإمكان طرح الأسئلة عليه وتلقي الأجوبة منه . فكان هذا الارتباط غير المباشر كافيا لتقليل أثر الصدمة النفسية التي تحدثها الغيبة لشيعة الإمام ( عليه السّلام ) .

وهكذا تمّ الإعداد الخاص من قبل الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) لشيعته ليستقبلوا عصر الغيبة بصدر رحب واستعداد يتلائم مع مقتضيات الايمان باللّه وبرسوله وبالأئمة وبقضية الإمام المهدي ( عليه السّلام ) العالمية والتي تشكّل الطريق الوحيد لإنقاذ المجتمع الإنساني من أوحال الجاهلية في هذه الحياة .

 

[1] كمال الدين : 2 / 409 .

[2] كمال الدين : 2 / 409 .

[3] كمال الدين : 2 / 524 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.