المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17808 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
السيادة القمية Apical Dominance في البطاطس
2024-11-28
مناخ المرتفعات Height Climate
2024-11-28
التربة المناسبة لزراعة البطاطس Solanum tuberosum
2024-11-28
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28

WORDS AS LABELS FOR CATEGORIZATION PROCESSES
2024-08-24
هرمون البرولاكتين (Prolactin)
7-4-2016
معنى الطور
2024-09-04
Transferring Electrons with Redox Reactions
16-1-2017
Landau-Mignotte Bound
23-1-2019
تغير قيمة الموقع الجغرافي بمرور الزمن
21-2-2022


ظهور الملكية المطلقة في القيامة  
  
1105   01:00 صباحاً   التاريخ: 2023-05-07
المؤلف : الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الكتاب أو المصدر : تسنيم في تفسير القرآن
الجزء والصفحة : ج1 ص452-461.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / العقائد في القرآن / مقالات عقائدية عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-11-2014 5082
التاريخ: 26-09-2014 8740
التاريخ: 1-12-2015 4869
التاريخ: 28-09-2014 5163


ظهور الملكية المطلقة في القيامة

يؤكد القرآن الكريم في عدد من الآيات نسبة ملك وملك عالم الخلق إلى الله سبحانه كما في قوله: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 107] ، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار: 17 - 19]  فالآية الأولى تدور حول حكومة الله على السماوات والأرض، والآية الثانية التي تثبت أن الملك والملك المطلق في يوم الدين الله، تشعر من خلال تعبيرها بعظمة القيامة فتقول: إن في ذلك اليوم لا ملكية لأحد في أي شيء، فلا أحد يملك أفعاله حتى يكون أمره

نافذا فيها ولا يملك أفعال الآخر، ولا يكون مسلطا على شؤونهم، بل إن الملكية لجميع الأعمال وتدبير وإدارة جميع الشؤون هي لله.

وعليه فإنه سواء كان في يوم الدين أو في غيره، فإن الملك والملك مختص بالله سبحانه ولا شريك له، وليس الأمر في مقام الثبوت أن المِلك والمُلك مقسم وموزع، بل إن البحث مرتبط فقط بمقام الإثبات، أي إننا لا نعلم اليوم أن الأمر بيد من، لكن في يوم القيامة الذي هو يوم ظهور الحق: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ} [النبأ: 39] سوف يتبين أن الأمر كان بيد آخر، والإنسان أحيانا يخدع نفسه بحجة (الاعتماد على النفس)، وتارة بعنوان (التشكر الا من المخلوق) فيلجأ إلى الآخرين ولكن غدا يعلم بأن الأمر كان ولم يزل . بيد الله وحده، والعلل والأسباب الظاهرية جميعها من شؤون فاعلية الله سبحانه، ونحن نرى أواسط السلسلة فقط ونغفل عن بدايتها وأصلها، ولهذا نحسب أنفسنا أو غيرنا فاعلين، ولأجل أن نضفي على الاعتماد على غير الله صبغة دينية ندخله تحت عنوان أن من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق(1) ونبرر بذلك شكرنا للآخرين.

وعلى هذا الأساس، فإن (يومئذ) في قوله: {والأمر يومئذ لله} ظرف انكشاف الحق، لا ظرف الاختصاص أو الملكية، وهذه الآية ناظرة إلى مقام الإثبات والكشف لا الثبوت والتحقق، وهذا هو مسلك التوحيد الأفعالي، الذي يصبح بمقتضاه كل إنسان بل كل فاعل آخر درجة من درجات فاعلية الله سبحانه، وشأنا من شؤون فاعليته، والماء والطعام اللذان يرفعان العطش والجوع والنار التي هي مصدر الحرارة والدواء الذي هو وسيلة للشفاء، جميعها من الشؤون الفعلية ومن درجات فاعلية يا الله، وليس لها أي نحو من الاستقلال في التأثير والفاعلية، لأن الأفعال لم جي تفوض إليها، والفاعلية الإلهية ومقام فعل الله تعالى أمر غير محدود، ولهذا يمكن أن تنسب له جميع الأفعال ومن جملتها الشفاء كما في الآية الكريمة: وإذا مرضت فهو يشفينا لأن الله سبحانه في مقام الفعل (لا في مقام الذات) يشفي المريض بالدواء، والإنسان أيضاً في أفعاله درجة من درجات فاعلية الله سبحانه(2).

ففي القيامة إذن يتضح أن الله سبحانه كان ولايزال وسيبقى هو الحاكم المطلق، وهذا المعنى يستفاد أيضاً من آيات أخرى مثل:

أ. {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16] ، في ذلك اليوم يأتي السؤال لمن اليوم الملك والسلطان، وهذا لا يعني أن الملك والسلطان كانا بالأمس ملكاً للآخرين، والجواب هو أن الحكم والسلطان مختص بالله الواحد القهار.

ب. {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [طه: 114] هذه الآية الكريمة تصف الله . مطلق، وعليه فلا يمكن أن يفرض أنه لم يكن في الدنيا ملكاً نافذ الحكم. فهو مالك الملك والسلطان، يؤتي الملك تارة وينزعه أخرى، مثلاً يجعل الإنسان مالكاً للسمع والبصر: {أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} [يونس: 31] والمالك الحقيقي لعين وأذن الإنسان هو الله سبحانه، وملكية الإنسان لأعضائه وجوارحه هي بتمليك من الله له، ومتى ما شاء انتزعها منه، وحينئذ لا يأذن له حتى بأن يغمض عينه المفتوحة، فعلى الرغم من أن غمض العيون من أبسط وأهون الأفعال في الظاهر، لكن مع ذلك فإن البعض عند الاحتضار يعجز حتى عن غمض عينيه. ويموت وهو مفتوح العينين.

وعلى هذا فإن سلطان ونفوذ أمر الله (يظهر في القيامة لا انه (يحدث)، وإن كانت هذه الحقيقة منكشفة لبعض الناس في هذه الدنيا م أيضأ، فالموحد الكامل يرى الآن مايراه الآخرون بعد الموت. وأدعية الأئمة المعصومين تدل على أنهم كانوا يرون في الدنيا حقيقة: {والأمر يومئذ لله} وهذه ثمرة التوحيد الأفعالي. فالإمام الرضا يقول في سجود صلاته لله سبحانه: "لك الحمد إن أطعتك ولا حجة لي إن عصيتك ولا صنع لي ولا لغيري في إحسانك ولا عذر لي إن أسأت، ما أصابني من حسنة فمنك يا كريم اغفر لمن في مشارق الأرض ومغاربها من المؤمنين والمؤمنات".(3)

ج. {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [المائدة: 120].

والآيات السابقة تبين ملكية وحكومة الله سبحانه بلسان الإثبات. وبعض الآيات بينت هذه الحقيقة بلسان السلب أيضا كما في:

أ. {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} [الإسراء: 111] ، فإذا لم تدل آيات مثل: {لله ملك السماوات والأرض} بنحو الإثبات على حصر الملك والملك في الله سبحانه، فإن آيات مثل: {ولم يكن له شريك في الملك} تدل على هذا المعنى بنحو جلي.

ب. يقول الله سبحانه في وصف المؤمنين والموحدين الصادقين: {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55](4). وحيث إن الله ليس له أي شريك في الملك فالنتيجة هي أن الملك والسلطان لله وحده.

ج. يقول الله سبحانه لنبيه الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)  {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [يونس: 49] أي قل: إني لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا (فكيف بالنسبة إليكم أنتم) وهذه الآية أكثر صراحة من الآيات السابقة، وتدل جيدة على حصر الملكية المطلقة بالله سبحانه (5) .

د. يخاطب القرآن الكريم الوثنيين فيقول: إذا كان غير الله مؤثرة في نظام التكوين، فهذا التأثير يمكن تصويره في أربعة وجوه:

الأول: أن يكون مالك لذرة من ذرات العالم بنحو مستقل.

الثاني: أن يكون شريكا مع الله في التملك لشيء ما.

الثالث: أن يكون عونا ومساعدة لله في تدبير الأمر وليس مالكا ولا شريكا.

الرابع: أن يملك صفة الشفيع وله فقط حق السؤال والتضرع، لا وبواسطة الشفاعة يستطيع التأثير على نظام الكون. ثم يؤكد استحالة  الوجوه الثلاثة الأولى، ويجيز الوجه الرابع ولكن بإذن الله سبحانه بشرط على أن يتم على يد مثل الأنبياء والأولياء والملائكة: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سبأ: 22] {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 23] فقوله: {لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} [سبأ: 22] نفي للوجه الأول وقوله: {وما لهم فيها من شرك} نفي للوجه الثاني وقوله: {وما له منهم من ظهير} نفي للوجه الثالث.

فغير الله إذن لا يملك ذرة (بالاستقلال) ولا (بالاشتراك ولا بالمظاهرة) لكن طريق الشفاعة مفتوح لمن أذن الله له بها. بمعنى أنه بعد الابتهال والتضرع من قبل الشفيع تنضم (رحمة الله) إلى عدله ويتم التعامل مع الناس بالشفع (العدل والرحمة)، وباقتران العدل والرحمة تتيسر أمور الناس، وإلا فإن تحمل العدل المحض الله سبحانه أمر صعب وعسير. ولذلك ورد في الدعاء: "اللهم عاملنا بفضلك ولا تعاملنا بعدلك"،

أي عاملنا باسمين من أسمائك الحسنى: "العدل والفضل) لا (بالعدل) وحده، إذن فشفاعة ووساطة بعض موجودات عالم الإمكان بإذن الله سبحانه ليست محاط، والله سبحانه وهب مثل هذا الإذن لأنبيائه وأوليائه لا إلى الأصنام العاجزة عن فعل أي شيء.

وخلاصة القول هي: إن الله هو المالك في الدنيا والآخرة، وهذه الحقيقة تتجلى في يوم القيامة، وهو ظرف لظهور ملكية الله وليس ظرفا لتملكه.

ومع الأخذ بنظر الاعتبار الآيات المذكورة لحد الآن، يتضح أن قوله  تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا} [سبأ: 42] لا يعني أنكم في يوم القيامة فقط لا تملكون نفعا ولا ضرا، وأنكم كنتم تملكون ذلك في الدنيا، بل معناه أن حقيقة الملكية المطلقة لله وحده وتنزيهه من الشريك في الملك ستتضح وتظهر للجميع، وإن كانت هذه الحقيقة المسلمة قد كشفت وأميط اللثام عنها لمن يقول: "لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا"(6) ولأتباعه الصادقين.

وطبقا لما مر بيانه، فإن الكلام الباطل لفرعون حول سلطانه: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} [الزخرف: 51] دليل على أنه لم يكن يعرف رب العالمين، وكل من يقول: (إن الأمر اليوم بأيدينا وغدا بيد الله) ففكره فرعوني وليس توحيدية، لأن ملكية الله بالنسبة لليوم وللغد واحدة. وهذه حقيقة ستظهر للجميع عيانا في يوم القيامة، وإدراكها في الدنيا صعب بالنسبة إلى البعض(7) وبالتحليل يتبين أن الكثير من العقائد والأفكار المنحرفة فرعونية.

والذي يرى نفسه مالك أو ملكة في شأن من الشؤون، فهو ليس بموحد. الموحد هو الذي بايع الله، والبيعة تعني أن يبيع الإنسان نفسه وماله لله ثم يقول: "لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعأ" والاعتقاد بملكية الشيء بعد بيعه لا ينسجم مع البيع، فكما أننا لا نملك البضاعة بعد بيعها، فكذلك بعد بيعتنا مع الله لا ينبغي لنا أن نعتقد أننا مالكون لأنفسنا.

والموحد الذي يعتقد أنه لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، إذا أراد أن و يتصرف في شأن من شؤون وجوده كالعين والأذن فإن عليه أن يستأذن من المالك الحقيقي، لأنه قد باعهما ولم يعد مالكا لهما. وإذا لم يستأذن فإن تصرفه سيكون بغير إذن المالك.

ومن الواضح أن ما ذكر في النصوص الدينية من تعبيرات: "البيع" و"الشراء"، و"الأجر" وأمثالها، فالمقصود منها هو الترغيب والتشجيع وتكريم الإنسان، وإلا فنحن لا نملك شيئة بالأصالة حتى نبيعه على الله، ولا أن الله مدين لنا بشيء حتى نسترده منه، ولا أننا عملنا عملا عاد عليه . بالنفع والفائدة حتى نستحق منه الأجر والمكافأة.

تنويه: القيامة ليست ظرفا لظهور ملكية الله فحسب، بل هي ظرف الظهور جميع صفاته تعالى، سواء الصفات الجمالية، مثل (الملك) أو الصفات الجلالية، مثل (القدوس). ففي القيامة يظهر أن الله سبحانه كان ولايزال وسيبقى "القدوس السلام المؤمن المهيمن ..."

والله سبحانه يظهر في القيامة بوجه: (أرحم الراحمين) وكذلك  بوجه: (أشد المعاقبين). ومن الواضح أن معرفة كنه الأسماء الإلهية الحسنى ليست في وسع أحد، لكن أصل التوحيد ونزاهة الله من أي شريك هو أمر سيظهر جليا في يوم القيامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. يقول الإمام الصادق (عليه السلام) حول الآية الكريمة: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} (سورة يوسف، الآية 106): "هو الرجل يقول: لولا فلان لهلكت ولولا فلان لأصبت كذا ولولا فلان لضاع عبالي، ألا ترى انه قد جعل الله شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه؟" ثم أن الراوي يسأل الإمام إذا قلت: لولا أن الله من على بفلان لهلكت فكيف ذلك فقال (عليه السلام): "لا بأس بهذا" (نور الثقلين، ج2، ص476). ومن هذا القبيل التعبير المشوب بالشرك المتداول بين الناس وهو قولهم الله أولا وأنت ثانية؛ لأن الله أول لا يمكن أن يفرض له ثان: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن} (سورة الحديد، الآية 3). إذن فطبقا لتوصيات الأئمة المعصومين (عليهم السلام) عندما تريد أن تتكلم مع من أحسن إليك من الناس فينبغي أن تقول الشكر لله الذي أحسن الي عن هذا الطريق ولو شاء أن يجعله من طريق آخر لفعل. وعلى أساس التوحيد يجب الإعتقاد بأن كل نعمة هي من الله {وما بكم من نعمة من الله} (سورة النحل، الآية 53). وبهذه الرؤية لا تضفي القيمة على الذات تحت عنوان: (الإعتماد على النفس) ولا تضفي القيمة على الآخرين بذريعة (التشكر من المخلوق). وأما معنى الحديث المعروف: "من لم يشكر المنعم من المخلوقين، لم يشكر الله عز وجل، وكما مر ذكره فهو ان المحسنين مظاهر للإحسان الإلهي وإذا لم يشكر المتنعم مظهر احسان ولي النعمة فانه لم يشكر ولي النعمة. فالشكر من المخلوق (بما هو مخلوق) محمود، وبدون لحاظ حيثية كونه مخلوقة فالشكر غير محمود. وجدير بالذكر أن قوله (مشركون) في آية (وما يؤمن..) غير (الذين أشركوا) لان الذين أشركوا في مقابل المؤمنين وهم الوثنيون وسائر عبدة الأصنام.

2. التوحيد الافعالي غير الجبر؛ فالله سبحانه خلق الإنسان موجوداً ذا بعدين وجعله في مفترق طريقي الخير والشر {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10] وكل واحد من هذين الطريقين له عاقبة ونتيجة واضحة. وجعل العقل والنقل أيضاً دليلين على الصراط المستقيم. فإذا انتخب الإنسان بحسن اختياره طريق الخير، فهذا العمل الخير من حيث أنه أمر وجودي وكمال ونعمة مرتبط بالله، أما إذا سلك طريق الشر وعصى، فحيث ان الذنب والمعصية ليست الا فقداناً ونقصاً وعدماً فهي ليست مرتبطة بالمبادئ العالية. إذن فالخيرات التي هي كمال وجودي ترجع الى الربوبية، والشر والنقص ليس لهما مبدأ بالذات، وسوف يأتي هذا البحث في تفسير الآية 79 من سورة النساء ان شاء الله سبحانه.

3. البحار، ج19، ص117.

4. سورة النور، الآية 55. كلمة شريك في قوله {ولم يكن له شريك في الملك}  و"شيئا"، في قوله: {لا يشركون بي شيئا} حيث انهما نكرة في سياق النفي فيفيدان العموم ويدلان على نفي كل شريك في الملك عن الله سبحانه.

5. أما كلام نبي الله موسى (عليه السلام): {رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي} [المائدة: 25] فلا تعارض له مع الآيات السابقة، لأنه مرتبط بمقام التشريع، لا التكوين، وليس المقصود منه اني مالك لنفسي وأخي أيضا مالك لنفسه، بل ان معناه هو أن موسى يقول يارب اننا بلغنا رسالتك وهداك الى الناس، واني لا قدرة لي على اختيار الإيمان الأ لنفسي فآمنت وأخي هارون كذلك لا يملك اختيار الإيمان إلا لنفسه فآمن. وأما الآخرون فلا نملك زمام اختيارهم للإيمان. وعليه فإنه ليس سوى الله سبحانه من مالك تكويني أصيل لكل شيء في الدنيا والآخرة.

6. البحار، ج 4، ص153 .

7. كما أن التوحيد هو أعلى المعارف الإلهية فهو كذلك أصعبها وأشقها أيضا، والنبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)  يقول: "ما قلت ولا قال القائلون قبلي مثل لا إله إلا الله" (توحيد الصدوق، باب ثواب الموحدين والعارفين، الحديث الأول) أي انني والأنبياء قبلي لم تأت بشيء أعظم من (لا إله إلا الله)، وأمير المؤمنين (عليه السلام) في جواب من سأله عن المسافة بين موضع وقوفه وبين العرش، قال في البداية: سل تفقها ولا تسأل تعنتا، اي ينبغي أن يكون السائل طالبة للعلم وليس لأغراض أخرى ثم قال ان المسافة بيننا وبين العرش هي: "أن يقول قائل مخلصة لا إله إلا الله" (البحار، ج10، ص 122) ومن هذا علم بان التوحيد معرفة وعقيدة تعرج بالإنسان من الأرض إلى العرش.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .