لمحة تأريخيه عن تطور العلاقات العراقيةــ الإيراني 1921 ــ 1955. |
1142
10:23 صباحاً
التاريخ: 2023-05-02
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-23
1069
التاريخ: 8-5-2019
4196
التاريخ: 21-5-2020
5288
التاريخ: 2024-10-27
597
|
تربط العراق بإيران صلات تاريخية وثقافية ودينية إلى جانب صلة الجوار التي أوجدتها الطبيعة، وترتقي تلك العلاقات الى عهود موغلة في القدم، ونظراً لطول المدة الزمنية لتلك العلاقات، فسوف يقتصر بحثنا هنا على العلاقات بين الدولتين منذ عام 1921 وهو العام الذي شهد قيام الحكم الوطني وتنصيب فيصل بن الحسين في الثالث والعشرين من اب 1921 ليكون أول ملك على العراق في تاريخه المعاصر. ومما يثير الاستغراب أنه على الرغم من كل ذلك التاريخ الطويل بين الشعبين لم تعترف الحكومة الايرانية بالنظام الجديد في العراق على الرغم من انها الدولة الوحيدة المتاخمة للعراق من الدول المشتركة في عصبة الأمم ولها فيه موظفون قنصليون (1). لقد كان هذا الموقف الايراني على حد قول احد الباحثين "غامضاً وظل كذلك مدة ثماني سنوات حيث تأخر اعتراف ايران بالحكم الجديد في العراق رغم اعتراف عدد كبير من الدول الأوربية به (2).وبغض النظر عن الأسباب التي حالت دون اعتراف الحكومة الإيرانية - آنذاك - بالنظام العراقي الجديد مباشرة (3) ، فقد أعربت حكومة طهران في عام 1929 عن استعدادها للاعتراف به وبناء على ذلك ارسل الملك فيصل الاول (1921- 1933) في العشرين من نيسان من العام المذكور ، وفد عراقي رفيع المستوى برئاسة رستم حیدر، رئيس الديوان الملكي لتلقي اعتراف ايران بالعراق ، وكان الوفد يحمل رسالة شخصية من الملك فيصل الاول الى رضا شاه بهلوي (4) (1925-1941) مملؤة بالعواطف الاخوية والعبارات الودية (5) . وفي الخامس والعشرين من الشهر المذكور اقام الاخير مأدبة تكريماً للوفد العراقي وخلالها اعلن رئيس الوزراء الايراني اعتراف بلاده رسميا ،بالعراق فرد رئيس الديوان شاكراً لإيران اعترافها واعقب ذلك تبادل الدولتين التمثيل الدبلوماسي (6) ، إذ عينت ايران في شهر تموز عنایت الله خان سميعي وزيراً مفوضاً لها في بغداد ووصلها في الثاني والعشرين من الشهر المذكور، كما عين توفيق السويدي ممثلاً دبلوماسياً للعراق في طهران (7) . وفي يوم الحادي عشر من اب من العام نفسه عقد اتفاق مؤقت بين الدولتين يمنح رعايا الحكومتين العراقية والايرانية حق افضل الدول في اراض الدولتين، كما عينت الحكومة العراقية وزيراً مفوضاً لها في طهران عام 1931. (8) وفي اطار تحسين العلاقات العراقية - الايرانية في المدة التي اعقبت الاعتراف الايراني وجه رضا شاه بهلوي الدعوة الى الملك فيصل ليزور ايران بعد ان تم التمهيد لها في المقابلة التي جرت بين توفيق السويدي وزير العراق المفوض في طهران وتيمور طاش وزير البلاط الايراني في الحادي والعشرين من شباط 1932 وحدد شهر نيسان من العام نفسه موعدا للزيارة الملكية ، وبالفعل وصل الملك فيصل الى طهران في الثاني والعشرين من الشهر المذكور على رأس وفد رسمي ضم نوري السعيد، رئيس الوزراء العراقي آنذاك وعدد من الوزراء ، حيث تم التباحث حول العديد من القضايا التي تهم البلدين واحتلت قضايا الحدود مركز الصدارة فيها (9) ، لقد حققت تلك الزيارة عدة نتائج منها اتفاق الدولتين على اجراء مفاوضات على الفور " لعقد معاهدات واتفاقات لحسم القضايا المعلقة على أساس التفاهم التام (10) . وعلى اثر انضمام العراق الى عصبة الأمم عام 1932 بادر رضا شاه بهلوي الى تهنئة الملك فيصل واعرب عن أمله في أن تكون " المملكة العراقية جارة صديقة لإيران"، وفي السياق نفسه انبرت الصحف الايرانية على تهنئة العراقيين بزوال الانتداب عنهم ودخول العراق الى عصبة الأمم، ولم يقتصر الأمر على الشاه والصحف فحسب وانما تعدى ذلك الى عموم الشعب الايراني الذي بدت عليه امارات السرور والفرح بتلك المناسبة (11). واستناداً الى تلك المعطيات فقد كان من المؤمل ان تتحسن العلاقات بين البلدين بشكل كبير جداً ، الا ان ذلك لم يحدث بسبب عدم اعتراف الجانب الايراني بشرعية الحدود بين البلدين (12) ، إذ بدأت تبرز مشكلات الحدود بشكل ملفت للنظر، فقد ظهر من خلال سير المباحثات التي دارت بين المسؤولين العراقيين ونظرائهم الإيرانيين بمناسبة زيارة الملك فيصل المشار اليها -انفاً أن الحكومة الإيرانية تولي قضية تعديل الحدود في شط العرب اهتماماً خاصاً (13). وفي سبيل حل تلك المشكلات جرت العديد من الاتصالات بين الجانبين على امل التوصل إلى حلول ترضي الطرفين، كما تم رفع الخلاف الى عصبة الامم بتاريخ التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1934 ، الا ان الحكومة العراقية طلبت من سكرتارية العصبة ان تؤجل النظر في هذا الخلاف لأنها ترغب ان تدرس الحكومتان العراقية والايرانية القضية بينهما مباشرة (14) وقد أستمرت بعدها المفاوضات لمدة عامين دون أن تحقق نتيجة مقبولة من الطرفين (15) .ويعد انقلاب الفريق بكر صدقي الذي حدث عام 1936 ضد حكومة ياسين الهاشمي بداية لمرحلة جديدة من العلاقات العراقية الايرانية ففي برقية من وزارة الخارجية العراقية الى الحكومة الايرانية أوضحت الحكومة العراقية رغبتها في " دوام الصداقة وحسن العلاقات السائدة بين العراق وايران والسعي لتوطيد أواصرها ، وبذل كل الجهود لحسم القضايا المعلقة بين المملكتين..." (16) . وانسجاماً مع هذا التوجه الجديد ابدت حكومة الانقلاب في العراق رغبتها في تسوية القضايا المعلقة بين البلدين ، وفي جلسته المنعقدة بتاريخ السابع والعشرين من حزیران 1937 قرر مجلس الوزراء العراقي ارسال وفد برئاسة ناجي الاصيل للتفاوض مع الجانب الايراني وتخويله التوقيع على معاهدة الحدود والتفاوض والاتفاق على صيغة الكتب المراد تبادلها وقبيل سفر اعضاء الوفد العراقي الى طهران في التاسع والعشرين من حزيران من العام نفسه جرى التوقيع بالأحرف الأولى على معاهدة الحدود بين العراق وايران وفي الرابع من تموز تم التوقيع بشكل نهائي على معاهدة الحدود(17). واعقب التوقيع على معاهدة الحدود العراقية الايرانية عقد معاهدة خاصة بالصداقة بين البلدين في الثامن عشر من تموز 1937، وفي الرابع والعشرين من الشهر نفسه عقدت معاهدة " حل الاختلافات بالطرق السلمية " بين الدولتين" (18). وعلاوة على توقيع معاهدة الحدود بين العراق وايران في الرابع من تموز فقد انضمت الدولتين الى ميثاق سعد آباد (الى جانب تركيا وافغانستان) الذي وقع عليه في الثامن من تموز من العام نفسه في قصر الشاه سعد آباد في ضواحي طهران ولمدة خمس سنوات (19). وتعهدت الدول المشتركة في الميثاق المذكور بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها بعضاً، واحترام الحدود المشتركة وعدم التدخل والاعتداء باي شكل من الاشكال (20)، فضلاً عن التشاور في جميع الخلافات ذات الصفة الدولية وذات مساس بمصالحهم المشتركة، اضافة الى الامتناع التام – وفي أي حالة من الحالات منفرداً او بالاشتراك مع دولة أخرى من ارتكاب اعتداء (21). وعلى الرغم من ان ابرام معاهدة الحدود بين الحكومتين العراقية والايرانية وميثاق سعد آباد والاتفاقات الاخرى التي أشرنا اليها قد أنهى حالة التوتر بين الدولتين – مؤقتاً - فقد بدأت تظهر على السطح بين الحين والآخر عدد من العوائق والعقبات التي واجهت تنفيذ بنود تلك الاتفاقات لاسيما ما يتعلق بمشكلات الحدود بسبب عوامل مختلفة (22). وبقي الحال كذلك الى حين التوقيع على حلف بغداد 1955 وانضمام إيران اليه الذي كان من الممكن ان يكون فاتحة لأنهاء جميع الخلافات وحل جميع القضايا المعلقة بين البلدين.
......................................
1- محمد كامل عبد الرحمن، سياسة ايران الخارجية في عهد رضا شاه 1921-1941 ، مطبعة العمال المركزية، (بغداد،1988) ، ص 137.
2- جهاد مجيد محيي الدين حلف بغداد 1955 رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، (جامعة عين شمس: القاهرة ، 1970) ،ص112.
3- ن اقش العديد من الباحثين اسباب تأخر الاعتراف الإيراني بالنظام الملكي في العراق وتأخر ذلك الاعتراف الى عام 1929 وأوردوا العديد من الاسباب والحجج. وللاطلاع على
تلك الاسباب ينظر على سبيل المثال: عبد الرحمن، المصدر السابق، ص137-ص155.
4- ولد رضا شاه عام 1878 في اقليم مازندران في شمال إيران تدرج في الجيش الفارسي من جندي حتى بلغ رتبة عقيد في قيادة الجيش، أصبح وزيراً للحربية، وتمكن من السيطرة على مقاليد الحكم عام 1921 ثم ما لبث أن أعلن نفسه شاها على إيران عام 1925. ينظر: محمد عبد الرحمن يونس العبيدي، إيران وقضايا المشرق العربي 1941-1979، اطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية جامعة الموصل، 2005 ص 10(محفظة على قرص
CD)
5- محيي الدين المصدر السابق، ص116.
6- حسن مجيد الدجيلي إيران والعراق خلال خمسة قرون، ط 1، دار الاضواء للطباعة والنشر والتوزيع، (بيروت، 1999)، ص225-ص226.
7- فراقد داود سلمان ، العلاقات العراقية الايرانية 1924 - 1932 ، مجلة دراسات ايرانية ،العددان 1 - 2 ، جامعة البصرة، 2005، ص108
8- محيي الدين، المصدر السابق، ص116.
9- عبد الرحمن، المصدر السابق، ص158-ص159.
10- الدجيلي، المصدر السابق، ص 242.
11- نقلاً عن عبد الرحمن، المصدر السابق، ص160-ص161.
11- سلمان، المصدر السابق، ص108. من الجدير بالذكر ان إيران اترفت في سنة 1937 بموجب معاهدة تعديل الحدود المعقودة بينها وبين العراق بالبروتوكول المتعلق بتحديد الحدود التركية - الايرانية الموقع عليه فب اسطنبول عام 1913. ينظر: فلاح شاكر اسود، الحدود العراقية الايرانية دراسة في المشاكل القائمة بين البلدين، مطبعة العاني، بغداد، 1970، ص 96.
12- عبد الرحمن، المصدر السابق، ص243.
13 محيي الدين، المصدر السابق، ص 117 ص118. وللمزيد من التفصيلات عن مباحثات الحدود بين العراق وإيران ابان تلك المدة ينظر: الدجيلي، المصدر السابق، ص243
وما بعدها.
14- خالد العزي، اضواء على التطور التاريخي للنزاع العراقي الفارسي حول الحدود، دار الحرية للطباعة، (بغداد، 1918)، ص67.
15- نقلاً عن: الدجيلي، المصدر السابق، ص346.
16- المصدر نفسه، ص 348-ص.349. تكونت معاهدة الحدود من ست مواد والحق بها بروتوكول من خمس مواد وجاء في مقدمة المعاهدة ان الغرض من عقد المعاهدة هو رغبة الطرفين في توثيق عرى الصداقة والاخوة وحسن التفاهم بين الدولتين وبغية وضع حد بصورة نهائية لقضية الحدود بين الدولتين. ينظر: فاضل حسين واخرون، تاريخ العراق المعاصر، مطبعة جامعة بغداد، بغداد، 1980، ص 125 وللاطلاع على النص الكامل للمعاهدة ينظر: رجاء حسين حسني الخطاب العلاقات العراقية - الفارسية 1847-1981، دار الحرية للطباعة (بغداد، 1981)، ص 53-59.
(17) عبد الرحمن، المصدر السابق، ص209.
18- المصدر نفسه، ص208.
19 خضير البديري، التاريخ المعاصر لإيران وتركيا، ط 2، العارف للمطبوعات، (بيروت، 2015)، ص 141.
20- للمزيد من التفصيلات عن ميثاق سعد آباد ينظر: الدجيلي، المصدر السابق، ص355ــ
356.
21- للمزيد من التفصيلات عن العقبات التي اعترضت تطبيق معاهدة الحدود والاتفاقات الاخرى، ينظر: المصدر نفسه، ص363 وما بعدها.
22- الأخبار جريدة، العراق، العدد 3947، بتاريخ 13 كانون الثاني 1955.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|