أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
1861
التاريخ: 10-10-2014
3348
التاريخ: 10-10-2014
1412
التاريخ: 30-04-2015
1566
|
الأمر الَّذي يكفي للرَّدِّ على زاعِمي تواترها عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، فلا يكون هو الذي قرأها بهذه الوجوه الَّتي لم يتنبَّه لها سوى قرّاء سبعة أو عشرة ، جاؤوا في عصور متأخِّرة ؟! .
وإنَّ تواتراً هذا شأنه ، لجديرٌ بأن يُرمى قائله بالشطَط في الرأي ، غير أنَّ جماعات تغلَّبت عليهم العامّية ، وراقَتهم تحمّسات عاطفيّة في كلِّ شأن يرجع إلى شؤون المقدَّسات الدينية ، لا يزالون يزمِّرون ويطبِّلون حول حديث ( تواتر القراءات ) ، وربَّما يرمون مُنكرِها بالكفر والجحود ، ومن ثمَّ فإنَّ الحقيقة أصبحت مهجورة ومطمورة في ثنايا هذا الغوغاء والعجاج العارم .
لكنّ الحقّ أحقُّ أن يُتَّبع ، وأنَّ الحقيقة في ضوء البراهين القاطعة أَولى بالاتّباع .
ونحن إذ نوافيك بأدلّة كافلة لإثبات ( عدم تواتر القراءات ) ، وعدم مساسه بمسألة ( تواتر القرآن ) الثابت قطعيّاً ، نقدّم تصريحات ضافية من أئمَّة الفن تدليلاً على إنكار العلماء المحقِّقين طرّاً لحديث تواتر القراءات ، مع اعترافهم بتواتر القرآن وأن لا ملازمة بين المسألتين .
كلام الإمام بدر الدين الزركشي :
قال الإمام بدر الدين الزركشي : اعلم أنَّ القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان ، فالقرآن : هو الوحي المنزَل على محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) للبيان والإعجاز ، والقراءات : هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور ، في كتابة الحروف أو كيفيَّتها .
ثمَّ قال : والقراءات السبْع متواترة عند الجمهور ، وقيل : بل مشهورة ... والتحقيق : أنَّها متواترة عن الأئمَّة السبعة .
أمّا تواترها عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ففيه نظَر ؛ فإنَّ إسناد الأئمّة السبعة بهذه القراءات السبع موجود في كتُب القراءات ، وهي نقل الواحد عن الواحد ، لم تكمل شروط التواتر ، في استواء الطرفين والواسطة ، وهذا شيء موجود في كتُبهم ، وقد أشار الشيخ شهاب الدين أبو الشامة في كتابه ( المرشد الوجيز ) إلى شيء من ذلك (1) .
كلام الشيخ شهاب الدين ( أبو شامة ) :
وقال الشيخ شهاب الدين ( أبو شامة ) : وأمّا مَن يهوّل في عبارته قائلاً : إنَّ القراءات السبع متواترة ؛ لأنَّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف ، فخطاؤه ظاهر ؛ لأنَّ الأحرف السبعة المراد بها غير القراءات السبع ، على ما سبق تقريره في الأبواب المتقدِّمة (2) .
قال : ولو سُئل هذا القائل عن القراءات السبع الَّتي ذكرها لم يعرفها ولم يهتدِ إلى حصرها ، وإنَّما هو شيء طرَقَ سمعه فقاله ، غير مفكِّر في صحَّته ، وغايته ـ إن كان من أهل هذا العلم ـ أن يجيب بما في الكتاب الذي حفِظه .
والكتُب في ذلك ـ كما ذكرنا ـ مختلفة ، ولاسيَّما كُتب المغاربة والمشارقة ، فبين كتُب الفريقين تباين في مواضع كثيرة ، فكم في كتابه من قراءة قد أُنكرت ، وكم فات كتابه من قراءة صحيحة فيه ما سُطِرت ، على أنَّه لو عرَف ( شروط التواتر ) لم يجْسُر على إطلاقه هذه العبارة في كلِّ حرف من حروف القراءة .
فالحاصل : أنّا لسنا ممّن يلتزم التواتر في جميع الألفاظ المختلَف فيها بين القرّاء ، بل القراءات كلّها منقسمة إلى متواتر وغير متواتر ، وذلك بيّن لِمَن أنصَف وعرَف ، وتصفَّح القراءات وطرَقها .
وغاية ما يُبديه مدَّعي تواتر المشهور منها ـ كإدغام أبي عمرو ، ونقل الحركة لورش ، وصِلة ميم الجمْع وهاء الكناية لابن كثير ـ أنَّه متواتر عن ذلك الإمام الذي نُسبت القراءة إليه ، بعد أن يجهد نفسه في استواء الطرفين والواسطة ، إلاّ أنّه بقيَ عليه التواتر من ذلك الإمام إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله ) في كلِّ فردٍ فرد من ذلك ، وهنالك تُسكب العبَرات ، فإنَّها من ثمَّ لم تُنقل إلاّ آحاداً ، إلاّ اليسير منها ، وقد حقَّقنا هذا الفصل ـ أيضاً ـ في كتاب البسملة الكبير ، ونقلنا فيه من كلام الحُذّاق من الأئمَّة المُتْقنين ما تلاشى عنده شُبَه المشنِّعين ، وبالله التوفيق (3) .
كلام الحافظ ابن الجزري :
وقال الحافظ ابن الجزري : ( كلُّ قراءة وافقَت العربية ـ ولو بوجه ـ ووافقَت أحد المصاحف العثمانية ـ ولو احتمالاً ـ وصحَّ سنَدها فهي القراءة الصحيحة ، سواء كانت عن الأئمَّة السبعة ، أمْ عن العشرة ، أمْ عن غيرهم من الأئمَّة المقبولين ، ومتى اختلّ رُكن من هذه الثلاثة أُطلق عليها : ( ضعيفة ) ، أو ( شاذَّة ) ، أو ( باطلة ) سواء كانت عن السبعة ، أمْ عمَّن هو أكبر منهم .
قال : هذا هو الصحيح عند أئمَّة التحقيق من السلَف والخلَف ، صرَّح بذلك الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني ، ونصّ عليه ـ في غير موضع ـ الإمام أبو محمّد مكّي بن أبي طالب ، وكذلك الإمام أبو العبّاس أحمد بن عمار المهدوي ، وحقَّقه الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمان بن إسماعيل المعروف بـ ( أبي شامة ) ، وهو مذهب السلَف الّذي لا يُعرَف عن أحدٍ منهم خلافه (4) .
قال : وقد شرط بعض المتأخّرين التواتر في هذا الرُكن ، ولم يكتفِ بصحَّة السنَد ، وزعم أنَّ القرآن لا يثبت إلاّ بالتواتر ، وأنَّ ما جاء مجيء الآحاد لا يثبُت به قرآن ، وهذا ممّا لا يخفى ما فيه ، فإنَّ التواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الرُكنين الأخيرين من الرسم وغيره ، إذ ما ثبت من أحرف الخلاف متواتراً عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) وجَب قبوله وقُطِع بكونه قرآناً ، سواء وافَق الرسم أمْ خالفه ، وإذا اشترطنا التواتر في كلِّ حرف من حروف الخلاف ، انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمَّة السبعة وغيرهم .
قال : ولقد كنت ـ قبل ـ أجنَح إلى هذا القول ، ثمَّ ظهر فساده ، وموافقة أئمَّة السلَف والخلَف (5) .
كلام جلال الدين السيوطي :
وقال جلال الدين السيوطي : اعلم أنَّ القاضي جلال الدين البلقيني قال : القراءة تنقسم إلى : متواتر ، وآحاد ، وشاذّ ، فالمتواتر : قراءات السبع المشهورة . والآحاد : قراءات الثلاثة ، وتُلحق بها قراءة الصحابة . والشاذّ : قراءة التابعين ، كالأعمش ، ويحيى بن وثّاب ، وابن جبير ونحوهم .
قال السيوطي : وهذا الكلام فيه نظَر ، يُعرف ممّا سنذكره ، وأحسن مَن تكلَّم في هذا النوع إمام القرّاء في زمانه شيخ شيوخنا ، أبو الخير ابن الجزري ـ ثمَّ نقل كلامه بطوله وعقَّبه بما يلي : قلت : أتقن الإمام ابن الجزري هذا الفصل جدّاً ...(6) .
كلام الإمام الفخر الرازي :
وقال الإمام الرازي : اتَّفق الأكثرون على أنَّ القراءات المشهورة منقولة بالنقل المتواتر ، وفيه إشكال ؛ وذلك لأنّا نقول : هذه القراءات المشهورة ، إمّا أن تكون منقولة بالنقل المتواتر أو لا تكون ، فإن كان الأوَّل ، فحينئذٍ قد ثبت بالنقل المتواتر أنّ الله قد خيّر المكلّفين بين هذه القراءات وسوّى بينها في الجواز ، وإن كان ذلك كان ترجيح بعضها على البعض واقعاً على خلاف الحُكم الثابت بالتواتر ، فوجَب أن يكون الذاهبون إلى ترجيح البعض على البعض مستوجبين للتفسيق إن لم يلزمهم التكفير .
لكنّا نرى أنَّ كلّ واحد من هؤلاء القرّاء يختصُّ بنوع معيَّن من القراءة ، ويحمِل الناس عليها ويمنعهم عن غيرها ، فوجب أن يلزم في حقّهم ما ذكرنا .
وأمّا إن قلنا : إنَّ هذه القراءات ما ثبتت بالتواتر بل بطريق الآحاد ، فحينئذٍ يخرج القرآن عن كونه مفيداً للجزْم والقطْع واليقين ، وذلك باطل بالإجماع .
ولقائل أن يجيب عنه فيقول : بعضها متواتر ولا خلاف بين الأمّة فيه ، وفي تجويز القراءة بكلِّ واحدةٍ منها ، وبعضها من باب الآحاد ، وكون بعض القراءات من باب الآحاد لا يقتضي خروج القرآن بكليَّته عن كونه قطعيّاً ، والله أعلم (7) .
قلت : قد اشتبه عليه تواتر القرآن بتواتر القراءات ، ومن ثمَّ وقع في المأزق الأخير ، وسنبيّن أنَّ القرآن شيء والقراءات شيء آخر ، فلا موقع للشقّ الأخير من الإشكال .
كلام الحجّة الإمام البلاغي :
وقال الحجّة البلاغي : وأنَّ القراءات السبع ـ فضلاً عن العشر ـ إنَّما هي في صورة بعض الكلمات ، لا بزيادة كلمة أو نقصها ، ومع ذلك ما هي إلاّ روايات آحاد عن آحاد ، لا توجب اطمئناناً ولا وثوقاً ، فضلاً عن وهْنها بالتعارض ، ومخالفتها للرَسم المتداول ، المتواتر بين عامَّة المسلمين في السنين المتطاولة .
وأنَّ كلاًّ من القرّاء وهو واحد ـ لم تثبت عدالته ولا وثاقته ـ يروي عن آحاد ، ويروي عنه آحاد وكثيراً ما يختلفون في الرواية عنه ، فكم اختلف حفْص وشعبة في الرواية عن عاصم ، وكذا قالون وورَش في الرواية عن نافع ... وهكذا ، مع أنَّ أسانيد هذه القراءات الآحادية لا يتَّصف واحد منها بالصحّة في مصطلح أهل السُنَّة في الأسناد ، فضلاً عن الإماميّة ، كما لا يخفى على مَن جاسَ خلال الديار .
فيا للعجب ممّن يصف هذه القراءات السبع بأنَّها متواترة !! هذا ، وكلُّ واحد من هؤلاء القرّاء يوافق بقراءته في الغالب ما هو المرسوم المتداول بين المسلمين ، وربَّما يشذّ عنه عاصم في رواية شُعبة (8) .
كلام سيّدنا الإمام الخوئي :
وقال سيّدنا الأستاذ الإمام الخوئي ( دام ظلّه ) : المعروف عند الشيعة الإمامية أنّها غير متواترة ، بل القراءات بين ما هو اجتهاد من القارئ ، وبين ما هو منقول بخبر الواحد ، وقد اختار هذا القول جماعة من المحقّقين من أهل السُنَّة ، وغير بعيد أن يكون هذا هو المشهور بينهم (9) ـ ثمَّ برهن على ذلك بما حاصله ـ :
1 ـ إنَّ استقراء حال القرّاء يورِث القطع بأنَّ القراءات نُقلت إلينا بأخبار الآحاد .
2 ـ وإنَّ التأمُّل في الطُرُق التي أخَذ القرّاء عنها ، يدلّ بالقطع على أنَّها إنَّما نُقلت إليهم بطريق الآحاد .
3 ـ وإنَّ اتّصال الأسانيد بهم أنفسهم يقطع التواتر ، حتّى لو كان متحقّقاً في جميع الطبقات ، فإنَّ كلّ قارئ إنّما ينقل قراءته بنفسه .
4 ـ وإنَّ احتجاج كلِّ قارئ على صحَّة قراءته وإعراضه عن قراءة غيره ؛ دليل قطعيّ على إسنادها إلى اجتهادهم دون التواتر عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، وإلاّ لم يُحتَج إلى الاحتجاج .
5 ـ أضف إلى ذلك إنكار جملة من الأعلام على جملة من القراءات .
ولو كانت متواترة لمَا صحَّ هذا الإنكار (10) .
كلام الشيخ طاهر الجزائري :
وذكر الشيخ طاهر الجزائري : إنَّه لم يقع لأحد من الأئمَّة الأصوليين تصريح بتواتر القراءات ، وقد صرَّح بعضهم (11) بأنَّ التحقيق أنّ القراءات السبع متواترة عن الأئمّة السبعة ، أمّا تواترها عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ففيه نظر ؛ فإنَّ إسناد الأئمّة السبعة بهذه القراءات موجود في الكتُب ، وهي نقل الواحد عن الواحد (12) .
كلام العلاّمة الزمخشري :
وقال الزمخشري : إنّ القراءة الصحيحة التي قرأ بها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) إنّما هي في صفتها ، وإنّما هي واحدة ، والمصلّي لا تبرأ ذمّته من الصلاة إلاّ إذا قرأ فيما وقع فيه الاختلاف على كلّ الوجوه ، كـ( مَلك ومالك ) و( صراط وسراط ) وغير ذلك ...
... قال السيّد العاملي : وكلامه هذا إمّا مسوق لإنكار التواتر إليه ( صلّى الله عليه وآله ) ، أو إنكار لأصله (13) .
_________________________
(1) البرهان للزركشي : ج1 ، ص318 ـ 319 .
(2) راجع المرشد الوجيز : ص146 الباب الرابع .
(3) المرشد الوجيز : ص177 ـ 178 .
(4) النشر : ج1 ، ص9 .
(5) النشر : ج1 ، ص13 .
(6) الإتقان : ج1 ، ص75 ـ 77 ، النوع : 22 ـ 27 .
(7) التفسير الكبير : ج1 ، ص63 .
(8) آلاء الرحمان : ج1 ، ص29 ـ 30 الفصل الثالث من المقدّمات .
(9) البيان : ص137 .
(10) البيان : ص165 .
(11) لعلّه يقصد الإمام بدر الدين الزركشي وقد تقدَّم كلامه . راجع البرهان : ج1 ، ص318 ـ 319 .
(12) التبيان : ص 105 طبعة المنار 1334 هـ . البيان : ص170 .
(13) مفتاح الكرامة : ج2 ، ص392 ـ 393 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|