أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-11-2016
2651
التاريخ: 16-1-2017
2191
التاريخ: 2023-12-09
1033
التاريخ: 2024-01-17
1075
|
ومن المهم ذكره في هذا الصدد ان الجزيرة العربية خلقت حضارة خاصة بها الى جانب الحضارة النهرية حملت معها الطابع العربي السامي الاصيل الى المناطق المجاورة، ولا تزال آثار هذه الحضارة تتمثل بحياة البداوة ونظمها المعمول بها في المجتمع البدوي حتى يومنا هذا. وقد يحسن ان نعرض هنـــا نبذة عن حياة البداوة ونظمها وتقاليدها التي ورثتها من العصور القديمة . ان اولى صفات البدوي عيشة حياة ترحال دائمة قائمة على التنقل من مكان الى آخر حيث توجد الآبار والعيون والمراعي، وهذه الصفة هي اساس حياته منذ ان وجد في موطنه الصحراوي. والبدوي مرتبط قبل كل شيء بالأسرة وبالقبيلة وبالنظم القبلية التي تستند الى العرف والتقاليد التي ورثها أسلافه منذ أقدم الأزمنة، هذا مع تمتعه بحق الحرية الشخصية برغم صلته بأسرته وقبيلته. لذلك فوطنية البدوي وطنية قبلية فهو يحمي القبيلة والقبيلة تحميه، وهذا ما يسمى بالعصبية. وتتفرع القبيلة الى فروغ كثيرة لكل منها شيخ يرأسها ويعرف كل فرد نسبه وصلته بكل فرع من الفروع، ويتزعم شيوخ القبائل شيخ ارفع. يعرف بشيخ المشايخ. وقد تظل الرئاسة في أسرة عدة أجيال ولكن يتوقف ذلك على وافقة القبيلة، وقد يعزل الشيخ وتنتخب القبيلة رئيسا آخر. اما سلطة الشيخ فتعتمد بالدرجة الأولى على صفاته الشخصية والثقة التي يتمتع بها بين افراد عشيرته. ولشيخ المشايخ سلطة تقرير الحرب والسلم وعقد الاتفاقيات فهو صاحب الاختصاص في ذلك مع مراعاة مطاليب جمهور العشيرة وبعد استشارة مشايخ قبيلته. وأكثر النزاعات في هذا المجتمع البدوي مبعثها تنازع البقاء في الجزيرة منذ القدم اذ تدور حول الماء والمرعى مما ادى الى التناحر بين القبائل، ومع ان الصراع فرق البدو الى شيع صغيرة متنافرة، ولكن نضالهم المشترك ضد الطبيعة القاسية قد قرب بعضهم بعضا وأدى الى ان اعترف العرب جميعا بواجب واحد وغالوا في المحافظة عليه الا وهو واجب الضيافة وحماية اللاجئ المستجير. ولما كان البدوي مسئولا عن حماية نفسه وحماية قطعانه في الصحراء المنعزلة فقد أصبح محاربا بالفطرة مقاتلا شجاعا لا يبزه أحد في استعمال القوس والحربة وغيرهما من السلاح. «وقد أكسبت الطبيعة البدوي صفات تناسب بیئته، فهو ضعيف الوزن، نحيف البدن، قوي نشيط، يتحمل التعب والمشقات وعظيم الصبر والاحتمال، يكفيه طعام قليل متواضع. وصفات البدوي هي نفس صفات الجنس السامي: الفطنة، والذكاء، والدهاء، وسرعة البديهة، والخيال المتوقد، ويتميز بالكبرياء وعزة النفس التي تبدو واضحة في عينيه السوداوين الى جانب فصاحته (1). ويصف الاستاذ عبد الجبار الراوي خبير البادية المعروف مسكن البدوي فيقول: «ليس في البادية مساكن ثابتة وانما هناك بيوت شعر للسكنى ومنها البيت الصغير الذي لا يكاد يسع اصحابه، ومنها الكبير جدا ذو الاعمدة الذي يستوعب الاهل والضيوف وربما ادخلوا فيه (في الشتاء القارص حيث تتجمد المياه) صغار الغنم والإبل والخيل خوفا عليها من البرد، وبعض بيوت الشعر صغير مرفوع بعمودين فقط وبعضها مرفوع بثلاثة اعمدة واربعة. ويقسم البدو بيوت الشعر الكبيرة الى شبه غرف مستقلة بينها الحواجز المصنوعة من الشعر او القصب وتخصيص كل قسم لغرض معين فواحد للضيوف، والآخر للنوم، والثالث للطبخ. ... وكثير من البدو يصنعون بيوتهم بأيديهم وايدي نسائهم غزلا ونسجا من شعر الماعز واوبار الإبل بحالته.. ومما يزيد في ارتياحه وسروره انه خفيف الحمل، يرحل في اي وقت شاء من الشرق الى الغرب، ومن الغرب الى الشرق، أو من الشمال الى الجنوب، أو بالعكس إذا دعاه داع الى المرعى والارض، لا يمنعه من ذلك مانع، فيعمد الى ابله يشد عليها رحاله، ويحملها ما عنده، ويرحل الى حيث يريد ويختار. هذا هو سر رضا البدوي، وتفضيله هذه الحياة الحرة على قيود القرى والمدن والانقياد لأحكام القوانين والانظمة (2). ان القواعد في حسم الدعاوي في البادية قديمة توارثها الابناء عن الآباء. وللبدوي الحق بطلب التحكيم عند أحد (العوارف) في حالة نزاعه مع خصمه. واحكام (العوارف) وان تكون نافذة، لكن يجوز استئنافها عند (عوارف) آخرين أكثر شهرة إذا اتفق الطرفان على اختيارهم. والعوارف هم الخبراء من ذوي الاختصاص يختص كل واحد منهم بقضايا معينة يرجع اليه في الفصل فيها. وكان العوارف يعرفون عند العرب الاقدمين باسم العرافين، وقد افاضت الكتب بأخبار هؤلاء وأحكامهم. « والفقه البدوي فقه فطري يقوم على العرف والعادة ، تمشت عليه القبائل من قديم الازمنة حتى ان بعض قضاتهم يرجع في قضية فصل فيها شيخ قبل مائة سنة ، وربما اختلف هذا الفقه عند غيرهم اختلافا بسيطا في الاصول فقط ، ولكنه يتشابه من حيث الاساس . ويمكن تصنيف الفقه البدوي الى فقه عام، وفقه خاص. ويقسم الفقه العام الى خارجي، وعندهم منه اعلان الحرب، وحقوق الغزاة والصلح. وفقه داخلي، وعندهم منه ادارة العشيرة الداخلية. والجزيرة العربية نزلها الساميون من العرب منذ أقدم الازمنة وكان جدب الجزيرة العربية وخشونة الحياة فيها من اهم عوامل نجاتها من الاستعمار والنفوذ الاجنبي، ولما كثر عدد السكان وضاقت الجزيرة خرجوا إلى البقاع المنتشرة على مشارف الجزيرة العربية وطبعوها بالطابع السامي، ولكن معظم هؤلاء العرب احتفظوا ببداوتهم ولم يقبل على الزراعة والتجارة الا القليل منهم. وكانت الجزيرة العربية متوسطة بين الشرق والغرب وكانت قوافل العرب التي تنقل البضائع التجارية تجوب ارجاء العالم القديم مما ادى الى اتصال العرب بمعالم الحضارات المختلفة، فتأثروا بها الى حد ما ولكن دون ان يفقدوا خصائص التراث البدوي الذي هو اساس الحضارة السامية.
...........................................
1- دكتور علي حسني الخربوطلي، العرب والحضارة، ص 28.
2- (البادية)، الطبعة الثانية، ص 235 ــ 23.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|