أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-12-2021
2041
التاريخ: 25-7-2016
22856
التاريخ: 14-12-2021
1965
التاريخ: 2024-10-23
271
|
أول ما يشعر به الطفل هو الجوع والألم، وبعد فترة يبدأ بالتبسم ويأنس بمن حوله، يفرح لدى رؤية البعض ويمتعض لدى رؤية آخرين، يسره الغنج والدلال , يؤلمه الغضب، والحدة في التعامل مما يدفعه باكياً إلى أحضان أمه.
ولا تمضي سوى فترة وجيزة حتى تولد لديه حالات الغضب والخوف ، كذلك الحسد من بعض الأطفال والتعلق ببعضهم الآخر، ويبرز فيه دافع التملك وحس الجمال شيئاً فشيئاً، وتبدأ الأشياء الملونة والملابس الجميلة تثير اهتمامه وفرحه، ثم يتملكه حس الظهور والتظاهر والميل إلى العراك والمشاجرة في محيط الأسرة أو وسط رفاقه في اللهو واللعب، وخلاصة القول ، كلما ازداد نموه وقوة إدراكه كلما تضاعفت أحاسيسه وعواطفه.
تستمر الميول العاطفية والرغبات النفسية لدى الطفل بالنمو حتى مرحلة البلوغ والشباب، عندها تتفتح الغرائز الطبيعية بشكل جيد وتتبلور جميع الاستعدادات العاطفية، حتى يغرق الشاب في الأحاسيس غير العقلانية التي تأخذ بالازدياد والتوسع بشكل سريع.
تجديد الأجهزة :
«تبدأ الحساسية بالارتفاع لدى الشباب بشكل عام نتيجة صحوة قوة الحب في سني البلوغ، وهنا تكمن المشكلة، إذ ينبغي أن لا نتصور أن قلب الشاب هو ذاته قلب الطفل أضيف إليه الحب، فولادة روح الحب لدى الشاب ناجمة عن تجديد في أجهزة تتعلق بقضاياهم النفسية والعاطفية أخذت تتكامل شيئاً فشيئاً(1).
لقد أودع الخالق سبحانه وتعالى في نفس الإنسان غرائز ورغبات من شأنها صيانة ذات الإنسان وتأمين متطلبات حياته والحفاظ على حياته الفردية والنوعية، ووجود كل من هذه الغرائز والرغبات في موقعه المناسب ضرورة لا بد منها.
إذا ما جرى تعديل مناسب للغرائز بشكل يمنع طغيانها وتمردها، وإذا ما استخدمت الأحاسيس والعواطف بمواقعها المناسبة ومعاييرها الصحيحة ، فإن ذلك سيساهم في سعادة الإنسان فرداً ومجتمعاً وبلوغه مراحل متقدمة من الكمال. أما إذا لم يكبح جماح الغرائز والأحاسيس واطلق لجامها دون قيد أو شرط أو رادع ، وسمح لها بالطغيان والتمرد ، فإنها ستدفع بالمرء إلى ارتكاب جرائم كبرى، ليصبح أكثر وحشية من أي حيوان وحشي وأكثر ضررا من أي حيوان ضار. وقد أشار أولياء الله (عليهم السلام) قبل أربعة عشر قرناً إلى هذه الحقيقة النفسية المهمة ، واعترف بها علماء النفس المعاصر واليوم صراحة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : الشر كائن في طبيعة كل أحد فإن غلبه صاحبه بطن وإن لم يغلبه ظهر(2).
وعنه (عليه السلام): أكره نفسك على الفضائل ، فإن الرذائل أنت مطبوع عليها(3).
«يعتقد العالم الفرنسي «ديدرو» أن كل الأطفال هم جناة في الأساس، ولحسن حظنا أن قواهم الجسمية ضعيفة إلى الحد الذي لا تسمح لهم باستخدام قواهم المدمرة ضد الآخرين وضدنا»(4).
«ويقول الدكتور «اوستاس جسر» : إن في باطن كل منا نفساً سيئة وشريرة نستطيع من خلال اكتساب العلم والتربية الصحيحة قيادتها وهدايتها، لكنها أحياناً وفي ظروف غير عادية كالحرب أو القحط مثلا تتحرر ثانية وتتمرد من جديد)(5).
إن أولئك الذين يتحكمون بأهوائهم وميولهم الغريزية والذين يمسكون بزمام عواطفهم وأحاسيسهم ليطلقوها بالمقدار والمكان المناسبين، هم ممن يتمتعون بإنسانية حقيقية ويحظون بسعادة بشرية.
تسخير الأهواء
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : اشجع اناس من غلب هواه(6).
وعنه (صلى الله عليه وآله): ما منكم من احد إلا وله شيطان، قالوا وانت يا رسول الله؟ قال: وأنا إلا أن الله عز وجل أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير(7).
إن مما لا شك فيه أن الحرية المطلقة للعواطف والأحاسيس تشكل سداً منيعاً في وجه سعادة الإنسان ، فتمرد الغرائز والرغبات النفسية وإطلاقها في العنان يتنافى والنظام الاجتماعي والمدنية الإنسانية ويسوق الإنسان نحو الانحراف والسقوط.
«إن الحياة لاسيما الجانب الاجتماعي منها تستوجب أن يعمل الإنسان منذ البداية على هداية غرائزه نحو تحقيق الأهداف الاجتماعية، وينبغي على المدنية أن تعارض حرية إطلاق الغرائز، وبعبارة اخرى نقول: مثلما يتم إقامة سد أمام مجرى للماء لتشغيل مولد ما ينبغي على المدنية أن تسيطر على الغرائز في سبيل رقي الإنسان وتحول دون التظاهر بطغيانها»(8) .
قال الإمام الجواد (عليه السلام): من اطاع هواه أعطى عدوه مناه(9).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): من غلب هواه على عقله ظهرت عليه الفضائح(10).
كلنا نعلم أنه ما من يوم يمر إلا ومئات الجرائم تحدث هنا وهناك من الكرة الأرضية، لتشوه سمعة الإنسان بضلوعه في هذه الجرائم كالقتل والسرقة والرشوة والفساد والظلم والجور، وتزيد آثارها ونتائجها المشؤومة من معاناة شعوب العالم بنسب أو بأخرى.
إن الأحاسيس غير المعدلة والرغبات المتمردة التي تسيطر دائماً على ضمير الإنسان وتدفعه نحو الرذيلة والانحراف، هي التي تحرك الإنسان وتشوقه لارتكاب الجريمة.
«إن دوافع ارتكاب الجريمة يمكن أن تختلف بين أربعة مجرمين مثلاً ، فأحدهم يقتل انتقاماً من منافسه، والآخر يقتل أحد أقاربه الذي كان يحول دون حصوله على الإرث ، والثالث امرأة تخنق طفلها لتريح نفسها من عذاب تربيته، والرابع يسطو على منزل شيخ هرم ليسرق أثاثه دون إحداث ضجة فيقدم على قتل صاحب المنزل.
إذن لكل مجرم دافع خاص نحو الجريمة، وهنا لا بد من التساؤل إن لم يكن هذا الدافع نابعاً من الإحساسات فمن أين يمكنه أن يكون؟.
إن الرغبة بالثأر لإهانة لحقت بكرامة إنسان أو بعزة نفسه، أو الإقدام على القتل طمعاً في الحصول على ثروة أو مال، وكذلك الاعتداء على شرف امرأة، كل ذلك نابع من الإحساس بحب السيطرة والتسلط . وتخمد نار الشهوة بمجرد أن يحاول رجل أن يثبت رجولته لامرأة ضعيفة بإجبارها على التضحية بشرفها وعفتها، أما الحريق المتعمد فغالباً ما ينجم عن الإحساس بحب الانتقام، وكذلك السرقة فإنها تنجم في كثير من الأحيان عن الاحساس بالحرص».
«إذن ، كما لاحظنا، إن حب التسلط والغرور واستعراض القوة والحرص والتملك وغيرها من الأحاسيس المختلفة كلها تشكل دوافع لارتكاب الجريمة»(11).
____________________________________
(1) ماذا أعرف؟، البلوغ، ص42.
(2) غرر الحكم، ص105.
(3) مستدرك الوسائل ج2 ، ص310.
(4) العقل الكامل، ص13.
(5) النمو والحياة، ص 136.
(6) مستدرك الوسائل ج2، ص345.
(7) المحجة البيضاء ج5 ، ص 49 .
(8) أفكار فرويد، ص 51.
(9) سفينة البحار ج2 (هوى) ، ص 728 .
(10) غرر الحكم ، ص675.
(11) جه ميدانم؟ ماذا أعرف، الجناية، ص 16.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|