أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-24
1174
التاريخ: 2023-07-29
812
التاريخ: 2023-12-07
1159
التاريخ: 13-12-2020
1820
|
تخيل شيئاً نرغب جميعاً اقتنائه: مُكعب من الذهب طول ضلعه يساوي 3 أقدام (متر). خُذ المكعب التخيلي وقصه في منتصف طوله وعرضه وارتفاعه لتكوين ثمانية مكعبات صغيرة طول ضلع كل منها يساوي 18 إنشاً (نحو 50 سنتيمتراً). إن خواص كل من المكعبات الثمانية الصغيرة هي نفسها خواص المكعب الكبير (باستثناء القيمة المالية فكل منها هو ذهب أصفر لامع ثقيل. وسيبقى كل منها معدناً طرياً ناقلاً للكهرباء له نفس درجة حرارة الانصهار التي كانت له قبل القطع. وفيما عدا أن القص يجعل المكعب الذهبي أسهل حملاً فإنك لا تكون قد حققت شيئاً بقضه.
تخيَّل الآن أنك قطَّعت واحداً من المكعبات الصغيرة التي يساوي طول ضلعها 18 إنشاً بنفس الطريقة. حينئذ سوف يكون طول ضلع كل من المكعبات الثمانية الناتجة 9 إنشات، وسوف تكون له نفس الخواص التي كانت للمكعب الأصلي قبل البدء بالقطع وإذا تابعنا قص مكعبات الذهب بنفس الطريقة وانتقلنا بالمقاس من القدم إلى الإنش ومن الإنش إلى السنتيمتر، ومن السنتيمتر إلى الميليمتر، ومن الميليمتر إلى المايكرو، فإننا لن نرى تغيراً في خواص الذهب. لكن عندما تُصبح مكعبات الذهب أصغر، وعند مرحلة معينة نصبح غير قادرين على رؤيتها بالعين المجردة، وتظهر الحاجة إلى بعض الأدوات الدقيقة للمساعدة على الاستمرار في القص. ومع ذلك تبقى خواص قطع الذهب الفيزيائية والكيميائية دون تغيير وهذا واضح من خبرتنا في عالم الواقع: في سلم المقاسات الكبيرة لا تعتمد خواص المادة الفيزيائية والكيميائية على مقاسها ولا فرق في ذلك، أكان المكعب من ذهب أم من حديد أو رصاص أو بلاستيك أو جليد أو نحاس.
لكن عندما نصل إلى السلَّم النانوي تتغيَّر كل الأشياء، ومنها لون الذهب ودرجة حرارة انصهاره وخواصه الكيميائية. ويكمن سبب هذا التغير في طبيعة التأثيرات المتبادلة بين الذرّات التي يتكوّن الذهب منها، تلك التأثيرات التي تختفي حين توسيطها في المادة الجَسِيمة. إن الذهب النانوي لا يتصرّف كالذهب الجسيم.
تمثل الخطوات القليلة الأخيرة من القص اللازمة للوصول بمكعب الذهب إلى السلم النانوي نوعاً من أنواع التصنيع النانوي، أو التصنيع في سلّم المقاسات النانوية. فقطعة الذهب التي بحجم حقيبة ملابس يوصلها القص المتتالي إلى السلم النانوي. وهذا النوع من التصنيع النانوي يُسمّى أحياناً بالتصنيع النانوي النزولي top down لأننا نبدأ ببنية كبيرة لنجعلها أصغر. وفي المقابل فإن الانطلاق من الذرّات المنفصلة والبناء حتى الوصول إلى بنية نانوية، يُسمّى التصنيع النانوي الصعودي bottom up وأحياناً تُسمّى بنى الذهب النانوية التي حضرناها النقاط الكمومية quantum dots أو النقاط النانوية nanodots لأن أشكالها تشابه شكل النقطة تقريباً، ولأن مقاسات أقطارها تقع في السلم النانوي.
الشكل 2 – 1: التقنيون النانويون القدامى
اقتبست الصورة بعد موافقة Getty Images.
الشكل 2-2: التقنيون النانويون الحديثون.
اقتبست بعد موافقة Getty Images.
ليست سيرورة التصنيع النانوي، ولاسيما صنع نقاط الذهب النانوية، بالجديدة. فكثير من ألوان النوافذ الزجاجية المبقعة الموجودة في كنائس العصور الوسطى والعهد الفيكتوري، وبعض الطلاءات الزجاجية التي تغطي أواني الفخار القديمة، تقوم على حقيقة أن خواص المواد في السلم النانوي تختلف عن الخواص في سلم المقاسات الكبيرة. وعلى وجه الخصوص، يمكن للون جسيمات الذهب النانوية أن يكون برتقالياً أو بنفسجياً أو أحمر أو مائلاً إلى الخضرة تبعاً لمقاساتها بهذا المعنى يكون التقنيون النانويون الأوائل هم أولئك الذين عملوا في صناعة الزجاج في ورشات العصور الوسطى (الشكل 2 – 1) لا العاملين ذوي الأردية الأنيقة في مصانع أنصاف النواقل الحديثة (الشكل 2 ـ 2). من الواضح أن أولئك الزجاجين لم يكونوا يعرفون سبب تكون الألوان نتيجة لما يفعلوه، أما نحن فنعرف ذلك الآن (الشكل 2 ـ 3).
لا يمكن الإبقاء على خواص البنى النانوية التي تعتمد على المقاس حين العودة ثانية إلى سلم المقاسات الكبيرة. ويمكننا الحصول على انتثار كبير المقاس للنقاط النانوية الذهبية ذات اللون الأحمر بسبب مقاسات النقاط النانوية الإفرادية، إلا أن النقاط النانوية سرعان ما تبدأ بالتحول إلى اللون الأصفر حينما نبدأ بضغطها وندعها تترابط ثانية معاً. ومن حسن الطالع أنه إذا كان ثمة ما يكفي من النقاط النانوية القريبة من بعضها إلى حد لا يكفي لترابطها فإننا نستطيع رؤية اللون الأحمر بالعين المجردة. وهذه هي آلية عملها في الزجاج وفي الطلاءات الزجاجية. لكن إذا تُركت النقاط لتتجمع وترتبط معاً، تعود ثانية لتصبح ذهبية كالذهب الذي يحلم به ملاك المصارف.
الشكل 2-3: بلورات نانوية معلقة في محلول. يحتوي كل وعاء على فضة أو ذهب، وينجم اختلاف الألوان عن اختلاف المقاسات والأشكال وفق المبين في البنى العليا والسفلى.
اقتبست بعد موافقة مجموعة Richard Va Duyne, Northwestern University.
لفهم سبب حدوث ذلك يعتمد علماء النانو على معلومات من تخصصات أخرى. فالكيميائيون يهتمون عموماً بالجُزيئات. وتتصف الجزيئات الهامة بمقاسات مميزة يمكن أن تُقاس في السلم النانوي ذاته: فهي أكبر من الذرّات وأصغر من البنى الميكروية. ويهتم الفيزيائيون بخواص المادة، ونظراً إلى أن خواص المادة في السلم النانوي تتغيَّر بسرعة ويمكن التحكم في مقاساتها غالباً، تُعتبر فيزياء السلَّم النانوي مصدراً هاماً للمعلومات. ويهتم المهندسون بفهم واستعمال المواد النانوية المقاس. ويتعامل علماء المواد ومهندسو الكهرباء والكيمياء والميكانيك جميعاً مع الخواص الفريدة للبنى النانوية، ومع كيفية استعمال تلك الخواص في صنع مواد جديدة كلياً يمكن أن توفّر إمكانات جديدة في الطب والصناعة والترفيه والبيئة.
لذا يمكن لتعدد تخصصات التقانة النانوية أن يُفسر سبب استغراقها مدة طويلة كي تتطور. فمن غير المألوف أن يتطلب تخصُّص واحد كل هذه الخبرات المتنوعة. وهو يفسِّر أيضاً سبب كون معظم مرافق بحوث النانو الجديدة هي نتاج لجهود تعاونية بين علماء ومهندسين من كل جزء من القوى العاملة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|