المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{آمنوا وجه النهار واكفروا آخره}
2024-11-02
{يا اهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وانتم تشهدون}
2024-11-02
تطهير الثوب والبدن والأرض
2024-11-02
{ودت طائفة من اهل الكتاب لو يضلونكم}
2024-11-02
الرياح في الوطن العربي
2024-11-02
الرطوبة النسبية في الوطن العربي
2024-11-02



الانحرافات الاقتصادية لدى الشباب  
  
999   09:02 صباحاً   التاريخ: 2023-03-05
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : تربية الشباب بين المعرفة والتوجيه
الجزء والصفحة : ص217ــ223
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /

في دخولهم الى عالم جديد، يواجه المراهقون بعض الاحيان بعض الصعوبات اثر ضبابية رؤيتهم للمحيط الذي دخلوه حديثاً، ولكى نتفادى عدم وضوح الرؤية، يجب ان نقدم لهم تصورات واضحة عن السعادة ومقوماتها، وما هي الاسباب التي تحرمهم منها وتؤدي بهم الى البؤس والشقاء.

فغالباً ما ينهار المراهقون والشباب بسبب عدم سيطرتهم على اهوائهم ورغباتهم، فيلجؤون الى الانحرافات من اجل ارضاء شهواتهم التي لا تخضع للعقل والاخلاق، ولذا تبدر منهم تصرفات عجولة بعيدة عن المنطق، يحاولون من خلالها الدخول في عالم الكبار، مما يسبب لهم ذلك الوقوع في الانحرافات والمعاصي.

• السرقة :

ان من المشاكل التي نواجهها عند المراهقين والشباب هي سرقتهم لأموال وممتلكات غيرهم، وتتفاوت نسبة السرقات فالإحصائيات التي اجريت في أوربا - والتي لا تصدق على مجتمعنا - تشير الى ان 80% من الناشئة والشباب دون الثامنة عشر من العمر، يرتكبون السرقة.

علماً، ان اغلب السرقات التي يرتكبونها لا تتعدى الاشياء الرخيصة. فهم يسرقون بعض الاشياء والحاجيات التي بإمكانهم ان يشترونها بسهولة وذلك من خلال المبلغ الذي يستلموه من ابائهم.

• ما هي دوافع السرقة؟

ان اهم الدوافع التي تؤدي بالمراهق والشاب الى السرقة هي:

١- الدافع المادي فهم يسرقون ليشتروا من خلال ذلك الشوكولات او الغذاء او الحلويات التي يحبونها. أو ليقضوا بأموال السرقة وقتهم بالنزهة والسفر مع الاصدقاء.

٢- في بعض الاحيان يقدمون على السرقة بدافع الانانية المفرطة وحب الذات وليثبتوا لأصدقائهم شجاعتهم وكونهم اشخاص محترمين ومهمين، فيبيعون الحاجات التي سرقوها، ليقيموا بأموالها مائدة يدعون اليها اصدقائهم.

٣- احياناً يقدمون على السرقة لوجود عقدة أو عقد في شخصية المراهق، ولينتقم من الاخرين فيسرق اموالهم أو اشيائهم، كأن يسرق من والده او أمه أو اخوانه لينتقم منه لانهم لا يحترمون ولا يهتمون به.

٤- يسرق المراهق احيانا، ليثبت قوة شخصيته، ولكي يثبت للآخرين انه شخص شجاع وجريء. واحياناً يجرب نفسه، ولكي يتخلص من الترديد بخصوص سرقة شيء يحبه ويرغب بامتلاكه، فيقدم على سرقته، متخلصا من الترد.

5- في بعض المواقع، تكون السرقة مجرد عادة اعتاد عليها الشاب دونما هدف او غرض منها، وكأنه يريد ان يتخلص من رتابة حياته وعطالته عن طريق السرقة.. انها تسلية يتسلى بها.. فهو ليس بحاجة للأشياء التي سرقها.

6- تشير الاحصائيات ان اغلب السرقات التي يقدم عليها المراهقون والشباب هي من اجل تحقيق الآمال والاماني البعيدة الامد. 

• عصابات السرقة:

ان من الخطورات الكبيرة التي تعتري حياة الناشئة والشباب هي انتمائهم الى عصابات السرقة، خصوصاً تلك العصابات التي تتسم بالطابع السياسي اضافة الى السرقة. اذ ان ذوي المقاصد السياسية المشؤومة يوظفون المراهقين والاحداث لصالح اهدافهم الدنيئة ويستثمرون طاقاتهم وقواهم لنفس الغرض، مستغلين طيبة وبساطة الناشئة والاحداث وحفظهم للأسرار ان اغلب هذه العصابات، تضم كل على حدة، 30ــ40 شخص من الاحداث الذين تتراوح اعمارهم بين ١٣ــ١٩ سنة - ولا تشارك فئة البنات في مثل هذه العصابات، ولكن حينما يكون صديق احدى الفتيات عضواً في عصابات السرقة فقد تضطر الى حفظ الاشياء المسروقة واخفائها.

ان اطاعة رئيس العصابة مسالة جد ضرورة ولازمة. ولكي يحصل المراهقون على مناصب مهمة في العصابة، نراهم يطيعون رئيسهم اطاعة عمياء، وهم بذلك يقعون في انحرافات كبيرة اخرى. ولكي يبرزون انفسهم بعنوان افراداً ثوريين وشجعان أو ذوي مراتب عالية، يبادرون الى تصرفات شتى. تنسجم مع تطلعاتهم ولكنها قد لا ترضي رئيسهم لأنه يحاول ان يحتكر الكثير من الصفات لشخصه فقط.

ان اكثر هؤلاء السارقين هم مراهقين عاشوا في محيط يعج بالانحطاط والسقوط الاخلاقي، صارعوا فيه المشاكل والصعوبات دون ان يتوصلوا الى حل مناسب. اما القسم الاخر منهم فهم اولئك الذين يعانون من الاضطراب والاحساس بعدم الامن والامان.

وتشير بعض دراسات وبحوث علماء النفس ان الذين يرتكبون هذه الزلات والانحطاط يعانون بالأساس من فقدان الشخصية، ويحتقرون انفسهم ازاء فقر عوائلهم، ويشعرون انهم متخلفين بالقياس مع الاخرين ويسعون الى تفادي هذا النقص والتخلف واللحاق بالركب.

ولذا يلجؤون الى انتخاب اقصر الطرق، غير مبالين بكونها طرق خاطئة ومنحرفة، هادفين الى جمع اكثر حد ممكن من الاموال.

• عوامل السرقة الاساسية:

على ضوء ما ذكرناه سالفاً بخصوص السرقة، يمكننا الاشارة الى اهم العوامل الاساسية التي تدفع الشباب والناشئة الى السرقة، وهي:

١- الفقر:

ان غالبية الاشخاص الذين يقدمون على السرقة هم اما من ذوي عوائل فقيرة، او عوائل تفتقد ادارة امورها من الناحية الاقتصادية فلا تمنح ابنائها المقدار اللازم من الاموال مما يسبب ذلك انحرافه وسرقة اموال الاخرين.

ان الفقر يدفع في بعض الاحيان الى تجاهل الامور الدينية وعدم الالتزام بالأوامر الالهية، يقول الامام (عليه السلام): ان الفقر منقصة للدين، مدهشة للعقل، داعية للمقت.

٢- الوساوس:

ان الاحداث والشباب ضعيفون امام الوساوس. فما ان تدفعه الحاجة او يرغبه صديق او زميل ما على القيام ببعض الامور، حتى يستجيب اليها بسرعة ودون اي تأني ودون ان يفكر بمصير عمله والذي قد يسبب له الفضائح.

ان الوساوس تدفع الانسان الى تجاهل كرامة نفسه وعزتها، وان عدم الاهتمام بكرامة النفس بالشكل المطلوب قد تدفع الانسان في المستقبل الى الرضوخ للانحرافات لان فقدان كرامة النفس تؤدي بالإنسان الى ارتكاب جميع انواع الانحرافات ومن ثم تسقطه في وادي الانحطاط والى الذلة والشقاء .

٣-العطالة عن العمل:

العطالة عن العمل، تسبب الكوارث الاخلاقية، وهي من العوامل التي تساعد على تأسيس عصابات السرقة والاجرام والشغب، فحينما يكون الشاب عاطلاً عن العمل. يخطط، ثم ينفذ خططه الشريرة والتي تسبب احيانا. مخاطر كبيرة قد يصعب معالجتها.

ويجب ان نضع هذه الملاحظة نصب اعيننا وهي ان الاحداث والشباب قد يسرقون اموال وممتلكات الاخرين من اجل التفاخر بذلك، او الانانية او الانتقام من غيرهم، واحياناً لاختبار قدراتهم.

وتارة اخرى يقلدون الابطال والنجوم، فيرون ان عملهم هذا - سرقتهم - يشابه عمل الابطال السينمائيين.

• انحرافات اخرى:

ترافق عملية السرقة صفات سيئة وانحرافات اخرى كالكذب والخداع والخشونة في السلوك والتهجم على الاخرين، وتشير كلها الى الوضع النفسي والفكري المتردي عند الشباب.

كما ان اعطائهم الاموال من قبل الوالدين، بإمكانه هو الاخر ان يكون عاملاً مساعداً لارتكاب الجرائم او تشجيعهم على المضي في طريق الانحراف، خصوصاً حينما لا يحاسبهم ابائهم اين صرفوا اموالهم، اذ من المحتمل ان يبذرونها في ارضاء شهواتهم ورغباتهم كشراء السجائر والاعتياد على المواد المخدرة او صرف هذه الاموال في احكام سيطرتهم على الاخرين وابراز تفوقهم على اقرانهم.

صحيح ان الشباب احرار في صرف اموالهم التي يحصلون عليها من آبائهم، ولكن من الضروري جداً ان يتم مراقبتهم بشكل غير مباشر، للاطلاع على الموارد التي صرفوا الاموال فيها.

• مسألة شراء الوالدين: 

كما ان فقر الوالدين والعائلة تجعل الشاب يضطر الى السرقة، ولكن في موارد اخرى نرى ان ثراء الوالدين يترك اثراً سيئاً على ابنائهم قد يلازمه هذا الاثر الى مراحل اخرى من العمر.

ان الابناء الذين ترعرعوا في عوائل ثرية يعانون من عدم الانسجام مع اترابهم، ووجود مشاكل بينهم وبين منهم في نفس العمر ولكن في وضع مادي صعب.

ان انقطاع الاموال عن ابناء المترفين والاثرياء تعد لهم مشكلة كبيرة كما ان وجودها يسبب بدوره مشاكل اخرى كحب التسلط على اقرانهم والتكبر عليهم، واحياناً يسبب الثراء تأثيراً سلبياً على الناشئة والشباب كأن يصيروا افراداً غارقين في شهواتهم وكسالى وعاطلين عن العمل، وهذه العوارض تجعلهم غير منسجمين اجتماعياً مع الاخرين. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.