أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-24
889
التاريخ: 20-6-2018
3680
التاريخ: 3-8-2017
10266
التاريخ: 1-8-2017
6026
|
لقد حاول الفقه والقضاء الفرنسيان توحيد هذين الضمانين على سند انه لا يوجد فرق بين الضمان الناتج عن الإخلال بالالتزام بالتسليم والالتزام بضمان العيوب الخفية , حيث إن المبيع بكلتا الحالتين لا تتوافر فيه الصفات المتفق عليها وبالتالي يخضعان إلى نظام قانوني واحد وهو الإخلال بالالتزام بالتسليم(1).
إلا إن ذلك لم يدم طويلاً بسبب النقد الفقهي لهذه الفكرة , لاسيما وان الأحكام التي صدرت عام 1993 كان لها من التأثير لإبراز معيار التمييز بين هذين الضمانين (2).
كما ان الأثر المترتب على العيب الخفي يختلف عنه في ضمان المطابقة , فقد ميز المشرّع المصري في المادة (443- 450) بين العيب الجسيم والعيب غير الجسيم , حيث إن المشتري يخير بين الفسخ ومطالبة البائع بالتعويض وفقاً لأحكام الاستحقاق الكلي , أو استبقاء المبيع مع التعويض عن الضرر الذي أصاب المشتري بسبب تعيب المبيع , وهذا جزاء يترتب فيما إذا كان العيب جسيماً, أما إذا لم يكن كذلك فلا يكون للمشتري سوى المطالبة بالتعويض, أما جزاء عدم المطابقة يكون للمشتري أن يطلب فسخ العقد واسترداده الثمن وان لم يكن عيب المطابقة جسيماً.
أما القانون المدني العراقي ومن خلال المادة(558/1) (3) فقد منح الخيار للمشتري بين رد المبيع أو قبوله بالثمن المسمى بالعقد إذا كان المبيع معيباً. ومن هنا يتبين إن دعوى ضمان العيب الخفي في القانون المدني العراقي هي دعوى فسخ , بينما في القانون المدني المصري هي دعوى فسخ تارة ودعوى (تنفيذ بمقابل) تارة أخرى, وذلك حسب طبيعة العيب , في حين نجد إن الأثر المترتب على ضمان المطابقة هو ثبوت الحق للمشتري في طلب التنفيذ العيني أو الفسخ مع التعويض في كلتا الحالتين إن كان له مقتضى (4).
وقد اختلف الفقه الفرنسي في ذلك من خلال وضع قواعد ثلاث للتمييز بين دعوى عدم مطابقة المبيع للمواصفات ودعوى العيب الخفي وتتمثل هذه القواعد بالتالي:-
1. إذا كان العيب ظاهراً عند التسليم و أبدى المشتري تحفظه عليه , فله إن يطلب الفسخ لعدم المطابقة.
2. إذا كان المشتري لا يستطيع اكتشاف العيب عند التسليم وقد بذل العناية المطلوبة منه عند فحص المبيع فالدعوى هنا دعوى ضمان العيب الخفي.
3. يمتنع على المشتري المطالبة بالفسخ لعدم المطابقة ولا يثبت له الحق في دعوى ضمان العيب الخفي إذا كان العيب ظاهراً وانكشف وقت فحص المبيع ولكن بقي مجهولاً للمشتري بسبب إهماله وتقصيره في إجراء الفحوصات اللازمة للمبيع(5).
بالإضافة إلى إن عدم المطابقة تفترض إن حالة المبيع تختلف وقت التسليم عنها وقت البيع , أي إن هنالك اختلافاً بين الشيء المسلم وبين الشيء الذي تم التعاقد عليه بمواصفات معينة , إلا أن العيب الخفي , يفترض إن ما سلمه البائع للمشتري هو ذات العين المتعاقد عليها , إلا إنها معيبة بعيب خفي قد ينقص من منفعة العين أو قيمتها في حالة عدم علم المشتري بذلك العيب(6).
ويذهب رأي من الفقه(7) إلى إن ضمان العيوب الخفية يقوم في جميع البيوع سواء كانت هذه البيوع مادية أو معنوية (كبيع الأسهم والسندات) , بينما يقتصر تطبيق ضمان المطابقة على عقد بيع المنقولات المادية أو الأشياء الاستهلاكية في العلاقة بين البائع المهني والمشتري المستهلك(8).
إلا أن الرأي أعلاه محل نظر, فمن الممكن أن يتسع نطاق ضمان المطابقة ليشمل المنقولات المادية أو المعنوية على حد سواء , وهذا ما نص عليه قانون حماية المستهلك المصري في المادة (1) على انه (السلع والخدمات المقدمة من أشخاص القانون العام أو الخاص، وتشمل السلع ..........), أي ان الخدمات هي ليست منقولات مادية وإنما منقولات معنوية .
ومثله قانون حماية المستهلك العراقي أشار إلى المنقولات المعنوية في المادة (1/ثانياً) حيث نصت على انه (السلعة كل منتج صناعي أو زراعي أو تحويلي أو نصف مصنع أو مادة أولية أو أي منتج آخر ويمكن حسابه أو تقديره بالعد أو الوزن أو الكيل أو القياس يكون معداً للاستهلاك).
ولا نتجاهل معيار الزمن الذي له دور مهم للتمييز بين المطابقة والعيب الخفي, حيث يُعدّ الفقه(9), إن التمسك بعدم المطابقة يكون عند التسليم للمبيع , أما التمسك بالعيب الخفي , فيكون في مرحلة لاحقة على التسليم , فالدعويين تتّابعان زمانياً , فإذا قبل المشتري المبيع دون تحفظ سقطت دعوى المطابقة , ويكون له دعوى ضمان العيب الخفي إذا توافرت شروطها (10).
لذا فان الفارق يبقى قائماً بين النظامين حيث إن القواعد العامة المنصوص عليها في ضمان العيب الخفي لم تعد كافية لمعالجة ما يستجد من أوضاع قانونية, لاسيما والتطور الملحوظ في إنتاج السلع ذات الدقة العالية في التصنيع , والتي يصعب في كثير من الأحيان اكتشاف عيوبها, وهذا ما أكده البعض من (إن فرصة اللجوء لهذا الضمان تتضاءل نسبياً في هذه المعاملات بسبب صعوبة إثبات الضمان من جهة, ولوجود البدائل الحديثة : مثل الالتزام بالمطابقة والأمان وضمان الصلاحية وقواعد حماية المستهلك من جهة أخرى)(11). فقد يصعب تحقق هذه الشروط في تلك السلع الجديدة والمتطورة.
ويتضح مما تقدم ان كل عيب في المبيع هو عدم مطابقة ,سواء لم يفوت الغرض الصحيح من التعاقد أو لم ينقص من قيمة المبيع عند التجار وأرباب الخبرة, وليس كل عدم مطابقة يعد عيباً خفياً , فقد يكون المبيع غير مطابق الا انه ليس معيباً , كتسليم سيارة حمراء بدل سيارة بيضاء, أي أنها لم تشتمل على مفهوم العيب الخفي , ومع ذلك يكون التسليم غير مطابق (12).
لذا نؤيد الرأي المتقدم الذكر الذي يدعو إلى عدم التوحيد بين ضمان المطابقة وضمان العيب الخفي, لاسيما وان دعوى ضمان العيوب الخفية تثار بعد استلام المبيع , وهذا يتطلب تحقق شروط العيب الخفي والمتمثلة بالقدم والخفاء والتأثير(13), فإذا تحققت هذه الشروط يكون للمشتري ان يرجع على البائع بضمان العيب الخفي , أما إذا لم تتحقق, فيمتنع على المشتري إن يرجع على البائع بالضمان , ولا يكون أمامه سوى الرجوع على البائع بدعوى عدم المطابقة , حيث إن دعوى عدم المطابقة لا تحتاج إلى الشروط التي يتطلبها العيب الخفي, وهي شروط يصعب إثباتها من قبل المشتري, وإنما يكفي بان يثبت عدم تحقق المطابقة للمواصفات المتفق عليها, من خلال معاينة المبيع من قبل خبراء تنتدبهم المحكمة لذلك وما تضمنه العقد من مواصفات.
ويبقى الفرق قائماً بين الضمانين على الرغم من إمكانية تحقق الاختلاط بين الضمانين في إحدى صور المطابقة والمتمثلة بالمطابقة الوظيفية.
____________
1- CH,Atias, L equilibre renaissant de la vente, D, 1993 Chro.
- نقلاً عن د. سامي عبد الله الدريعي , معيار التمييز بين دعوى ضمان العيوب الخفية ودعوى الإخلال بالالتزام بالتسليم , مجلة القانون والاقتصاد , العدد(75) , مطبعة كلية القانون , جامعة القاهرة , 2005, ص4.
2- CIVI, lere 5mai 1993,D. 1993 p 506, not Benabent. CIVI,lere, 16luin1993 ,D.1994,p 210.
- نقلاً عن د. سامي عبدالله الدريعي ,المصدر نفسه, ص5.
3- اذا ظهر بالمبيع عيب قديم كان المشتري مخيراً ان شاء رده وان شاء قبله بثمنه المسمى.
4- د. ممدوح محمد علي مبروك , ضمان مطابقة المبيع في نطاق حماية المستهلك,مطبعة النهضة العربية, القاهرة,2008 , ص19.
5- Christophe Aubertin ,note sous cass.com.12fev.1980 D01981.juris.P.281NO14.
- نقلاً عن د . ممدوح محمد علي مبروك , المصدر نفسه , ص21,20.
6- د. عبد المنعم البدراوي, عقد ال.بيع في القانون المدني, ط3 ,مطابع دار الكتاب العربي , مصر1958, ص250.
7- د . كمال ثروت الونداوي, شرح أحكام عقد البيع (دراسة مقارنة) , ط 1 , جامعة بغداد ,1973, ص215.
8- Jean Calais – Auloy ,article precite ,p .704.
- نقلاً عن د . ممدوح محمد علي مبروك , ضمان مطابقة المبيع في نطاق حماية المستهلك, مطبعة النهضة العربية, القاهرة,2008 , ص14
9- د. سامي عبد الله الدريعي , معيار التمييز بين دعوى ضمان العيوب الخفية ودعوى الإخلال بالالتزام بالتسليم , مجلة القانون والاقتصاد , العدد(75) , مطبعة كلية القانون , جامعة القاهرة , 2005 , ص956.
10- د. عامر قاسم احمد القيسي ,الحماية القانونية للمستهلك – دراسة مقارنة, دار الثقافة للنشر والتوزيع,2002 , ص 80.
11- د. محمد حسين منصور , العقود الدولية , دار الجامعة الجديدة للنشر , 2009, ص238.
12- د. عامر قاسم احمد القيسي ,الحماية القانونية للمستهلك – دراسة مقارنة, دار الثقافة للنشر والتوزيع,2002 ,ص83.
13- وهناك من يذهب إلى اضافة شرطين في تحقق العيب الخفي لتصبح خمسة شروط وهي (الخفاء والقدم والتأثير, والا يكون معلوم للمشتري , والا يكون من البيوع التي لا ينشأ فيها هذا الضمان), انظر ذلك بالتفصيل : د. سمير عبد السيد تناغوا ,عقد البيع, منشأة المعارف , الاسكندرية , 2005,ص290 وما بعدها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|