المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
Stratification
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28
Integration of phonology and morphology
2024-11-28
تاريخ التنبؤ الجوي
2024-11-28
كمية الطاقة الشمسية الواصلة للأرض Solar Constant
2024-11-28



صحَّة الأقسام  
  
2118   03:54 مساءاً   التاريخ: 26-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص22-24
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015 4219
التاريخ: 25-03-2015 1652
التاريخ: 25-03-2015 3025
التاريخ: 25-03-2015 4160

وهذا أول أبواب قدامة وصحة الأقسام عبارة عن استيفاء المتكلم أقسام المعنى الذي هو آخذ فيه، بحيث لا يغادر منه شيئاً، ومثال ذلك قوله تعلى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الرعد: 12] وليس في رؤية البرق إلا الخوف من الصواعق، والطمع في الأمطار، ولا ثالث لهذين القسمين.
ومن لطيف ما وقع في هذه الجملة من البلاغة تقديم الخوف على الطمع، إذ كانت الصواعق تقع من أول برقة، ولا يحصل المطر إلا بعد توافر البرقات، فإن تواترها لا يكاد يكذب ولهذا كانت العرب تعد سبعين برقة وتنتجع، فلا تخطئ الغيث والكلأ، والى هذا أشار المتنبي بقوله [وافر]:
وقد أرد المياه بغير هاد ... سوى عدي لها برق الغمام
فلما كان الأمر المخوف من البرق يقع من أول برقة، أتى ذكر الخوف في الآية الكريمة مقدماً أولاً، ولما كان الأمر المطمع إنما يقع من البرق ناسخاً للخوف، لمجيء الفرج بعد الشدة، والميسرة بعد الأمر المخوف، أتى ذكر الطمع في الآية الكريمة ثانياً، وليكون الطمع بعد الحزن رحمة من الله سبحانه وتعالى بخلقه، وبشرى بحسن العاقبة لعباده، وقد أتى ابن رشيق بهذه الآية من شواهد التفسير، لما كان قوله سبحانه خوفاً وطمعاً كان مفسراً رؤية البرق، وهو قريب.
ومما جاءت صحة الأقسام فيه مدمجة في المقابلة من الكتاب العزيز قوله سبحانه: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)} [الروم: 17، 18] وقد اعترضت المطابقة بين القسمين المتقابلين واستوعبت أقسام الأوقات من طرفي كل يوم ووسطه.
ومن بديع صحة التقسيم قول علي عليه السلام: أنعم على من شئت تكن أميره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره فإنه استوعب أقسام الدرجات العليا والسفلى والوسطى، وأقسام أحوال الإنسان وبين الفضل والنقص والكفاف وأتى في ضمن ذلك الطباق بين الغنى والحاجة والمناسبة في أميره ونظيره وأسيره.
ومثال صحة الأقسام من الكتاب العزيز أيضاً قوله: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191] فلم يترك سبحانه قسماً من أقسام الهيئات حتى أتى به، ومثل هذه الآية آية يونس وهي قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا} [يونس: 12] لكن وقعت بين ترتيب الآيتين مغايرة أوجبتها البلاغة، فتضمن الكلام بها الائتلاف، وذلك أن الذكر يجب فيه تقديم القيام لأن المراد به الصلاة والله أعلم. والقيام واجب فيها للمستطيع، والقعود بعده عند العجز عن القيام، والاضطجاع عند العجز عن القعود، والضر يجب فيه تقديم الاضطجاع، وإذا زال بعض الضرر قعد المضطجع، وإذا زال كل الضرر قام القاعد فدعا لتتم الصحة وتكمل القوة، ويحصل التصرف، فإن قلت: هذا التأويل لا يتم إلا إذا كانت الواو هي العاطفة فلم عدل عنها وبها يحصل في الكلام حسن النسق وائتلاف الألفاظ مع المعاني إلى أو التي يسقط معها ذلك؟ قلت: تأثير الضر على أقسام: فإن من الضر ما يصرع المضرور عند وروده، ومنه ما يقعده، ومنه ما يأتي وصاحبه قائم ولا يبلغ به شيئاً من هذه الحالات، والدعاء عند أول مس الضر، فإن الضر والجزع عند الصدمة الأولى، فوجب العدول عن الواو لأو لتوخي الصدق في الخبر، والكلام على ذلك موصوف بالائتلاف وبحسن النسق، والخبر بذلك التأويل الأول عن شخص واحد، وبالتأويل الثاني عن أشخاص، فغلبت الكثرة، فوجب الإتيان بأو، وابتدئ بالشخص الذي يصرعه، لأن ضره أشد، فهو أكثر تضرعاً فوجب تقديم ذكره لأن تقديمه الأهم، وإذا تقدم ذكر المضطجع أوجب حسن الترتيب أن يليه ذكر القاعد وأن يلي ذكر القاعد ذكر القائم، فحصل حسن الترتيب، وائتلاف الألفاظ بمعانيها، وترجح مجيءُ أو على مجيءِ الواو، ولا تدل عليه من تعدد المضطرين دون الواو.
وكقوله: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى: 49، 50] لأنه سبحانه إما أن يفرد العبد: بهبة الإناث أو بهبة الذكور أو يجمعهما له، أو لا يهبه شيئاً، ووقعت صحة الأقسام في هذه الآية على ترتيب البلاغة، وهو الانتقال من الأدنى إلى الأعلى فقدم هبة الإناث لتنتقل منها إلى أعلى منها، وهي هبة الذكور، ثم انتقل إلى أعلى منها وهي هبة الإناث والذكور، فجاءت كل أقسام العطية بلفظ الهبة، وأفرد معنى الحرمان بالتأخر لأن أفضاله على عباده أهم من حرمانه إياهم، وتقديم الأهم أولى، وقال في معنى الحرمان: ويجعل عادلاً عن لفظ الهبة لتأتي الألفاظ ملائمة للمعاني قياساً على قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} [الواقعة: 63 - 65] وهكذا الاعتداد بالماء والنار، فأتى لفظ العطاء بلفظ الزرع، ومعنى الحرمان بلفظ الجعل.
وفي السنّة من صحة الأقسام قول رسول الله عليه[وآله] الصلاة والسلام ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت ولا رابع لهذه الأقسام.
ووقف أعرابي على حلقة الحسن البصري فقال: رحم الله من تصدق من فضل، أو واسى من كفاف، أو آثر من قوت: فقال الحسن: ما ترك الأعرابي منكم أحداً حتى عمه بالمسألة.
ومن أمثلة هذا الباب الشعرية قول نصيب [طويل]:
فقال فريق القوم لا وفريقهم ... نعم وفريق ليمن الله ما ندري
فليس في أقسام الإجابة غير ما ذكر.
وقال بشار [طويل]:
فراح فريق في الإسار، ومثله ... قتيل، ومثل لاذ بالبحر هاربه
وأوجز من هذا في معناه قول عمرو بن الأهتم [خفيف]:
اشربا ما شربتما فهذيل ... من قتيل وهارب وأسير
ومن جيد صحة الأقسام قول شاعر الحماسة [طويل]:
وهبها كشيء لم يكن أو كنازح ... به الدار أو من غيبته المقابر
فلم يبق في تقسيم المعدوم شيئاً حق ذكره، لأن الشيء إما مقدراً لم يوجد، أو قد وجدد وعدم إما بالنزوح أو بالفناء، وكقول أبي تمام في الأفشين وقد أحرق [كامل]:
صلى لها حيا وكان وقودها ... ميتاً، ويدخلها مع الفجار
والبارع في هذا الباب قول عمرو بن كلثوم [وافر]:
نطاعن ما تراخى الصف عنا ... ونضرب بالسيوف إذا غشينا
وأحسب أن أول من نطق بصحة التقسيم زهير حيث قال: [طويل]
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله ... ولكنني عن علم ما في غد عمي
ونقل أبو نواس هذا المعنى من الجد إلى الهزل، فقال في الحض على الشرب [منسرح]:
أمرُ غدٍ أنت منه في لبسِ ... وأمس قد مر فاسل عن أمسِ
وإنما الشأن شأن يومك ذا ... فباكر الشمس بابنة الشمسِ
وكنت أظن أن زهيراً هو المبتدئ بصحة التقسيم حتى عثرت على قول امرئ القيس [طويل]:
وليس بذي رمح فيطعنني به ... وليس بذي سيف وليس بنبّال
فاستوعب آلات القتال، ورتبها في البيت على ما يكون عليه في الحرب من الأفضل فالأفضل. فتمت صحة التقسيم بجميع شروطها كما ترى، وما ألطف قول بعض المغاربة [خفيف]:
شغل الدهر من لقاء حبيب ... ليت شعري متى؟ وكيف؟ وأينا؟
فاستوعب أقسام الظروف الزمانية والمكانية، وكيف التي يسأل بها عن الأحوال.
والنادر في صحة الأقسام قول عمر بن أبي ربيعة [طويل]:
تهيم إلى نعم فلا الشمل جامع ... ولا الحبل موصول ولا أنت مقصر
ولا قرب نعم إن دنت لك نافع ... ولا بعدها يسلى ولا أنت تصبر




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.