المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



الحساسية والانتقادات لدى الشباب  
  
1056   09:36 صباحاً   التاريخ: 2023-02-22
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : تربية الشباب بين المعرفة والتوجيه
الجزء والصفحة : ص139ــ145
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17/9/2022 3398
التاريخ: 27-11-2017 3390
التاريخ: 12-7-2019 2095
التاريخ: 2024-05-28 702

يتجاوز المراهق والشباب في مرحلة البلوغ سنين بالغة الحساسية، سنين يكون فيها صعباً على الوالدين تحمل سلوكياته وتصرفاته وتشكل بالنسبة له في مقاطع العمر القادمة عناصر ندم واحساس بالخجل. فثمة تحولات في جانبها الجسمي والروحي تظهر وتؤدي الى بروز الاضطراب في السلوك، يتعلق بعضها في الحساسية الزائدة لديهم ازاء الانتقادات والقضايا البسيطة.

هذه المرحلة من العمر تمتاز بسرعة التأثر والانكسار وبكون حكمه على أغلب القضايا بان عمل الاخرين يفتقد العدالة ولهذا فإنه يشرع بتوجيه النقد لإصلاح ما يراه من اخطاء وحين لا تحصل انتقاداته على الاهتمام المناسب فإنه يشعر بعدم الارتياح.

الانفعال لديهم سريع جداً ويصل إلى اقصاه بمجرد اشارة أو كلمة أو فعل عادي، انهم يميلون إلى متابعة اماني متنوعة وكثيرة، إلى جانب الاعجاب بالنفس والانانية، والصور الخيالية عن الذات والعالم، وكل ذلك سيكون وقوداً لانفعالاتهم الشديدة وربما تكون الحساسية والانتقادات احيانا مكتسبة من الأصدقاء وحصيلة لسوء التربية واحياناً نتاج لمرض نفسي او ضعف الاعصاب وربما كان بعضها مرتبطاً بعملية النمو الطبيعي. لذا يجب مراعاة كل ذلك حينما يتم الاحتكاك بالمراهقين والشباب.

• الوضع النفسي:

وبالنسبة لعملية النمو فانهم من وجهة نظر الوالدين والمربين فانهم يجتازون فترة متأزمة.

ومع تقدم النمو فان الانفعالات بدورها تتقدم أيضاً وطبعاً أن اكتساب العادات والتعلم له اثر أيضاً في ذلك.

للمراهقين نفوس سريعة التأثر وكأنهم مخزن لمواد منفجرة سرعان ما تنفجر، ومن جهة أخرى فان أسلوب افكارهم يتميز بالشاعرية ولهذا فان هذا المقطع هو مقطع العاطفة والرومانسية، وهو فاصل بين الطفولة والشباب.

وينشأ الشعور بالتفوق عنده عن الغرور وضعف الامكانات، لذا فإنه قد يكون ناتج عن بعض عقدة الاحساس بالحقارة فانهم حين لا يستطيعون مجارات الاخرين يصبغون العالم باللون الاسود وقد يصطدمون بالآخرين أو يحتارون في اتخاذ موقف من الناس.

وعلى هذا الاساس فإن مداراة مع هؤلاء وتحملهم سيكون صعباً ويحتاج الى الوعي والصبر لأن محاولة المواجهة معهم والمحاسبة على كل الجزئيات سيؤدى إلى خلق مشاكل كثيرة للشباب ولذويهم أيضاً. 

• الحساسيات:

في بداية المراهقة تكون الحساسيات قوية بشدة إلى الحد الذي تؤدي إلى خلق مشاكل من اجل ابسط القضايا ولأنه لايزال طفلاً فإن حالة العناد ستظهر أيضاً فتكون الخصومات والمشاكل جزء من مراحل نموهم.

يمكن التعرف على حساسيات المراهقين والشباب من خلال الحزن الذي يصابون به وهم يستمعون إلى الاختلافات وحالات الفقر والحرمان كما انهم يفسرون توجيهات الوالدين والمربين كنوع من تحديد حرياتهم.

انهم يقلقون في بعض الحالات إلى الدرجة التي تضطرب فيها حياتهم. والعوامل التي تثير قلقهم عديدة ومنها رؤية أوضاع غير سليمة في العائلة أو الدراسة أو العمل أو على صعيد العاطفة. ان الالام التي يسببها الحرمان، هي الفشل في بعض الاعمال حوادث تسبب العقد، ونزاعات عائلية ومتاعب تقع في محيط العمل، والبطالة ...الخ.

وبخصوص اسباب الحساسيات لابد أن نقول بانها في هذا السن تكون رقيقة لكنها قد تتحول إلى الشدة في بعض الاوقات اذ أن رؤية الأوضاع المختلقة تؤدي إلى بروز التناقضات في حياته فيتخذ لذلك مواقف متناقضة، فنراه يذرف الدمع من اجل قضية بسيطة أو يلجأ إلى الخشونة وتحفل حياته بالاضطراب والصعوبات.

• فوائد ومضار الحساسيات:

الحساسيات في بعض المسائل والامور لها دور ايجابي في توفير السعادة لهم، لكنها قد تؤدي إلى التعاسة في ظروف اخرى مما يفرض وجود عمليات توجيه لتجنيب الشباب والاخرين الشر والفساد وتمنعهم من خلق المتاعب.

تتهيج الحساسيات عند المراهقين والشباب وتحركهم لفعل شيء لصالح المحرومين ويتألمون لآلام الناس بصدق وتنشأ كثير من الاعمال الفنية نتيجة هذه المشاركة في آلام الناس وقد تؤدي إلى خلق توازن نفسي وتكامل لشخصياتهم. فالأفراد الحساسين يتبوؤون مركز القيادة في أغلب المجتمعات الانسانية واذا تم توجيه الحساسيات وجهة صحيحة فانهم يتحولون الى شموع تنير الدرب للآخرين.

من جهة أخرى فإنها تنتج اضراراً وتخلق عند بعض الافراد حالة من السخط والتشاؤم وتنتهي بهم الى الصدام باستمرار مع الناس والنظر اليهم باستصغار. وقد تقود إلى توترات ونزاعات وحتى الضرب وايقاع الجروح. أو احيانا تدفع إلى لوم النفس وهو امر لا ينتج عنه خير لهم.

• نتائج الحساسيات:

كما ذكرنا بمكن أن تنتج الحساسيات لدى الافراد العذاب وتعذيب النفس أو التسبب في صدمات ومتاعب للآخرين. وهم بصورة اعتيادية يتحسسون من عدم الصلاح والظلم وعدم الانصاف وسوء الخلق. يندمون ويتألمون لماذا انحرف الاخرين وابتعدوا عن الصلاح انهم انصار الطهارة والصلاح ويريدون تحكيم كل ذلك في العالم انهم يسعون لإرساء نوع من الصلاح قبلوا بعضه بأنفسهم فالحسن يجب أن ينبع من نوع الفكر الذي ترسخ في عقولهم.

واحياناً يواجهون مشاكل دون أن يملكوا الاستعداد اللازم لحلها، لذا فانهم يضطربون ويأسون ويشعرون بالعجز وربما قرروا الانتحار أو الانعزال، انهم يعيشون مرحلة التضحية بالمستقبل من اجل الحاضر لذا فانهم يريدون كل شيء للحاضر وفي الحاضر.

• انتقاد الوالدين:

ان أغلب الانتقادات التي يوجهونها تتوجه إلى الوالدين وتصل حتى إلى انتقاد اسلوب تربيتهم لأبنائهم الصغار، وطبعاً يكونون مصيبين في بعض تلك الانتقادات ويمارسونها بحسن نية ويقصدون من ورائها الاصلاح .

انهم يتخيلون ان الاباء والمربين يريدون ايقاع الظلم بهم أو انهم يريدون منع استقلالهم واعاقة تقدمهم أو انهم يريدون اجبارهم على قبول آرائهم وتصوراتهم وفي مثل هذه الأحوال فان الانتقادات تترافق توترات وصدمات.

وتترافق هذه الانتقادات احياناً مع نوع من الاستصغار والتجاهل كما انهم يشعرون في قراره انفسهم بأن انتقاداتهم غير صحيحة ولكنهم يظنون انها ستؤدي الى ابراز رجحانهم.

انهم يعجزون عن التلائم مع الوالدين والمربين لافتقادهم الى التجربة الكافية فضلاً عن كونهم في مرحلة البلوغ ذات الخصوصيات التي أشرنا اليها، مما يضيف لهم صعوبات اكبر ويكرس الاحساس بان الاخرين يريدون اجبارهم على القبول بآرائهم ولذلك فانهم يرفضون ويتخذون مواقف متشددة.

• على طريق اتخاذ المواقف:

ولكي يعرف الاباء كيف يتخذون منهم مواقف صحيحة لا بد لهم من الاطلاع على الانفعالات التي تحصل فيها والتحولات في الجسم والروح والتغيرات في المزاج والعواصف التي تحصل فيه.

ان الوالدين والمربين لابد أن يعلموا ان الشباب في افضل حالاتهم انماهم يعانون من أزمة ومنفعلين إلى درجة لا تبتعد كثيراً من المرض النفسي والانكسارات الروحية ان استشعار هذه الانكسارات، ومشاهدة لا أباليه الاخرين بهم وعدم الاستجابة لطلباتهم. والسلوكيات غير الملائمة من قبل الاخرين ازاءهم ورؤيتهم للإهانات، كل هذه الصور تؤلم قلوبهم وتشعرهم بالقلق.

وعلى الاباء أن يعلموا ان الشباب في هذه المرحلة يتعرضون إلى ضغوط مختلفة حتى انهم لا يستطيعون السيطرة على عواطفهم واعمالهم وعليهم ان يتخذوا مواقف سليمة لإصلاحهم.

• من أجل الاصلاح والبناء:

نحن نعتقد أن المراهق والشاب لا يجوز تركه عرضة لهذه الحساسيات والانتقادات لأنها ستترسخ في شخصيته وتستمر معه في مراحل العمر اللاحقة، وسيواجه إفراداً يتعرض لصدامات معهم، ولأجل بناء أو تعديل هذه الحالات يمكن دعوته للمشاركة في المشاورات والمناقشات العائلية، وهذا الأمر يخلق الالفة والانس ويعطي للشخصيات طابعها الثابت، ويوفر فرص الانسجام وحل المشاكل وخلق التفاهم، واستمرار حياة المودة. وكل ذلك يدخل في طوق الاصلاح.

لا يمكن تعليم جيل المراهقين والشباب الادب عن طريق الاهانات والحرمان، فشخصية الشاب تتغير بالمحبة وتنجذب من خلال اللطف وتزويده بالمعلومات والتجارب ويجب في كل الأحوال أن يتم السعي باتجاه كسب ثقته بالوالدين وأن يعلم انما يراد له الخير بشرط أن يوجه في مسار الكمال والتكامل الانساني. وفي اطارها تأتي المحبة والوفاء والاحترام. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.