أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2015
2030
التاريخ: 26-03-2015
1976
التاريخ: 24-09-2015
5374
التاريخ: 25-03-2015
19738
|
وهو
أن يحكى المتكلم مراجعة في القول، ومحاورة في الحديث جرت بينه وبين غيره أو بين
اثنين غيره بأوجز عبارة وأرشق سبك وأسهل ألفاظ، إما في بيت واحد، أو في أبيات، أو
جملة واحدة، كقول عمر بن أبي ربيعة [رمل]:
بينما
ينعتنني أبصرنني ... مثل قيد الرمح يعدو بي الأغر
قالت
الكبرى: ترى من ذا الفتى ... قالت الوسطى لها: هذا عمر
قالت
الصغرى وقد تيمتها ... قد عرفناه، وهل يخفى القمر؟
وفي
الأبيات خبئان يدلان على قوة عارضة الشاعر وحذقه بمعرفة وضع الكلام مواضعه:
أحدهما، وهو الذي يدل على قوة العارضة، أن قوافي الأبيات لو أطلقت لكانت كلها
مرفوعة كما قيل في أرجوزة رؤبة التي أولها [رجز]:
قد
جبر الدين الإله فجبر
فإنهم
قالوا: إنها تزيد على التسعين شطراً، ولو أطلقت قوافيها لكانت كلها مفتوحة.
والخبء
الآخر كونه جعل التي عرفته وعرفت به وشبهته تشبيهاً يدل على شغفها به هي الصغرى،
ليدل بدليل الالتزام على أنه فتى السن إذ الفتية من النساء لا تميل إلا للفتى من
الرجال غالباً وختم قوله بما أخرجه مخرج المثل السائر موزوناً، ولا يقال إنما مالت
الصغرى له دون أختها لضعف عقلها وعدم تجربتها، فإني أقول: قد تخلص من هذا الدخل
بكونه أخبر أن الكبرى التي هي أعقلهن ما كانت رأته قبل، وإنما كانت تهواه على
السماع به، فلما رأته وعلمت أنه ذلك الموصوف لها، أظهرت من وجدها به على مقدار
عقلها ما أظهرت من سؤالها عنه فحسب، ولم تتجاوز ذلك، أو سألت عنه وقد علمته لتلتذ
بسماع اسمه من باب تجاهل العارف الذي توجبه شدة الوله والعقل يمنعها من التصريح،
والوسطى سارعت إلى التعريف باسمه للعلم، فكانت دون الكبرى في الثبات الذي توجبه
سنها وتوسطها، والصغرى لكون منزلتها في الثبات دون الأختين أظهرت من معرفته وصفته
ما دلت به على شدة شغفها به، وكل ذلك وإن لم يكن كذلك فألفاظ الشعر تدل عليه.
ومن
جيد أمثلة هذا الباب قول أبي نواس [مجزوء الرمل]:
قال
لي يوماً سليما ... ن وبعض القول أشنع
قال
صفني وعلياً ... أيّنا أتقى وأنفع
قلت
إني إن أقل ما ... فيكما بالحق تجزع
قال:
كلا قلت: مهلاً ... قال قل لي: قلت: فاسمع
قال:
صفه قلت: يعطى ... قال: صفني قلت: تمنع
وإلى
لطافة البحتري في باب المراجعة تنتهي الرياسة حيث قال [خفيف]:
بت
أسقيه صفوة الراح حتى ... وضع الكأس مائلاً يتكفا
قلت:
عبد العزيز تفديك روحي ... قال: لبيك قلت: لبيك ألفا
هاكها،
قال: هاتها، قلت: خذها ... قال: لا
أستطيعها، ثم أغفى