أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-27
900
التاريخ: 2023-02-06
1556
التاريخ: 2023-02-12
1104
التاريخ: 2023-10-21
786
|
سنبدأ بالملاحظة البسيطة القائلة إنه في مجال الجاذبية — على غرار ذلك الموجود على سطح الأرض — كل الأجسام الساقطة من الارتفاع ذاته تتحرك نحو الأرض بالمعدل ذاته. في الواقع، ليست هذه الحقيقة واضحة بديهيا. فعند التطبيق العملي، علينا أن نضع في الاعتبار مقاومة الهواء، التي تنحو إلى إبطاء بعض الأجسام الساقطة بدرجة أكبر من ً سواها. فمثلا، في حين تسقط المطرقة مباشرة نحو الأرض، تتهادى الريشة المسقطة في الوقت ذاته في حركتها إلى أن تصل للأرض. لكن عند استبعاد تأثير مقاومة الهواء — كما حدث حين أجرى رواد رحلة أبولو 15 هذه التجربة على القمر — تصل المطرقة والريشة إلى الأرض في اللحظة عينها.
ليست هذه بفكرة حديثة؛ إذ توصل لها جاليليو قبل أن يفعل رواد الفضاء ذلك. ورغم أن القصة التي تُروى عنه — والتي فيها ألقى بالأجسام من برج بيزا املائل — غير صحيحة على الأرجح، فإنه بالفعل أرسى مبدأ «عمومية السقوط الحر». وقد فعل هذا من خلال إجراء تجاربه على الأجسام المتدحرجة على امتداد أسطح مائلة. (ربما حري بي أن أوضح أنه رغم أن قافزي المظلات قد يزعمون أنهم قبل فتح مظلاتهم يكونون في حالة سقوط حر، فإنهم في الحقيقة ليسوا كذلك؛ إذ إنهم خاضعون لتأثير مقاومة الهواء.) ومن الممكن أن تكون العبارة المعبرة عن مبدأ عمومية السقوط الحر أشبه بما يلي :
إذا وضع جسم في نقطة في الفضاء ثم منح سرعة مبدئية هناك؛ فإن حركته ً التالية ستكون مستقلة عن بنيته أو تركيبه الداخلي، إذا كان خاضعا لقوة الجاذبية فقط.
كيف لنا أن نفهم هذا إذن؟ إذا كان التسارع (العجلة) نتيجة الجاذبية g إذن تتحدد قوة الجاذبية F الواقعة على الجسم من خلال التعبير:
F = mGg
حيث mG هي سمة أصيلة للجسم تُسمى (كتلة الجاذبية).
لكن، في تقريب نيوتن، رأينا بالفعل أن القوة تتحدد أيضا من خلال التعبير:
F = m1a
حيث a هو التعجيل وm1 هي كتلة القصور الخاصة بالجسم؛ أي مقياس قصور الجسم عندما يتعلق الأمر بالاستجابة للقوى. وبحذف رمز القوة F من هاتين المعادلتين يتبقى لدينا المعادلة التالية:
mG = m1a
وبذا نكون قادرين على التحدث عن كتلة الجسم التي أشير لها سابقا — ويشار لها في المعتاد — بالرمز m نفذت الاختبارات التجريبية الخاصة بتساوي نوعي الكتلة هذين بنجاح حتى درجة دقة قدرها جزء واحد في مليون المليون؛ أي 1 في كل 1012 أجزاء.
كما ذكرنا من قبل هذه الحقيقة معروفة منذ وقت طويل. تكمن عبقرية أينشتاين في أنه اكتشف - مجددًا أن ثمة خطأً ما رغم أن غيره لم يلحظه. في حالة النسبية الخاصة لاحظ أينشتاين أن ثمة خطا ما عند محاولة التوفيق بين مبدأ النسبية المعروف جيدًا والحقيقة المعروفة جيدًا بالمثل - والمشتقة من قوانين ماكسويل للكهرومغناطيسية - التي تقضي بأن سرعة الضوء ثابتة. والآن، وجد أينشتاين نفسه متحيرًا بسبب حقيقة أن هذين النوعين المتمايزين فيما يبدو من «الكتلة» لهما نفس القيمة؛ ومن كم تساءل كيف يمكن لقوة الجاذبية أن «تعرف» مقدار الشدة الذي يجب أن تجذب به جسمين مختلفين للغاية بحيث تجعلهما يتسارعان بالمعدل ذاته؟ وعلى أي حال لماذا تريد الجاذبية أن يتسارع الجسمان بالمعدل ذاته؟ ما هو المغزى من وراء هذا؟ وبهذه الطريقة خلص أينشتاين إلى أنه لا بد من وجود رابط وثيق ودقيق بين الجاذبية من ناحية والعجلة من ناحية أخرى.
لمعرفة ما يمكن أن يكون عليه هذا الرابط، دعونا نتخيل أننا ألقينا المطرقة والريشة في مصعد؛ بحيث يمثل المصعد الإطار المرجعي الذي يمكن تسريع حركته بسهولة في الاتجاه الرأسي. ولنفترض أنه في اللحظة التي أقلتنا فيها المطرقة والريشة؛ انقطع حبل المصعد ويدا المصعد نفسه في السقوط. سيسقط المصعد بنفس المعدل الذي يسقط به الجسمان الآخران؛ ولأنها جميعا تسقط معًا يعني هذا أن مواضعها النسبية بعضها لبعض لا تتغير. من منظور الراصد الموجود في المصعد عندما يفلت المطرقة والريشة ستظلان حيثما هما نسبة إليه ولن ينتهي بهما الحال بالسقوط على أرضية المصعد. بعبارة أخرى: سيبدى لهذا الراصد أن الجاذبية قد عطلت. وستكون محتويات المصعد «عديمة الوزن». (نفترض هنا أن الراصد يدرك أن مكابح الطوارئ ستؤدي عملها في نهاية المطاف؛ ولهذا سيكون قادرًا على التركيز على المشكلات الفيزيائية المعقدة بدلا من القلق على سلامته.)
من المألوف أكثر التعرض لفكرة انعدام الوزن في سياق دوران رواد الفضاء حول الأرض في الفضاء الخارجي. من الشائع الاعتقاد بأن سبب انعدام وزنهم هي وجودهم في الفضاء بعيدًا عن قوة الجاذبية الخاصة بالأرض والشمس. حيث أن هذا ليس صحيحا. فانعدام الوزن يمكن حدوثه بينما مركبة رائد الفضاء تدور حول الأرض. وحقيقة أن المركبة تدور في مدار – بدلا من أن تنطلق بعيدًا في الفضاء في خط مستقيم – تخبرنا على الفور بأن المركبة، ورائد الفضاء داخلها خاضعان لقوة الجاذبية الأرضية. إن السبب الحقيقي لحالة انعدام الوزن هنا هو أن المركبة في حالة سقوط حر تحت تأثير الجاذبية الأرضية، تماما كشأن الراصد الموجود في المصعد الساقط. وسبب عدم اصطدام المركبة بالأرض هو أن قوة الجاذبية جميعها تُستهلك في تحويل الحركة المعتادة على خط مستقيم إلى الحركة المدارية التي نلحظها؛ ومن ثَم يمكن القول بأنه لا يتبقى منها ما يكفي لجذب رائد الفضاء إلى سطح الأرض؛ وبذا يبدو رائد الفضاء وكأنه يطفو بلا وزن حول مدار الأرض.
على نحو مشابه بمقدورنا تخليق «قوة جاذبية» صناعية عن طريق التسارع المناسب. افترض —مثلا —أنه أثناء طفو المركبة قرر رائد الفضاء أن يغفو قليلا، وأنه
بينما هو نائم عملت محركات المركبة. عند استيقاظه، سيشعر بقوة جذب ناحية مؤخرة المركبة، وأي شيء غير مثبت بإحكام سيُرى وهو ينساق نحو المؤخرة. ما الذي سيستنتجه رائد الفضاء؟ يمكنه سماع هدير المحركات؛ ومن ثَم سيدرك أن أحد تفسيرات ما يحدث هو أن المركبة تتحرك. لكن هناك سيناريو بديلًا؛ ماذا لو أنه بينما كان رائد الفضاء نائما، دخلت المركبة نطاق أحد الكواكب من جهة المؤخرة، وأن محركات المركبة تعمل فقط كي تحافظ على موضعها نسبةً إلى الكوكب؟ لو صح هذا، فلن تتسارع حركة المركبة، بل ستكون ساكنة في موضعها، وسيكون السلوك المرصود في كابينة المركبة جميعه نابعا من تأثير قوة جاذبية الكوكب. وسيكون من المستحيل على رائد الفضاء أن يميز بين البديلين:
(1) تعجيل منتظم في الفضاء الخارجي، أو (2) البقاء ساكنا تحت تأثير قوة جاذبية كوكب قريب. وهذا ينشأ من مبدأ التكافؤ الضعيف، الذي ينص على أنه ليس بمقدور المرء أن يميز بين الحركة تحت تأثير الجاذبية والحركة تحت تأثير التعجيل؛ إذ إنهما متساويتان؛ ومن ثَم، يعد مبدأ التكافؤ الضعيف في جوهره مساويًا لمبدأ عمومية السقوط الحر.
لكن لماذا سمي بالمبدأ «الضعيف»؟ لأن ثمة نسخة أخرى منه تسمى «مبدأ التكافؤ القوي»، لأن ثمة نسخة أخرى «جميع صور السلوك المادي (وليس فقط الحركة) هي ذاتها، سواء تحت تأثير الجاذبية أو العجلة.
ثمة تحذير واحد علي أن أضيفه؛ وهو أنه بمقدور المرء التفريق - على وجه الدقة - بين التعجيل والجاذبية. ألق نظرة على الشكل ۲-۱ (أ)؛ الرجل الموجود في المصعد يحمل جسمين إلى جانبه بطول ذراعيه، وقوة الجاذبية موجهة ناحية مركز الأرض، ولأن موضع المطرقة يختلف عن موضع الريشة نسبةً إلى مركز الأرض، فإن القوة المؤثرة على المطرقة تعمل في اتجاه مختلف قليلا عن تلك المؤثرة على الريشة؛ ويلتقي الاتجاهان في النهاية عند مركز الأرض. على العكس إذا كان الراصد موجودًا في الفضاء الخارجي، بعيدًا للغاية عن أي أجسام لها تأثير جذبوي، وتسارع جسده، كما في الشكل ۲-۱ (ب)، فإن مساري الجسمين اللذين سيسقطهما سيكونان موازيًا أحدهما للآخر، ولن يلتقيا في أي نقطة. إذن من منظور الجسمين التعجيل وقوة الجاذبية لا تعملان في الاتجاه عينه. هذا يعني أنه لو انقطع حبل المصعد، فلن تظل المطرقة والريشة ساكنتين تمامًا إحداهما بالنسبة إلى الأخرى وإلى المصعد، بل ستقترب إحداهما من الأخرى قليلا، بحيث إنه لو سقط المصعد في نفق يفضي مباشرة نحو مركز الأرض، فستلتقي المطرقة والريشة في نهاية المطاف. هذا يعني أن مبدأ التكافؤ في صورتيه القوية والضعيفة يجب أن يأتي مصحوبًا بتحذير: إذ إن تكافؤ التعجيل والجاذبية يسري فقط إذا اخترنا منطقة صغيرة وأجرينا قياساتنا عليها وذلك في حدود دقة معينة، أما عبر المناطق الشاسعة و / أو على مستوى أعلى من الدقة، فقد يلحظ المرء التفاوت البسيط الذي تحدثنا عنه أيضًا من المفترض ألا تؤخذ القياسات عبر فترة زمنية أطول من اللازم. فالجسمان المسقطان على ارتفاعين مختلفين اختلافا طفيفًا داخل مركبة فضائية تدور حول الأرض (في حالة سقوط حر)؛ سيبتعدان بعد فترة زمنية كافية أحدهما عن الآخر؛ لأن قوة الجاذبية التي تتناسب عكسيا مع مربع المسافة من مركز الأرض) ستكون أقل بقدر يسير على الجسم الأعلى.
لكن ليس لهذا تأثير يُذكر على ما نتحدث عنه هنا. المهم في الأمر أنه مبدأ بسبب التكافؤ، إذا رغبنا في استكشاف ما ستكون عليه تأثيرات الجاذبية في موقف بعينه، يمكننا إحلال العجلة محلها لو كان هذا ملائمًا أكثر، وبالمثل، إذا رغبنا في استكشاف تأثيرات العجلة، يمكننا التفكير فيها بوصفها قوة جاذبية مكافئة أحيانًا يعد مبدأ الجاذبية بمثابة السلف الأول للنسبية العامة؛ تلك النظرية التي تتجاوز إلى حد بعيد حدود ذلك المبدأ.
شكل 2-1: في الحالة (أ)، يميل مسارا الجسمين الساقطين بفعل قوة الجاذبية قليلا أحدهما نحو الآخر؛ لأن كليهما يتجهان صوب مركز الأرض. وعلى العكس، في الحالة (ب)، حيث يقع الجسمان تحت تأثير العجلة وليس الجاذبية، يكون مسارا الجسمين متوازيين.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|