أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-01
265
التاريخ: 13-5-2017
1182
التاريخ: 23-3-2017
1231
التاريخ: 2023-10-16
1167
|
قد تكون فكرة الأبعاد الأعلى حقيقة واقعة، أو قد تكون مجرد خيال علمي، حيث أنها على أي حال وسيلة قوية لمساعدتنا في التدريبات العقلية المطلوبة لمحاولة حل التناقضات المرتبطة بقضية أين كان الكون في اليوم السابق على مولده.
ترتبط مشكلتنا بنظرتنا إلى الزمن بوصفه بعدا خطيا أحاديا. فإذا سرد تاريخ الكون على خط رأسي، بحيث يحتل «الحاضر» نقطة معينة عليه، فسيكون المستقبل بالأعلى والماضي بالأسفل، ويكون الانفجار العظيم في القاعدة. لكن هناك يتوقف الخط، ولا يوجد أدناه شيء. في هذا التمثيل الزمني الخطي، لم يكن هناك زمن قبل الزمن. وفي هذه النقطة يلوح مفهوم العدم.
تعرضنا لفكرة قاطن الأرض المسطحة، الذي لا يعي بوجود أي بعد يعلو مستواه المسطح. ربما كنا مثله، غير واعين لوجود أبعاد أخرى خارج نطاقنا المألوف. رأينا بالفعل أينشتاين وصورته رباعية الأبعاد عن الزمكان، التي يرتبط فيها الانحناء بالجاذبية. أخذ هوكينج وهارتل خطوة إضافية وتصورا الكون بوصفه سطحًا رباعي الأبعاد لكرة خماسية الأبعاد. أعجز عن تصور هذا، وإحقاقا للحق حتى واضعو النظرية يعجزون عن تصور هذا إلا رياضيًا. ومع ذلك، يمكننا تصور نسخة أبسط، لاعبين مجددا دور الكائنات التي تعي فقط أبعادا مكانية محدودة وتدرك أن كونها يتمدد مع مرور الزمن. يقترح هذا أن كوننا يبدو أنه يتمدد فقط وذلك نتيجة لإدراكنا المحدود. لكن في نموذج هوكينج-هارتل لا يوجد تمدد، أو بداية؛ فالكون موجود وحسب.
بدلًا من الثلاثة أبعاد المكانية إضافة إلى بعد الزمن، تخيل أن الكون به بعد مكاني واحد إضافة لبعد الزمن، وأنه يتجه من نقطة وحيدة (الانفجار العظيم) إلى نقطة نهاية (الانسحاق العظيم). اقترح هوكينج وهارتل أن الزمن قد لا يكون تدفقا خطيا ثابتا، بل أن يكون له بعد آخر، الذي يمكننا تسميته «الزمن المتخيل». أفترض أننا نمثل الكون ذا البعد المكاني الواحد والبعد الزماني الواحد، إضافة إلى الزمن المتخيل، على سطح كرة. يمكننا تحديد النقاط على هذه الكرة بواسطة خطوط الطول ودوائر العرض، كما الحال على سطح الأرض. في صورة هوكينج وهارتل تكون دوائر العرض هي الإحداثيات الزمنية، وخطوط الطول هي ما يطلقون عليه «الزمن المتخيل». في هذه الصورة يكون الانفجار العظيم عند القطب الشمالي والانسحاق العظيم عند القطب الجنوبي. تتوافق كل دائرة عرض مع زمن محدد، على سبيل المثال قد تمثل دائرة عرض 40 درجة إلى الشمال «الوقت الحالي».
الآن، انظر إلى المنطقة الموجودة قرب القطب الشمالي. كلما اقتربنا من زمن الصفر صارت شبكة الزمن المتخيل مكدسة بالخطوط، مثلما يتسبب الاقتراب من القطب الشمالي في تلاقي كل خطوط الطول. ما من شيء متفرد بشأن القطب، فحقيقة أن جميع الخطوط
شكل 9-2: تاريخ الكون في المكان والزمن المتخيل.
تتلاقى هناك ليست سوى «مصادفة» نبعت من اختيارنا للكيفية التي اخترنا أن نرسم الشبكة بها. على كوكب الأرض لا يختلف السفر حول القطب الشمالي عن السفر لأي مكان آخر على سطح الكرة الأرضية، باستثناء الطقس البارد. كان بمقدورنا أن نخطط الكوكب بخطوط نابعة من لندن وتتلاقى على الجانب المقابل للكوكب لو رغبنا في ذلك.
من الممكن أن يكون زمن هوكينج وهارتل المتخيل مجرد تصور خيالي، أو ربما هي نظرية متسقة رياضيا تفوق خيالنا وحسب. هذا مثال معاصر على المعضلة التي ابتلي بها المفكرون على مدار ألفيات ثلاث: أن عقولنا طورت نظرة للعالم مبنية على إحساسنا الملموس بالزمن والأبعاد المكانية الثلاث. فنحن نصف المادة والطاقة داخل هذا الإطار العقلي. وتنشا التناقضات بخصوص «بداية» الكون حين نحصر أنفسنا في هذه الصورة العقلية. ومع ذلك، فمنذ 14 مليار عام كان المكان والزمان من الانحناء والتذبذب بحيث كانت «الحقيقة» بعيدة للغاية عن قدرتنا التصورية. لقد أنتج الانفجار العظيم المكان والزمان. أما قبله (وكلمة «قبل» هنا بالطبع ليس لها معنى إلا في سياق إطارنا العقلي المألوف) فلم يكن هناك أمس.
من الممكن أن نتصور أن ما نطلق عليه الانفجار العظيم حدث حين ظهر الكون المضغوط من حقبة الجاذبية الكمية، وذلك حين حل الزمن العادي محل الزمن المتخيل. أما الأسئلة على غرار «من أين أتى كل شيء؟» و«كيف بدأ الأمر كله؟» فلا محل لها؛ فالكون وفق هذه الصورة لم يكن له بداية، وليس له نهاية، فهو وجود وحسب. هل تشعر أن هذه هي إجابة سؤال العصور، وأن مفارقة الوجود قد خلت؟ أنا عن نفسي لست مقتنعا، فالزمن المتخيل، على الأقل من وجهة نظري، لا يمكن تخيله. ربما تمكنا من تحديد المشكلة العظمي، بيد أن هذا لا يعني أننا تمكنا من فهم الإجابة. إذ يظل سبب وجود الكون، وأين يوجد، لغزين معضلين.
لو أن الأكوان المتعددة نشأت نتيجة التذبذبات الكمية، وتصادف أن كانت فقاعتنا محظوظة بحيث كانت القوانين والأبعاد والقوى بها ملائمة تماما لتطور الحياة والبشر، فهذا لا يزال يستدعي التساؤل عن من أو ماذا حدد القواعد الكمية التي مكنت كل هذا من الحدوث وأين. هل كان أناكساجوراس محقا: وأن الكون ظهر كتنظيم وسط الفوضى، وأن المادة الأصلية الفراغ الكمي؟ أو ربما يكون تصور هوكينج وهارتل، عن الكون عديم البداية أو النهاية والموجود وحسب، هو الإجابة، بحيث يكون رأي طاليس، الذي أصر على أن الشيء لا يمكن أن يظهر من العدم، هو الصحيح؟ وبهذا تكون مفارقة الوجود لغزا لم يحل بعد بشأن طبيعة المكان والزمان.
خلال الثلاثة آلاف عام التي انقضت منذ أن بدأ فلاسفة الإغريق يتساءلون بشأن لغز الوجود؛ نعني بهذا ظهور شيء من لا شيء، كشف المنهج العلمي عن حقائق لم يكن بمقدورهم تخيلها. فالفراغ الكمي، العميق بلا نهاية والمليء بالجسيمات، والقادر على اتخاذ أشكال مختلفة، وإمكانية حدوث التذبذبات الكمية كلها أمور تقع خارج نطاق فلسفتهم. لم يكن هؤلاء الفلاسفة يدركون أن الطاقة الموجبة الموجودة داخل المادة يمكن أن تعادلها الطاقة السالبة الموجودة في مجال الجاذبية المتغلغل في كل مكان، بحيث تصير الطاقة الإجمالية للكون مقاربة للصفر، وأنه حين يقترن هذا بعدم اليقين الكمي فقد يسمح بإمكانية أن كل شيء في الواقع مرده إلى تذبذب كمي طفيف حدث لوقت يسير. وبهذا يمكن أن يكون كل شيء مجرد تذبذب كمي نابع من لا شيء.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|