المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

ازالة المثيلة النشطة Active Demethylation
9-4-2017
الفنون عند السومريين
12-9-2016
Moles and Molar Masses
24-6-2017
عوامل تكوين المعقدات : Complex forming agents
2023-09-23
طبقات أصحاب الاجماع
21-4-2016
يومَ نطوي السماء كطيِّ السِّجلِّ للكُتُب‏
17-12-2015


حاجة الطفل إلى الهدفية  
  
1582   08:58 صباحاً   التاريخ: 30-1-2023
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص479 ــ 490
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-1-2016 1822
التاريخ: 19-6-2016 2908
التاريخ: 29-4-2022 2175
التاريخ: 26-7-2022 1287

الهدف هو النقطة التي نرمي الوصول لها وتفصل بيننا وبينه مسافة معينة. والاساس في ذلك ان يكون لكل فرد هدف معين في الحياة يبذل من اجله كل محاولاته ويصبح شغله الشاغل منصباً في الاهتمام بذلك لكي يصل الى تحقيقه ويتم في ذلك استثمار المزيد من الوقت والاموال.

الهدفية هي الاساس في فعالية ونشاط كل عاقل، وكل الذين يريدون ان تكون لهم حياة ومماتاً كباقي البشر مضطرون الى ان يختاروا لأنفسهم هدفاً ومقصداً معيناً. والفرد الذي لا يدري الى اين هو ذاهب في مسيرته الحياتية سيصل بعد مضي سنين عديده الى مكان لا يدري ما هو واين.

وجود الهدف في الحياة يصبح السبب في بيان نوع التحركات والميول، وتحديد مقدار الثمن الذي يجب ان يصرف في هذا المجال من قبل، ومقدار الجهود والمساعي التي يجب ان تبذل في هذا المجال. وعندها سيتضح لنا بأي مقدار من الثقة بالنفس سيندفع الفرد نحو الامام في مسيرته .

حاجة الطفل الى الهدف:

والطفل ايضاً بحاجة الى الهدف كما يحتاج الكبار لذلك في الحياة لكي يتسنى له ان يواصل مسيرته في الحياة بشكل سليم وراسخ ويندفع نحو الامام بكل عزم وتصميم ، اذ بسبب كونه طفلاً لا يستطيع ان يحيا حياة الصدفة أو الحمل الذي يضعونه كيفما اتفق فيصبح متحيراً في مسيرته هذه أو مرهقاً لا حراك فيه.

والطفل أيضاً بحاجة لان يعرف ماذا يجب ان يصنع وبما يتناسب مع مستوى ادراكه وقابليته وفهمه، وكيف يجب ان يندفع ويتطور، وما هي وجهة حركته، والى اين يجب ان يصل، وما هي الاهداف والدلائل التي يجب عليه متابعتها لحياته. ومن الممكن ان يكون هدف الطفل صغيراً ويتجلى فيه بشكل أمل أو رجاء، إلا أنه امر يجب ان يكون موجوداً فيه لكي يقوم ببذل جهوده ومحاولاته المدروسة في هذا المجال.

وبشكل عام فالأساس في ذلك ان نسعى ومنذ المراحل الاولى الى وضع الخطط اللازمة لتكون المساعي والجهود منصبة باتجاه الهدف.

جذور ومصدر الهدفية :

لو تعمقنا بشأن الانسان على اساس النظرة الكونية للإسلام سنكتشف انه كائن ذو بعدين مادي ومعنوي، ترابي والهي، حيث يملك في داخله نفحة من الروح الالهية تسوقه نحو اتجاه خاص ، وتحمله على السير في مسار محدد لكي توصله الى لقاء الله تعالى.

يرى العلماء ان جذور الهدفية في الانسان ناجمة عن الروح الالهية ويقولون بانه لهذا السبب منساق نحو هدفه ومقصده. وتمثل اسئلة الاطفال وتساؤلاتهم عن طريق اكتشاف الظواهر بحد ذاتها مظهراً من مظاهر هذا المصدر، وحتى ان الطفل يسعى بشكل لا شعوري ان يوصل نفسه الى النقطة التي هي بمثابة بداية الوجود وكل شيء.

ويصدق هذا الامر بشأن جميع الاطفال ولو لوحظت انحرافات معينة في هذا المجال لدى بعض الاطفال فالسبب في ذلك يعود الى ان المصاديق تم تبيينها بشكل خاطئ أو ان التعليمات التربوية والظروف المحيطة لم تكن مساعدة في هذا المجال.

ضرورة الهدف وأهميته :

الهدف والهدفية يعد أمراً مهماً. ومرد أهميته يعود الى انه يجعل الحياة تلعب دوراً مؤثراً ومبرمجاً، وتحديد تكليف ومسؤولية معينة للطفل لدرجة انه يكتشف معه ماذا ينبغي له فعله في كل مرحلة من مراحل عمره وكيف يوصل نفسه الى المكانة المراد الوصول إليها وتجعل قريباً من النجاح.

ولو ادرك الطفل ولو بشكل سطحي لماذا يقوم بهذا العمل؟ ولماذا يذهب الى المدرسة؟ ولماذا يجب ان يقوم هو ايضاً بلعب دور معين في محيط الاسرة والمجتمع فانه سيدأب اكثر في اداء وظائفه وسيندفع بقوة اكبر وبثقة عالية بالنفس في طريقه نحو الهدف وهذا بحد ذاته يمثل علاقة ايجابية في حياة الفرد.

امتلاك الهدف يعد أفضل وسيلة للتحكم بالنفس والسيطرة عليها وقيادة النفس وتحديد الاتجاه والتحرك في المسار المحدد. ولا تقتصر حياة الطفل على الهدف بل ان سلامته النفسية ايضاً تتعلق والى حدود بعيدة بنوع الهدف والشعار الذي يختاره الكبار بشكله الاوسع والاطفال بشكله الابسط.

فائدة الهدفية للأطفال :

الهدف والهدفية تمتلك اهمية وفوائد كثيرة للطفل ومنها :

ـ تحدد اتجاه نشاطات ومساعي الطفل وتمنحها معنى مناسباً.

ـ تحمل المربين على اختيار نمط معين لإيصال الطفل الى الهدف.

ـ يتضح للآباء والمربين مقدار الجهود اللازمة للوصول الى تحقيق هذا الهدف.

ـ وجود الهدف يبعث على تحريك الطفل ولا تدعه يخلد الى الراحة في خضم الحياة مطلقاً ويأخذ بيده الى الامام بدون توقف.

ـ بسبب وجود الهدف يتحفز ذكاء الطفل وقدرته على الابداع وتفعل حركته حسب قدرته وطاقته على ذلك.

ـ تمثل الهدفية نوعاً من الممارسة على العزم والتصميم وتمريناً على اتخاذ اسلوب معين للطفل والذي ايضاً نقطة ايجابية.

ـ واخيراً فان وجود الهدف يمكننا من تقييم مقدار الجهود المبذولة، ومقدار الجهود الجديدة واللازمة وندرك مقدار الطريق الذي طويناه لحد الآن ومقدار ما تبقى من هذا الطريق. وما هي طبيعة ما طويناه لحد الآن وما هو المنوال الذي يجب اتباعه في طي ما هو واجب علينا.

اضرار فقدانه :

فقدان الهدف أو وجود الابهام فيه يتسبب في ايجاد الكثير من الاضرار التي لو قمعا بدراسة جميع جوانبها وابعادها لطال بنا المقام. وما يمكن التطرق الى ذكره هنا باختصار عبارة عن :

ـ الحيرة والابهام في التحرك ومرد ذلك عدم معرفته بالجهة التي ينبغي ان يتحرك نحوها، كالسفينة التي تجري بدون بوصلة فتبقى تائهة وسط امواج البحر المتلاطمة ولا تدري بأي اتجاه يجب ان تسير.

ـ عدم الاهتمام بكيفية حركته وسرعتها لأنه المسار الذي طواه لحد الآن ومقدار المسافة التي يجب عليه طويها فيما بعد غير محددة وغير معلومة.

ـ عدم ملاحظة وجود النظم والثبات في اعماله، خاصة وان النظم وليد التفكر والهدفية في الحياة.

ـ عدم اتضاح سبب الحركة والجهد للطفل، وهذا الأمر بحد ذاته يؤدي الى ان ينظر الطفل الى مستقبل مبهم لنفسه وتصبح الحياة بالنسبة له لا معنى لها وتفتقد للأهمية.

ـ فقدان الهدف يؤدي في السنين اللاحقة الى ان يشعر الطفل بالخواء وهذا الامر بحد ذاته يصبح سبباً لبروز الكثير من الاختلافات والاضطرابات بل وحتى اللجوء الى الانتحار لأسباب صغيرة وتافهة.

ـ واخيراً فان الفرد الذي لا يملك هدفاً في حياته سيجعله هذا الوضع يشعر بأنه في سجن مظلم حيران ويتجه نحو وجهة لا يعرف هو الى اين ذاهب، وهذا يعد بحد ذاته خطراً محدقاً بالحياة البشرية.

ضرورة ايجاد الهدف :

يجب ان يتم تعيين هدف معين للطفل وحسب مستوى ادراكه وقدرته، أو جعله في مسار يدفعه الى اختيار بعض الاهداف لنفسه. لا شك في ان بعض الاهداف المهمة في الحياة ، تتمثل بتلك الاهداف الاساسية منها والتي تستند عليها اصول الحياة الاساسية والمعينة من قبل الدين والمحددة ابعادها وأطرافها.

والقسم الآخر منها والنابعة في الحقيقة من تلك الأسس تمثل الاهداف التي تساعد الطفل على امتلاك موجبات التوازن والانسجام في ابعاد شخصيته وتجعله يتمتع بوحدة ابعاد شخصيته. طبعاً هذه الامور ليست من المسائل التي يتمكن الطفل ان يستوعبها أو يدركها.

ولهذا السبب فان المهم في ذلك تفهيم الطفل بمقاطع ومراحل الاهداف لكي يقوم الطفل باتباعها ومتابعتها في مراحل نموه المختلفة ليصل في نهاية المطاف الى النقطة المعهودة. ولغرض الوصول الى تحقيق هذا الاسلوب يجب ان نحدد للطفل اهدافاً صغيرة، وقابله للفهم وجديرة بالتحقيق، ونحمله على مواصلة طي هذه المسيرة لغرض الوصول الى تحقيق ذلك.

وعلى سبيل المثال يجب ان يدرك الطفل لماذا يتوجب عليه ان يدرس؟ ولماذا يجب ان يذهب الى المدرسة؟ ولماذا يجب ان يساعد والدته في المنزل؟ ولماذا يأكل؟ ولماذا ينام؟ و... وعندما نرتب هذه المجموعة الواحدة الى جانب الأخرى امام الطفل، وكذلك عندما ينمو الطفل ويكبر قليلاً ويبلغ قليلاً ويبلغ مرحلة معينة من العمر سيدرك بأن جميع هذه الامور انما هي لغرض الوصول الى هدف اكبر وأسمى، كالتكامل مثلاً، أو الوصول الى مرتبة لقاء الله تعالى.

شروط الاهداف بالنسبة للأطفال :

وعلى اساس هذا البيان الذي رسمناه فالهدف ضروري للطفل إلا ان هذه الاهداف يجب ان تمتلك مميزات وخصائص معينة فيما يتعلق بالأطفال واهمها كما يلي:

ـ يجب ان تكون الاهداف واضحة بالنسبة للأطفال وبعيدة عن كل ابهام بحيث تكون قابلة للفهم والادراك من قبل الطفل وبإمكانه ان يتلمسها.

ـ يجب ان تكون الاهداف قابلة البلوغ والوصول اليها بحيث يشعر الطفل بانه قادر على نيلها.

ـ يجب ان يكون الهدف ذو عدة مراحل للطفل لكي يشعر الطفل بانه قادر على ان يبذل نشاطاً معيناً في كل مراحلة من تلك المراحل ولا يشعر بالخوف والتعب من السير نحو تحقيق ذلك الهدف.

ـ ان تكون الاهداف منسجمة مع رغبة الاطفال ودوافع حركتهم بحيث تصدر عن الطفل حركة معينة للسير نحوها، وعلى سبيل المثال فان الاطفال الصغار لا يستوعبون الاهداف المعنوية والعرفانية .

ـ ان تكون الاهداف ضمن حدود الفرص المتاحة، واستيعاب وامكانية الفرد لكي يصبح بالإمكان الاستفادة منها.

ـ ان تنتخب الاهداف بالشكل الذي تكون فيه محاولات الطفل ومساعيه للوصول اليها كافية بالنسبة له.

ـ ان تكون الاهداف من النوع الذي تحتاجها الحياة الانسانية وتيسر موجبات نمو الطفل وتكامله.

ان تتناسب الاهداف مع مقدار العمر وشروط الحياة الثقافية، والدينية، والاقتصادية والاجتماعية.

ممارسة الهدفية :

ينبغي عليكم حمل الطفل على ممارسة الهدفية والتمرن على الهدف, منذ مرحلة الطفولة المبكرة. وكما ذكرنا آنفاً يجب ان تختاروا له اهدافا محددة وبتلك الشروط المذكورة آنفا. وقوموا بتجزئتها وتقسيمها الى مراحل متعددة واجبروا الطفل على ان يختار لنفسه مرحلة معينة لنفسه ويقوم بتأديتها.

ومن الضروري القيام بإرشاد الطفل الى الاشياء التي يجب ان يجعلها نصب عينيه وكيف يتحرك نحو تحقيقها؟ ويجب التركيز على مسألة تشجيعه في هذه الحركة.

اخلقوا فيه المحفز الذي يدفعه للاندفاع في حركته وبمجرد نجاحه في مسعاه اثنوا عليه. مثلاً اطلبوا من الطفل الصغير في حقل التمرن على العمل والنشاط، ان يقوم بفرش سفرة الطعام، ويضع عليها الاطباق والماء والاقداح والملاعق، وفي حالة نجاحه في ذلك شجعوه وامدحوه.

ومن الضروري خلال التمرن على الهدفية ان تزيلوا مواطن الضعف في مسيرته وشعوره بدعمكم اياه.

كل تمرين يمارسه الطفل، حاولوا التوصل الى ما ينبغي له فعله في الخطوة التالية بغية الوصول الى اقل الخسائر المحتملة من حيث الوقت والاهمية. كما يمكنكم ايضاً بتقسيم قصيدة شعرية مكونة من 12 بيتاً وتطلبوا الى الطفل ان يحفظ ٤ أبيات منها فقط. وبعد نجاحه في ذلك شجعوه لحفظ الاربعة الاخرى وهكذا... ان مراعاة هذه المراحل والضوابط يعد عاملا مؤثراً في تطور الطفل ونضوجه.

ولا شك في اننا مضطرون خلال مسيرتنا للوصول الى تحقيق هذه الاهداف والغايات ان نعلم الطفل كيفية طي هذه المسيرة من قبله لكي يدرك كيف يطوي هذه الطريق وكيف يحاول ويبذل الجهود بغية الوصول الى الهدف المراد وكيف يتعامل مع الهدف لكي تكون خسائره من حيث الوقت والمال اقل ما يمكن.

الاهداف والميول :

لو تأملنا جيداً بشأن الطفل سنجد ان اغلب اهدافه وغاياته هي من النوع المادي وفي طريق الحصول على اللذة ودفع الألم، اي نفس الامر الذي يشترك فيه الانسان والحيوان. فالذي يدفعه الى الحركة هو دافع اللذة، وخاصة اللذة المادية والسعادة وكل ما يحول دون اندفاع الطفل نحو وجهة خاصة فهو الألم والعذاب، والذي يسعى الطفل الى دفعه عنه.

طبعاً مسألة الفوز برضا الوالدين اثناء الطريق الى الهدف مهمة بالنسبة للطفل ولكن لو تأملنا جيداً في ذلك لوجدنا ان هذه المسألة تنطوي على بعد مادي ايضاً. لان الطفل يدرك أن نتيجة رضا الأب تعنى توفير الغذاء الذي يحبه أو شراء اللعبة التي حبها الطفل. ونتيجة عدم رضاه تعني الامتناع عن توفير الحلوى أو الشوكولاته وغيرها من الأمور التي يريدها الطفل.

وبناءً على هذا الاساس لابد من اخذ ميول الطفل بشأن الهدف بنظر الاعتبار وينبغي الاهتمام بهذا الامر حتى في مسألة معرفة الله تعالى وتوجيه الطفل وسوقه نحو الله تعالى، وانه لمن السابق لأوانه ان يدرك الطفل معنى قوله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: 72] ليقوم وبسبب ذلك الاندفاع نحو العمل. ولكن يمكن ان يفهم الطفل ان الله تعالى قد هيأ في الجنة انواع اللذائذ من الاطعمة والفواكه والمشروبات المختلفة وسيجد الانسان هناك كل ما يريده ويصبوا إليه. ومن اجل الحصول على الجنة التي فيها انواع الاطعمة وانواع اللذائذ المادية فانه ستعد للعمل والسير نحو تحقيق الهدف ويجب علينا ان نعرف الله تعالى للطفل بهذه الطريقة.

الهدف والقيم :

وفي نفس الوقت لا يعني كلامنا هذا بأن نغفل عن القيم الانسانية السامية خلال السير نحو تحقيق الهدف. لان الطفل في نهاية المطاف وبعد طي مراحل الطفولة والوصول الى مرحلة النضج يجب ان يقوم بتطبيق الهدف مع القيم ويعمل على اعداد الارضية المناسبة بجعل حياته اصولية وعقلائية أكثر من السابق.

اننا نعمل في بداية الامر على توجيه الطفل نحو الفوز برضا الأبوين بحيث يقوم الطفل بأداء كافة الاعمال من اجل الفوز برضا الابوين. وبعد ان يكبر الطفل قليلاً ويرتفع مستوى ادراكه نوجه الطفل نحو الله تعالى ونحو الفوز برضاه ونطرح مسألة حب الله وبغضه تعالى ولكن ايضاً بنفس الاسلوب السابق الذي تطرقنا الى ذكره، إذ نعرف الله تعالى على اساس جنته المليئة بنعمه.

إلا ان اطار العمل بالشكل الذي يؤدي الى خلق موجبات الميول المعنوية لدى الطفل والقيم التي يؤكد عليها الاسلام ويأخذها بنظر الاعتبار، حيث يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار كالتعاون، والعون الاجتماعي، الايثار، الاخلاص، ومما تجد الاشارة إليه ان هذا الأمر لا يعد مسألة سهلة وقابلة للتحقيق.

وما اكثر الاهداف الثمينة والمختصة بالأفراد الذين يتسمون بالرفعة والعلو والوصول إليها ونيلها يختص بأولياء الله تعالى، وتتصل بها طراوة الانسان وروحانيته وكذلك عمق الحياة وقيمة حياة الانسان متصلة بهذه المسائل ويجب ان تحظى باهتمام ورعاية المربين.

خلق الارتباط بالهدف :

من المسائل المهمة في الهدف هي مسألة الارتباط والتعلق بالهدف: إذ لا بد من ربط الطفل بالهدف بحيث لا يكون أي أمر من أموره عبثياً وفوضوياً ولا يسير وفق برنامج معين، وان لا يكون لديه أي عمل يفتقر الى النية. ويجب عليه ان يكون لكل عمل وجهد يبذله هدفاً معيناً.

ويجب ان يشعر بتعلقه بالهدف وينظر اليه على أنه من نصيبه، ويرى له قيمة واعتباراً ويبذل ما موسعه لغرض نيله والوصول اليه. ويؤكد المربون على ضرورة جعل الطفل يتسم بالهدفية منذ البداية لكي ينعم فيما بعد بحياة عزيزة. وبعد تعيين الهدف شجعوه للتحرك باتجاه ولا بداخله الخوف والفزع في طريقه اليه.

الهدف والشجاعة :

يجب ان نجعل من الطفل فرداً شجاعاً ومرادنا بالشجاعة في هذا المجال ان يمتلك ذلك التعلق والارتباط بالهدف بحيث لن يتنازل أو يعرض عن هدفه وينساه في خضم مصاعب الحياة ومشاكلها.

اذ يواجه الافراد وعلى اختلاف انواعهم بعض المصاعب والمعضلات خلال مسيرة حياتهم. وابتداءً يندفعون بأهداف وغايات معنية ولكن عندما يصطدمون ببعض المشاكل خلال مسيرتهم يعرضون عن اهدافهم وهؤلاء الافراد يعدون برأي علماء الاخلاق جبناء وضعفاء، وقالوا بالمقابل ان الشجاع هو الذي لا ينسى ولا يغفل عن هدفه حين مواجهته المصائب والمحن ولا يفقد نفسه في الملمات. ومن هذا المنطق يجب ان نخلق من الطفل فرداً شجاعاً ونربيه على ذلك.

ان تربية الطفل وجعله فرداً شجاعاً هو غير مسألة اصرار الوالدين على فرض اهدافهم على ابنائهم، إذ ان الاساس في ذلك هو سعينا الى افهام الطفل بالأسلوب والطريقة المدروسة والواضحة ومن ثم نسعى الى تنمية الميل والاندفاع نحو الحركة والجهد لديه وبالشكل الذي يخلق لديه الرغبة للحركة والاندفاع. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.