المبحث الأول

مصادر التمويل الدولي الرسمية والخاصة

أولاً: مصادر التمويل الدولي الرسمية 

يشمل هذا النوع على مصادر تمويلية رسمية ثنائية وأخرى متعددة الأطراف دولية وإقليمية:-

1- مصادر التمويل الثنائية - Bilateral Sources Of Finance 

يمثل هذا المصدر من التمويل الدولي في تلك القروض والمساعدات التي تعقد بين حكومات الدول المختلفة وتعتبر الدول المانحة كالدول الكبرى مانحة للتمويل الثنائي والذي تستفيد منه الدول النامية، ويتم منح القروض بعد جولة من المفاوضات تجري بين الدول المانحة وحكومة الدولة المتلقية، ويعتمد بالدرجة الأولى على قرار سياسي لدى الدولة المانحة التي تسترشد بتوصية المنظمات الدولية، أما المفاوضات بين الطرفين فتجري حول (قيمة القرض، أجل استحقاقه، طريقة انفاق القرض، كيفية السداد، فترة السماح ، .... الخ).

إن التمويل من خلال هذا المصدر لم يظهر بشكل محسوس الا بعد الحرب العالمية الثانية ولقد امتازت حركة رؤوس الأموال الدولية بعد الحرب الثانية بمحدوديتها بفترتها الأولى (1945ـ 1955 ) ، وابتلاع أوربا القسم الأكبر منها من اجل اعادة اعمارها، واتخذت تلك الحركة صفة التمويل الرسمي بين الحكومات سواء على شكل منح وهبات شكلت حوالي 30% من إجمالي رأس المال و 20% على شكل قروض ثنائية ومصرفية ، مثلت اموال مشروع (مارشال) الأمريكي جزءاً كبير منها وتراوحت ما بين( 11ـ 13) مليار دولار، وكانت أميركا تهدف من وراء ذلك تحقيق اهداف سياسية واقتصادية، كما ان الأمم المتحدة والتي اعتبرت الفترة (1960- 1980) بمثابة عقدي التنمية ، حيث وجهت الدول المتقدمة تخصيص 1 % من ناتجها الإجمالي ليقدم على شكل معونات للدول النامية، كما إن تدفقات رأس المال العالمي من المصادر الثنائية قد بلغت 35 % من اجمالي التدفقات لعام 1970 ، في حين كانت حوالي 50% في عقد الستينات لكن هذه المصادر أخذت نسبها بالتناقص تدريجياً حتى بلغت حوالي 25 % عام 1980 ثم انخفضت بالسنوات التي تلت ذلك⁽¹⁾.

سمات أو خصائص التمويل الدولي الثنائي ⁽²⁾

(1) يتميز هذا النوع بطول أجاله إلى مدد قد تصل إلى 30 سنة، ويدرج هذا النوع من التمويل تحت بند القروض السهلة (soft loas ) كما إن خدمة الدين المرتبطة بأصل القرض تكون منخفضة إلى حد كبير.

(2) تحتوي التدفقات الثنائية على فترة سماح قبل البدء بتسديد أصل القرض تتراوح بين (3- 10) سنوات بمعنى قيام المقترض بإستخدام القرض دون الالتزام بسداد أقساطه الا بعد مرور فترة متفق عليها( فترة السماح) وهي تعتبر تخفيض حقيقي لكلفة الاقتراض ويسمى القرض المتضمن على فترة سماح بالقرض السهل.

(3) أسعار الفائدة قليلة وقد تكون أقل كثيراً عن اسعار الفائدة في الاسواق العالمية.

(4) تصنف قروض هذا المصدر إلى سهله أو صعبة حسب الفائدة، فإذا كانت الفائدة مرتفعة فإن الدين المسدد بواسطة الفاتورة يرتفع بشكل يجعل المقدرة على سداد أصل القرض وفوائده اصعب من حالة إنخفاض الفائدة.

(5) يمنح التمويل الثنائي لتمويل مشاريع بناء البنى التحتية وفي بعض الأحيان البنى الفوقية مثل إدارة مصادر المياه وتطوير التعليم والإدارة والصحة وغيرها الكثير، كما قد يمنح لدعم ميزان المدفوعات للدولة أو موازنتها .

(6) قد تشترط الدول المانحة لهذا النوع حصراً "استيراد المكون الأجنبي للمشروع المنوي الاقتراض له وتنفيذه من سوق تلك الدولة المقرضة". مثلاً لو كان المشروع المقترض له إنشاء محطة مياه فإن حصة المكون الأجنبي له قد تصل إلى 60% من قيمة القرض متمثلة بشراء الأنابيب والمضخات وقطع الغيار وغيرها. كما أن القروض التصديرية التي تمنحها الدول الكبرى وبعض دول العالم الأخرى تشجيعاً لصادراتها تعتبر من القروض الثنائية وعند تعثرها، تطالب الشركات المصدرة حكوماتها الضامنة لقروضهم إلى الدول المستوردة بدفع قيمتها في حالة عدم قدرة الدولة المستوردة على الدفع، وتدفعها الحكومة إلى الشركة ومن ثم تطالب الدولة المستوردة بالتسديد لتصبح تلك القروض في اطار العلاقات الثنائية بين الدولتين.

2- مصادر التمويل متعدد الجهات Multilateral Sources of Finance تتمثل المصادر الرسمية متعددة الأطراف إلى مصدرين أساسين هما :

أ) مؤسسات التمويل الدولية وتضم :

1. صندوق النقد الدولي IMF .

2. البنك الدولي (WB) وتوابعه .

(أ) البنك الدولي للإنشاء والتعمير IBRD . (ب) المؤسسة الدولية للتنمية IDA .     (ج) مؤسسة التمويل الدولية IFC .

ب) مؤسسات التمويل الدولي الإقليمية وهي كثيرة ومنها:- 

1- بنك الاستثمار الأوربي.

2- بنك التنمية الأفريقي .

3- البنك الإسلامي للتنمية.

4- بنك التنمية الآسيوي.

5- صناديق التنمية الإقليمية (الصندوق العربي  للإنماء الاقتصادي ، صندوق التنمية السعودي ، صندوق أوبك للتنمية).   

6- صندوق النقد العربي.

7- بنك الأمريكيتين للتنمية.

وبشكل عام تشكل المنظمات المالية الدولية مثل (WB) و (IMF) إضافة إلى  المنظمات المالية الإقليمية المذكورة أنفاً مصادر التمويل متعدد الاطراف وتتخصص قروض البنك الدولي والبنوك الإقليمية في تمويل مشاريع البنى التحتية المولدة للنمو الاقتصادي لدى الدول المستفيدة منها (الأعضاء ) والعمل على المساعدة في تحقيق التقدم الاقتصادي للدول الأعضاء وبتوفير رؤوس الأموال لهم، علاوة على تشجيع عمليات الاستثمار الخارجي المباشر من خلال تقديم الضمانات لها وتقديم القروض لذلك وتكملة النقص في القروض المباشرة، في حين ومنذ عام 1980 بدء البنك بتمويل الأعضاء بقروض التعديل الهيكلي (قروض السياسات) تميزاً " لها عن قروض المشروعات (Project)، في حين يتخصص صندوق النقد الدولي والعربي في تمويل الفجوات التمويلية المترتبة على تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي وتطوير السوق المالية المصرفية ، فضلاً عن تمويله الفجوات أو العجز في موازين مدفوعات الدول الأعضاء.

خصائص التمويل متعدد الأطراف : 

1) إن هذا النوع من التمويل غير قابل للشطب او اعادة الجدولة كما هو حال مصادر التمويل الدولي الخاصة والثنائية.

2) تمتد آجال هذا النوع إلى فترات زمنية طويلة قد تصل إلى (25 سنة) وهذا غير موجود لدى المصادر الحرة.

3) كلف التمويل هذا (أسعار الفائدة) قد تقارب الفائدة بموجب مصادر التمويل الحرة.

4) إن المصادر الحرة للتمويل الدولي تشترط ان يكون البلد طالب التمويل منها عضواً في الصندوق والبنك الدوليين ، وهذه المصادر غالباً ما تسترشد بتلك المنظمات حتى تمنح أية قروض لأي بلد.  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
(1) د. محمد صفوت صادق، خصائص المعاملات الاقتصادية الدولية، أخبار البترول والصناعة، السنة 19 ، العدد 219 ، ابو ظبي، 1995 ص 19.

(2) د. ماهر كنج شكري ومروان عوض ، المالية الدولية، ط1، اتحاد المصارف العربية عمان، 2004، ص 42.