أ- واقع الاستدامة البيئية في العالم النامي 

من المشاكل الناجمة عن الفقر في البلدان النامية والتي أخذت تشكل تحدياً كبيراً في وجه الخطط التنموية مشكلة التدهور البيئي الذي يزداد حدة مع الزيادة السكانية الكبيرة التي تعرفها هذه البلدان والتي تدفع إلى مزيد من الضغوط على الموارد الطبيعية كالمياه الصالحة للشرب والأراضي الزراعية، وتنتج سلوكيات غير منسجمة بيئياً، هذا في ظل ضعف أداء الأجهزة الحكومية في حماية البيئة رغم ما بُذل من جهود لحد الآن.

وفيما يلي نشير إلى بعض الجوانب التي توضح واقع التدهور البيئي في العالم النامي : 

* في تقرير لمنظمة الزراعة والأغذية حول "حالة موارد الأراضي والمياه في العالم لأغراض الغذاء والزراعة " يتبين أن رُبع الأراضي في العالم يعاني من التدهور إلى حدٍ بعيد، بينما يعاني 8% تدهوراً معتدلاً و 36% يواجه تدهوراً طفيفاً او هو في حالة مستقرة. وثمة 10% من المجموع يصنف في حالة "تحسّن". أما الحصص  الباقية لسطح الأرض فإمّا هي مكشوفة بلا غطاء من التربة (نحو 18% أو تغطّيها أجسام مائية داخلية (نحو 2 % ). ويسجل التدهور (سيما في خسارة نوعية التربة وخسارة التنوع الحيوي ونضوب موارد المياه) بوتيرة مرتفعة جداً بالخصوص في جنوب الساحل الغربي للأمريكتين، وعبر منطقة البحر الأبيض المتوسط في جنوب أوروبا وشمال إفريقيا، وعبر السهل الإفريقي منطقة الساحل والقرن الإفريقي، وفي كل أنحاء آسيا. ⁽¹⁾ 

ويشير التقرير إلى العلاقة بين الفقر وتدهور التربة حيث أن الفقراء في جميع أنحاء العالم، نظراً إلى قدرتهم الأقل على الوصول إلى موارد الأراضي والمياه هم الأكثر تعرضاً للآثار السلبية لتدهور الأراضي، والتغيرات المناخية. ويتركز نحو 40 % من أراضي العالم الأشد تدهوراً في مناطق معدلات الفقر المرتفعة.

* وبخصوص تدهور الغابات فقد قدّر التغير الصافي في المساحة الغابية عالمياً بين 2000-2010 بـ (5.2 ـ)مليون هكتار سنوياً (مساحة كوستاريكا تقريباً) وقد كان  (8.3-) مليون هكتار سنوياً للفترة 1990-2000، وفي إفريقيا انخفض معدل فقدان  الغابات بـ 4 مليون هكتار سنويا خلال 1990-2000 و3.4 ملیون هكتار خلال 2000-2010 ⁽²⁾.

* وفي سبع دراسات للبنك الدولي حول كلفة التدهور البيئي في البلدان العربية، تبين أن مصر على رأس القائمة بكلفة تقدر بـ 4.8 % من الناتج المحلي الإجمالي أي ما يعادل كلفة مالية قدرها 4.280 مليار دولار أمريكي. 

ثم تأتي المغرب والجزائر بنسبة 3.7 % و 3.6 % خسارة في الناتج المحلي الإجمالي على أساس التدهور البيئي، ثم دول المشرق: سوريا أولاً (3.5 %)، لبنان (3.4%) والأردن( 205 مليون دولار أو 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي). أما أفضل أداء بيئي، فتمثله تونس التي لم تخسر سوى 2.1% من ناتجها المحلي الإجمالي بسبب تدهور البيئة. وهذه المعطيات تقدم تقديرات حاسمة حول التكلفة الاقتصادية للتدهور البيئي وتساعد واضعي السياسات في تقدير الحاجة إلى إدماج الاهتمامات البيئية في التخطيط ، للمساعدة في منع الخسائر البيئية قبل أن تتحول إلى أعباء ⁽³⁾ . 

ويتسبب تراجع الغطاء الغابي بنسبة 18% من الانبعاثات العالمية من الغازات الدفيئة. كما أن المعدل السنوي لتناقص الأشجار يقدر بـ 13 مليون هكتار، ما يعادل مساحة اليونان أو نيكاراجوا ، وتشكل انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن تدهور الغابات في العالم النامي أكثر من 20% من مجموع يعزى إلى جميع البشرية على هذا الكوكب، بل يتجاوز إجمالي الانبعاثات الناجمة عن احتراق الغاز الطبيعي وجميع وسائل النقل في العالم ⁽⁴⁾ . 

* وتشير إحصائيات البنك الدولي إلى أنه يموت حوالي 5 إلى 6 ملايين شخص في البلدان النامية سنوياً بسبب الأمراض المتنقلة عن طريق المياه أو التي يتسبب فيها تلوث الهواء، وقد قدرت التكاليف الاقتصادية للتدهور البيئي بحوالي 4 إلى 8%. من PIB سنوياً.  

* ويتوزع الماء بصفة غير عادلة بين سكان العالم حيث يطال الفقر المائي سكان الدول الفقيرة، وتشير الإحصائيات إلى أن الفرد في أمريكا الشمالية يستهلك في المتوسط 2483 متر مربع من الماء في السنة، وهذه الكمية تفوق بثلاث إضعاف استهلاك الفرد من الماء سنوياً في كينيا أو الصين ⁽⁵⁾ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

(1) FAO, l'état des ressources terre et en eau pour l'alimentation et l'agriculture dans le monde 2011, pages différentes.

(2) FAO, Situation des forêts du monde 2011, pp: 3-4 . 

3 ـ نشرية النظام المعلوماتي الأورومتوسطي للمعرفة في مجال المياه EMWIS في عددها 76 الصادر بتاريخ جانفي 2010 على الرابط :

http://www.emwis.org/thematicdirs/eflash/flash76_ar

(4) Notre plaète: un patrimoine vivant- l'avenir des forets, revue du programme des nations unies pour l'environnement (PNUE), sept. 2008, pp: 12-13. 

(5) Fred Pearce, l'eau cachée, TUNZA: le magazie du PNUE pour les jeunes, v.6, no3, 2008, p:4.