المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6194 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

تفسير الاية (71-73) من سورة يونس
25-3-2020
سمات العبودية الرومانية و دور الدولة في النظام العبودي الروماني
18-9-2019
بين الصرف والنحو
16-02-2015
القول في الشفاعة
8-1-2023
الأحياء بدائية النواة Prokaryotes
27-9-2019
استخلاص حبوب لقاح النخيل وتخزينها
14-1-2016


البحث حول الراوي عمّار بن موسى الساباطيّ.  
  
1805   02:08 صباحاً   التاريخ: 22/12/2022
المؤلف : الشيخ محمد طالب يحيى آل الفقيه
الكتاب أو المصدر : سدرة الكمال في علم الرجال
الجزء والصفحة : ص 401 ـ 417.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2017 1506
التاريخ: 7-9-2017 1757
التاريخ: 9-9-2016 2108
التاريخ: 7-8-2017 1824

عمّار بن موسى الساباطيّ:

أصل الساباط سقف على حائطين تحته طريق، والساباطيّ نسبة إلى قرية من قرى المدائن، قال البرقيّ: "عمّار بن موسى الساباطيّ، كوفيّ، وأصله من المدائن" (1).

وقال الشيخ: "عّمار بن موسى الساباطیّ كوفيّ سكن المدائن"(2) وهو بخلاف ما يظهر من البرقيّ.

اختلف الأصحاب في مذهبه ووثاقته وصحّة أخباره، فكانت الأقوال فيه أربعة: وثاقته مع صحة العمل بأخباره، وثاقته مع الإعراض عن أخباره لكثرة الاضطراب فيها، ضعفه مع ترك أخباره، ضعفه مع اعتماد كتابه.

أمّا مذهبه، فقد قيل بإمامته، وهو ظاهر المفيد والنجاشي والداماد وبحر العلوم وغيرهم، وأمّا مشهور الطائفة فقد ذهب إلى فطحيّته وبقائه عليها حتّى موته، وذهب آخرون إلى تركه الفطحيّة كما تركها الآخرون وذلك بعد موت عبد الله بن جعفر بمدّة مديدة.

وأمّا أخباره فقد أسقطها بعضهم مطلقاً وآخرون مع المعارض، بينما اعتمدها المشهور كما سيأتي تفصيل ذلك كلّه.

إذن الاختلاف فيه من كلّ جهة، ولمّا كانت أخباره في الكتب الأربعة مستفيضة جداً دعا ذلك الأصحاب إلى البحث فيما تقدّم فنقول والله المستعان:

البحث الأول: فطحيته من عدمها:

إنّ الأثر المترتّب على القول بإمامته إن قلنا بوثاقته هو صحّة الرواية، بخلاف القول بفطحيّته فإنّ الخبر يتّصف حينها بالموثّق، فإذا عارض الصحيح سقط على القول المشهور، ولهذا كان البحث بإمامته من عدمها ممّا ترتّب عليه أثر شرعيّ.

هذا على القول بحجيّة الخبر الموثّق، وأمّا على القول بعدمه كما ذهب إليه ابن إدريس والشهيد الثاني وآخرون فإنّ الأثر يكون أوضح، فتنبّه.

قال الكشي في كتابه: "قال محمد بن مسعود: عبد الله بن بُكير وجماعة من الفطحيّة هم فقهاء أصحابنا، منهم ابن بكير وابن فضّال يعني الحسن بن علي وعمّار الساباطيّ وعلي بن أسباط وبنو الحسن بن علي بن فضّال علي وأخواه ويونس بن يعقوب ومعاوية بن حكيم وعدّ عدّة من أجلّة العلماء (3).

وهذه الفقرة صدرت بعد ممات عمّار ولم يشر ابن مسعود فيها إلى تراجعه عن الفطحيّة، وظاهرها بقاء عمّار على فطحيّته.

وروى الكشّي بإسناده عن هشام بن سالم قال: كنّا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد الله (عليه السلام) أنا ومؤمن الطاق - أبو جعفر - والناس مجتمعون على أنّ عبد الله - الأفطح - صاحب الأمر - أي: الإمام المولى - فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس مجتمعون عند عبد الله.. إلى أنّ قال: فكان كلّ من دخل عليه قطع عليه - الكاظم - إلا طائفة مثل عمّار الساباطيّ وأصحابه (4).

 والرواية وإن كانت ببداية عهد الفطحيّة، إلا أنّ الإخبار بها قد يكون بعد مدّة من الزمن ولم يبيّن هشام أنّ عبارة قد رجع عن الفطحيّة، وهو ما يحتمل معه جداً بقاؤه على الفطحيّة.

وروى الكشّي أيضاً بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن قال: قلت لهشام: إنّهم يزعمون أنّ أبا الحسن بعث إليك عبد الرحمن بن الحجاج يأمرك أن تسكت ولا تتكلّم، فأبيت أن تقبل رسالته، فأخبرني كيف كان سبب هذا؟ وهل أرسل إليك ينهاك عن الكلام أم لا؟ وهل تكلّمت بعد نهيه إيّاك؟ فقال هشام: إنّه لمّا كان أياّم المهديّ شدّد على أصحاب الأهواء، وكتب له ابن المقعد صنُوف الفرق صنفاً صنفاً، ثم قرأ الكتاب على الناس، فقال يونس: قد سمع هذا الكتاب يقرأ على الناس على باب الذهب بالمدينة، ومرة أخرى بمدينة الوضّاح، فقال: إنّ ابن المقعد صنّف لهم صنوف الفرق فرقه فرقة حتّى قال في كتابه: وفرقة منهم يُقال لهم الزراريّة، وفرقة منهم يُقال لهم العمّاريّة أصحاب عمّار الساباطيّ..." (5).

إن قلتَ: إنّه لم يذكر في الخبر هذا فطحيّة عمّار، قلت: إنّ فرقته لم تخرج عن كونها فرقة الفطحيّة لعدم غيرها، فالفرقة هذه هي فرقة الفطحيّة، ولمّا كان الخبر متأخّراً حتّى عن وفاة عمّار الساباطيّ إذ تاريخ إخباره بعد موت المنصور الدوانیقيّ وفي زمن المهديّ أو ما بعده يُعلم منه أنّ الفرقة هذه كانت لا تزال على ضلالها.

وقال الشيخ في الفهرست: عمّار بن موسى الساباطيّ كان فطحيّاً له كتاب كبير جيّد معتمد (6).

وقال في الاستبصار: ولأنّ هذه الأخبار الأربعة منها الأصل فيها عمّار الساباطيّ وهو واحد قد ضعّفه جماعة من أهل النقل وذكروا أنّ ما ينفرد بنقله لا يُعمل عليه؛ لأنّه كان فطحيّاً فاسد المذهب، غير أنّا لا نطعن في النقل عليه بهذه الطريقة؛ لأنّه وإن كان كذلك فهو ثقة في النقل لا يُطعن عليه" (7).

وقال ابن إدريس في السرائر: وعمّار هذا فطحيّ كافر ملعون.

وقال أخرى: وراوي أحدهما فطحيّ المذهب كافر ملعون مع كونه مرسلاً وهو الحسن بن فضّال، وبنو فضّال كلهم فطحيّة، والحسن رأسهم في الضلال.

هذا وقد اشتهر القول بأنّ الفطحيّة لا تنافي الوثاقة إن صُرّح بها - وهو الحق - إلا أنّ محلّ الشاهد كون عمّار فطحيّاً، وكل من ذكره من القدماء لم يشر إلى تراجعه عن الفطحيّة كما قد ظهر لك.

إذن، الكشّي والمفيد والشيخ في الفهرست والتهذيب والاستبصار وابن إدريس ومن تأخّر عنهم كالمحقّق والعلّامة وابن داوود وغيرهم أجمعوا على كونه فطحيّاً، ولم يظهر من أيٍّ منهم القول بتراجعه عنها وتركه لها حتّى مماته.

لكن وعلى الرغم ممّا تقدّم فقد استظهر الميرداماد وبحر العلوم أنّه عدل إلى مذهب الحق، ومال إليه تلميذه السيد جواد في مفتاح الكرامة فقال: "ويُحتمل قوياً أن يكون إماميّاً".

واستدلّ السيّد الداماد للقول بإماميّته بقوله: "إنّه يدلّ على إمامته من وجهين: فإنّ قوله - أي: الإمام (عليه السلام) – "استوهبت" صريح في استيهابه، وليس يُستوهب ناقض عهد التوحيد والإيمان، وقد ورد في التنزيل الكريم: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] فإذا لم يكن ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله) وللمؤمنين فكيف يكون ذلك له (عليه السلام) ...!! فإذن قوله: "فوهبه لي" في قوة إنّي سألت ربي أن يهديه ويعرّفه الأمر فهداه وعرّفه".

تمّ التوقّف في هذا الموضع بتاريخ: (4 / 12 / 2022) في الساعة: (55 : 05).

أقول: إنّ الكشّي (رحمه الله) روى خبر الاستيهاب ثلاث مرّات، ففي المرّة الأولى رواه مرّة بقوله: "عمّار بن موسى الساباطيّ كان فطحيّاً، وروى عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) أنّه قال: استوهبت عمّاراً من ربّي تعالى فوهبه لي " (8).

وفي الثانية ضعيفاً بإسناده عن عبد الرحمن بن حمّاد الكوفيّ عن مروك قال: قال لي أبو الحسن الأول: إنّي استوهب عمّاراً الساباطيّ من ربّي فوهبه لي (9).

وفي الثالثة بإسناده أيضا عن عبد الرحمن بن حمّاد عن مروك، ثم روى الخبر نفسه، فهو كسابقه سنداً ومتناً (10).

وقد تبيّن لك ضعف الخبر سنداً فلا يصحّ الاستدلال على الاستيهاب به.

وأمّا ما قيل من الجواب من تعارض القول بالفطحيّة والإماميّة فتُرجّح الفطحيّة على الإماميّة لشهرتها وثبوتها، فإنّه يُقال: إنّ القائلين بالإماميّة قالوا بتراجعه عن الفطحيّة فلا تعارض، إذ يُحمل القول الأول على بداياته، والثاني على أواخر حياته، ولذا كان الأصحّ في الجواب القول بعدم ثبوت الواقعة للقول بالاستيهاب فيكون باقياً على الفطحيّة.

واستدلّ أيضاً بعدم ذكر النجاشي فطحيّته حين ترجمته، وقد تعهّد ذكر خصوص أهل الإيمان، فيكون كلّ من ترجمه إماميّ إلا أن يصرّح بعدمه، فيكون عمّاراً على هذا إماميّاً.

لكنّه أُجيب بعدم التزام النجاشيّ بما قيل، إذ أنّه ترجم جمعاً من الرواة من غير الإماميّة ولم يصرّح بذلك كما في ترجمة عبد الله بن بكير الفطحيّ.

أمّا روايته عن الكاظم (عليه السلام) فلا تدلّ على تراجعه كما هو واضح.

وممّا تقدّم يُعلم أنّ القول بتراجعه عن الفطحيّة لا يُعلم له مأخذ صحيح يمكن الركون إليه.

بل يُقال: إنّ السيد بحر العلوم، وإن قال بإمامته على ما يظهر منه، إلا أنّه قال في موضع آخر من كتابه: والقول الذي اختاره الشيخ والمحقّق من كونه فطحيّ ثقة في النقل هو أعدل الأقوال وأشهرها لثبوت كلّ من الأمرين بنقل الثقات الأثبات..." (11).

وقد تلخّص القول بأنّ عمّار بن موسى الساباطيّ فطحيّ بدواً وانتهاءً ولعلّه هو من أسّس المذهب الفطحيّ لنسبة المذهب إليه في كلام الكشّي حتّى سُمّيت الفرقة بالعمّارية نسبة إليه.

قال الكشّي: وحدّثني محمد بن مسعود العياشيّ، قال: حدّثنا جبريل بن أحمد الفاريابي قال: حدّثني محمد بن عيسى العبيديّ عن يونس قال: قلت لهشام إنّهم يزعمون أنّ أبا الحسن (عليه السلام) بعث إليك عبد الرحمن بن الحجاج.. حتّى قال في كتابه: وفرقة منهم يُقال لها الزراريّة، وفرقة منهم يُقال لها العمّاريّة أصحاب عمّار الساباطيّ ..." (12).

بقي الكلام في وثاقته وصحّة العمل بأخباره، فنقول والله المستعان:

أدلة الوثاقة:

الأول: توثيق الشيخ له في التهذيب وشبهه في الاستبصار، قال (رحمه الله): "لأنّ تلك الأخبار كثيرة، وهذه الأخبار أربعة منها الأصل فيها عمّار بن موسى الساباطيّ، وهو واحد قد ضعّفه جماعة من أهل النقل، وذكروا أنّ ما ينفرد بنقله لا يُعمل به لأنّه كان فطحيّاً، غير أنّا لا نطعن عليه بهذه الطريقة؛ لأنّه وإن كان كذلك فهو ثقة لا يُطعن عليه فيه (13).

ألا ترى توثيق الشيخ صريحاً فيه وإن عارضه قوله: "ضعّفه جماعة من أهل النقل "لأنّ سرّ تضعيفهم كما يظهر من كلام الشيخ هو فطحيّته، وليس الضعف في نفسه ليُطعن عليه مطلقا.

نعم، ما ينفرد بنقله لا يُعمل به - كما قالته الجماعة فتسقط أخباره عن الاعتبار لذلك، ولهذا نرى إعراضهم مثلا عن أنّ بلوغ الفتاة بثلاث عشرة سنة لمن لا تحيض.

على كلٍّ توثيق الشيخ هنا وفي الاستبصار صريح ولا يعارضه إعراض الجماعة.

الثاني: ما أفاده النجاشيّ في رجاله إذ قال: "عمّار بن موسى الساباطيّ، أبو الفضل، مولى، وأخواه: قیس وصباح، رووا عن أبي عبد الله، وأبي الحسن (عليهما السلام)، وكانوا ثقات في الرواية، له كتاب يرويه جماعة"(14)، وتخصيص التوثيق بالرواية لا مطلقا لعلّه ناظر إلى فطحيّته.

الثالث: ما ذكره الشيخ في العدّة من قوله: "وإن كان ما رووه – الفطحيّة والواقفة والناووسيّة - ليس هناك ما يخالفه ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه وجب أيضا العمل به إذا كان متحرّجاً في روايته موثوقاً في أمانته - أي: روايته - وإن كان مخطئاً في أصل الاعتقاد، ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحيّة مثل عبد الله بن بُكير وغيره..." (15).

ومحلّ الشاهد قوله: "عملت الطائفة بأخبار الفطحيّة لكون الناقل موثوقاً في أمانته" فإنّه يدلّ على وثاقة عمّار الساباطيّ مع فطحيّته وذلك لعدم الضير بفساد العقيدة مع الوثوق بروايته.

وفيه أولا: أنّ "موثوقاً في أمانته - أي: روايته ـ " تدلّ على صحّة الخبر وليس على وثاقة الناقل، ولا ملازمة ما بين صحّة الرواية وصحّة الراوي.

ثانيا: أنّ كلام الشيخ دالّ على صحّة العمل بمن كانت أخباره موثوقة بصدورها وذلك كعبد الله بن بُكير من الفطحيّة، ولا يدلّ على صحّة أخبار كل فطحيّ ليشمل عمّاراً الساباطيّ المسكوت عنه في العبارة هذه.

الرابع: ما ذكره المحقّق من عمل الأصحاب بروايته وادّعى على ذلك إجماع الإماميّة، قال في المعتبر: ".. لا يُقال: علي بن أبي حمزة واقفيّ وعمّار فطحيّ فلا يُعمل بروايتهما؛ لأنّا نقول: الوجه الذي لأجله عمل برواية الثقة قبول الأصحاب وانضمام القرينة، لأنّه لولا ذلك لمنع العقل من العمل بخبر الثقة، إذ لا وثوق بقوله، وهذا المعنى موجود هنا، فإنّ الأصحاب عملوا برواية هؤلاء كما عملوا هنا".

وقال أخرى: "إنّ الأصحاب عملوا برواية عمّار لثقته، حتّى أنّ الشيخ ادّعى في العُدّة إجماع الإماميّة على العمل بروايته ورواية أمثاله" (16).

هذا وإن كان يمكن توجيه عبارته الأولى لفائدة وثاقة عمّار، إلا أنّ العبارة الثانية ظاهرة الدلالة في المراد، بل ظاهرة في دعوى الإجماع على وثاقته فضلاً عن العمل بروايته، وهذا ليس توثيق المتأخّرين لينقض عليه، إنّما هو نقل توثيق القدماء لعمّار كما نقل الشيخ والنجاشيّ من قبله.

لكنّه يُقال: إنّ عمل الأصحاب برواية عمّار لا ريب فيه، وهذه الكتب الأربعة وغيرها قد نقلت عنه وعملت بأخباره.

إلا أنّ الشيخ لم يدّعِ الإجماع على العمل بروايته، إنّما قال": .. فلأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحيّة مثل عبد الله بن بكير وغيره" وعمّار هذا وإن كان فطحيّاً، إلا أنّ الشيخ لم يذكر اسمه ليكون مشمولاً لكلامه، إذ من الواضح أنّ الشيخ لم يرد تصحيح رواية كل الفطحيّة، ولهذا لا يمكن التمسّك بالإطلاق إلا لمن شمله الشرطان: "متحرّجاً في روايته، موثوقاً في أمانته" والقول بشمولها لعمّار أول الكلام، اللّهُمّ إلّا أن يثبت من دليل خارج وهو محلّ البحث.

وأمّا توثيق القدماء فإنّه بعد التتبّع يظهر أنّه ليس من القدماء من صرّح بوثاقته غير من ذكرنا، فيكون كلام المحقّق (رحمه الله) ناظراً إلى ما أفاده الشيخ في التهذيبَينِ وظاهر العُدّة والنجاشيّ دون غيرهم، ولذا لا يكون كلامه دليلاً مستقلاً لاستفادة الوثاقة فيما عدا من ذكرنا.

الخامس: ما قاله الشيخ في الفهرست حيث ترجمه بقوله: "عمّار بن موسى الساباطيّ كان فطحيّاً، له كتاب كبير جيد معتمد..." (17).

 وقد يُقال: ما اعتماده إلا لوثاقة صاحبه، إذ مع ضعفه كيف يعتمد كتابه؟!

وقيل في جوابه ما تقدّم من عدم الملازمة ما بين اعتماد الكتاب ووثاقة صاحبه، إذ الاعتماد قد يكون لقرائن الصدور لا لوثاقة الراوي وإن كانت وثاقته من جملة القرائن.

فإن قيل: إنّ الغاية المرجوّة من وثاقة الراوي هي اعتماد روايته وهي حاصلة فيما نحن فيه.

قلنا: إنّ قرائن الصدور الحاصلة عند الشيخ والتي اقتضت القول باعتماد أخباره وكتابه قد لا تشكّل قرينة على الصدور فيما لو وصلتنا، والقرينة المفيدة لاطمئنان الشيخ لا يلزم منها إفادتها الاطمئنان لكلّ أحد كما هو واضح، هذا أوّلاً.

ثانيا: إنّ جمعاً من الفقهاء - ومنهم القدماء - قد أعرضوا عن كثير من أخبار عمّار الساباطيّ حتّى قيل: إنّ ما يُقارب ثلث أخباره مع عنها - كما سنبيّن لك - ومعها كيف يُقال باعتبار أخباره! ولهذا نرى القدماء والمتأخّرين قد رجعوا إلى الأسانيد والقرائن لتصحيح روايات عمّار أو تركها، ولم يسلّموا بها، وعملوا بها اعتماداً على إخبار الشيخ بأنّ "كتابه جيّد معتمد" فالاعتماد اعتماد في الجملة وليس اعتماداً كليّاً ليُقال بأنّ "الغاية قد تحقّقت بما أفاده الشيخ" ولعلّه لهذا حينما ترجمه ابن شهر اشوب في معالمه، والذي يعد كتابه ناظراً إلى كتاب الفهرست قد ذكر ما ذكره الشيخ في الفهرست إلا أنّه اقتصر على قوله: "له كتاب كبير" ولم يذكر "جيد معتمد" (18).

السادس: قوله (عليه السلام): "استوهبتُ عمّاراً من ربّي تعالى فوهبه لي" وقد تقدّم جوابه من أنّ الكشّي روى الخبر بثلاثة مواضع من كتابه وكلّها ضعيفة السند.

السابع: ما ذكره الكشّي في رجاله قائلا: "قال محمد بن مسعود: عبد الله بن بُكير وجماعة من الفطحيّة هم فقهاء أصحابنا، منهم ابن بُكير وابن فضّال - يعني الحسن بن علي - وعمّار الساباطيّ وعلي بن أسباط وبنو الحسن بن علي بن فضّال - علي وأخواه - محمد وأحمد - ويونس بن يعقوب ومعاوية بن حكيم، وعدّ عدّة من أجلّة العلماء" (19).

فنسبة عمّار إلى أصحابنا والفقهاء وأجلّة العلماء دليل على علوّ شأنه فضلاً عن وثاقته، اللّهُمّ إلا أن يُقال بأنّ قوله: "وعدّ عدّة من أجلّة العلماء" يُشير إلى الذين هم غير المذكورين، فلا يكون المذكورون حينها موصوفين ب "أجلة العلماء" فإن كان الأمر كذلك فلا تكفي عبارة "فقهاء أصحابنا" للدلالة على الوثاقة، وإنّما على منزلتهم العلميّة، ولا ملازمة ما بين الفقاهة والوثاقة.

الثامن: توثيق العلّامة له في الخلاصة فقال: عمّار بن موسى الساباطيّ مولى، وأخواه قيس وصباح رووا عن أبي عبد الله (عليه السلام) وأبي الحسن (عليه السلام) وكانوا ثقات في الرواية، وعمّار كان فطحيّاً، له كتاب كبير جيّد معتمد.. والوجه عندي أنّ روايته مرجّحة.

قد يُقال: بأنّ الإشكال في الاعتماد على توثيقات المتأخّرين، لكنّه يُقال: على مبنى حجيّة الخبر الموثوق فإنّ توثيق المتأخّرين يُشكّل قرينة على الوثاقة الواقعيّة وإن لم يكن علّة تامّة للوثاقة.

نعم، يُقال فيما أفاده العلّامة والمتأخّرون: إنّ توثيقهم معتمد على مَن تقدّمهم - كما فيما نحن فيه - فتوثيق العلّامة لا يزيد على توثيق الشيخ والنجاشيّ، وعليه فلا يشكّل قرينة زائدة للدلالة على الوثاقة، وأمّا لو وثّق المتأخّر المتقدّم من غير أن يصلنا من المتقدّمين توثيق له فإنّ كلامه حينئذٍ يشكّل قرينة قويّة على الوثاقة وذلك لعدم العلم بالمنشأ مع حسن ظنّنا بعلمائنا كالعلّامة وأمثاله.

التاسع: كثرة روايته وقد مرّ جوابه من أنّ الكثرة ليست دليل الوثاقة.

هذا غاية ما استدلّ به على وثاقة عمّار بن موسى الساباطيّ، وقد تلخّصت الأدلّة بتوثيق الشيخ له في التهذيب صريحاً والاستبصار ظاهراً والنجاشي نصّاً، بل وادّعى المحقّق القول بأنّ الأصحاب عملوا بروايته لثقته، والشيخ اعتمد كتابه وأنّه جيّد، والكشّي روي عن الكاظم (عليه السلام) بأنّه استوهب عمّاراً من ربّه فوهبه له، والعيّاشي قال: إنّه من أصحابنا وفقهائنا وأجلّة علمائنا وشهرة توثيق المتأخّرين له، ومع هذا كلّه يطمئن الفقيه بوثاقته إن لم يقطع بذلك.

لكن ومع ما تقدّم فقد ذهب بعض أصحابنا إلى تضعيفه والإعراض عن أخباره كما صرّح به ابن إدريس في السرائر إذ قال: "وعمّار هذا فطحيّ كافر ملعون".

إشارة إلى عدم الاعتماد على أخباره، ولهذا كان لا بدّ من بيان أدلّة المضعّفين فنقول:

أدلة الضعف:

من المعلوم أنّ الأصل في الراوي ضعفه وذلك لحجيّة خبر الثقة خاصّة، ولمّا ذهب بعض الرجاليّين إلى وثاقة عمّار وخرجوا بذلك عن الأصل كان لا بد للمضعّفين من بيان الأدلة لإثبات الضعف بعد أدلّة التوثيق، فقالوا:

يُستدلّ للضعف [بالآتي:]

أولا: بما أفاده الشيخ في التهذيب والاستبصار - عبارته السابقة - من قوله

".. عمّار بن موسى الساباطيّ، وهو واحد قد ضعّفه جماعة من أهل النقل..."(20) ويقصد من "أهل النقل" علماء الرجال في وقته، فإنّ جماعة منهم قالوا بتضعيفه، وتوثيق الشيخ له يكون معارضاً بتضعيف الجماعة، وحينها إن لم نقل بترجيح الجماعة فلا أقل من التعارض والتساقط والرجوع إلى الأصل.

وفيه: أنّ العبارة حتّى هاهنا مجتزأة، إذ أكملها الشيخ بقوله: "وذكروا أنّ ما ينفرد بنقله لا يُعمل به؛ لأنّه كان فطحيّاً" وظاهر القول: "لأنّه كان فطحيّاً" تعليل لكلا الأمرين السابقين، أي "ضعفه جماعة وإن ما ينفرد به لا يعمل به، وإن علمت العلّة في التضعيف - وهي فطحيّته - قد لا يُقال بتضعيفه حينئذٍ وذلك لعدم عليّتها للضعف وذلك لعدم الملازمة، فكم من الفطحيّين والواقفة وغيرهم من صرّح الأصحاب بوثاقتهم، ولهذا عقّبها الشيخ بقوله: "غير أنّا لا نطعن عليه بهذه الطريقة، لأنّه إن كان كذلك فهو ثقة لا يُطعن عليه فيه".

ثانياً: بتصريح "الكشّي" والمفيد في الرسالة الهلاليّة والنجاشيّ والشيخ وغيرهم بفطحيّته، ومع إعراضه عن مذهب الحقّ وسلوكه مسلك الباطل كيف يُعتمد قوله؟

وفيه: أنّه دليل مبنائيّ، فعلى مبنى من يعتبر الإماميّة في الراوي صحّ الدليل كابن إدريس والشهيد الثاني، وأمّا المشهور فلم يرَ صحّة المبنى ومع إمكانيّة الجمع ما بين الفطحيّة والوثاقة يسقط الدليل من رأسٍ.

ثالثاً: تضعيف الشيخ له في الاستبصار إذ قال بعد روايته خبراً عن عمّار: فالوجه في هذين الخبرين أنّه لا يُعارض بهما الأخبار الأولى؛ لأنّ الأصل فيهما واحد وهو عمّار الساباطيّ وهو ضعيف فاسد المذهب لا يُعمل بما يختصّ بروايته..." (21).

وظاهر قوله هنا يُعارض قوله فيما تقدّم من عبارة الاستبصار والتهذيب أيضا حيث قال بوثاقته ومقبوليّة روايته، ولهذا كان لا بدّ من التأويل لعدم الذهاب إلى التهافت بين قوليه، وهو أنّ الضعف راجع إلى فساد مذهبه وفطحيّته، فتكون عبارة: "فاسد المذهب" تفسيراً للضعف، أي: الضعف من هذه الجهة، ولهذا أتبعها بقوله: "لا يُعمل بما يختصّ بروايته" إذ لو كان الضعف في نفسه فلا يُعمل حينها بروايته مطلقاً، أي: بما يختصّ بروايته وما لا يختصّ به، فروايته حينئذٍ ساقطة مطلقاً، ومنه يُعلَم عدم صحّة الاستدلال مع القرينة الصارفة.

رابعاً: تضعيف ابن إدريس له وإعراضه عن أخباره، بل وصفه بالكافر الملعون، وكذا تضعيف ابن داود له وجمع من الرجاليّين.

وفيه أولا: أنّه من المعلوم أنّ مسلكه هو العمل بخصوص خبر العدلين، أمّا ما دونهما فهو متروك، ومعه يُترك خبر الساباطيّ لفطحيّته وعدم عدالته، وهو مغاير لمسلكنا من إمكان العمل بأخبار الفطحيّة كالمشهور.

 ثانيا: ما تقدّم من أن تضعيف ابن إدريس ليس مبنيّاً على الحسّ لوضوح إرجاعه التضعيف لفطحيّته، وكذا تصنيف ابن داود له في قسم الضعفاء، فإنّه من هذه الجهة أيضاً، وقد ذكرنا أنّ الفطحيّة لا تساوي الضعف لعدم الملازمة.

هذا ما قيل من أدلّة لإثبات ضعفه، وقد تبين لك عدم كفايتها للقول بالضعف ولهذا لا تصل النوبة إلى التعارض، بل عدم كفاية دليل الضعف مع إثبات أدلة الوثاقة دليل الوثاقة.

 حجيّة أخباره:

وبعد هذا كلّه، بل مع القول بالوثاقة فقد اختلفوا أيضاً في صحّة العمل بأخباره، إذ اعتمدها المشهور وأعرضَ عنها آخرون، وهم من لم يعمل بأخبار غير الإماميّة كابن إدريس والشهيد الثاني، أو مَن اعتمد مَن سلك مسلك حجيّة الخبر الموثوق، إذ إعراض الفقهاء عن كثير من أخباره والتشكيك في فهمه للأخبار، ونقله بعضها على غير وجهها، والاضطراب في بعض آخر منها وشذوذ كثير منها حدا بجملة من الفقهاء إلى ترك العمل بأخباره حتّى مع القول بوثاقته لعدم الوثوق بمضامينها، وهاك بعض التفصيل:

قال السيد السند هاشم البحرانيّ في غاية المرام: "إنّ عمّاراً كان من الفطحيّة لا يُعتَمد على رواياته، سيّما إذا اختصّ بنقلها وعارضها ما هو أوضح منها سنداً، لتهافتها واختلالها متناً وسنداً، حتّى يُضرب المثل بين أرباب الحديث، فيُقال: كأنّه خبر عمّار للحديث الذي كثرت وجوه اختلافه وتهافته.

ثم قال: سمعت من أوثق المحدّثين يوم أنّه قال: سبعون خبراً يرويها عمّار لا يُقابل فلساً واحداً عندي، وهذا محمول منه على شدّة المبالغة في عدم القبول".

وقال الميرزا أبو الهدى الكلباسيّ حاكية عن صاحب القوانين: "ربّما استشهد المحقّق القمّي في القوانين لما ذكرنا بعدما ذكر من أنّ عمّاراً الساباطيّ مع كثرة رواياته وشهرتها لا يخفى على المطلع برواياته ما فيها من الاضطراب والتهافت الكاشفَين عن سوء فهمه وقلّة حفظه بما رواه في الكافي بإسناده عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إنّ عمّاراً الساباطيّ يروي عنك رواية، فقال: ما هي؟ قلت: إنّ السنّة فريضة، قال: أين يذهب؟ ليس هكذا حدّثته، إنّما قلتُ له: مَن صلّى فأقبل على صلاته ولم يحدث فيها، أو لم يسهُ فيها، أقبل الله عليه ما أقبل عليها، فربّما رفع نصفها، أو ثلثها، أو خمسها، وإنّما أمرنا بالسنّة ليكمل بها ما ذهب من المكتوبة" (22) انتهى محلّ الحاجة من كلامه (رحمه الله).

وربّما يؤيّد كلامه بما رواه الشيخ في التهذيب بإسناده عن عمّار الساباطيّ، قال: كنّا جلوساً عند أبي عبد الله (عليه السلام) بمنى، فقال له رجل: ما تقول في النوافل؟ فقال: فريضة، قال: فزعنا وفزع الرجل، فقال أبو عبد الله : إنّما أعني صلاة الليل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الله (عزّ وجلّ)، يقول: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] (23).

وقال صاحب الحدائق في الردّ على عمل صاحب الوسائل برواية عمّار في القضاء: "بأنّه لو كان الراوي غير عمّار لحصل منه الاستغراب، ولكنّه من عمّار المتكرّر منه نقل الغرائب غير غريب"(24) وكنت قد سمعت من أستاذنا المحقّق السيد المدديّ منذ ما يقارب العشرين سنة أنّ الإعراض عن روايات عمّار ربّما يبلغ الأربعين في المائة!!

وكذلك غيرها من الكليّات الكثيرة الدالّة على الاضطراب والشذوذ في أخبار عمّار حتّى أعرض القدماء عن كثير من أخباره، ولهذا نرى الفقهاء - خاصّة ممّن ذهب إلى حجيّة الخبر الموثوق - قد أعرضوا عن العمل عن كثير من أخباره حتّی مع القول بوثاقته وذلك لعدم الوثوق بمدلولها بعدما كان راويها عمّار، بل قال السيد بحر العلوم في رجاله: "وربّما ضعّفه بعض المتأخّرين بما وقع في رواياته كثيراً من الخلل والتعقيد والتكرار الخارج عن قانون البلاغة مع إسناد القول إلى الإمام (عليه السلام) فيكون كذباً" فالاضطراب والخلل وسوء الفهم اقتضى عند بعضهم القول بضعفه؛ لأنّه كذب عمليّاً على المعصوم (عليه السلام) كما قال بحر العلوم (رحمه الله).

لكن وبعدما تبيّنت لك كلمات بعض فقهائنا - رضوان الله عليهم أجمعين  ـ والدالّة - لا أقلّ - على عدم حجيّة أخبار عمّار للاضطراب وغيره، فقد ذهب المشهور إلى حجيّتها لما هو عليه من وثاقة ذكرها المتقدّمون كالنجاشيّ والشيخ وغيرهما، بل وعملوا بأخباره وأفتوا بمضمونها، وهذه الكتب الأربعة وغيرها من أخباره ملأى، ومن المعلوم أنّ الكافي والفقيه لا يرويان إلّا ما هو محلّ إفتاء وعمل، ولعلّ الاضطراب مرجعه إلى النقل بالمعنى مع سوء فهم عمّار للغة العربيّة إذ أنّ ساباط المدائن كان فيها من الأعاظم الكثير في زمانهم، وإنّما عُرفت بساباط نسبة لساباط كسرى الفرس في محلّتهم تلك والذي لا زال قائما إلى يومنا هذا في المدائن، لكن هذا لا يعني لزوم ترك أخباره والإعراض عنها مع عدم المعارض لها، أو المنافي لها فتوى، فمعارضة رواية عمّار لرواية من طرقنا خاصّة أو منافاتُها لفتوى الأصحاب سقط خبره عن الحجيّة، أمّا مع عدم المعارضة أو مع الإفتاء بمضمونها ولو بلا مؤيّد من أخبارنا فيلزم العمل بها لحجيّتها، وقد يُقال: على القول بحجيّة الخبر الموثوق خاصّة دون الثقة فإنّ أخباره حينئذٍ يُنظر إليها، فإن أفادت الاطمئنان والوثوق والصدور ولو معنىً أُخذ بها وكانت حجّة، ومع عدم الاطمئنان فلا حجّيّة لخبره كما لا حجيّة لخبر مطلق الثقة مع عدم الاطمئنان بالصدور.

فالقاعدة إذن هي الوثوق والاطمئنان الشخصيّ مهما كان منشؤه، سواء كان من عمّار أم من غيره، فإن حصل فهو حجّة وإلا فلا، وهذا الكلام جارٍ في عمّار، وإن كان الاطمئنان الحاصل من غيره من الثقات أسرع منه إليه.

وقد تلخّص ممّا تقدّم أنّ عمّار بن موسى الساباطيّ فطحيّ، بل رئيس الفطحيّة وإليه يُنسب المذهب وقد بقي عليه حتّى وفاته، لكنّه كان ثقة في نفسه معتمداً على أخباره مع إيجابها الاطمئنان والوثوق، وإلا فتسقط عن الحجيّة كغيرها من أخبار الثقات، وإن كان الاطمئنان الحاصل من أخباريّ يحتاج إلى قرائن أقوى وأكثر من روايات غيره من الثقات والله العالم بحقائق الحال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رجال البرقي، ص223.

(2) رجال الشيخ، أصحاب الكاظم (عليه السلام)، ص 354.

(3) رجال الكشّي، ص411، رقم 639.

(4) المصدر نفسه، ص349، رقم 502.

 (5) المصدر نفسه، ص 337، رقم 479.

(6) الفهرست، ص180.

(7) الاستبصار، ج 1، ص 372.

(8) رجال الكشّي، ص327، رقم 471.

(9) المصدر نفسه، ص 469، رقم 763.

(10) المصدر نفسه، ص553، رقم 968 .

 (11) رجال السيّد بحر العلوم، ج3، ص169.

(12) رجال الكشّي، ص337، رقم 479.

(13) تهذيب الأحكام، ج7، ص101، والاستبصار، ج 1، ص 372.

(14) رجال النجاشيّ، ص137.

(15) عدّة الأصول، ج1، ص56.

(16) المعتبر، ج 1، ص60.

(17) الفهرست، ص180.

(18) معالم العلماء، رقم 601.

(19) تهذيب الأحكام، ج7، ص101، والاستبصار، ج 1، ص 372.

(20) المصدر نفسه.

(21) الاستبصار، باب السهو في صلاة المغرب.

(22) الكافي، ج 3، ص362.

(23) المصدر نفسه، ج2، ص242.

(24) الحدائق الناضرة، ج6، ص325.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)