أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-11-2021
2550
التاريخ: ص22-24
1632
التاريخ: 2023-02-18
804
التاريخ: 21/12/2022
986
|
المدرسة المعتدلة (التوفيقية): طرح معظم الجغرافيين المعاصرين رأيا وسطيا بين المدرستين، فهم يؤمنون بحرية الإنسان في اختيار إمكانيات البيئة من جهة، ويؤمنون بأن هذه الإمكانيات محدودة بظروف البيئة الجغرافية، وإن الحدود التي تضعها البيئة على إمكانيات المكان ومجال اختياره تختلف من مكان إلى مكان، ومن فترة تاريخية لأخرى. فالعلاقة بين الإنسان والبيئة علاقة تفاعلية أي كل منهما يؤثر في الآخر ويتأثر به.
فالقناعة بسيطرة البيئة الطبيعية يورث الخضوع والجمود عند المجتمعات كما أن المغالات بأهمية الإنسان قد يبعث على القيام بأعمال مخربة وخاسرة في استغلال مصادر الثروة الطبيعية . لذا وجب على الإنسان أن ينظر إلى الموضوع نظرة أخرى تكشف عن كونه يعيش على سطح هذا الكوكب في بيئة طبيعية، مليئة بالإمكانيات، وأن يترتب عليه أن يكون ايجابياً في الاستفادة منها ، يستغلها دون أن يحاول تدميرها ضنا منه أنه يحاول اخضاعها، أي أنه عليه أن يعيش بانسجام لا بحرب مع الطبيعة إن حصيلة التقدم الذي احرزته الإنسانية قد أدى إلى زيادة تضخم المدن وتكاثر الانشاءات على أنواعها وهي تشهد اتساعات متزايدة على حساب المساحات الطبيعية، الأمر الذي يستوجب النظر إلى العلاقة بين الإنسان والبيئة بعلمية وموضوعية لحفظ التوازن بينهما، وخاصة إذا ما علمنا أن الإنسان والأرض في تطور مشترك نتيجة لمؤثرات متبادلة كما يقول راتزل. ويعني هذا أن الإنسان وبيئته مرتبطان احدهما بالآخر، كما يقول فيدال دي لابلاش غير أن حرية الإنسان أزاء الطبيعة تبقى محدودة بفعل عوامل طبيعية لا يمكن تخطيها ، فالإنسان لا يستطيع أن يزرع كل أنواع المحاصيل الزراعية الا بقدر ما تمنحه الطبيعة من مقومات اساسية لعملية الانبات. كما أن الإنسان وحتى اشعار آخر ليس بمقدوره أن يمنع ما يحل به من كوارث طبيعية من وقت إلى آخر، وهو لن يتمكن من التحكم بفورات البراكين وبحركة الهزات والزلازل الأرضية أو في تغيير الرياح والاعاصير.
وفي المقابل هناك الدور الكبير الذي يلعبه الإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر في البيئة الطبيعية، ومن الممكن التعرف على بعض الأشكال الأرضية التي نتجت عن التدخل المباشر وغير المباشر للإنسان. وفيما يختص بالأشكال الأرضية التي نتجت عن تدخل الإنسان المباشر في البيئة الطبيعية والتي أطلق عليها " Athropogenic Landforms" "Goodie" أو ما يمكن أن يطلق عليها "Man-Mede Land Forms" فأنه يمكن حصر بعضها في الجدول الآتي:
ولإيضاح مدى تدخل الإنسان المباشر لخلق أشكال أرضية نأخذ بعض الأمثلة. فلقد قدر عدد فوهات القنابل التي القيت على الهند الصينية فيما بين عام 1965 - 1971- بحوالي (26) مليون فوهة تغطي مساحة (171) ألف هكتار أدت إلى انزياح (ازاحة) (2,6) بليون متر مكعب من الأرض . أما عن أكبر حفرة من صنع الإنسان فتلك التي تسمى (Bigam Canyon) في ولاية يوتاه، ولقد نتجت بسبب تعدين النحاس حيث أزيل منها (3355) مليون طن من مساحة قدرها (7,21) كم 2 وبعمق يبلغ (774) مترا وهذه الكمية تعادل سبع مرات كمية الرواسب التي نقلت نتيجة حفر قناة بنما.
كما أن هناك عمليات تحدث تغييرا في البيئة بواسطة تكنولوجيا الإنسان فمثلا حين يزيل الإنسان الغطاء النباتي من خلال قطع الأشجار أو حرقها أو عن طريق الرعي الجائر فأنه بعمله هذا يزيد من عملية التعرية (erosion of deceleration) وبالتالي زيادة حمولة الأنهار من الرواسب؛ لذا فان أهم الأنشطة البشرية التي لها دخل كبير في تعديل نظام النحت والأرساب ومائية الأنهار تتمثل في: الزراعة، الرعي، قطع الأخشاب التعدين بناء المدن وانشاء السدود أما عن دور الإنسان في العمليات الجيومورفولوجية النهرية فيمكن أن نذكر أهم الحقائق:
1- إن أغلب بيئات العالم الطبيعية قد تأثرت بالإنسان بدرجات متفاوتة.
2- أن اهم الأنشطة البشرية التي لها دور كبير في العمليات الجيومورفولوجية النهرية (النحت الأرساب معدل الجريان السطحي الزراعة الري قطع الأخشاب التعدين بناء المدن أنشاء السدود).
3- تلعب السدود بصفة خاصة دورا واضحا في تعديل هيدرولوجية الأنهار كما أنها تؤدي إلى تغيير واضح في انماط النحت والأرساب النهري.
4- اثبتت الشواهد والأبحاث الحديثة أن حجم الماء في البحيرات الصناعية له أثر واضح في احتمال حدوث هزات زلزالية في مناطق السدود.
كما لا ننسى التغيرات التي طرأت على المناخ أخيرا بفعل الإنسان والتي انعكست على الكرة الأرضية كلها. وعلى أية حالة فأن المستوى الذي وصل إليه تدخل الإنسان في العمليات الطبيعية أصبح كافيا لأحداث كوارث بيئية على مستوى عالمي.
إن منهج التوافق بين المدرستين الفكريتين (الحتمية والإمكانية) هو الذي يمثل حالة الاعتدال لانبثاق منهج جديد ، فلقد اتضح لنا أن لا غلبة المدرسة على أخرى، وإنما حالة الانسجام بين الإنسان والبيئة هو الذي يخلق حالة من التفاعل الذي يخدم العملية الحضارية لأن تأثير كل من البيئة والإنسان متداخل بحيث يصعب احيانا تحديد توقف أثر احداهما ليبدأ تأثير الآخر، فكثير من المظاهر قد تبدو أنها من فعل الطبيعة بينما هي في الحقيقة من فعل الإنسان.
إن يد الإنسان امتدت إلى جميع أجزاء العالم بشيء من التغيير فالإنسان عامل إيجابي والعوامل الجغرافية ليست إطارات ثابتة بل هي عوامل متغيرة تتغير تبعا لمجهود الإنسان ونشاطه.
إلا أن استغلال البيئة لا يمكن أن يكون كله من عمل الإنسان بل لابد من صلاحية البيئة ومساعدتها، كما أن وضع تخطيط لتصور أية منطقة من مناطق العالم لا يتم حسب اختيار الإنسان وحده، بل يجب أن يكون منسجما مع البيئة وضوابطها وإمكانيات البيئة غير متساوية والفرص التي تقدمها مختلفة من مكان لآخر، فصحيح أن الإنسان هو الذي يختار وهو الذي يبذل الجهد، ولكن البيئة هي التي تعطي وتستجيب.
لذا يمكن القول أن الإنسان لن يستطيع تغيير الأوضاع الطبيعية تغييرا جذريا، بل هو قادر على تعديلها وتهذيبها لمصلحته. فالواقع يؤكد أن الفروق بين الإمكانية والحتمية الجديدة ليست كبيرة ومن السهل التوفيق بينهما. ولتحقيق حالة التوازن بين المدرستين، وإحلال مفهوم المدرسة المعتدلة، لابد من التأكيد بأن الظاهرة الجغرافية هي كائن اجتماعي - مكاني ومن الكائنات الجغرافية المدينة القرية، المناطق، البلدان الأسواق التجارية، الحقول المجمعات الصناعية شبكات المواصلات .. وهذه الظواهر لكل منها وظيفة وأدوار متعددة خاصة بها.
وإذا كان الاجتماع الإنساني وانشطته هو مكون للكائن الجغرافي فأن: المكان بمساحته ،وأبعاده هو المكون الآخر له، والمكان بهذا المعنى يمتلك خصائص طبيعية تساهم حكما في تشكيل معالم هذا الكائن، فالجبال والوديان والأنهار والهضاب، هي الأخرى كائنات جغرافية أنما يشترط أن تكون مأهوله أو معمورة إن الجبل يعتبر كائنا جغرافيا عند الأخذ بعين الاعتبار سكانه ومالئي مساحته. أما إذا لم يأخذ ذلك بالحسبان فهو كائن طبيعي لأنه ظاهرة جيولوجية أو طوبوغرافية، وبالتالي فهو موضوع للدراسات الجيولوجية أو الطوبوغرافية وليس موضوعا للدراسات الجغرافية.
إذن يمكن القول إن المشهد الجغرافي يتألف من الكائنات الجغرافية بعناصره البشرية والطبيعية. أما المجال الجغرافي فهو مجموع الكائنات الجغرافية (في حيز معين) أنما بأدوارها ووظائفها وعلاقاتها فيما بينها على مدى مساحة المكان المتواجد عليه. ومن هنا يمكن اعتبار المجالات الجغرافية مجموعات مكانية (Esembles Spaciaux) فالإنسان من خلال هذا السلوك يدخل كعنصر من عناصر البيئة الجغرافية وتصبح جهوده وحضارته جزءاً من ظواهرها فلا يصح عزلها عن بقية العناصر التي تكون المظهر العام لسطح الأرض. فهو لذلك جزء من التكوين الكلي لهذا السطح. وأنه اينما حل وأتخذ موطنه اندمج بعناصر البيئة الأخرى مستفيدا من امكانياتها بحسب ما تيسر له ثقافته وحضارته. إن الاختلاف الحضاري هذا زائدا الاختلاف في التكوينات الطبيعية الاصلية لموطن الإنسان هي التي تجعل اجزاء سطح الكرة الأرضية المختلفة متباينة بعضها عن البعض الآخر، هذا التباين هو الذي يكون محور الدراسة الجغرافية.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
أولياء أمور الطلبة يشيدون بمبادرة العتبة العباسية بتكريم الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|