المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
التلقيح insemination والإخصاب fertilization في الابقار
2024-11-01
الحمل ونمو الجنين في الابقار Pregnancy and growth of the embryo
2024-11-01
Elision
2024-11-01
Assimilation
2024-11-01
Rhythm
2024-11-01
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31

المنتج العضوي Organic Product
2024-06-13
بنوك المعلومات المتخصصة
10-4-2020
السجلات (سجلات ماشية الحليب)
11-5-2016
شرح الصدر
18-7-2020
اعـلان الحـق فـي التـنميـة
6-11-2020
الشيخ أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم
18-5-2017


متطلبات المعلولين  
  
1155   09:58 صباحاً   التاريخ: 21/12/2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص597ــ610
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الصحية والبدنية والجنسية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-30 122
التاريخ: 15-4-2016 4695
التاريخ: 25-7-2016 1661
التاريخ: 25-1-2016 2246

يجب ان نطلق كلمة المعلول على الطفل الذي يعاني نقصاً أو عيباً في بنيته البدنية أو يمتلك عضواً زائداً في بدنه يحول دون اداء أعماله او سلوكه في الحياة بصورة طبيعية.

وقد يبدو بعضهم في ظاهر الحال بأن اعضاء بدنه كاملة ولا يوجد لديه أي نقص الا ان احد اعضاءه لا يؤدي وظائفه كما ينبغي وبالنتيجة يعجز الطفل عن اداء نشاطه  الاعتيادي كبقية الاطفال.

والعوق لدى الاطفال يتسم بصور مختلفة، اذ من الممكن ان يكون كلياً أو جزئياً. ويتجلى بشكل صمم، أو عمى، وعمى الالوان، وشلل الدماغ، والصدمة الدماغية، الكساح، والاضطراب في النطق، والشلل العضوي و... اذ ان لكلٍ منها درجات ومقاييس معينة وبشكل عام فإنها تؤثر سلباً على السلوك.

وعدد هؤلاء ليس قليلاً في المجتمع البشري، وبشكل عام فان طفلاً من كل عشرة اطفال يعاني من النقص بشكل أو آخر أو وفقاً للإحصاءات الموجودة على مستوى العالم فان فرداً من كل ١٨ فرداً يعاني من مرض مزمن، او نقص بدني دائمي. فضلاً عن وجود نفس النسبة من المرضى ولكن دون ان يعانوا من نقص عضوي.

فيما يتعلق بأسباب النقص :

من المعروف ان الطفل المعاق عندما يضع اقدامه على اعتاب عالم الوجود في احدى البيوت فان أول من يُصدم به ويصاب بالدوار والدهشة هما أبواه. وتشغل بالهم لوحة مظلمة حالكة السواد وشديدة الوطئة عن مستقبل الطفل وكيف يتصرفون مع هذا الطفل وبهذا الوضع الذي هو عليه، وكيف يربّونه ويجعلون منه فرداً ناضجاً صالحاً. حتى ان بعضهم يمتنع عن القبول بهذا الطفل.

بعض الازواج يذهبون الى البحث عن جذور وأسباب هذه العيوب والنواقص ويتهمون بعضهم البعض على ان احدهم هو السبب في هذا النقص وهذا الامر بحد ذاته يصبح سبباً للكثير من القيل والقال والمنازعات والمشاجرات فيما بينهم. واحياناً يتجهون نحو البحث في اصلابهم السابقة لكي يتوصلوا الى معرفة السبب في هذا النقص وأياً من اجدادهم كان يتصف بمثل هذا النقص لكي يقوم باتهام زوجه بالسبب.

والملاحظة الجديرة بالذكر هنا ان هذه القضية لا يمكن ان تُحل بالنزاع والمشاجرة وليس من الضروري ان تتهموا بعضكم بالتقصير، إذ ان العلم الحديث لم يكشف بعد النقاب عن السر في هذه المسألة وبصراحة لا يمكن الادعاء بوجهة نظر معينة في هذا المجال.

نعم، لوكان الأب أو الأم مدمنٌ على الكحول أو يعاني من حالة كهذه يمكن ان نلصق به هذا النقص لحدود معينة، إلا ان المسببات المجهولة في هذا المجال كثيرة ومنها مسألة الجينات، والعوامل الوراثية، وعوامل اخرى ليست من اختياركم.

ومن الضروري فعلاً ان تجلسوا وتفكروا بشكل متعقل لتتوصلوا الى ما ينبغي القيام به بشأن هذا الطفل وكيف تعزمون على ذلك، إذ ان النزاعات والمشاجرات تغير المسألة من سيء الى أسوأ. ولا يستلزم مطلقاً ان شعروا بالخجل أو الذنب ولا تعتبروا انفسكم وحيدون في هذا الأمر أيضاً، حيث ان هناك آلاف العوائل على وجه المعمورة يملكون اطفالاً معاقين ولديهم نقص أو عاهة بشكل أو آخر ويحاولون بطرق متعددة أن يقبلوا بالوضع الموجود ويقومون بإداء مهامهم ومسؤولياتهم الجديدة تجاههم.

التعرف على مشاعرهم ومشاكلهم :

والواجب الآن يحتم علينا ان نتعرف على هؤلاء الاطفال، ونحدد درجة عوقهم ونقصهم ونحاول التوصل الى وضع حل لمشاكلهم. ويجدر بنا ان نذكر هذه الملاحظة اولاً، وهي ان الطفل نفسه لا يدرك في بداية حياته مغزى هذا النقص الموجود لديه ولا يشعر بالتشاؤم أو أي شعور بالنقص تجاه ذلك اطلاقاً. بل انه وبسبب مواقفكم الخاصة ومواقف المحيطين به، يصبح حساساً تجاه الوضع الذي هو فيه أو يتملكه شعور بالتعاسة.

ومهما كان سبب العوق فانه يعني الوحدة دائماً إلا أنه بإمكانكم كآباء وأمهات ازالة هذا الشعور والقضاء عليه وان تدخلونهم الى ميدان الحياة الاجتماعية كأفراد طبيعيين .كما بإمكانكم ومن خلال مواقفكم السليمة والمدروسة اخراج هؤلاء الاطفال من مشاعر العجز وعدم الصلاحية التي يشعرون بها تجاه أنفسهم.

ان المشكلة التي يعانون منها في حياتهم هو افتقادهم القدرة على الانسجام والتطابق مع المجتمع بسبب النقص البدني الذي يعانون منه، حيث انهم بحاجة الى من يساعدهم في ارتداء الملابس، والأكل، والذهاب والاياب، ودفع الغائط والنظافة والاستحمام وغيرها، وبسبب عدم امتلاك البعض منهم لنوع من المهارة الحركية مما يؤدي الى تحديد نشاطهم فانهم يشعرون بانكسار نفسي حاد ومن هذا المنطق من الضروري مساعدتهم في هذا المجال ليتمكنوا من تعويض هذا النقص.

حالتهم وسلوكياتهم :

في بداية حياتهم يمتلكون وضعاً طبيعياً. وتبدأ مشكلتهم منذ أن يتوجب عليهم الانسجام والتطابق مع المحيط. خاصة وان ردود الفعل الغير مناسبة للآخرين تجاه هؤلاء الاطفال، ووجود المحيط المحدود والضيق، وقلة دخولهم وزجهم في المجتمع، وعدم قدرتهم على تأمين متطلباتهم بشكل مستقل و... كلها تساعد على عدم اتزان سلوكهم.

وبسبب ما ذكر اعلاه فان الكثير من الاطفال يصبحون ذوي مزاج عصبي أو يبدو عليهما اليأس ويسحبون انفسهم خارج حلبة الحياة ويتسمون بالانزواء. ان قدرتهم المحدودة تدفعهم الى التوقع وهذا التوقع يدفهم في موارد كثيرة إلى الطلب، والذي يؤدي بحد ذاته الى ايجاد المشاكل لهم.

كما ان الاهتمام المفرط بطلباتهم قد يؤدي بهم أحياناً الى الدلال والتملق او الكسل والبطالة، والذي يعد بحد ذاته مشكلة أخرى في هذا السياق .كما ان الاهانات، والمؤاخذات، والطعن تتسبب عادة في اضافة آلامٍ اخرى على آلامه وتجعل الطفل اكثر اضطراباً. وفي حالة استمرار هذا الوضع بهذه الوتيرة ولم نبادر الى اغاثتهم ونجدتهم من الممكن ان يفقدوا ثقتهم واعتزازهم فيما بعد بأنفسهم تدريجياً والذي يشكل بحد ذاته خطراً جدياً عليهم.

احتياجات الاطفال المعاقين:

ان احتياجاتهم من جهة تشبه احتياجات غيرهم من الاطفال الطبيعيين في الابعاد الاساسية للحياة ويجب طبعاً ان نهتم بها ونأخذها بعين الاعتبار. ومن جهة أخرى لهم احتياجاتهم الخاصة بهم دون سواهم والتي سنتناولها بعد قليل في الوضع التالي. وما يمكن الاشارة إليه هنا كأمور عامة عبارة عن :

الحاجة الى معرفة انفسهم وعالمهم، نقاط القوة والضعف، الموقف الذي ينبغي لهم اتخاذه في المستقبل، الحاجة الى اعالة ورقابة اوليائهم لتربيتهم تربية صالحة، الحاجة الى اكتساب القوة والمهارة للوصول الى مرحلة الاستقلال، الحاجة الى راحة الفكر والذهن من التصرفات المهنية، والطعن والمؤاخذات، الحاجة الى دروس تعليمية خاصة لغرض التطابق الافضل والانسب مع محيط الحياة الطبيعي والاجتماعي، الحاجة الى الكتب والمقالات الخاصة والملائمة لخصائهم، الحاجة الى امتلاك الامكانيات والتسهيلات التي تمكنهم من الاعتماد على أنفسهم ويحتلون موقعهم المناسب في المجتمع.

هذه الاحتياجات وغيرها التي سنتناولها بالبحث والدراسة يجب ان يصار الى تأمينها بنحو مطلوب. ويتعلق هذا الأمر بحقوقهم التي تجعل الوالدين مذنبين امامهم.

انهم افرادٌ أحياء ويملكون حق الحياة واداء حقوقهم، وهم بحاجة الى الوعي والاهتمام المستمر، ومن الطبيعي ان يتسبب ايمان والديهم واعتقادهم بحملهم على اداء هذه المسؤوليات بأحسن وجه.

احتياجاتهم العاطفية :

وعلى أي حال فانهم ابنائنا وجزء من كياننا ووجودنا، وبالقدر الذي نُكِنُّ فيه العطف والمحبة بشأن بقية الاطفال يجب ان نراعي ذلك أيضاً تجاه هؤلاء وطبعاً بدقة اكثر ولطافة أجمل. وسوف نشير في بحثنا هذا الى عدة موارد الاحتياجات وبشكل مختصر:

١- القبول:

ومرد التطرق الى هذا الموضوع ان بعض الأولياء عندما يواجهون الحقيقية الاستثنائية للطفل فانهم يبقون لمدة طويلة يتحفظون من الاقرار بهذه الحقيقة وغير مستعدين للقبول بهم. في حين لو نظرنا الى الطفل على انه وديعة الله تعالى بكل صفاته وخصائصه فأن المسألة ستكون محلولة بالنسبة لنا.

ويجب القبول بالطفل وهذا الاقرار بالحق لا يحتمل تساؤلاً. ان عدم القبول الكامل بالطفل يعتبر عاملاً يهدد استقراره ومضاعفة وخامة حالة الطفل. ويفهم الطفل عدم قبولكم به ويجد في ذلك مانعاً يحول دون آماله واهدافه.

2- الحماية الخاصة:

انهم بحاجة الى حماية خاصة، وتختلف هذه الحماية باختلاف نوع النقص والعيوب لديهم. ولكنها بشكل عام اكثر من حاجة الافراد العاديين اليها بعدة مرات. واحدى ابعاد هذه الحماية تختص بالمحافظة عليهم من خطر التوبيخ والاهانة والطعن. إذ يجب على آبائهم ان لا يسمحوا لأي فرد بأن يعيرهم بعيوبهم ولا يؤاخذهم أو يوبخهم.

٣- المحبة وليس العطف:

انهم بحاجة الى المحبة وليس العطف والترحم، إذ يجب على آبائهم ومربيهم ان يحبوهم وان تكون محبتهم هذه بسبب كونهم ابناء لهم، وليس من منطلق كونهم ضعفاء ومعاقين. ويجب ان تسود بينهم وشائج المحبة وليس الترحم، طبعاً الآباء يودون ان يكونوا حريصون عليهم في نفس الوقت الذي يشملون ابنائهم بالمحبة والحنان إلا انهم يحاولون اخفاء مشاعرهم هذه عن انظار الطفل وادراكه.

٤- المراقبة الخاصة:

الطفل حساس تجاه وضعه وحالته ومن الممكن مثلاً ان يكون بحاجة الى الدفع إلا أنه يستحي ان يفصح عن ذلك لأبويه ويخلق متاعب اضافية. ولهذا السبب يجب ان ينتبه الاولياء والمربون الى أطفالهم دائماً، ويضعوا احتياجاتهم نصب أعينهم، ويلاحظوا طبيعة احتياجاتهم وفي أي الاوقات يحتاجون لها لكي لا يستحوذ على الطفل شعور بالحياء والخجل.

٥- المداراة والتحمل:

المداراة مهمة بشأن رعاية هؤلاء الاطفال وحمايتهم. ولابد من تحمل مشاكلهم ومعاناتهم. ان عدم تحمل الابناء فضلاً عمّا هم عليه من وضع صعب وطبيعة روحيتهم المتعبة من الممكن ان يقود حالتهم من سيء الى اسوأ ويعرض هدوئهم الى الاضطراب والقلق. وقد لوحظ ان هذه الحالة أدت ببعض الاطفال الاذكياء الذين يعانون من حالات عَوَق معينة الى حافة الموت.

مسؤولية الوالدين في مسألة التربية :

للأبوين مسؤوليات معينة تجاه اطفالهم اكثر من غيرهم وجزء منها يجب ان ترتبط بمسألة تربية هذه المجموعة من الاطفال. وعدم الشعور بالمسؤولية تجاههم يصبح السبب في ان يُعرف هؤلاء بالبطالة والاستجداء ويضطرون للاعتماد على الآخرين لحياتهم.

ويجب ان يتم الشروع بتربية هؤلاء بأسرع ما يمكن وبأفضل وجه، لأن الدراسات أوضحت بأنه كلما سارعنا الى تربيتهم واصلاحهم بشكل مبكر فانهم سينعمون فيما بعد بمزيد من الراحة والاستقرار والامن. كما تنطوي هذه الجهود على فائدة أخرى للطفل، وهي امتلاكه الاستعداد الكامل لمواجهة المشاكل والمعضلات اكثر من شعوره بالألم والمؤاخذة.

وينبغي لهؤلاء ان يدركوا مدى تأثير هذه النواقص على الاطفال ويعملوا على تقليل آثار هذه النواقض الى ادنى حي ممكن. وان التهاون في هذا المجال يؤخر نجاحهم وتحسن احوالهم، ويتوجب على الأبوين في تلك الحالة ان ينهمكوا ولسنين طويلة بشؤون الطفل والاهتمام به.

البرامج الخاصة :

ولكي يفلح الاطفال في التغلب على مشاكلهم الخاصة فهم بحاجة الى وضع برامج خاصة بشأنهم. وهناك تدريبات وتمرينات مختلفة بشأنهم يمكن العمل بها واخذها بعين الاعتبار، إذ ان نوعية دروسهم، والعابهم ونشاطاتهم، وسيرهم، ومشاركتهم في الامور الاجتماعية تختلف تماماً مع الآخرين ولابد للآباء والمربين من معرفة هذه البرامج.

ان علائم الاتفاق فيما بين أولائك الاطفال ومربيهم تعد بحد ذاتها من اهم وسائل التفاهم والتفهيم وجعلهم اجتماعيين وهذا العمل طبعاً يعد عملاً اختصاصياً وجدير بتطبيقه على المستوى الدولي. كما أن الامكانيات التي يملكونها لقضاء اوقات فراغهم جديرة هي الأخرى لأية برامج مدروسة.

والهدف الاساسي من هذه البرامج هو تطبيعهم مع الحياة الاجتماعية بحيث يصبح بإمكانهم الاعتماد على انفسهم ولا يرتبطون كثيراً بغيرهم لمواصلة الحياة. كما تهدف هذه البرامج أيضاً الى خلق الاجواء المناسبة لتذليل مسألة العوق والحؤول دون انتشار واتساع أبعادها.

وتجدر الاشارة طبعاً الى ضرورة ايجاد هذه الحالة في المجتمع بأن يعتقد الناس بحقوق معينة لهؤلاء المعاقين ويعاملونهم كأعضاء من هذا المجتمع ويقدمون لهم العون على طريق تطوير هذه البرامج. ويرشدون آبائهم ويمدون لهم يد العون أيضاً وهذا العمل ينظر إليه في التعبيرات الاسلامية كما ينظر للإحسان والصدقة.

اسلوب التعامل مع هؤلاء الاطفال:

ومن المسائل المهمة الأخرى نمط التعامل معهم. وابتداءً نجد من الضرورة تنبيه الآباء والمربين وبقية افراد المجتمع أيضاً للملاحظة التالية؛ فالعيوب والنواقص لا تعد من المسائل التي يمكن ان تنتقل الى الآخرين وتسري إليهم.

ومن هذا المنطلق يجب ان لا يتخوفوا من معاشرة المعاق والتعامل معه، بل ينبغي التردد عليهم ومحاورتهم والاستماع اليهم. ويدعونهم الى موائدهم وان يعاملوهم كأي فرد آخر. فضلاً عن اقرارهم بان لهم ميزة عن غيرهم.

ان التعامل مع المعاق من ألطف الامور. ويجب ان نكون حذرين بشكل أكل وعلى سبيل المثال لدينا رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: «لا تطيلوا النظر الى ذوي العاهات»، أو لا ينبغي اشعارهم بالخجل بسبب اطالة النظر اليهم.

كما ان الترحم المفرط، والتأوه والتألم عليهم عند رؤيتهم له آثار نفسية سلبية عليهم ويضاعف من حدة آلامهم ومعاناتهم. ويجب ان يعملوا ما بوسعهم لكي لا يشعروا بالضجر تجاههم أو لا يرون في حضورهم معهم سبباً للحط من مكانتهم.

كما يجب ان لا ننسى بأن نتوقع من المريض بمقدار ما تسمح به حالته وان نقيم مع العلاقات وحتك به بما يليق به ويناسبه.

بعث الروحية والامل لديهم :

من الممكن ان يفقد هؤلاء معنوياتهم بسبب نوع التصرفات الموهنة أو ملاحظة حالات الترحم المفرطة بشأنهم. والعمل على اعادة بناء روحيتهم في هذه الحالة يعد ركناً اساسياً ينبغي الاهتمام به. ويمكن تحقيق هذا الأمر بثلاثة طرق:

١- عن طريق التوجيهات والنصائح المتوالية بأن النقص الذي تعاني منه ليس سديداً وهناك الكثير من الافراد الذين يعانون من هذه الحالة إلا انهم موفقون في الامر الفلاني أيضاً.

وبعبارة أخرى يجب ان نسعى الى ان نصور له مسألة النقص والعوق على انها مسألة بسيطة وليست ذات أهمية تذكر.

٢- عن طريق طبيعة تصرفاتنا وتعاملنا معه ،إذ يجب ان يكون طبيعياً جداً وبعيداً عن أي أثر يدل على الترحم والحرص الناجم عن الشعور بالضعف والنقص. وتجدر الاشارة الى ان التعامل الطبيعي والعادي هو القادر على حملهم للقبول بالنقص الموجود فيهم وان يستخدموا قابلياتهم الاخرى للتعويض عن ذلك.

٣- السعي لمعالجتهم واصلاح نقائصهم ورفع العيوب بصورة مستمرة لكي يشعر بأنكم تفكرون بإصلاحه وتطمحون الى معالجته. ومن الضروري طبعاً في هذا السياق ان نقوم ببعض البرامج الهادفة إذ ان هذا الامر له بالغ الاثر في تهدئته وتسليته دون شك.

وعلى أي حال فان قدرة الطفل في الاعتماد على نفسه ويصبح بإمكانه الاستفادة من قدراته الفردية يعد امراً في غاية الاهمية إلا ان هذا الامر يتوقف على وضعه الروحي: إذ يجب ان يتحلى بروحية عالية ويكون على درجة عالية من الفرح والسرور. وفي هذه الحالة فانه سيغير سلوكه ومواقفه تلقائياً وعليكم الاقدام على هذا العمل منذ طفولته المبكرة.

قابليتهم على الاشتغال :

مهما كان الطفل يعاني من النقص والعوق والعجز إلا ان بإمكانه اكتساب المهارة اللازمة لإنجاز بعض الاعمال. وتجدر الاشارة الى ان لدى هؤلاء الافراد اعمالاً نموذجية وقابليات جديرة بالثناء عليها يفتقر لها غيرهم من الاطفال. حيث من الممكن ان يكون ناقصاً بدنياً إلا أنه نفسياً وذهنياً يعد في عداد النوابغ. والمراد بذلك ان النقص العضوي لا يعني دائماً النقص في المستوى الذهني. ولو توفرت لهم الظروف المساعدة في المدرسة فانهم سيفصحون عن نبوغهم بشكل كامل.

وبناءً على هذا الاساس من الضروري ان نراقبهم ونرعاهم ليتمكنوا من اكتساب الخبرة الفنية والمهارة اللازمة ليصلوا الى مرحلة الاستقلال الاقتصادي. ولا شك في أن قدرتهم على التعليم المهني بمستوى الامور التي لهم الاستعداد والقابلية على ادائها. ويجب ان يشرع بهذه المسألة منذ مرحلة الطفولة لكي يمتلكوا في السنين اللاحقة امكانيات وقابليات معينة.

الضروريات والممنوعات :

من الضروري الاهتمام ببعض الأمور بشأن المعاقين من جهة ومن جهة أخرى لابد من اجتناب بعض الأمور السلبية لكي تتوفر الارضية الصالحة لإصلاحهم وليس مضاعفة الاضرار والمخاطر واتساع ابعادها. وهذه الضروريات والممنوعات واسعة الابعاد وبعضها كما يلي:

١- كما ذكرنا سابقاً ان تحبوهم دون ان تسترحموهم أو تعربون عن أسفكم وحزنكم عند رؤيتهم، إذ ان هذا الامر يؤدي بهم من سيء الى أسوأ. وما عليكم إلا أن تؤدوا تكليفكم الحقوقي تجاههم، ولا شأن لكم بشؤونهم.

٢- احذروا اهانتهم وتحقيرهم وتعييرهم بعيوبهم. ولو حكمت الضرورة بمعاقبتهم يوماً ما، فلا توقعوها على العضو المعاق فيهم حيث يؤدي ذلك الى تهديد أمنهم ومشاعرهم للخطر. حتى من الممكن ان يضطروا الى الهجوم والتعرض احياناً.

٣- امتنعوا عن اللامبالاة بمصيرهم، فان اعظم امتياز لهم هو مودة الابوين ومحبتهم لهم. ونحن نعلم بأن وجودهم احياناً يصيب حياتكم بالشلل ولكن ما هي مسؤوليتنا تجاههم سوى المحبة والحماية.

٤- اجتنبوا الاعراب عن مللكم تجاه الاطفال المعاقين لان بعضهم وخاصة الاطفال الذين يتمتعون بمستوى افضل من الذكاء عندما يشاهدون هذا المنظر ويلاحظون ان أبويهم يتحملون المتاعب بسببهم يشعرون باليأس من الحياة.

كنت اعرف شاباً مشلولاً يقول أحياناً أتمنى الموت لكي يتخلص أبواي منى ومن مشاكلي، وطبعاً كان شاباً حاد الذكاء ومتعبداً و... وقد مات في نهاية الأمر.

٥- اجتنبوا ايداع الاطفال في دور الحضانة والمراكز الخاصة إلا في حالة وصول السكين أي العظم كما يقال. ذلك ان افضل الخدمات تتيسر في البيت فقط ولا يوجد من يملأ مكان الأب أو الأم في دور الحضانة ومن الممكن ان يتحول وضعه من سيء الى اسوأ.

٦- احذروا لئلا يسيء استغلال نقصه البدني ووضعه الذي هو فيه، وان لا يسخّر ذلك كذريعة للوصول الى تحقيق بعض مآربه أو ان يتملص من واجباته.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.