أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-3-2017
2276
التاريخ: 4-4-2016
1725
التاريخ: 3/10/2022
3045
التاريخ: 21-1-2022
2211
|
إن النظام العام يمثل حالة قانونية أنية تتجسد فيها أسس وعناصر يقوم عليها كل مجتمع لذا فهي تدخل الأسس بشكل مباشر أو غير مباشر في مضمون قوانين كل دولة وتمثل انعكاس للموروث الثقافي والاجتماعي والسياسي فيها (1) ، كما أنها تلعب دورا أخر في كونها صمام أمان بيد المشرع لمواجهة القوانين الأجنبية واجبة التطبيق والمحددة سلفا بموجب قواعد الإسناد لدولة القاضي من التطبيق في دولته كونها تعارض أسس النظام فيها أو أنها غير ملائمة له (2).
وقد اعتبر كون النظام العام حالة أو ظاهرة عالمية تسود في دول العالم وتتلون بألوان الطيف الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وعوامل أخرى تساهم في بناء نظام الدول ويكون للزمن دورة في إضافة تغيرا فيها ، هذا الاختلاف والتميز يجعل من العسير تعين هذه الظاهرة في مضمون موحد(3) ، كما أنها تمتاز بأهمية على المستوى الداخلي ولها أهمية أخرى فيما يخص العلاقات الخاصة الدولية لما توفره هذه الفكرة من وسيلة ناجعة لحماية النظام القانوني لدولة القاضي (4).
وهذا يعني أن للنظام العام مظاهر يبدو بها جليا على المستوى الداخلي وكذلك على المستوى الدولي (5) ، إلا أن الاتجاه السائد لا يفترض من هذين المظهرين للنظام العام اختلاف في طبيعته أي أنه لا وجود النظامين عامين أحدهما نظام عام دولي والأخر نظام عام داخلي إنما النظام العام واحد ينبع من الثوابت الوطنية لكل مجتمع يلعب دورا للحفاظ عليها بشكل صارم في نطاق العلاقات الداخلية بين المواطنين وعلى مستوى أخف للعلاقات الدولية الخاصة (6).
وهذا الاختلاف بالأدوار للنظام العام يمكن أن نرجعه إلى كون (النظام العام ) يعمل وفق نطاق وظيفي أو معياري قد يضيق استعماله أو يتسع لكونه يتحرك على المستوى الداخلي أو مستوى العلاقات الدولية الخاصة (7).
وتنوع هذه الأدوار للنظام العام واختلافها سواء في مجال تشكيل القواعد القانونية لدولة القاضي أو كونه وسيلة للدفاع عن منظومة القواعد القانونية في دولته قد ألقى بظلاله على مســـألة عدم اجتماع الفقه على تحديد تعريف جامع ومانع يجمع جميع مميزاته ويمنع دخول ما يشتبه به عليه, وكل اصطلاح أطلق عليه الا كان رهين الاسهاب أو الاختصـار وذلك نتيجة منطقية لاختلاف النهج المتبني من قبل الدول واختلاف المبادئ والأسس التي تقوم عليها.(8) وما تم طرحه من تعاريف تكاد تتفق جميعها بانها تناولت بالمفهوم المصـاغ للنظام العام بحسـب دوره الوظيفي الذي يقوم به للدفاع عن مقتضيات النظام القانوني أو السياسي أو الاجتماعي والأخلاقي لكل دولة. فبعض الفقه اكتفى في مسألة تعريفه بالإشارة إلى ما يسمى بموجهات عامة توفر سبل استعمال النظام العام كوسيلة للدفاع عن أي قانون أجنبي يراد تطبيقه أي اعتماد الأثر السلبي للنظام العام ، بحجة معارضـة القانون الأجنبي الحقوق الطبيعية للإنسـان أو أنه ينتهك هذه الحقوق لأسباب طائفية أو عنصـرية أو يخل بالمصالح العليا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية سواء في مجال الأحوال الشخصية أو المعاملات المالية أو يخالف السياسة التشريعية المعتمدة لدولة القاضي (9).
بل أن قسما أخر من الفقه قد أورد من التعاريف تعد في حقيقتها بعيدة عن لغة ومفردات القانون حين وصفت هذه التعاريف محاولة تعريف النظام العام كونها مغامرة أو رمال متحركة أو تسبب الإرهاق الفكري أو الدخول في مضيق محاط بالأشواك الحادة أو امتطاء جواد جامح لا نعرف المكان الذي يذهب إليه ومن ثم فمحاولة تعريف مادة النظام العام مسألة صعبة وغامضة (10) , بل واصطلح البعض على تسمية النظام العام الدولي بالنظام المخادع (11) والواقع أن بقاء النظام العام فكرة جوالة تتنقل من مجتمع لآخر ومن وقت لأخر هو السبب الرئيسي وراء اختلاف التعاريف الواردة بشأنها، كما أن بقاء النظام العام كفكرة يبدو أنه مقصود من قبل نظام كل دولة للحفاظ على نظامها من جهة وكونه يشكل مادة القواعد القانونية لهذا النظام من جهة أخرى.
وعلى ذلك فمن تناوله بالتعريف في العلاقات الدولية الخاصة يربط هذا التعريف بكون النظام العام دفع أو وسيلة ضد القانون الأجنبي لأنه يخالف مصالح الدولة العليا أو كيانها أو لعدم الملاءمة بينه وبين قانون القاضي الوطني , وبالإجمال كونه يخالف النظام العام في دولة القاضي (12).
وهذا الأسلوب تتبناه المواقف القضائية والقانونية للدول فيما تورده من ذكر للنظام العام (13) , إلا أن اتجاه بعض القوانين كان صوب تحديد حالات معينة يتجسد فيها النظام العام ومنها نص المادة (130) من قانوننا المدني التي قالت (2- ويعتبر من النظام العام بوجه خاص الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية كالأهلية والميراث والاحكام المتعلقة بالانتقال والإجراءات اللازمة للتصرف في الوقف وفي العقار والتصرف في مال المحجور ومال الوقف ومال الدولة وقوانين التسعير الجبري وسائر القوانين التي تصدر الحاجة المستهلكين في الظروف الاستثنائية).
وتجدر الإشارة في هذا المسار إلى ظهور تشكيل نظامي جديد يدعى بالنظام العام الاقتصادي الذي يضمن حسن سير عمليات السوق الذي تم تنيظما تشريعيا بحسب قواعد القانون الاقتصادي ومنها مثلا المادة ( (L2212-2 من قانون التجمعات الاقليمية الفرنسي ويتبنى فقه القانون الدولي الخاص التشكيل المذكور التنظيم علاقات المنافسة ولاسيما حالة وجود العنصر الأجنبي خاصة مع وجود التنظيم التشريعي له فقد أشارت المادة ( 1- 461L ( والمعدلة بموجب القانون رقم 55- 2017 في 2017/1/20 بموجب المادة 28 من قانون التجارة الفرنسي إلى أن الوزير المختص أن يتخذ الإجراءات اللازمة لضبط المنافسة وفقا للنظام العام الاقتصادي. (14) واتجاه المشرع العراقي في إيراد هذه التطبيقات لفكرة النظام العام كان قد تحدد في غالبه في إطار الأحكام الإجرائية للتصرفات وأحكام قوانين حماية المستهلك ، وفي الحقيقة أن هذا الاتجاه يخرج النظام العام من إطاره كفكرة إلى أطار التطبيق الواقعي والتنظيم القانوني ويجعل من التعريف الذي يمكن إيراده بشأنها أكثر وضوحا.
وبناء على ما تقدم فلا يكون بالإمكان أو من المناسب المقاربة بين ضرورة بقاء فكرة النظام العام مرنة تلائم كل مجتمع وكل حقبة زمنية والتعريف الذاتي لها , ومن ثم أن تعريفها يجب أن يقف عند حد توضيح المعالم الأساسية له دون اعتبارها الحدود الذاتية لظهوره ، ويمكن أن يعرف باعتباره قواعد عامة تمنع تطبيق القانون الأجنبي واجب التطبيق لكونه يتعارض مع المصالح الأساسية التي يقوم عليها المجتمع ، وهذه المصـالح يتولى قاضـي كل دولة الدفاع عنها مستخدماً وسيلة النظام العام لمنع تطبيق القانون الأجنبي وترجيح كفة قانون دولته.
____________
1- د. عكاشة عبد العال تنازع القوانين دراسة مقارنة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، لبنان ، 2004 ، ص 554 وما بعدها
2-( من هذا يمكننا أن نستخلص أن النظام العام هو حالة أو وضع وليس قانونا أو مبدأ ) عن د. أحمد عبدالكريم سلامة، الاصول في تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008 ، ص 595.
3- د. ممدوح عبد الكريم حافظ ، القانون الدولي الخاص الاردني المقارن، بلا مكان وسنة طبع ، ص 195.
4- د. جابر جاد عبدالرحمن, القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، جامعة الدول العربية، معهد الدراسات العربية، 1960، ص 79.
5- نص المادة 32 من القانون المدني العراقي (لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي قررته النصوص السابقة إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للآداب في العراق) وتمثل هذه المادة المظهر الدولي للنظام العام ، ونص المادة 130 /1 (يلزم ان يكون الالتزام غير ممنوع قانونأ ولا مخالف للنظام العام أو للآداب وإلا كان العقد باطلا) ونص المادة 1/132 من نفس القانون (يكون العقد باطلا اذا التزم المتعاقد دون سبب أو لسبب ممنوع قانونا ومخالف للنظام العام أو الآداب ) وتمثل هذه المواد المظهر الداخلي للنظام العام .
6- د. أحمد عبدالكريم سلامة، الاصول في تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008 ، ص 596، 612؛ حسام الدين فتحي ناصف ، مركز قانون القاضي في حكم المنازعات الخاصة الدولية ، ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1994 ، ص 452، 462؛ د. سامي بديع منصور ود. عكاشة عبدالعال ، القانون الدولي الخاص ، الدر الجامعية ، بيروت ، لبنان ، ص170؛ د. صلاح الدين جمال الدين، فكرة النظام العام في العلاقات الخاصة الدولية بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية، دار الفكر الجامعي، مطبعة شركة جلال للطباعة، الإسكندرية، 2004، ص26.
7- د. حسام الدين فتحي ناصف، مصدر سابق، ص494.
8- د. ممدوح عبد الكريم حافظ ، القانون الدولي الخاص الاردني المقارن، بلا مكان وسنة طبع ، ص 196 .
9- د. أحمد عبد الكريم سلامة، مصدر سابق، ص594 وما بعدها؛ د. حسام الدين فتحي ناصف، مصدر سابق، ص492. ود. ممدوح عبدالكريم حافظ ، مصدر سابق ، ص196 وبنفس هذا الاتجاه يعرف بأنه (دفع يتم بمقتضاه منع تطبيق القاعدة القانونية في القانون الأجنبي واجب التطبيق بمقتضى قاعدة الإسناد الوطنية اذا كان حكمها يتعارض مع المبادئ والاسس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية التي يقوم عليها النظام القانوني في مجتمع دولة القاضي) د. احمد عبدالكريم سلامة ، التنازع الدولي للقوانين والمرافعات المدنية الدولية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، بدون سنة طبع ، ص 226 .
10- د. سامي بديع منصور ود. عكاشة عبدالعال ، القانون الدولي الخاص ، الدر الجامعية ، بيروت ، لبنان ، ص 141.
11- د. حسام الدين فتحي ناصف، مصدر سابق، ص 462.
12- د. عبد الحميد محمود حسن السامرائي, تنازع القوانين في المسؤولية التقصيرية - دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة بغداد، 1990، ص 278. ويعرض د. احمد مسلم تفصيلا للتعريف بالنظام العام يكون فيه أقرب إلى التعداد منه إلى المفهوم بقوله (النظام العام في الدولة ما هو الا الكيان السياسي والاجتماعي والاقتصادي ..والامن والحرية والديمقراطية ومعتقدات اجتماعية.. وافكار دينية. آو عقائد مذهبية اقتصادية كالاشتراكية. والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ..) أورده د. غالب علي الداودي ود. حسن محمد المهداوي ، القانون الدولي الخاص ، ص 182.
13- نص المادة 32 من قانوننا المدني, (لا يجوز تطبيق أحكام القانون الأجنبي قررته النصوص السابقة، إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للآداب في العراق)، ونص المادة 28 من القانون المدني المصري التي قالت أن (لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته النصوص السابقة إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للآداب في مصر).
وقد استقر القضاء الفرنسي على (إن أحكام القانون الأجنبي المختص طبيعية التي تكون مخالفة لمفهوم النظام العام الفرنسي لا يكون لها فعالية في فرنسا ) نقلا عن القانون المدني الفرنسي باللغة العربية ، ص 17.
14- P. Deumier, Th. Revet, v° Ordre public, in Dictionnaire de la culture juridique, Lamy-PUF, 2003, p. 1119 et 5., spéc. p. 1119 et 1122
وينظر في النظام العام الاقتصادي في فرنسا بحث توماس بيز الأستاذ في جامعة باريس والمتاح على الموقع الالكتروني التالي L'ordre public économique وتمت زيارته بتاريخ 2017/3/1 الساعة التاسعة صباحا.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|