المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



بنو صمادح  
  
1649   04:11 مساءً   التاريخ: 12/12/2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج3، ص:366-374
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /

بنو صمادح  

149 - ومن حكاياتهم في العدل أنه لما بني المعتصم بن صمادح ملك المرية قصوره المعروفة بالصمادحية غصبوا أحد الصالحين في جنة وألحقوها بالصمادحية وزعم ذلك الصالح أنها لأيتام من أقاربه ، فبينا المعتصم يوماً يشرب على الساقية الداخلة إلى الصمادحية إذ وقعت عينه على أنبوب قصبة مشمع ، فأمر من يأتيه به ، فلما أزال عنه الشمع وجد فيه ورقة فيها إذا وقفت أبها - الغاصب على هذه الورقة فاذكر قول الله تعالى { إن هذا أخي له تسع

 

٣٦٦

وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفيلنيها وعزني في الخطاب} ( ص : ٢٣ ) لا إله إلا الله ، أنت ملك قد وسع الله تعالى عليك ، ومكن لك في الأرض ، ويحملك الحرص على ما يفنى أن تضم إلى جنتك الواسعة العظيمة قطعة أرض لأيتام حرمت بها حلالها ، وخبثت طيبها ، ولئن تحجبت عني بسلطانك ، واقتدرت علي بعظم شأنك ، فنجتمع غدا بين يدي من لا يحجب عن حق ، ولا تضيع عنده شكوى . فلما استوعب قراءتها دمعت عيناه ، وأخذته خشية خيف عليه منها ، وكانت عادته رحمه الله تعالى ، وقال : علي بالمشتغلين ببناء الصمادحية ، فأحضروا ، فاستفسرهم عما زعم الرجل ، فلم يسعهم إلا صدقه ، واعتذروا بأن نقصها من الصمادحية يعيبها في عين الناظر ، فاستشاط غضبا وقال : والله إن عيبها في عين الخالق أقبح من عيبها في عين المخلوق ، ثم أمر بأن تصرف عليه ، واحتمل تعويرها لصمادحيته . ولقد مر بعض أعيان المرية وأخيارها مع جماعة على هذا المكان الذي أخرجت منه جنة الأيتام فقال أحدهم : والله لقد عورت هذه القطعة هذا المنظر العجيب ، فقال له : اسكت ، فوالله إن هذه القطعة طراز هذا المنظر وفخره ، وكان المعتصم إذا نظر إليها قال أشعرتم أن هذا المكان المعوج في عيني أحسن من سائر ما استقام من الصمادحية ؟ ثم إن وزيره ابن أرقم لم يزل يلاطف الشيخ والأيتام حتى باعوها عن رضى بما اشتهوا من الثمن ، وذلك بعد مدة طويلة ، فاستقام بها بناء الصمادحية ، وحصل للمعتصم حسن السمعة في الناس ، والجزاء عند الله تعالى .

 150 - ولما مات المعتصم بن صمادح ركب البحر ابنه ولي عهده الواثق عز الدولة أبو محمد عبد الله(1)، وفارق الملك كما أوصاه المعتصم والده وفي ذلك يقول(2):

 

٣٦٧

لك الحمد بعد الملك أصبحت خاملا            بأرض اغتراب لا أمير ولا أحلي

وقد أصدأت فيها الجذاذة أنملي(3)              كما نسيت ركض الجياد بها رجلي

فلا مسمعي يصغي لنغمة شاعر                   وكفي لا تمتد يوما إلى بذل

قال ابن اللبانة الشاعر : ما علمت حقيقة جـور الدهر حتى اجتمعت ببجاية مع عز الدولة بن المعتصم بن صمادح فإني رأيت منه خير من يجتمع به ، كأنه لم يخلقه الله تعالى إلا للملك والرياسة وإحياء الفضائل ، ونظرت إلى همته من تحت خموله كما ينم فيرند السيف وكرمه من تحت الصدأ ، مع حفظه لفنون الأدب والتواريخ وحسن استماعه وإسماعه ، ورقة طباعه ولطافة ذهنه ، ولقد ذكرته لأحد من صحبته من الأدباء في ذلك المكان ووصفته بهذه الصفات ، فتشوق إلى الاجتماع به ورغب إلي في أن أستأذنه في ذلك ، فلما أعلمت عز الدولة قال : يا أبا بكر لتعلم أنا اليوم في خمول وضيق لا يتسع لنا معهما ، ولا يجمل بنا الاجتماع مع أحد ، لا سيما مع ذي أدب ونباهة بلقانا بعين الرحمة ، ويزورنا بمنة التفضل في زيارتنا ، ونكابد من ألفاظ توجعه وألحاظ تفجعه ما يجدد لنا هما قد بلي ، ويحيي كمدا قد فني ، وما لنا قدرة على أن نجود عليه بما يرضى به عن همتنا ، فدعنا كأننا في قبر ، نتدرع لسهام الدهر بدرع الصبر ، وأما أنت فقد اختلطت بنا اختلاط اللحم بالدم ، وامتزجت امتزاج الماء بالحمر ، فكأنا لم تكشف حالنا لسوانا ، ولا أظهرنا ما بنا لغيرنا ، فلا تحمل غيرك محملك ، قال ابن اللبانة : فملأ والله سمعي بلاغة لا تصدر إلا عن سداد ونفس أبية متمكنة من أعنة البيان ، وانصرفت متمثلا:

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده                  ولم يبق إلا صورة اللحم والدم

وكائن ترى من صامت لك معجب              زيادته أو نقصه في التكلم

 

 

٣٦٨

 

وكتب إليه ابن اللبانة(4) :

يا ذا الذي هز أمداحي بحليته(5)                 وعزه أن يهز المجد والكرما

واديك لا زرع فيه اليوم تبذله             فخذ عليه لأيام المنى سلما

فتحيل في قليل بر ووجهه إليه وكتب معه:

المجد يخجل من يفديك من زمن                   ثناك عن واجب البر الذي علما 

فدونك النزر من منصف مودته          حتى يوفيك أيام المنى السلما

ومن شعر عز الدولة المذكور(6):

أفدي أبا عمرو وإن كان عاتباً             فلا خير في ود يكون بلا عتب

وما كان ذاك الود إلا كبارق                أضاء لعيني ثم أظلم في قلبي

وقال الشقندي في الطرف : إن عز الدولة أشعر من أبيه.

151 - وأما أخوه رفيع الدولة(7) الحاجب أبو زكريا يحيى بن المعتصم فله أيضا نظم رائق ، ومنه ما كتب به إلى يحيى بن مطروح يستدعيه لأنس(8) :

يا أخي بل سيدي بل سندي                في مهمات الزمان الأنكد

لح بأفق غاب عنه بدره             في اختفاء من عيون الحسد

وتعجـل فحبيبي حـاضر           وفمي يشتاق كأسي في يدي

فأجابه ابن مطروح ، وهو من أهل باغه ، بقوله :

 

٣٦٩

أنا عبد من أقل الأعبد               قبلتي وجه بأفق الأسعد

كلما أظمأني ورد فما                             منهلي إلا بذاك المورد

ها أنا بالباب أبغي إذنكم                    والظما قد مد للكأس يدي

وكان قد سلط عليه إنسان مختل إذا رآه يقول : هذا ألف لا شيء عليه ، يعني أن ملكه ذهب عنه وبقي فارغاً منه ، فشكا رفيع الدولة ذلك إلى بعض أصحابه فقال : أنا أكفيك مؤونته ، واجتمع مع الأحمق ، واشترى له حلواء ، وقال له : إذا رأيت رفيع الدولة بن المعتصم فسلم عليه وقبل يده ولا تقل هذا ألف لا شيء عليه ، فقال : نعم ، واشترط الوفاء بذلك ، إلى أن لقيه فجرى نحوه وقبل يده وقال : هذا هو باء بنقطة من أسفل ، فقامت قيامة رفيع الدولة ، وكان ذلك أشد عليه ، وكان به علة الحصى فظن أن الأحمق علم ذلك وقصده ، وصار كلما أحس" به في موضع تجنبه .

واستأذن يوماً على أحد وجوه دولة المرابطين فقال أحد جلسائه { تلك أمة قد خلت} (البقرة : ١٣٤ ، ١٤١ ) استحقاراً له واستثقالا للإذن له ، فبلغ ذلك رفيع الدولة فكتب إليه:

خلت أمتي لكن ذاتي لم تخل                          وفي الفرع ما يغني إذا ذهب الأصل

وما ضركم لو قلتم قول ماجد            يكون له فيما يجيء به الفضل

وكل إناء بالذي فيه راشح                            وهل يمنح الزنبور ما متجه النحل

سأصرف وجهي عن جناب تحله                  ولو لم تكن إلا إلى وجهك السبل

فما موضع تحتله بمرفع                        ولا يرتضى فيه مقال ولا فعل

وقد كنت ذا عذل لعلك ترعوي                   ولكن بأرباب العلا يحمل العذل

١٥٢- وأما أخوهما أبو جعفر ابن المعتصم فله ترجمة في المسهب

۳۷۰

والمطرب والمغرب ، ومن شعره:

كتبت وقلبي ذو اشتياق ووحشة                   ولو أنه يستطيع من يسلم

جعلت سواد العين فيه سواده                       وأبيضه طرساً وأقبلت الثم

فخيل لي أني أقبل موضعا                              يصافحه ذاك البنان المسلم

وأما أختهم أم الكرم فذكرناها مع النساء فلتراجع.

153- وقال أبو العلاء ابن زهر(9):

تمت محاسن وجهه وتكاملت                        ما بدا وعليه صدغ مونق

وكذلك البدر المنير جماله                     في أن تكنفته سماء أزرق

154- وقال أبو الفضل ابن شرف :

يا من حكى البيدق في شكله                         أصبح يحكيك وتحكيه

أسفله أوسع أجزائه                                     ورأسه أصغر ما فيه

155- وقال ابن خفاجة(10):

يا أيها الصب المعنى به               ها هو لا خل ولا خمر

سود ما ورد من خده                         فصار فحما ذلك الجمر

156- وقال أبو عبد الله البياسي:

صغر الرأس وطول العنق                   شاهدا عدل بفرط الحمق

ولما سمعه أبو الحسن ابن حريق قال:

 

۳۷۱

صغر الرأس وطول العنق                            خلقة منكرة في الخلق

فإذا أبصرتها من رجل                         فاقض في الحين له بالحمق

157- وقال أبو الحسن ابن الفضل يذكر مقاماً قامه سهل بن مالك وابن عياش(11):

لعمري لقد مر الخلافة قائما                           بخطبته الغراء سهل بن مالك

وأما ابن عياش ومن كان مثله             فضلوا جميعاً بين تلك المسالك

ومات وماتوا حسرة وحسادة                       وغيظاً فقلنا هالك في الهوالك

وسهل بن مالك له ترجمة مطولة ، رحمه الله تعالى .

 

158- ومن حكاياتهم في الوفاء(12) وحسن الاعتذار والقيام بحق الإخاء أن الوزير الوليد بن عبد الرحمن بن غانم كان صديقاً للوزير هاشم بن عبد العزيز ، ثابتاً على مودته ، ولما قضى الله تعالى على هاشم بالأسر أجرى السلطان محمد بن عبد الرحمن الأموي ذكره في جماعة من خدامه ، والوليد حاضر ، فاستقصره ، ونسبه للطيش والعجلة والاستبداد برأيه ، فلم يكن فيهم من اعتذر عنه غير الوليد ، فقال : أصلح الله تعالى الأمير ، إنه لم يكن على هاشم التخير في الأمور ، ولا الخروج عن المقدور ، بل قد استعمل جهده ، واستفرغ نصحه ، وقضى حق الإقدام ، ولم يكن ملاك النصر بيده ، فخذله من وثق به ، ونكل عنه من كان معه ، فلم يزحزح قدمه عن موطن حفاظه ، حتى مثلك مقبلا غير مدبر ، مبليا غير فشل ، فجوزي خيرا عن نفسه وسلطانه ، فإنه لا طريق للملام عليه ، وليس عليه ما جنته الحرب الغشوم ، وأيضاً فإنه ما قصد

 

۳۷۲

جالب التقصير أن يجود بنفسه إلا رضى للأمير ، واجتناباً لسخطه ، فإذا كان ما اعتمد فيه الرضى فذلك معدود في سوء الحظ فأعجب الأمير كلامه ، وشكر له وفاءه، وأقصر فيما بعد عن تفنيد هاشم ، وسعى في تخليصه ، واتصل الخبر بهاشم ، فكتب إليه : الصديق من صدقك في الشدة لا في الرخاء ، والأخ من ذب عنك في الغيب لا في المشهد ، والوفي من وفي لك إذا خانك زمان ، وقد أتاني من كلامك بين يدي سيدنا ـ جعل الله تعالى نعمته سرمداً - ما زادني بمودتك اغتباطاً ، وبصداقتك ارتباطاً ، ولذلك ما كنت أشد يدي على وصلك وأخصك بإخائي ، وأنا الآن بموضع لا أقدر فيه على جزاء غير الثناء ، وأنت أقدر مني على أن تزيد ما بدأت به بأن تتم ما شرعت فيه ، حتى تتكمل لك المنة ، ويستوثق عقد الصداقة ، إن شاء الله تعالى ، وكتب إليه بشعر منه:

. أيا ذاكري بالغيب في محفل به            تصامت جمع عن جواب به نصري

انتي والبيداء بيني وبينها                     رقى كلمات خلصتي من الأسر

لئن قرب الله اللقاء فإني                      سأجزيك ما لا ينقضي غابر الدهر

فأجابه الوليد خلصك الله أيتها البدر من سرارك ، وعجل بطلوعك في أكمل تمامك وإبدارك ، وصلني شكرك على أن قلت ما علمت ، ولم أخرج عن النصح للسلطان بما زكنته من ذلك ، والله تعالى شاهد ، على أن ذلك في مجالس غير المجلس المنقول لسيدي إن خفيت عن المخلوق فما تخفى عن الخالق ، ما أردت بها إلا أداء بعض ما اعتقده لك ، وكم سهرت وأنا نائم ، وقمت في حقي وأنا قاعد ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا ثم ذكر أبياتاً لم تحضرني الآن .

159- ومن حكاياتهم في علو الهمة في العلم والدنيا أنه دخل أبو بكر ابن الصائغ المعروف بابن باجة جامع غرناطة ، وبه نحوي حوله شباب يقرؤون ، فنظروا إليه ، وقالوا له مستهزئين به : ما يحمل الفقيه ؟ وما يحسن من العلوم ؟ وما يقول ؟ فقال لهم : أحمل اثني عشر ألف دينار ، وها هي تحت إبطي

 

۳۷۳

وأخرج لهم اثنتي عشرة ياقوتة ، كل واحدة منها بألف دينار ، وأما الذي أحسنه فاثنا عشر علماً أدونها علم العربية الذي تبحثون فيه ، وأما الذي أقول فأنتم كذا ، وجعل يسبهم ، هكذا نقلت هذه الحكاية من خط الشيخ أبي حيان النحوي. رحمه الله تعالى

160- ومن حكاياتهم في الذكاء واستخراج العلوم واستنباطها أن أبا القاسم عباس بن فرناس(13) ، حكيم الأندلس، أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة وأول من فك بها كتاب العروض للخليل ، وأول من فك الموسيقى ، وصنع الآلة المعروفة بالمنقانة(14) ليعرف الأوقات على غير رسم ومثال ، واحتال في تطيير جثمانه ، وكسا نفسه الريش ، ومد" له جناحين ، وطار في الجو مسافة بعيدة ، ولكنه لم يحسن الاحتيال في وقوعه ، فتأذى في مؤخره ، ولم يدر أن الطائر انما يقع على زمكه ولم يعمل له ذنباً، وفيه قال مؤمن بن سعيد الشاعر من أبيات:

يعلم على العنقاء في طيرانها                           إذا ما كسا جثمانه ريش قشعم

وصنع في بيته هيئة السماء ، وخيل للناظر فيها النجوم والغيوم والبروق . والرعود ، وفيه يقول مؤمن بن سعيد أيضاً :

سماء عباس الأديب أبي الـ                            قاسم ناهيك حسن رائقها

أما ضراط استه فراعدها                     فليت شعري ما لمع بارقها

لقد تمنيت حين دومها                                   فكري بالبصق في است خالقها

 

٣٧٤

 

وأنشد ابن فرناس الأمير محمداً من أبيات:

رأيت أمير المؤمنين محمداً                              وفي وجهه بذر المحبة يثمر

فقال له مؤمن بن سعيد قبحاً لما ارتكبته ، جعلت وجه الخليفة متحرثا يثمر فيه البذر ، فخجل وسبه.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- انظر الحلة 3 : 90 حيث سماء أبو مروان عبيد الله.

2- الشعر في المغرب ۲ : ۲۰۱ .

3- المغرب : الهوادة ؛ درزي : منهلي .

4- البيتان في الحملة 3 : 91 وسعهما رد ابن صمادح.

5- ب م ق : بحيلته.

6- هذا الشعر منسوب في الحملة (٢:٩٦) والمغرب ( ۲:۲۰۰) لرفيع الدولة.

7- انظر ترجمة رفيع الدولة في المطمح: 30 والحلة ٢ : ۹۲ والمغرب ۲ : ۱۹۹.

8- المغرب ۲:۲۰۰

9- سر البيتان ص : ٢٤٧.

10- ديوان ابن خفاجة : ۱۹۰ .

11- ترجمته في القاح : ۱۰۸.

1۲- ب : وابن يعيش.

13- المغرب 1 : ۳۳۳ والمقتبس ( تحقيق مكي ) الورقة 256ب.

14- في الأصول ودوزي : بالمثقالة ؛ وهذه صورة من صور الكلمة وأقربها إلى الفن المغربي ما أثبتناه ، إذ تسمى في المغرب والمنجانة ، وهي البنكام أو البنكان الفارسية أي الساعة أو آلة حساب الوقت ، و قد تصحلت في المغرب إلى . الميقاتة .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.