المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

boyle s law
11-9-2017
مـراحـل تـخطيـط الاستـثمـارات
6/12/2022
COMPACTNESS
24-10-2020
زكريا بن يحيى
3-9-2017
تطبيق القانون الجنائي على الاشخاص
24-3-2016
علم المناخ Climatology
2024-11-10


مبدأ عدم جواز انكار العدالة  
  
2624   10:00 صباحاً   التاريخ: 26/11/2022
المؤلف : محمد حسناوي شويع حسون
الكتاب أو المصدر : تفوق قانون القاضي على القانون الاجنبي
الجزء والصفحة : ص48-57
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون الدولي الخاص /

ان القاضي بموجب قواعد النزاع له وظيفة سامية وخاصة وهي وضع الحلول للنزاعات عموما وحل التنازع بين القوانين للعلاقات الدولية الخاصة التي يكون فيها تداخل لأكثر من قانون تابع لا كثر من دولة تحقيقا للعدالة والمحافظة على حقوق الأطراف من الضياع وأن لا يجعل من الحدود الوطنية مبدأ أساسية لحماية حقوق الأطراف، ونعتقد بضرورة بحث هذه الجزئية انطلاقا من السلطة الممنوحة للقاضي في حسم النزاع تحقيقا للعدالة ، ثم نضع هذه السلطة موضع الاختبار والتقييم ولذلك نتناول هذا الموضوع بعرض لسلطة القاضي في حسم النزاع تحقيقا للعدالة أولا ومن ثم تقييم هذه السلطة ثانية.

اولا:- سلطة القاضي في تحقيق العدالة

إن المبدأ الذي يطرح هنا قد يبدوا لأول وهلة بعيدا قليلا عن المبادئ المعروفة التي يقوم عليها القانون الدولي الخاص والتي ترتكز على اسس الجنسية والموطن في تحديد الاختصاص في حين أن هذا المبدأ ينعقد بسببه لقانون القاضي الاختصاص ومن دون تلك الأسس لأن الهدف من وراء هذا الانعقاد بالاختصاص تحقيق العدالة ولقد قيل أن العدالة مفهوم اجتماعي وطبعا يختلف هذا المفهوم من دولة إلى أخرى (1) ، إلا أننا نعتقد أن مبدأ احقاق الحق لا يختلف البتة بين الدول فهو مفهوم عالمي لا تحده حدود الدول.

لا جدل في أن القاضي يعمل وفقا لتشريعات وطنية، وسلطته في احقاق الحق وعدم انكار العدالة يستمدها من مشرعه الوطني وخير مثال على ذلك نص المادة الأولى بفقرتها الثانية من القانون المدني العراقي سابقة الذكر والتي تلزم القاضي العراقي وبالرجوع للتدرج ابتداء من التشريع إلى العرف ثم مبادئ الشريعة الإسلامية واخيرا قواعد العدالة وأن هذا التدرج عبارة عن طريقة للوصول لحل النزاع حتما في نهاية الامر ونخص بالقول قواعد العدالة لأنها تلزم القاضي بابتداع أو ايجاد حل بالاستعانة بالمبادئ التي تسود دولته وتلك التي تسود الدولة التي يتشابه نظامها القانوني مع النظام القانوني لدولته . ولا يختلف قانون المرافعات العراقي رقم (83) لسنة (1969) المعدل عن ذلك إذ ألزم القاضي العراقي بإحقاق الحق وتحقيق العدالة فلا يجوز للمحكمة أن تمتنع عن الحكم وفض النزاع لعدم وجود نص لديها أو غموضه ، والأمر يدق في فرض كون قانون اجنبية واجب التطبيق بموجب قواعد الإسناد للقاضي العراقي متباينا مع النظام القانوني للقانون للقاضي الوطني العراقي تباينا بشكل لا يستطيع معه اعمال الترجيح أو أن يؤدي تطبيق القانون الأجنبي لحلول مختلفة بحسب الغلبة في التطبيق (2)

إن موقف الفقه والقضاء أختلف بين الدول أمام هذا الافتراض ففي أحد أحكام محاكم القضاء الأمريكي عن دعوى بالمسؤولية التقصيرية ناجمة عن حادثة تصادم مواطن أمريكي مع أحد السيارات التابعة لشركة أمريكية تعمل في السعودية قررت المحكمة أن القانون السعودي هو القانون واجب التطبيق ولما لم يقم المدعي بالدفع بتطبيق القانون السعودي واثباته تقرر رفض الدعوى التي تقدم بها (3) وفي فرنسا مثلا على رأي في الفقه رفض طلب الدعوى في حال عدم التثبت من القانون الأجنبي ولا يكون هناك حق في اقامة الدعوى مرة ثانية ولا يطبق القانون الفرنسي كبديل عن القانون الأجنبي الا إذا أثبت صاحب الحق في الدعوى حسن نيته بأثبات القانون الأجنبي واجب التطبيق ، وبلا شك أن هذا الموقف يمثل عودة إلى الاتجاه الذي يعتبر القانون الأجنبي مسألة واقع في حين يضفي البعض الآخر من الفقه تلطيف على ما تقدم بدافع الحفاظ على مبدأ تحقيق العدالة ويرى ضرورة التزام القاضي في فرنسا بنفس التزام قاضي القانون الأجنبي في حالة عدم وجود نص لدي الأخير كونه يرفض طلب الدعوى أو يتقبل ذلك فما على القاضي الوطني الفرنسي الا اتخاذ هذا الاجراء نفسه (4) تجنبا لإنكار العدالة ، ويذهب اتجاه ثالث إلى القول بالاعتماد على النظام الأساسي المحكمة العدل الدولية والذي يحكم في حالة انعدام الحل في القانون واجب التطبيق يتم تطبيق المبادئ العامة للقانون والموجودة في النظم القانونية المختلفة بناء على شيوع استعمالها (5) في حين وجدنا جانب من الفقه يرى ضرورة اعمال القانون الأقرب للقانون الأجنبي واجب التطبيق ، ويعتمد هذا الجانب على التصنيف الذي تقام عليه النظم القانونية الدولية إذا تقسم إلى عدد من الأسر القانونية لعل أبرزها الاسرة اللاتينية الانجلوسكسونية انطلاقا من وجهة النظر تلك فان تقدير معرفة القانون الايطالي عندما يطبق بالاعتماد على القانون الفرنسي باعتباره مصدرة تأريخيه له وهكذا . (6) في حين يتلخص رأي أخر بضرورة تطبيق قانون القاضي بما له من ولاية عامة او اختصاص احتياطي في التطبيق طالما لم يتمكن التحقق من القانون الأجنبي(7) . وبالمقارنة بين الاتجاهات الفقهية المتقدمة فان الاتجاه الذي يتبنى رفض طلب الدعوي يهدر حقوق الأفراد ويؤدي لأنكار العدالة ولعل الحل في إعتماد مبادئ القانون العامة وهي نظرية غير محددة إذ سيجد القاضي نفسه بين مجموعة نظم قانونية اجنبية (8) ، لذا فأن المسألة تدور حول تبني مبدأ القانون الأقرب أو قانون القاضي في اي منهما يؤدي لحل النزاع وتحقيق العدالة، (9) ونعتقد بترجيح مبدأ تطبيق قانون القاضي لأنه يحافظ على حقوق الأفراد ويمنع انكار العدالة والذي يعد من المبادئ الأكثر شيوعا وتقريبا تجمع عليه مواقف القضاء الفرنسي وقوانين الدول الأخرى (10) أن تطبيق قانون القاضي يجمع في حقيقته مبدأ احقاق الحق وعدم انكار العدالة ويحمل في طياته نظرية المبادئ القانونية الاكثر شيوعاً بين النظم القانونية والتي تبناها الاتجاه الثاني واشارت اليها القوانين و منها القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل في المادة (30) والمادة (24) من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 المعدل واعتمدها القضـاء في فرنسا في ان القاضـي الفرنسي يطبق قانونه إذا استحال عليه إثبات القانون الاجنبي الواجب التطبيق (11)

وفي ضـوء وجاهة ومنطقية الاتجاه الفقهي والقانوني الذي يعيد الاختصاص لقانون القاضـي في حال عدم وجود الحل أو مجهوليته في القانون واجب التطبيق الا يكون من الافضل تحديد الاختصاص مسبقاً لقانون القاضـي لعدم انكار العدالة والمحافظة على حقوق الاطراف خصـوصـاً وأن اعمال مراحل الاختصاص في القانون الدولي الخاص تتطلب وقتاً بين تعين القانون المختص والتأكد من وجود الحل أو مجهوليته ، ثم أن اختلاف القوانين سيختلف معها حتما المنهجية التي تعتمدها في الوصول لحل النزاع فضلا عن فرض تحمل القاضي مسألة المقارنة بين قوانين تعود لنظم قانونية مختلفة. إن هذا التفضيل عند البعض يبرر في تطبيق قانون القاضـي في حالة تعذر الحل في القانون الأجنبي واجب التطبيق بكونه حالة تتلاءم مع توقعات الأفراد خاصـة مع فرض الانسجام بين النظم القانونية لان قانون القاضي من وجهة نظرهم ليس بغريب عن المنازعة لان انعقاد الاختصاص للقاضي ابتداء لنظر النزاع ذي العنصر الأجنبي لم يأتي اعتباطا بل كان لوجود صلة بينه وبين النزاع فضلا عن أن قبول الاطراف رفع النزاع لهذا القاضي يعني توقعهم لتطبيق قانون القاضي عند تعذر اعمال القانون الأجنبي (12) ، ويضيف إلى ذلك أحد الفقه في معرض حديثه عن وجود فكرة التناسق الدولي في تطبيق قانون القاضي بأن تعذر وجود الحل في القانون الأجنبي واجب التطبيق في النزاع ذي العنصر الأجنبي حتما يكون أحد عناصره مرتبطة مع دولة القاضي بوسائل أو قرائن معينة وحسب واقع الحال ومنها البحث عن ظرف اسناد احتياطي فيه (13) ، ولا يخفى ما لهذا الدور الذي يقوم به القاضي من أهمية وصعوبة فوظيفته لا تقف عند حد تعيين القانون الأجنبي واجب التطبيق ولا عند حد اثبات وجود نص في هذا القانون لحل النزاع من عدمه بل يضاف اليه دور استثنائي في حال عدم وجود نص إذ يتحتم عليه أن يعمل ما يعمله قاضي دولة القانون الأجنبي واجب التطبيق وبحسب نظامه القانوني وطبيعة التدرج في مصادر القانون المذكور وهو قانون في كل الأحوال غريب عن قانون القاضي .

بل يضيف البعض على سبيل القياس في حال أن القانون الأجنبي واجب التطبيق لا يوفر الحل للنزاع فالقاضي الوطني يضع نفسه محل القاضي الأجنبي ويعمل على استنباط الحل بالطريقة التي يتعامل معها قاضي دولة القانون الأجنبي سواء بالاعتماد على مبادئ العدالة أو مبادئ القانون العام عنده (14) وهذا الأمر لا يخلو من صعوبة مما يتيح للقاضي الوطني فرصة تطبيق قانونه والتدرج المعتمد فيه ووضع الحل بالشكل الذي ينسجم مع طبيعة النزاع الدولي وهو يخلق نوع من التناغم والانسجام في الحلول على المستوى الدولي وانطلاقا من وظيفة القاضي المقدسة في عدم انكار العدالة ، وما يدعم وجهة النظر أن تقدم أو تفوق قانون القاضي فروضة غالبة وحالاته شائعة تحصل ابتداء في الحالات التي يحجز فيها له الاختصاص كما في مساله التكيف أو المسؤولية عن الأفعال الضارة وتطابق جنسيته مع جنسية أحد الأطراف (15) وحكم التركة الشاغرة وعقد العمل وفروع الشركات ومن جانب آخر حالات يتفوق فيها قانون القاضـي إنتهاءاً، كما لو تم اثبات القانون الأجنبي الذي يتضمن الحل للنزاع لكنة يخل بالنظام العام لدولة القاضـي أو أن ذلك القانون الأجنبي منح الاختصاص نتيجة لتحايل الاطراف فأنه يطبق بما له من دور احتياطي أو لجهلهم المغتفر بمضمون القانون الاجنبي بخصـوص سـن الاهلية فأنه يطبق لان مضمون القاعدة هنا موضـوعي يشير لتطبيقه(16)

ثانياً: تقييم سلطة القاضي في تحقيق العدالة//

تبين لنا سابقاً أن تحديد الاختصاص ابتداءاً لقانون القاضي يضمن تناسق الحلول بين الدول وبهذا الجانب يعمل على تحقيق العدالة والحفاظ على حقوق الاطراف باقل قدر ممكن من الإجراءات والوقت ، وقد ســـق أيضاً أن تكلمنا عن الأسباب التي أظهرت تفوق قانون القاضـي ابتداءاً سـواء ما تعلق منها بالتطابق مع توقعات الأفراد وغايتهم المنشودة بتحقق الامان لهم من جانب, ومن جانب آخر باضطلاع القاضي بنفس مهمة قاضي دولة القانون الأجنبي عبر القياس (17).

لكن السؤال هنا حول الافتراض المتقدم بان هذا الاختصاص لتطبيق قانون القاضي هل سيؤدي إلى اهدار قيمة قانون الارادة بالخضوع لسلطة قانون معين؟ وهل يعد تعسفا من القاضي ومي" كبيرة في تقديم قانونه على القانون الأجنبي مما يستلزم تقييد هذه السلطة ؟ وسنجيب على ذلك بتخصيص فقرة مستقلة لكل تساؤل

1) اهدار قيمة قانون الإرادة //

إن من المبادئ الأساسية في القانون الدولي الخاص هو صلاحية الأفراد في اختيار القانون المتوقع الحماية حقوقهم والمراكز القانونية التي ينسؤونها (18)، وفي ترجيح فرض تفوق قانون القاضي فان ذلك كما يعتقد البعض س يؤدي لإهدار قيمة قانون الارادة المتفق عليه، ومن الممكن أن يؤدي إلى الاختلاق في القانون الذي يحكم العلاقة بحسب قاضي موضوع النزاع وعلى ذلك أن اهدار قيمة قانون الارادة واتفاق الأفراد فرض يتحقق على مستوى اختيار القانون في النظم القانونية المختلفة وإن كان سيؤدي إلى اختلاف الحلول بالنسبة للأطراف وهذا يخرجه عن نطاق التفوق القانون القاضي إذ يحق لهم حماية توقعاتهم ولكن يمكن أن يتم تحديد هذا الغرض ، وقد بينا اننا لا نتبنى فكرة خلق التناسق الدولي في الحلول، لان موضوع التناسق الدولي وأن كان من الصعب تحقيقه في الحلول التي تنص عليها قوانين مختلفة في محتواها الا أنه ليس بمستحيل الوقوع ، وهذا ينسحب على قوة نفاذ الأحكام الصادرة خارج حدود دولة اصدارها بأثر سلبي. وهذا مستبعد في نطاق التناسق في النظم القانونية والذي يجنبنا الاختلاق في الحلول تبعا لاختلاف القوانين (19)

ومثال ذلك تماثل الحكم قضـايا الطلاق في القانون العراقي والقانون المصـري تطبيق قانون الزواج وقت الطلاق أو وقت رفع الدعوى ، ومن ثم ظل تماثل حكم القانون في الدولتين فان تفوق قانون القاضـي لكل منها لا يهدد حقوق الأفراد ولا يفقد الحكم الصادر في اي منها من قوة النفاذ لدى الآخر ويحقق فكرة الامان القانوني التي ينشدها الاطراف، ويصنع انسجاماً في النظم القانونية وهو ما يحقق التناسق الدولي في الحلول للمنازعات ، إلا إن ذلك لا يعمل على تفوق قانون القاضـــي الوطني لأن التماثل في النظم القانونية لا يتحقق في بعض مسائل الاحوال الشخصية بتأثير الاختلاق في مصادر القوانين فيها ولان فرض اختيار القانون فيها بأراده الاطراف من اجل التطبيق يتحقق في الاعم الاغلب من الحالات عن طريق الغش، والامر مختلف في المسائل المدنية والتجارية ونظراً لتشـابه حاجات الناس عموما في التبادلات لذا يمكن وضـع العلاج الملائم ولعل من بين الحلول المعالج لذلك امكانية وضع نصوص قانونية مشتركة بين الدول تضمن وحدة الحلول لنزاعات المعاملات المسائل اعلاه بين الأفراد على غرار الاتفاقيات الدولية كاتفاقية فينا وبروكسل وغيرها. (20).

2)تقييد سلطة القاضي التقديرية//

إن بعض الفقه يشكك في اطلاق يد القاضي الوطني بتطبيق قانونه والعمل على تفوقه بالمقارنة م د مع القانون الأجنبي لان ذلك سيؤدي إلى اهدار مكانة القانون الأجنبي يضاف إلى ذلك أن مهمة القاضـي الوطني في تطبيق القوانين الواجبة التطبيق بموجب قواعد الإسناد سواءاً اكانت تلك القوانين وطنية بالنسبة له أو اجنبية هي مهمة صعبة وحساسة ولأ تكون هذه المهمة خاضعة لاختياراته الشخصية إذ يفرض على القاضـي ضـرورة احترام حقوق الاطراف والسماع لدفاعهم ، فإن كانت مهمة القاضي التطبيق لقوانين من تلقاء نفسه وان لا يتوقف في ذلك على طلبات الخصوم الا انه ليس من حقه التخلي في رسم حدود مسائل الواقع فللخصوم ذلك الحق مطلقا فإن لم يعمدوا للتمسك بواقعة معينة في النزاع المعروض أمامه فلا يكون له حق بالتمسك بها وأن يحدد التطبيق المذكور في اطار تلك الحقوق ولا يتعداها ، ولا يحقق الملائمة والعدالة و يفسح المجال أمام القضاة لترجيح قانونهم ويعنيهم بنفس الوقت من مهمة البحث عن القانون الأجنبي وعنائها (21) وما يزيد الأمور خطورة تماسك جانب من القضاء في فرنسا بواقعية القانون الأجنبي واجب التطبيق وما تم ذكره من تطبيقات في كل منهما ترجع ذلك ومن ثم عدم التزام القاضي من تلقاء نفسه بتطبيقه وتعليق تطبيق القانون الأجنبي واجب التطبيق على إرادة الاطراف الخصوم في المنازعة ) فأن شاءوا المطالبة بتطبيقه والا لا يكون بوسع القاضي ذلك التطبيق وهذا يعزي لدى البعض كونه ناجمة من طبيعة القانون الأجنبي باعتباره جزءا من الواقعة المطالب بها (22)، وبينا أن السير بهذا الاتجاه من شأنه تشويه العدالة وتحكم من قبل القاضي الوطني بالقانون الأجنبي واجب التطبيق ، وما يؤيد ذلك أن الفقه (23) قد خطأ هذا التوجه مؤكدا أن القانون الأجنبي يبقي على قانونيته ولا يفقدها لمجرد عبور حدود الدولة التي أصدرته وأن كان في الواقع يفقد صفة الامر على القاضي الوطني كما هو الحال امام قاضي دولة القانون الأجنبي الا أن صفة الامر هذا تعود له بقول البعض بناءا على اعمال قواعد الإسناد الوطنية التي أشارت بتطبيقه (24)، فضلا عن اتباع الإجراءات اللازمة لأعمال قانون القاضي الوطني تسهل ذلك التطبيق وتبقي الصفة القانونية وتعبر عن احترام سيادة الدول . ولاحظنا أن الحال لم يستمر وأن أغلب الفقه والاحكام القضائية اكدت قانونية القانون الأجنبي وأن تطبيقه لا يتوقف على طلب الأفراد ، لكننا بينا حينها أن هذه المهمة الملقاة على عاتق القاضي الوطني من الصعوبة بمكان وقد تجلت تلك الصعوبة في عملية البحث والتثبت من القانون الأجنبي ومن ثم على أي منهج يتم تفسيره (منهج قانون القاضي أم منهج القانون الأجنبي واجب التطبيق ) فضلا عن اختلاف مصادر القانون في كل منهما والتدرج اللازم للاختيار بينها.

ونعتقد أن الحل يكمن في أعمال القاضي القانون في قضية ما هو الحل المناسب وهو حل يتماشى مع التقيد بالقانون السائد في دولته والذي هو بنفس الوقت ينس جم مع قوانين الأجنبية الواجبة التطبيق للدول الأخرى ، وأكثر ما يكون ذلك في اطار اتفاقيات دولية فهي تعمل على تقييد سلطة القاضي كونها تحدد القوانين اللازم العمل بها في المسائل المدنية والتجارية ومن ثم يتقيد القاضي بتطبيق قانونه استنادا لحكم الاتفاقية المتفق عليها والتي صارت جزء لا يتجزأ من قانونه الوطني وهذا يجعل اعمال قانون القاضي في ضوء القانون وحدوده لا يكون بأي شكل من الاشكال متعسفا في سلطته التقديرية في الانتصار لتفوق قانونه الوطني على القانون الأجنبي في النزاع المعروض أمامه (25).

__________

1- عبد الباقي البكري وزهير البشير ، المدخل لدراسة القانون ، شركة العاتك ، القاهرة ، ص 69.

2- د. عكاشة عبد العال تنازع القوانين دراسة مقارنة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، لبنان ، 2004 ، ص 136.

3- نقلا عن د. أحمد عبدالكريم سلامة، الاصول في تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008 ، ص 575 .

4- Cfr, J. MAURY, La condition de la loi étrangère en droit français , TCFDIP, 1948-1952, p. 103.

5- د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين، مصدر سابق ، ص 430.

6- د. . أحمد عبدالكريم سلامة، الاصول في تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008  ، ص 576، ود. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين ، مصدر سابق، ص 383، ود. هشام علي صادق ، مركز القانون الأجنبي امام القاضي الوطني دراسة مقارنة ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ،  1968  ، ص 344-345.

7- د. احمد عبد الكريم سلامة، الاصول ، مصدر سابق، ص 578.

8- د. هشام علي صادق ، تنازع القوانين،  ص 242 .

9-  د. هشام علي صادق، مركز القانون الأجنبي ، مصدر سابق ، ص 344،د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 318، د. أحمد عبد الكريم سلامة، الاصول ، مصدر سابق ، هامش ص 587.

10- المادة 5 /3 من القانون الدولي الخاص المجري و المادة 2/4من القانون الدولي الخاص النمساوي والمادة 2 /2 من القانون الدولي الخاص التركي والمادة 2/16 من القانون الدولي الخاص السويسري نقلا عن د. احمد عبد الكريم سلامة، الاصول ، المصدر سابق، ص580 وانظر في ذلك د. محمد كمال فهمي، احوال القانون الدولي الخاص، ط 1978،ص507 ود. حسن الهداوي ، تنازع القوانين واحكامه في القانون الدولي الخاص العراقي ،1967 ،ص136، د. حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص الأردني، ص215-216، ود. غالب على الداوودي ، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية ،ط1 ، دار وائل للنشر ، 2001 ،ص163، ود. جابر جاد عبد الرحمن ، تنازع القوانين ، المطبعة العالمية ، القاهرة ، 1969  ، ص66.

11- (في حال إذا اصطدم القاضي الفرنسي ، الذي اعترف بأن القانون الأجنبي واجب التطبيق ، استحالة إثبات مضمونه ، يجوز له حتى في المواد التي لا يمكن التصرف بها ، أن يطبق القانون الفرنسي على سبيل الاحتياط) نقض مدنية 1 ، 21 تشرين الثاني / نوفمبر 2006 نش مدنية أ ، رقم 500 ، داللوز ، مصدر سابق ص16 ونص المادة 30 من قانوننا المدني (يتبع فيما لم يرد بشأنه ن نص في المواد السابقة من أحوال تنازع القوانين مبادئ القانون الدولي الخاص الاكثر شيوعاً ) ونص المادة (24) من القانون المدني المصري (تتبع فيما لم يرد ، شأنه نص في المواد السابقة من أحوال تنازع القوانين مبادئ القانون الدولي الخاص ).

12- د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين، مصدر سابق، ص 436.

13- د. مصطفى كمال ياسين ، كيف يطبق القانون الأجنبي ، مطبعة العاني ، مجلة القضاء ، العدد الثاني ، بغداد، 1957  ، هامش ص24 .

14- د. مصطفى كمال ياسين ، كيف تطبيق القانون الأجنبي ، مصدر سابق ، ص 4- ص 23.

15-  نص المادة 17 من القانون المدني العراقي على أن القانون العراقي هو المرجع في تكيف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات ..) والمادة 27 منه نصت على أن (1- الالتزامات غير التعاقدية يسري عليها قانون الدولة التي حدثت فيها الواقعة المنشئة للالتزام 2 على أنه لا تسري أحكام الفقرة السابقة فيما يتعلق بالالتزامات الناشئة من العمل غير المشروع على الوقائع التي تحدث في الخارج وتكون مشروعة في العراق وأن عدت غير مشروعة في البلد الذي وقعت فيه) والفقرة 5 من  المادة 19 ( في الاحوال المنصوصة عليها في هذه المادة إذا كان أحد الزوجين عراقياً وقت انعقاد الزواج يسري القانون العراقي وحده ) وتطابقها من حيث المعنى من القانون المدني المصري المادة 10 الخاصة بالتكييف والمادة 21 الخاصة بالالتزامات غير التعاقدية والمادة 14 الخاصة بالجنسية المشتركة .

16- نص كل من القانون المدني العراقي والمصري في المواد 32 و28 على منع تطبيق القانون الأجنبي إذا تعارض مع مبادئ النظام العام في كل منهما والمواد عراقي 30 و24 مصري على منع تطبيق القانون الأجنبي في حال ثبت له الاختصاص بالاحتيال باعتبار ذلك من مبادئ الدولي الخاص الاكثر شيوعاً والمواد 2/18 عراقي والمادة 11/ مصري اشارت الى منع تطبيق القانون الأجنبي الخاص بالأهلية في التصرفات المالية التي تعقد وترتبت أثارها في كل من العراق والمصر نظراً لجهل الطرف الوطني بها .

17-  والقضاء الفرنسي يقول بان يتعين على القاضي الفرنسي الذي يعترف بقانون أجنبي أن يلتمس محتواه من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من طرف يحتج به، وإعطاء المسألة المتنازع عليها حلاً وفقاً للقانون الأجنبي واجب التطبيق ينظر في ذلك القرارات القضائية الفرنسية المنشورة على الموقع الالكتروني التالي وتمت الزيارة بتاريخ 2016/11/22 الساعة التاسعة صباحاً.

http://www.google.iq/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=3&ved=0ahUKEwist GC9bP WAhUB0RQKHS06DMMQFggOMAI&url=http%3A%2F%2Fwww.dalloz

actualite.fr%2Fprintpdf%2Fflash%2Fapplication-d-une-loi-etrangere-et-office-du   juge&usg=AFQjCNHe8h7oBSU80OutXiLgtFTJJLAff-g

18- د. عوني محمد الفخري ، إرادة الاختيار في العقود الدولية التجارية والمالية ، ط1 ، منشورات زين الحقوقية ، لبنان ، 2012، ص 20 وما بعدها ود. خالد عبدالفتاح محمد خليل ، تعاظم دور الإرادة في القانون الدولي الخاص ، دار الجامعة الجديدة ، الاسكندرية ، مصر ، 2016 ، ص 7 وما بعدها .

19-  د. احمد عبدالكريم سلامة ، الاصول ، مصدر سابق ، ص 244

20- د. احمد عبدالكريم سلامة ، الاصول ، مصدر سابق ، ص413 ود. عكاشة محمد عبد العال ، تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص134ـ 17 ونصت المادة 1/1 من اتفاقية فينا للبيع الدولي لعام 1980 على أن ( تطبق أحكام هذه الاتفاقية على عقود بيع البضائع المعقودة بين أطراف توجد أماكن عملهم في دول مختلفة أـ عندما تكون هذه الدول دولاً متعاقدة ، ب ـ عندما تؤدي قواعد القانون الدولي الخاص إلى تطبيق قانون دولة متعاقدة ) ، وقد جاء في ديباجة ملحق الاتفاقية المذكورة من أن اعتماد قواعد موحدة تنظم عقود البيع الدولي للبضائع وتأخذ في الاعتبار مختلف النظم الاجتماعية والاقتصادية والقانونية . شأنه أن يسهم في إزالة الحواجز القانونية في مجال التجارة الدولية وأن يعزز تنمية التجارة الدولية . ونصت المادة 3/ 1 من اتفاقية بروكسل على ان ( يسري في الطلاق والانفصال والفسخ لعقد الزواج قانون محاكم دول الاعضاء يتحدد من خلال موطن الزوجين ، أو آخر محل أقامه لهما )

21- د. هشام علي صادق ، تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 305.

22- Civ. Ire, 6 févr. 2007, n°05-19.333, D. 2008.

وكذلك التعليق على القرارات القضائية الفرنسية المنشورة على الموقع الالكتروني التالي وتمت الزيارة بتاريخ 2016/11/22  الساعة العاشرة صباحا.

http://www.google.com/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=1&ved=0ahUKEwjNp5

t bPWAhUEvxQkHej4ByOQFgglMAA&url=http%3A%2F%2Fwww.dalloz

actualite.fr%2Fprintpdf%2Fflash%2Fregime-procedural-de-loi-etrangere-devant-juge

francais&usg=AFQjCNFR5g5v5i05SDCx60pfAyO8lU2dA

23- د. هشام علي صادق ، مركز القانون الأجنبي امام القاضي الوطني دراسة مقارنة ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ،  1968  ، ص 104

24- هشام علي صادق ، مركز القانون الأجنبي امام القاضي الوطني دراسة مقارنة ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ،  1968  ، ص 105

25- د. احمد عبد الكريم سلامة ، الأصول ، مصدر سابق ، ص 131 و د. وعبد الرسول عبد الرضا الاسدي ، القانون الدولي الخاص ، ط1 ، مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2013 ، ص 13 وما بعدها وص342.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .