المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تعويض المتعاقد مع الإدارة جزئيا في الظروف الطارئة
23-12-2019
مركبات الثايازولدين Thiazolidines
2024-04-27
شروط المتولي
7-2-2016
ركن الدين بن أشرف الدين الحسيني
10-8-2016
Kekulé: The Beautiful Dreamer
31-1-2017
الاخبار الواردة في خروج المهدي عند اهل السنة
4-08-2015


التمحيص والمحق  
  
1512   10:13 صباحاً   التاريخ: 19/11/2022
المؤلف : أمل الموسوي
الكتاب أو المصدر : الدين هو الحب والحب هو الدين
الجزء والصفحة : ص85 ــ 88
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /

إن الله تعالى عندما خلق خلقه.. خلقهم كما ليعبدوه ويعرفوه حيث قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: 56]، وقد تفضل عليهم وبين لهم طرق الحلال والحرام على يد أنبيائه وأوصاهم بمحبة أوليائه والإحسان إليهم وإتباعهم وطاعة أنبياءه ومعاداة أعداء الدين وبغض ضلالاتهم واجتنابها وكما قال تعالى في القرآن: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون: 1 - 6]، وإن الله قد جعل ذلك كله امتحانا لعباده ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ من بينه وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، فإن هذا القانون هو الهدف الأساسي من الامتحان الإلهي: وبمعنى آخر هو تصفية وتنقية المجتمع وعزل المؤمنين عن غيرهم فكلما كان هناك ظهورا ونجاحا في التمحيص الإلهي للذين آمنوا نجد هناك محقاً وضمورا وهلاكا في جانب الكافرين حتى تستمر عملية الفرز وتتحقق النتيجة المرجوة من هدف بعثة الأنبياء ومن أجل تطبيق العدل الإلهي والذي لا يمكن له أن يجد النور إلا مع وجود هذه القلة المخلصة الى تقوم وتنهض بأعباء تطبيق حكم الله في الأرض في القضاء على الفساد والمفسدين وإحقاق الحق وإزهاق الباطل.. فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع في السعي الحثيث في المسارعة في عملية التمحيص والتقرب إلى الله بالطاعات والمجاهدات لكي لا يطول الانتظار ويتأخر اللقاء الميمون بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، والذي يكمل المشروع الإلهي في تطهير الأرض من قوى الكفر والظلام لأن عملية بناء دولة العدل الإلهي وبناء المجتمع المعصوم لا يمكن أن يقوم إلا أن تسبقها عملية هدم للمشروع الظالم والفكر المنحرف فلكي تبني بيتاً عليك أن تهدم البيت السابق حتى تبني على أنقاضه بيتاً جديدا وهذه المرحلة تتطلب من الإنسان قدرة كبيرة على الصبر والإيثار والتضحية وتتطلب من الإمام المهدي أن يعد أصحابه لهذه المرحلة ويمتحنهم كما حدث مع الملك طالوت الذي امتحن قومه بالنهر وأمرهم أن لا يشربوا منه فنجح ثلة قليلة في ذلك الامتحان وقد نهض بتلك الثلة بأعباء مواجهة قوى الظلم واستطاعوا النصر على جالوت أما الذين فشلوا في الامتحان وشربوا من النهر فقالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده فهم فشلوا في الامتحان الالهي في مواجهة الظالمين والانتصار عليهم.. وهكذا يريد الإمام من أتباعه حبه وطاعته والصبر معه من أجل الحصول على النصر النهائي وإنشاء المجتمع السعيد وأن لا يكون انتظار الأتباع انتظارا مشروطا بحصول المصالح والامتيازات والمكاسب الدنيوية بل قد يقتضي ذلك الانتظار سلب كل الامتيازات والتضحية بكل المصالح من أجل مصلحة الإسلام العليا وطاعة الإمام المطلقة والتسليم لأوامره وتوجيهاته ومن العوامل المساعدة للحصول على هذه النتائج وقوام ذلك ومن الأسباب التي تقودنا إلى النصر هو الألفة والمودة والحب في الله والأخوة الصادقة لأن فيها مفتاح البركات والخيرات حيث يقول الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، للشيخ المفيد يشير إلى أهمية اجتماع القلوب والمودة في تعجيل فرجه وظهوره المبارك: (ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلاته على سيدنا البشير النذير محمد وآله الطاهرين وسلم)(1).

والجدير بالذكر أن هناك هدف مهم وحكمة أخرى من غياب الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، أو عدم نزول العذاب على الكافرين وهي الاطمئنان من خلو أصلاب الرجال من الذرية الصالحة حتى لا يشملهم العذاب وإعطاءها فرصة الوجود حتى تأخذ حظها من التكامل الإيماني والرقي الأخلاقي حيث قال تعالى: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[الفتح: 25]، والتزيّل هنا هو التميز عن الكافرين(2).

إضافة إلى أن المؤمنين يخالطون الكافرين في حياتهم، ومثال على ذلك ما ورد في القرآن يحكي عن قصة نبي الله نوح حيث لبث فيهم يدعوهم ألف إلا خمسين عاما، وصنع سفينة ليعزل فيها أتباعه المؤمنين عن الكافرين.. وانه لم يدع على قومه بالغرق والهلاك، حتى اطمئن من خلو أصلاب الناس من الذرية الصالحة حيث قال تعالى واصفاً ذلك: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا}[نوح: 26، 27].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ الاحتجاج للطبرسي: ج2، ص325.

2ـ شرح تفسير شبر للقرآن. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.