المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الادارة الهندسية وانشطتها
2023-04-26
الرياء
25-9-2016
تمارين صوتية- التمرين الخامس
14-11-2020
النبي تنعى اليه نفسه (صلى الله عليه واله)
13-12-2014
الإمام علي (عليه السلام) وحديث الطّير
2023-10-13
كيفية الصلاة
2024-09-15


الإمام الباقر ( عليه السّلام ) والتزكية  
  
1890   06:09 مساءً   التاريخ: 16/11/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج ٧، ص146-154
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الباقر / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-8-2016 3619
التاريخ: 23-8-2016 3126
التاريخ: 16-8-2016 2756
التاريخ: 22-8-2016 3390

1 - مقوّمات التزكية عند الإمام الباقر ( عليه السّلام ) :

لا تتحقق التزكية إلّا بعد أن تنطلق من القلب والضمير وتتفاعل مع الشعور بخشية مستمرة وحذر دائم وتوقّ من الرغائب والشهوات ، والمطامع والمطامح ، فلا بد وأن تكون شعورا في الضمير ، وحالة في الوجدان ، وضعا في المشاعر لتتهيأ النفوس لتلقي أسسها وتقريرها في الواقع ، ولهذا ركّز الإمام ( عليه السّلام ) في الجانب النظري على أهم المقومات التي تدفع النفس للتزكية وهي :

أ - تحكيم العقل .

ب - تبعية الإرادة الإنسانية للإرادة الإلهية .

ج - استشعار الرقابة الإلهية .

د - التوجّه إلى اليوم الآخر .

أ - تحكيم العقل :

ان اللّه تعالى خلق الانسان مزودا بعقل وشهوة ، ومنحه معرفة سبل الهداية من خلال البينات والحقائق الثابتة ، وهو مكلف بإعداد القلب للتلقي والاستجابة والتطلع إلى أفق أعلى واهتمامات أرفع من الرغبات والشهوات الحسّية ، ولهذا ركّز الإمام ( عليه السّلام ) على تحكيم العقل على جميع الرغبات والشهوات ، ليكون للإنسان واعظ من نفسه يعينه على تزكية نفسه .

قال ( عليه السّلام ) : « من لم يجعل اللّه له من نفسه واعظا ، فإن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا »[1].

وقال أيضا : « من كان ظاهره أرجح من باطنه خفّ ميزانه »[2].

ب - تبعية الإرادة الإنسانية للإرادة الإلهية :

ان تكامل النفس لا يتم إلّا من خلال التطابق بين الإرادة الإنسانية والإرادة الإلهية وذلك باتباع المنهج الإلهي في الحياة ، وهذا التطابق يحتاج إلى مجاهدة الهوى والهيمنة على الشهوات وتقييدها بقيود شرعية ؛ فإنّ مجاهدة النفس تجعل الإنسان مستعدّا بالفعل لتلقّي الفيض الإلهي لإكمال نفسه وتزكيتها على أساس المنهج الربّاني للإنسان في هذه الحياة .

قال الإمام الباقر ( عليه السّلام ) : « يقول اللّه عزّ وجلّ : وعزّتي وجلالي ، لا يؤثر عبد هواي على هواه إلّا جعلت غناه في قلبه ، وهمّه في آخرته . . . »[3].

ج - استشعار الرقابة الإلهية :

لا تتم التزكية إلّا باستشعار الرقابة الإلهية في العقل والضمير والوجدان ، والإحساس بأنّ اللّه تعالى محيط بالإنسان ، يحصي عليه حركاته وسكناته ، ولهذا ركّز الإمام الباقر ( عليه السّلام ) على هذه الرقابة لتكون هي الدافع لاصلاح النفس وتزكيتها ، ففي موعظته لجماعة من أنصاره قال : « ويلك . . . كلّما عرضت لك شهوة أو ارتكاب ذنب سارعت اليه وأقدمت بجهلك عليه ، فارتكبته كأنك لست بعين اللّه ، أو كأن اللّه ليس لك بالمرصاد ! . . . »[4].

د - التوجّه إلى اليوم الآخر :

إن التوجه إلى الحياة الأخرى الخالدة يمنع الانسان من الانحراف ويدفعه لتخليص النفس من ربقة الشهوات وظلمة المطامع وأدناس الهوى .

وقد وجّه الإمام ( عليه السّلام ) الجماعة الصالحة إلى ذلك اليوم ليجعلوه نصب أعينهم ليكون حافزا لهم لاصلاح النفس وتزكيتها ، ومما جاء في موعظته لجماعة منهم قوله ( عليه السّلام ) : « . . . يا طالب الجنّة ما أطول نومك وأكلّ مطيّتك ، وأوهى همتك ، فللّه أنت من طالب ومطلوب !

ويا هاربا من النار ما أحث مطيتك إليها وما أكسبك لما يوقعك فيها !

يا ابن الأيام الثلاث : يومك الذي ولدت فيه ، ويومك الذي تنزل فيه قبرك ، ويومك الذي تخرج فيه إلى ربك ، فياله من يوم عظيم ! يا ذوي الهيئة المعجبة والهيم المعطنة ما لي أرى أجسامكم عامرة وقلوبكم دامرة ؟ ! »[5].

وبيّن الإمام ( عليه السّلام ) ان الدنيا دار بلاء وامتحان ، وان هذا الابتلاء يتناسب مع درجة إيمان الإنسان فقال : « إنّما يبتلى المؤمن في الدنيا على قدر دينه »[6].

2 - منهج التزكية عند الإمام الباقر ( عليه السّلام )

رسم الإمام ( عليه السّلام ) للجماعة الصالحة منهجا واقعيا متكاملا وشاملا لتزكية النفس وتربيتها بحيث يكون كفيلا بتحقيقها عند مراعاته بشكل دقيق .

وتتحدد معالم هذا المنهج بالنقاط التالية :

أ - الارتباط الدائم باللّه تعالى

الارتباط باللّه تعالى والاستسلام له والعزم على طاعته من شأنه أن يمحّص القلوب ، ويطهّر النفوس ، لأنه ينقل الإنسان من مرحلة التفكّر والتدبّر في عظمة اللّه تعالى وهيمنته ورقابته إلى مرحلة العمل الصالح في ظلّ هذا التدبر ، فالعزم يتبعه العون منه تعالى ، ويتبعه التثبيت على المضي في طريق تزكية النفس .

والارتباط باللّه تعالى يبدأ بمعرفته التي تحول بين الإنسان وبين مخالفة ربّه وخالقه ، قال ( عليه السّلام ) : « ما عرف اللّه من عصاه »[7].

فإنّ المعرفة تنتج الحبّ والحبّ الصادق يحول بين الإنسان وبين مخالفة محبوبه .

والارتباط باللّه تعالى يتجسد في مراتب عديدة منها : حسن الظن باللّه ورجاء رحمته ، فقد روى عن جدّه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أنه قال : « والذي لا اله إلّا هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلّا بحسن ظنّه باللّه ورجائه له وحسن خلقه والكف عن اغتياب الناس »[8].

ويتحقق الارتباط باللّه تعالى أيضا عن طريق المداومة على العبادات وقد حثّ الإمام ( عليه السّلام ) الجماعة الصالحة على كثرة العبادة ، حتى جعلها احدى خصائصهم - كما تقدم - .

وحثّ ( عليه السّلام ) على قراءة القرآن الكريم والسير على منهاجه .

كما حثّ ( عليه السّلام ) على جعل الروابط والعلاقات الاجتماعية قائمة على أساس القرب والبعد من اللّه تعالى ، فقد أورد أحاديث لرسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) تؤكد على ذلك ومنها قوله ( صلّى اللّه عليه واله ) : « ودّ المؤمن للمؤمن في اللّه من أعظم شعب الإيمان ، ومن أحبّ في اللّه ، وأبغض في اللّه ، وأعطى في اللّه ، ومنع في اللّه ؛ فهو من أصفياء اللّه »[9].

ب - الاقرار بالذنب والتوبة

ان منهج أهل البيت ( عليهم السّلام ) يهدف إلى علاج النفوس البشرية ، واستجاشة عناصر الخير فيها ، وإلى مطاردة عوامل الشر والضعف والغفلة .

والطبيعة البشرية قد تستقيم مرة وتنحرف مرة أخرى ، ولهذا فإنّ العودة إلى الاستقامة تقتضي محاسبة النفس باستمرار ، والاقرار بالأخطاء ، ثم التوبة ، والعزم على عدم العود ، ولذا أكّد الإمام ( عليه السّلام ) على هذه المقومات ، وبدأ بالاقرار بالذنب كمقدمة للنجاة منه ، فقال ( عليه السّلام ) : « واللّه ما ينجو من الذنب إلّا من أقرّ به »[10].

وقال ( عليه السّلام ) : « كفى بالندم توبة »[11].

والاقرار يتبعه الغفران بعد طلبه من اللّه تعالى ، قال ( عليه السّلام ) : « لقد غفر اللّه لرجل من أهل البادية بكلمتين دعا بهما قال : اللهم إن تعذبني فأهل ذلك أنا ، وإن تغفر لي فأهل ذلك أنت ، فغفر له »[12].

والتوبة تمحي الذنب فيعود الانسان من خلالها إلى الاستقامة ثانية ، قال ( عليه السّلام ) : « التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ »[13].

ج - الحذر من التورّط بالذنوب

الحذر والحيطة من الذنوب ضرورة ملحة في تزكية النفس ، وهي تتطلب الدقة في تناول كل خالجة وكل حركة وكل موقف ، وتتطلب التحليل الشامل للأسباب والظواهر ، والعوامل المسبّبة للموقف ، والتعالي بالنفس في ميادينها الباطنية ، ولهذا دعا الإمام ( عليه السّلام ) إلى الحذر والحيطة من جميع الممارسات فقال : « انّ اللّه خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء : خبأ رضاه في طاعته ، فلا تحقرن من الطاعة شيئا فلعلّ رضاه فيه ، وخبأ سخطه في معصيته فلا تحقرن من المعصية شيئا فلعلّ سخطه فيه ، وخبأ أولياءه في خلقه ، فلا تحقرنّ أحدا فلعلّه ذلك الولي »[14].

ودعا ( عليه السّلام ) إلى الاحتياط في القول في الحكم على الاشخاص والاعمال والممارسات فقال : « لا يسلم أحد من الذنوب حتى يخزن لسانه »[15].

وقال ( عليه السّلام ) لاحد أصحابه : « يا فضيل بلّغ من لقيت من موالينا عنّا السّلام ، وقل لهم : إني أقول : أني لا أغني عنكم من اللّه شيئا إلّا بورع ، فاحفظوا ألسنتكم ، وكفّوا أيديكم ، وعليكم بالصبر والصلاة ؛ ان اللّه مع الصابرين »[16].

د - تعميق الحياء الداخلي

ان موجبات التزكية كامنة في النفس ذاتها ، قبل التأثر بالعوامل الخارجية ، والتزكية ليست مجرد كلمات ورؤى نظرية بل هي ممارسة وسلوك عملي ، يجب ان تنطلق من داخل النفس الانسانية ، ولا بد ان يتسلّح الانسان بالواعز الذاتي الذي يصدّه عن فعل القبيح ، ولذا أكّد الإمام ( عليه السّلام ) على الحياء لأنه حصن حصين يردع الأهواء والشهوات من الانطلاق اللامحدود ، قال ( عليه السّلام ) : « الحياء والإيمان مقرونان في قرن ، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه »[17].

ه - كسر الألفة بين الانسان وسلوكه الجاهلي

حينما يعتاد الانسان على السلوك الجاهلي فإنه سيأنس به ، ويألفه حتى يصبح وكأنه جزء من كيانه ، ترضاه نفسه ، ويقبله قلبه ، ولهذا فهو بحاجة إلى كسر هذه الألفة وهذا الأنس إن أراد أن يزكّي نفسه ويسمو بها إلى مشارف الكمال ، ولذا أكّد الإمام ( عليه السّلام ) على بعض الخطوات التي تكسر هذه الألفة ، فقال : « ان اللّه يبغض الفاحش المتفحّش »[18].

وزرع في النفس كراهية الطمع والرغبات المذلة ، فقال : « بئس العبد عبد يكون له طمع يقوده ، وبئس العبد عبد له رغبة تذله »[19].

ومن أجل زرع الكراهية للشر روى عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) قوله : « ألا إن شرار أمتي الذين يكرمون مخافة شرّهم ، الا وإنّ من أكرمه النّاس اتقاء شرّه فليس منّي »[20].

وقال ( عليه السّلام ) : « . . . إنّ أسرع الشر عقوبة البغي ، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه ، وأن يأمر للناس بما لا يستطيع التحوّل عنه ، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه »[21].

فإذا كسرت الألفة بين الانسان وسلوكه الجاهلي فإنّه سيقلع عنه ، ويكون مهيّئا لتقبل السلوك الاسلامي .

و - إزالة الحاجز النفسي بين الانسان والسلوك السليم

قد يحدث حاجز نفسي بين الانسان والسلوك السليم بسبب ضغط الأهواء والشهوات ، أو بسبب الهواجس والوساوس المطبقة عليه ، وسوء التصور ، ورواسب الجاهلية ، والضعف البشري ، فلا بد من إزالة هذه الحواجز أولا ثم التمرين على ممارسة السلوك السليم ثانيا .

فقد حبّب الإمام ( عليه السّلام ) إلى أصحابه السلوك الصالح ، بربطه بالعبادة وطلب العون من اللّه تعالى ، فقال : « ما من عبادة أفضل من عفّة بطن وفرج ، وما من شيء أحبّ إلى اللّه من أن يسأل ، وما يدفع القضاء إلّا الدعاء ، وإن اسرع الخير ثوابا البرّ . . . »[22].

وحبّب إلى النفوس حسن الخلق والرفق ، فقال : « من أعطي الخلق والرفق ، فقد أعطي الخير كلّه ، والراحة ، وحسن حاله في دنياه وآخرته ، ومن حرم الرفق والخلق كان ذلك له سبيلا إلى كل شرّ وبليّة إلّا من عصمه اللّه تعالى »[23].

وحبّب إلى نفوس أصحابه الأدب وحسن السيرة ، فقال : « ما استوى رجلان في حسب ودين قط إلّا كان أفضلهما عند اللّه آدبهما »[24].

وروى ( عليه السّلام ) عن الإمام عليّ ( عليه السّلام ) قوله : « انّ من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا »[25].

وحثّ ( عليه السّلام ) على أداء العبادات المندوبة لكي تتجذر في النفوس وفي الإرادة ، لأنها تساعد على اصلاح النفس وتزكيتها ، وبيّن ثواب من عمل بها ، واستمر على أدائها في جميع الظروف والأحوال .

وحثّ على التمرّن على الأخلاق الفاضلة والخصائص الحميدة ، فقال ( عليه السّلام ) : « عليكم بالورع والاجتهاد ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم عليها برا كان أو فاجرا ، فلو أن قاتل عليّ بن أبي طالب ( عليه السّلام ) ائتمنني على أمانة لأديتها اليه[26].

 

[1] تحف العقول : 214 .

[2] المصدر السابق .

[3] جامع الأخبار : 270 .

[4] تحف العقول : 212 .

[5] تحف العقول : 212 ، 213 .

[6] جامع الأخبار : 313 .

[7] تحف العقول : 215 .

[8] الكافي : 2 / 72 .

[9] المحاسن : 263 .

[10] الكافي : 2 / 311 .

[11] وسائل الشيعة : 16 / 59 .

[12] المصدر السابق : 16 / 60 .

[13] الكافي : 2 / 316 .

[14] كشف الغمة : 2 / 148 .

[15] تحف العقول : 218 .

[16] تفسير العياشي : 1 / 68 .

[17] تحف العقول : 217 .

[18] الكافي : 2 / 245 .

[19] وسائل الشيعة : 16 / 24 .

[20] الخصال : 1 / 15 .

[21] مختصر تاريخ دمشق : 23 / 86 .

[22] مختصر تاريخ دمشق : 23 / 86 .

[23] حلية الأولياء : 3 / 187 .

[24] مختصر تاريخ دمشق : 23 / 85 .

[25] وسائل الشيعة : 16 / 12 .

[26] تحف العقول : 219 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.