المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الموطن الاصلي للفجل
2024-11-24
التربة المناسبة لزراعة الفجل
2024-11-24
مقبرة (انحور خعوي) مقدم رب الأرضين في مكان الصدق في جبانة في دير المدينة
2024-11-24
اقسام الأسارى
2024-11-24
الوزير نفررنبت في عهد رعمسيس الرابع
2024-11-24
أصناف الكفار وكيفية قتالهم
2024-11-24



مواضع النور والظلام في الحياة  
  
1266   08:56 صباحاً   التاريخ: 15/11/2022
المؤلف : مجتبى اللّاري
الكتاب أو المصدر : المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة : ص39 ــ 41
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-28 1164
التاريخ: 2024-09-18 195
التاريخ: 2024-11-19 140
التاريخ: 6/9/2022 1393

إن حياة الإنسان خليط من الراحة والألم، فكل منهما يستوعب ناحية من العمر المحدود للبشر في هذه الحياة. وكل إنسان يواجه قسماً منهما على حد ما له من نصيب، ويقع فريسة بينهما لمشاكل الحياة ومصائبها، وطبقاً لهذه الحقيقة المرة تتأرجح حياة الإنسان بين الألم والراحة.

ولا نستطيع نحن أن نغير من هذا الناموس الأبدي في هذه الحياة الدنيا حتى نخضعها لما تشاؤه أهواؤنا، ولكنا بعد أن تعرفنا على حقيقة هذه الحياة نستطيع أن نعطف أنظارنا على الجانب الجميل من موجودات هذه الحياة ، وأن نزحزح عن أبصارنا تلك الأشكال الكريهة من صور الحياة، في هذا الفضاء الرحيب الذي يزخر ببدائع الصنع ولطائف الحكمة، والذي يشتمل كل شيء فيها على معنى من اللطف خاص به مخلوق من أجله، أو إن نعكس، فننسى ونتناسى تلك النقاط النيرة والمشعة من الوجود، وأن نوجه دائماً إلى المواضع المظلمة والجوانب القاتمة السوداء منها. وبكلمة لكل أحد أن يوجه فكرته إلى أي جهة شاء وأراد، وأن يصور الحياة بأي لون أحب.

يجب علينا أن نهيئ أنفسنا لمواجهة ما لا يلائمنا مما يسد علينا طريق الحياة، حتى لا نفقد عندها القدرة على ضبط أنفسنا، وإلا فسنقابل بخسائر لا تجبر، بل ربما نسقط في خضم حوادث الحياة.

قد يتصور بعضنا أن لو كانت حوادث الحياة تجري على غير ما جرت عليه لكانوا سعداء، بينما لا يرتبط شقاؤهم بحوادث الحياة، بل بالكيفية التي يواجهون بها تلك الحوادث، فإنه من الممكن أن يغير الإنسان من تأثيرها على الروح بل يكسب المواقف الموفقة من خلالها.

كتب أحد الكتاب المعروفين يقول: (إن أفكارنا تدور دائماً مدار السخط والكراهية ، فعلى أي حال نحن شاكون باكون عاتبون، وسبب هذه الشكاوى والبكاء منطو في ضمائرنا، فإننا مخلوقون بكيفية يتعذب وجودنا مما لا يلائمه في الجسم او الروح، ترانا كل يوم نتمنى ونأمل شيئاً جديداً، بل ربما لا نفهم ما نريد وما نتمنى، ونظن أن السعادة قد حصل عليها الآخرون فنحسدهم أو نغبطهم ونتألم، إننا نشبه الطفل غير المؤدب، الذي يخلق الحجج والمعاذير، ويضج بالبكاء والنحيب، وتتألم أرواحنا من ضجيج هذا الطفل وصراخه، ولا نرتاح من صراخ هذا الطفل إلا إذا جعلناه يبصر الحقائق بعد أن لم يكن يبصر إلا الأهواء، فنمنعه من مشتهياته الهوجاء، إنه على أثر أهوائه الكثيرة قد أصبح لا يرى إلا سوءاً فيجب علينا أن نفتح عينه على جوانب الخير في هذه الحياة، يجب علينا أن نفهمه أنه إنما يحظى باقتطاف الأوراد والزهور من حديقة هذه الحياة من كان يفتح عينه عليها ويبصرها، ومن كان أعمى فإنه سوف لا يحظى من الحديقة إلا بأشواكها. نحن لو تجاوزنا الضجر وسوء النظر، ونظرنا بعين التحقيق، لرأينا أنه في كل عهد وحتى في هذا العصر الذي قد وقع في هوة سحيقة مهولة، والذي تنقلب فيه حياتنا في كل ساعة رأساً على عقب ويختلط فيه السليم والسقيم والحابل والنابل - رأينا أن هناك في بستان هذه الحياة في كل مكان أوراداً ورياحين تدعو عيون الناظرين إلى نفسها في كل زمان).

إن للإفكار أثراً عميقاً في سعادة الإنسان، بل أن العامل الوحيد المؤثر في سعادة الإنسان هو مدى عقله وفكره، فالحادث غير العادي في نظر المتشائم يصبح كبيراً قاصماً للظهر لا يتحمل، اما المتفائل في الحياة الذي ينظر إليها بنظرة حسنة فهو يعتمد في هذه الآلام التي لا تجتنب إلى أصل (التسليم)، فهو لا يفقد مقاومته حتى في أشد المصائب والهموم، ولا يخرج عن حد الاعتدال والتوازن والتماسك والصبر.

إن الذين اعتادوا أن يعتقدوا أن محور الشر يتركز حولهم قاصداً إليهم، سوف لا يعيشون إلا عيشة مؤلمة مظلمة قاتمة ومكفهرة، وسوف يفقدون على أثر حساسيتهم البالغة في الحوادث كثيراً من قواهم وطاقاتهم هباءً منثوراً، وسوف يبقون في غفلة سادرة عمّا حولهم من مواهب هذا العالم وبركاته المحيطة بهم وهم لا يشعرون.

يقول أحد العلماء: (إن الدنيا تدين الإنسان كما يدينها وتعامله بالمثل تماماً، فإن تضحك لها تضحك لك، وإن تقطب عليها تقطب عليك، إن استعملت الفكر ألحقتك بالمفكرين، وإن كنت رحيماً صدوقاً وجدت حولك أناساً يحبونك وقد فتحوا لك ما في قلوبهم من كنوز المحبّة والوداد).

إن الآلام مهما كانت بظاهرها مرّة غير مستساغة، لكنها تنتج للروح والفكر ثمارها الخاصة، فإن الطاقات الروحية للإنسان تتجلّى في قتام الآلام أكثر فأكثر، وأن العقل والروح الإنساني يتكاملان في طيّ هذه التضحيات المستمرة والسعي الدائم والأخذ والرد الممتد، إلى قمّة الكمالات الإنسانية الممكنة. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.